البحث

عبارات مقترحة:

الجبار

الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...

الطيب

كلمة الطيب في اللغة صيغة مبالغة من الطيب الذي هو عكس الخبث، واسم...

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

العربية

المؤلف سامي بن خالد الحمود
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الصيام
عناصر الخطبة
  1. أخطاء بعض المصلين .
  2. الصلاة الصحيحة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي .
  3. أعظم ما ننصر النبي صلى الله عليه وسلم به. .

اقتباس

وإنما سأتحدث اليوم عن إخوة يصلون لكنهم لا يحسنون، يقرأ أحدهم الصحف ويشاهد القنوات يوميًا لمعرفة آخر أخبار الدنمارك، ولا يكلف نفسه أن يقرأ دقائق كيف يصلي كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي, صلاته مليئة بالأخطاء، ويسأل عن أتفه الأشياء، ولو تعلم قليلاً لكفى نفسه العناء ..

أما بعد: ما رأيكم فيه؟

اسمه عبد الله، ديانته في الهويَّة مسلم، مشاعره جياشة، يتحرك قلبه عندما يسب الله أو يستهزأ بالقرآن أو يسخر من الرسول صلى الله عليه وسلم، وضع على سيارته لوحة جميلة: فداك نفسي وأبي وأمي, الله أكبر، إنه على استعداد لأن يضحي بنفسه فداء لرسول الله، ولكنه ليس مستعدًا لأن يضحي بخمس أو عشر دقائق يصليها بين يدي الله, ينتفض قلبه إذا سب رسول الله، ولا ينتفض جسده من النوم دقائق ليصلي الفجر اقتداء برسول الله, أي تناقض هذا؟.

لن أتحدث اليوم عن أقوام تركوا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم، أو تعمدوا النوم عن صلاة الفجر أو غيرها من الصلوات، فذاك أمر خطير، وقد أشرنا إليه مرارًا في خطب ماضية.

وإنما سأتحدث اليوم عن إخوة يصلون لكنهم لا يحسنون، يقرأ أحدهم الصحف ويشاهد القنوات يوميًا لمعرفة آخر أخبار الدنمارك، ولا يكلف نفسه أن يقرأ دقائق كيف يصلي كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي, صلاته مليئة بالأخطاء، ويسأل عن أتفه الأشياء، ولو تعلم قليلاً لكفى نفسه العناء، كما لاحظته على بعض الإخوة المصلين معنا في هذا الجامع؟.

عباد الله: على طريق التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، فإن أهم ما نتأسى به هو عمود الدين التي قال فيها صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي".

وفي الصحيحين أن سهل بن سعد -رضي الله عنه- كان يحدث عن منبر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَيْهِ فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَاءَهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ, ثُمَّ رَفَعَ فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ, ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِ صَلَاتِهِ, ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي".

واقتداءً بالحبيب صلى الله عليه وسلم أقف وإياكم في هذه الخطبة لنتعلم نحن وأبناؤنا كيف نصلي بإتقان، وماذا نقول في صلاتنا.

إذا أراد المسلم أن يصلي فإنه يستقبل القبلة ثم يقول: "الله أكبر" وتكبيرة الإحرام ركن لا تنعقد الصلاة إلا بها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبِّر".

ولا بدَّ من قولها باللسان، ولا يشترط أن يرفع صوته بها، وإذا كان الإنسان أخرس أو معذوراً فإنه ينويها بقلبه.

ويُسَن أن يرفع يديه عند هذه التكبير وتكون مضمومتي الأصابع لحديث ابن عمر -رضي الله عنه- "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة, وإذا كبَّر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع"، ويرفعهما بمحاذاة منكبيه أو بمحاذاة أذنيه، لحديث مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر يرفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه".

ثم يضع يده اليسرى على اليمنى، على صدره، إما أن يقبض اليسرى باليمنى أو يضعها وضعاً، لحديث وائل ابن حُجر "فكبر -أي النبي صلى الله عليه وسلم- ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه الأيسر والرُسغ والساعد", وفي لفظ: "كان يضعهما على صدره".

وينظر إلى موضع سجوده، ثم يقرأ دعاء الاستفتاح، وهو سنة، وأدعية الاستفتاح كثيرة، منها: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك", أو يقول: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، الله اغسلني بالماء والثلج والبَرَد".

ثم يستعيذ، أي يقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" وإن شاء قال: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم", وإن شاء قال: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه".

ثم يبسمل، أي يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم".

ثم يقرأ الفاتحة في كل ركعة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، وهي ركن لا تصح الصلاة بدونها.

وإذا كان المصلي لا يُجيد الفاتحة، فإنه يقرأ ما تيسر من القرآن بدلها، فإذا كان لا يجيد ذلك، فإنه يقول: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله", ويجب عليه المبادرة بتعلم الفاتحة.

ثم يقرأ بعد الفاتحة ما تيسر من القرآن الكريم, إما سورة كاملة، أو عدة آيات.

ثم يركع قائلاً: "الله أكبر"، رافعًا يديه بمحاذاة منكبيه أو أذنيه، كما سبق عند تكبيرة الإحرام، ويجب أن يسوِّى ظهره في الركوع، ويُمَكِّن أصابع يديه من ركبتيه مع تفريقها.

ويقول في ركوعه "سبحان ربي العظيم", والواجب أن يقولها مرة واحدة، وما زاد فهو سنة.

ويسن أن يقول في ركوعه: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي"، أو يقول: "سُبُّوحٌ قدُّوس, ربُّ الملائكة والروح".

ثم يرفع رأسه من الركوع قائلاً: "سمع الله لمن حمده", ويُسَن أن يرفع يديه كما سبق ثم يقول بعد أن يستوي قائمًا "ربنا لك الحمد"، أو "ربنا ولك الحمد", أو" اللهم ربنا لك الحمد"، أو"اللهم ربنا ولك الحمد".

ويُسن أن يقول بعدها: "ملء السماوات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".

ويُسَن أن يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره في هذا القيام، كما فعل في القيام الأول قبل الركوع.

ثم يسجد قائلاً: "الله أكبر"، ويقدم ركبتيه قبل يديه عند سجوده، لحديث وائل بن حُجر -رضي الله عنه- قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه".

ويجب أن يسجد المصلي على سبعة أعضاء: رجليه، وركبتيه، ويديه، وجبهته مع الأنف، ولا يجوز أن يرفع أيَّ عضو منها عن الأرض أثناء سجوده، وإذا لم يستطع المصلي أن يسجد بسبب المرض فإنه ينحني بقدر استطاعته، فإن عجز أو منعه الطبيب سقط عنه السجود.

ويُسَن في السجود أن يُباعد عضديه "وهما أعلى اليد" عن جنبيه، لأنه صلى الله عليه وسلم "كان يسجد حتى يُرى بياض إبطيه"، إلا إذا كان ذلك يؤذي من بجانبه.

ويُسَن في السجود -أيضًا- أن يُبعد بطنه عن فخذيه.

ويُسَن في السجود أن يفرِّق ركبتيه، أي لا يضمهما إلى بعض، وأما القدمان فإنه يلصقهما ببعض، لأنه صلى عليه وسلم "يرصُّ عقبيه في سجوده".

ويكره أن يفرش المصلي يديه على الأرض في سجوده لقوله صلى الله عليه وسلم "لا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب"، ويجوز أن يتكئ بيديه على فخذيه إذا تعب من طول السجود.

ويجب أن يقول في سجوده "سبحان ربي الأعلى" مرة واحدة، وما زاد على ذلك فهو سنة.

ويُسَن أن يقول في سجوده: "سُبُّوح قُدوس, رب الملائكة والروح"، أو يقول: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي".

ثم يرفع رأسه قائلاً: "الله أكبر"، ويجلس بين السجدتين مفترشًا رجله اليسرى ناصبًا رجله اليمنى.

ويجب أن يقول وهو جالس بين السجدتين: "رب اغفر لي" مرة واحدة، وما زاد على ذلك فهو سنة.

ويُسَن أن يقول: "رب اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني".

ويضع يديه في هذه الجلسة على فخذيه، وأطراف أصابعه عند ركبتيه، وله أن يضع يده اليمنى على ركبته اليمنى ويده اليسرى على ركبته اليسرى كأنه قابض لهما.

ثم يسجد ويفعل في السجدة الثانية ما فعل في الأولى.

ثم ينهض من السجود إلى الركعة الثانية معتمدًا على ركبتيه، قائلاً: "الله أكبر".

ثم يصلي الركعة الثانية كما صلى الركعة الأولى، إلا أنه لا يقول دعاء الاستفتاح في أولها، ولا يتعوذ قبل القراءة.

وفي نهاية الركعة الثانية يجلس للتشهد الأول مفترشًا، يقبض أصبعه الخنصر والبنصر ويُحلق الإبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة عند الدعاء "أي عند عبارة في التشهد فيها معنى الدعاء" أو يقبض جميع أصابع يده اليمنى ويشير بالسبابة عند الدعاء، أما يده اليسرى فيضعها على فخذه الأيسر، ويقول في هذا الموضع: "التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله"، ولو قال غيرها مما ثبت أجزأ.

وإذا كانت الصلاة من أربع ركعات، كالظهر والعصر والعشاء، فإنه يجلس في التشهد الأخير متوركًا، وتكون هيئة يديه كما سبق في التشهد الأول.

ويقول كل مصلي في الركعة الأخيرة التشهد الأول "التحيات لله ... " إلخ، ثم يقول بعده "اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد".

ويُسَن أن يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وعذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال".

ثم يدعو بما شاء، كقوله: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".

ثم يسلم عن يمينه "السلام عليكم ورحمة الله" وعن يساره كذلك.

ويسن للمصلي أن يقول الأذكار الواردة بعد السلام كقول: "استغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام".

وقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الـجَد منك الـجَد".

وقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون".

ثم يقول: "سبحان الله والحمد لله والله أكبر" (33) مرة، ويقول بعدها مرة واحدة "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير".

ويقرأ آية الكرسي، وسورة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) [الإخلاص:1]، و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) [الفلق:1]، و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) [الناس:1].

هذه صفة صلاة الحبيب صلى الله عليه وسلم تعلموها وعلموها أبناءكم، أسأل الله -تعالى- أن يتقبل منا صلاتنا، وأن يتمم لنا ما نقص منها، وأن يجعلها لنا نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة؛ إنه جواد كريم.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله -العظيم-.

الخطبة الثانية

الحمد لله...

أيها الأحبة: ما هو أعظم ما ننصر به النبي صلى الله عليه وسلم؟، لو كان صلى الله عليه وسلم حيًا بين أظهرنا وقلنا له: بماذا تأمرنا يا رسول الله؟.

نعم, أيها الإخوة: الذَّبُّ عن عرضه مطلوب، الدعوة والتعريف به مطلوب، مقاطعة المعتدي مطلوبة، المواصلة والمتابعة في المقاطعة مطلوبة -ولن نستعجل النتائج- والمقاطعة مشتعلة في أرجاء العالم الإسلامي كله، وهناك بحمد الله بشارات من هناك من الدنمارك، فقد قال رئيس الخارجية الدانماركية إن المقاطعة الإسلامية باتت شعبية ومؤثرة, ويتوقع أن تزداد عن المرَّة السابقة، وشركاء آرلا السويديين أعلنوا عن غضبهم من تصرُّفات الدنماركيين تجاه المسلمين، وهناك تفاعل واضح مع وفاة أحد الرسامين الدانماركيين، وهناك بحمد الله تزايد للكتب واللوحات وأقسام السنة والسيرة النبوية في المواقع والمعارض والمدارس (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [الصف:8].

أعود إلى السؤال وأقول ما هو أعظم ما ننصر به النبي صلى الله عليه وسلم؟

إن أعظم ما ننصر به النبي صلى الله عليه وسلم هو ما دعانا هو صلى الله عليه وسلم إلى التمسك به حينما قال: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدًا كتاب الله وسنتي"، يعني الاستقامة على الكتاب الذي جاء به، والتزام سنته صلى الله عليه وسلم، وجعلها منهجًا لحياتنا وعباداتنا ومعاملاتنا وأخلاقنا، بعيدًا عن الانحرافات والبدع.

ولهذا أقول: إن ما يفعله بعض المسلمين من الاحتفالات بالمولد النبوي في هذه الأيام، بإقامة الحضرات والمدائح ونحوها, أو تخصيص يوم بعبادة معينة، كل هذا مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي نهانا عن المحدثات في الدين، ولم يثبت في تحديد ولادة النبي صلى الله عليه وسلم في يوم معين خبرٌ صحيح.

وهذه الأمور لم يفعلها كبار محبي النبي صلى الله عليه وسلم الذين تربوا على يديه؛ كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة, ولم يفعلها بعدهم أحد من التابعين أو الأئمة الأربعة، ولو كان خيراً لسبقونا إليه, وإنما هذه الأفعال حصلت في القرون المتأخرة تشبهًا بالنصارى وابتداعًا في الدين، يكفي أن أول من أحدث هذه الموالد هم العبيديون في مصر الذين يسمون زورًا الفاطميين، فالسنةَ السنةَ -يا عباد الله- فإنها سفينة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي قارب النجاة في الدنيا والآخرة.