البحث

عبارات مقترحة:

الصمد

كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...

المجيد

كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

خطبة الاستسقاء

العربية

المؤلف محمد بن سليمان المهنا
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات صلاة الاستسقاء
عناصر الخطبة
  1. لا ملجأ من الله إلا إليه .
  2. دعوة لتعظيم حرمات الله .
  3. هدْي النبي الكريم في الاستسقاء .

اقتباس

فأين تعظيم حرمات الله؟ وأين تقديم محبوباته؟ وأين الندم على التفريط في جنبه؟ ثم الأدهى والأمَرّ أن كثيراً منا لم يعد يسمع النصيحة، ولا يقبل التذكير، وأصبح الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بيننا غريباً؛ إذ قل أن تجد بين عامة المسلمين من يقوم بهذه الوظيفة بلا تكليف، فإذا وجد وقام ذلك المحتسب ووقف موقفاً لله رمقناه بأبصارنا، وأنكرته قلوبنا، وربما سمعنا من يهمهم أو يصرح بأن هذا قد دخل فيما لا شأن له به، واهتم بما لا يعنيه ..

أما بعد: فاعلموا أنَّ مِن أجَلِّ ما تفضَّلَ الله به عليكم أن جعلكم من عباده المسلمين، وهداكم صراطه المستقيم، ووفقكم إلى اتِّبَاع سنة سيد المرسلين، الذي كانت تصيبُه الكروب والشدائد والبلاء واللأواء، فلا يفزع إلا إلى الله، فكان إذا حزبه أمرٌ نادى ربه وقال: "يا حي يا قيوم برحتكم استغيث"، وكان يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم".

وعلّم أسماء بنتَ عميس فقال: "ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب؟ الله، الله ربي لا أشرك به شيئا"، فسبحان فارج الكرب، وكاشف الشدّات، ومجيب الدعوات! وهو الرب الذي تصمُد إليه جميع المخلوقات، وتفزع إليه الخليقة في المهمات والملمات، فيكشف شدتها، ويزيل ضررها، ويدفع بإحسانه شقاءها.

فليس للناس رب يغنيهم سواه، ولا إله بحق إلا إياه، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه، فما ظنكم بمن وصف نفسه بذلك حين يدعوه العبد مضطراً، ويتضرع إليه منكسراً مفتقراً؟ فما ظنكم برب العالمين؟ فما ظنكم برب العالمين؟.

عباد الله: إن الله -جل ذكره- يحب ذلك العبد الذي يحسن به الظن، فيوجب له ذلك تعظيماً لربه، وإقبالاً عليه، وتوبة صادقة، وهجراً للذنوب، واستغفاراً مما قد يحدث منها؛ وهو -عز وجل- يمقت حال أولئك الذين يظنون أنهم حسّنوا الظن بالله فلا يزيدهم حسن ظنهم الذي زعموه إلا تفريطاً وبعداً، واستهانة بحدود الله وصداً، فيا ليت شعري ما هو حالنا في ظننا بربنا؟!.

أما حالُ كثيرٍ من الناس فحال رديئة، فهم يؤملون فضل الله وهم يحاربونه، ويرجونه وهم يحادُّونه، ثم لا يكون في قلب أحدهم بعد ذلك ذرةٌ من خوف حقيقي ينبع من القلب فيقشعر له البدن من جراء تلك الموبقات.

فأين تعظيم حرمات الله؟ وأين تقديم محبوباته؟ وأين الندم على التفريط في جنبه؟ ثم الأدهى والأمَرّ أن كثيراً منا لم يعد يسمع النصيحة، ولا يقبل التذكير، وأصبح الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بيننا غريباً؛ إذ قل أن تجد بين عامة المسلمين من يقوم بهذه الوظيفة بلا تكليف، فإذا وجد وقام ذلك المحتسب ووقف موقفاً لله رمقناه بأبصارنا، وأنكرته قلوبنا، وربما سمعنا من يهمهم أو يصرح بأن هذا قد دخل فيما لا شأن له به، واهتم بما لا يعنيه!.

وإن شئت أن تتصور هذه الحال فلا تفترض المثال في رجل يأمر بالصلاة أو ينهى عن إضاعتها؛ ولكن افترضه في رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكرات التي تكون في حفلات الأفراح، أو المنكرات التي يقترفها الناس في معاملاتهم، أو في مظاهرهم ولباسهم، إلى أمثلة كثيرة من صنوف المنكرات.

فياعباد الله! اللهَ اللهَ في تعظيم حرمات الله! وإيثار محبوبات الله! والحب في الله، والبغض في الله، والغضب لله، والحزن عند نكوص الناس عن دين الله، واقترافهم ماحرَّم الله!.

أيها الناس: أنتم إنما أتيتيم طلباً لرحمة الله، وابتغاءً لما عنده، فترسّموا هدى الأنبياء، واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً.

قالت -عائشة رضي الله عنها-: شكا الناس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه، فخرج حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فكبر وحمد الله ثم قال: "إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن أبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم".

ثم قال: "الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِلْ علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى حين".

ثم رفع يده فلم يترك الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حوَّل إلى الناس ظهره وقلب رداءه فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم امطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعة الناس إلى الكنِّ ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: "أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبدالله ورسوله".

اللهم إننا نقول كما قال نبيك؛ حباً لك ولنبيك، واتباعاً لأمرك، فلا ترد دعاءً اقتدينا فيه بخليلك يا أحرم الرحمين.

اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِلْ علينا الغيث واجعل ما أنزلت قوة لنا وبلاغاً إلى حين، اللهم أغثنا! اللهم أغثنا! اللهم اغثنا!.

اللهم اغثنا مغيثاً هنيئاً مريئاً، غدقاً سحّاً، طبقاً مُجِلِّلاً، نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل، برحمتك يا أرحم الراحمين.