المبين
كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...
العربية
المؤلف | علي بن محمد |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | صلاة العيدين |
ربما يُقتَل أناس من هذه الأمة، وربما تباد جماعات ومجتمعات، وربما تسقط دول وتذهب أسماء وشعارات، لكنَّ الإسلامَ باقٍ، والذي يُريد أن يواجه الإسلامَ فعليه أنْ يتذكرَ أنه يواجه دين الله الذي اختاره لعباده، واللهُ مُتِمُّ نورِهِ ولو كره الكافرون، (هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ..
الحمد لله كثيراً، والله أكبر كبيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً. الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمّدًا عبده ورسوله الدّاعي إلى رضوانه، اللهمّ صلّ وسلّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابِه وإخوانه.
أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا-، فمن اتقاه حفظه في دنياه وأخراه.
واعلموا أن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. وعليكم بالجماعة، فان يد الله مع الجماعة.
أيها المسلمون: إن أعظمَ نعمةٍ وأجلَّها نعمةُ الإسلام، فهو منهجٌ متكامل، تمسّكَ به سلفُ هذه الأمة، وحكَّموه في شؤونهم، آثروه على كلّ شيء، فحقّق الله لهم قيادةَ الأمم، فسلكوا فيها بالبشرية الصراطَ المستقيم، وقادوهم إلى مجامع الخير في أمور المعاش والمعاد بما لم يشهد له التأريخ مثيلاً، ولم يعرف له العالم نظيراً، ذلكم أنَّ الإسلام حقَّق للإنسانية كلِّها الأمنَ والرخاء والصلاحَ والتقدّم والرقيّ، فهل نعي أنه لا صلاح للأمة اليوم إلا بما صلح به أوَّلها؟!.
أيها المسلمون: منذ أيام استقبلنا شهر رمضان، وبالأمس ودعناه مرتحلاً عنا، شاهداً لنا أو علينا، وفي صبيحة هذا اليوم الأغر، يوم عيد الفطر المبارك، غدوتم إلى رب كريم، يمنّ بالخير ثم يثيب عليه الجزيل، لقد أُمرتم بقيام الليل فقمتم، وأمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم، فاقبضوا جوائزكم، من رب كريم، ويوم القيامة ينادَى عليكم أيها الصائمون أن ادخلوا الجنة من باب الريان.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
عباد الله: هذا يومٌ يُظهر فيه المسلمون ذكرَ الله وتعظيمَه والثناءَ عليه، (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:185].
هذا يومُ عيدكم، يوم فرحٍ وسرور بعبادة الرب الغفور، وليس يوم تحلّل من قيودِ الشرع، ولا طيٍّ لبساط العبادة، ولا هدمٍ لبناء الأعمال، إذاً فلْنحذر أن نبارز الله بالعصيان في هذا اليوم وفيما بعده بسماع الحرام، أو النظر الحرام، أو الكلام المحرم، أو اللباس المحرم، فاحفظوا جوارحكم، واشكروا ربكم لتسعدوا برضاه.
أمة الإسلام: أعداء الإسلام بالأمس هم أعداؤه باليوم، وعداوتهم قديمة, وقد حذرنا الله منهم فقال: (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء) [النساء:89]، وقال: (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَـاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ) [البقرة:217]، هم الذين لا يرضيهم سوى إذلالِنا وفرضِ التبعية علينا لهم، (وَلَن تَرْضَىا عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَـارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة:120].
هم الذين لا يدَعون أذًى لنا قولياً أو فعليا إلا أتوه، (إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوء) [الممتحنة:2]، إنهم يحاربون هذا الدين، ويحاربون قِيَمَهُ وفضائله تحت مظلة مكافحة الإرهاب أحياناً، وتحت مظلة حقوق الإنسان أحيانا، وكذبوا والله! ما قصدهم إلا الشر والبلاء، فالإسلام بريء من الإرهاب والظلم والجور؛ ولكن أعداء الملة ما فتئوا يبثّون أصنافاً من الهجمات الشّرسة، وبثّ ما لا يُحصى من الدسائس والمؤامرات القذرة ضدّ ديننا ونبينا -عليه أفضل الصلاة والسلام-، هجماتٌ تحمل تشويهَ صورة الإسلام، وطمس حقائقه الخيِّرة، وقيمه النيِّرة، ومبادئه العادلة، ومقاصده السامية.
وإن الواجب على المسلمين الحذرُ من تلك الأبواق الناعقة، والتصدي لها، فالإسلام دين السلام بشتى صوره وبجميع معانيه، (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السّلْمِ كَافَّةً) [البقرة:208]، دينٌ يربي على الوسطية في كل شيء، وسطية العقيدة والتعبد، والتعامل والمنهج، (وَكَذالِكَ جَعَلْنَـاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) [البقرة:143]، دينٌ حارب الغلو والتشدد، ونهى عن التقعّر والتنطّع، قال: -عليه الصلاة والسلام-: "إياكم والغلوَّ في الدين! فإنما هلَك مَن كان قبلكم بالغلو في الدين" صححه الألباني، وقال: "بشِّروا ولا تُنَفِّروا".
ولا يعني ذلك ترك التمسك بشرع الله بدعوى ترك الغلو؛ فان ما وافق سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فليس غلوا، قال تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) [الحشر:7].
ايها الناس: والمتأمل في حال الأمة اليوم، وما وصلت إليه من القهر والذل، بات مضطرباً ولسان، حاله يقول: هل يمكن أن تقوم للمسلمين قائمة، ويرجعوا إلى عزهم ومكانتهم وقيادتهم للبشرية، بعد أن تكالب عليهم أعداؤهم؟ وهل سيأتي نصر الله عز وجل بعد كل هذا؟!.
أسئلة مريرة، ولكني أقول لكم أيها المسلمون: لا تيأسوا، ولا يغركم ظهور اليهود والنصارى على الدنيا بأسرها في هذه الفترة، فإن الله -جل وعلا- يقول: (لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى الْبِلادِ مَتَـاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) [آل عمران:196-197]، فإن الكفر والباطل، وإن تسلط، فإن تسلطه محدود بقَدَرٍ من الله؛ لأن الله جعل لكل شيء نهاية، ولنا في قصص من مضى من القرون عبرة وعظة.
ولو أجرينا مقارنة بين الكفر والإسلام، لوجدنا أن دين الله قديماً وحديثاً هو الغالب، وهو المسيطر مدة أطول من سيطرة الكفار، فهذه الأمة المحمدية بقيت حاكمة منذ بعثة نبيها إلى زمن سقوط الخلافة العثمانية، أكثر من ثلاثة عشر قرناً من الزمان، وهي أمة ظافرة منتصرة.
مَلَكْنَـا هـذه الدُّنْـيَا قُـرُونــاً | وَأَخْضَعَها جدودٌ خالدونــا |
وسـطَّرنا صحائـفَ مِن ضيـاءٍ | فمَا نسِي الزمانُ ولا نَسِينـا |
وما فَتِـئ الزمـانُ يـدورُ حتى | مضَى بالمجد قومٌ آخـَرون |
وأصبح لا يُرى في الرَّكْبِ قومِي | وقـد عاشُـوا أئمتَهُ سنينا |
أيها المسلمون: ربما يقتل أناس من هذه الأمة، وربما تباد جماعات ومجتمعات، وربما تسقط دول وتذهب أسماء وشعارات، لكن الإسلام باق، والذي يريد أن يواجه الإسلامَ فعليه أنْ يتذكرَ أنه يواجه دين الله الذي اختاره لعباده، واللهُ مُتِمُّ نورِهِ ولو كره الكافرون، (هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف:9].
أتُطفِـئ نـورَ اللهِ نفخـةُ كـافـرٍ | تَعالى الَّذِي في الكبرياءِ تفـرَّدَّا |
ومَن خاصَم الرحمنَ خابتْ جهودُهُ | وضاعَتْ مساعِيهِ وأتعابِهِ سُدى |
هذا الدين هو سر بقاء هذه الأمة ووجودِها، فكم دُفن من كافر محارب لله ورسوله! فرعون مضى، النمرود مضى، أبرهة مضى، أبو جهل مضى، هولاكو مضى، جنكيز خان مضى، وقروناً بين ذلك كثيراً، حتى رؤساء الكفر والضلال في هذا الزمان سوف يأتي يوم ويدفنهم أصحابهم، فصبر جميل والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ونقول اليوم للغرب: لست أول من حارب الإسلام، بل حاربه قبلك الكثير، لكن ماذا كانت النتيجة؟ أهلك الله كل من وقف في طريق الإسلام، وأبقى الله الإسلام شامخاً، وسيبقى بموعود الله ورسوله، وها هو الإسلام الآن بدأ يتمدد في أوربا وأمريكا... تدبروا معي هذه المقولات الغربية، أوردت مجلة التايم الأمريكية الخبر التالي: وستشرق شمس الإسلام من جديد، ولكنها في هذه المرة لا تشرق من المشرق كالعادة، وإنما ستشرق في هذه المرة من الغرب.
أما جريدة السانداي تلغراف البريطانية فتقول: إن سكان العالم من غير المسلمين بدؤوا يتطلعون إلى الإسلام، وبدؤوا يقرؤون عن الإسلام، فعرفوا من خلال اطلاعهم أن الإسلام هو الدين الوحيد الأسمى الذي يمكن أن يُتبع، وهو الدين الوحيد القادر على حل كل مشاكل البشرية.
وفي مجلة لودينا الفرنسية، بعد دراسة قام بها متخصصون، تقول الدراسة: مستقبل نظام العالم سيكون دينياً، وسيسود النظام الإسلامي على الرغم من ضعفه الحالي، لأنه الدين الوحيد الذي يمتلك قوة شمولية هائلة. وأقول: لم لا؟ وهو دين الله، الذي أنزله للعالمين.
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" قبل عامين مقالاً ذكرت فيه أن بعض الخبراء الأمريكيين يقدرون عدد الأمريكيين الذين يعتنقون الإسلام سنويا بخمسة وعشرين ألف شخص، وأن عدد الذين يدخلون دين الله يومياً تضاعف أربع مرات بعد أحداث 11 سبتمبر، وذكر رئيس مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكي: إن أكثر من 24 ألف أمريكي قد اعتنقوا الإسلام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وهو أعلى مستوى تحقق في الولايات المتحدة منذ أن دخلها الإسلام.
وفي قلب أوروبا بدأت المآذن فيها تناطح أبراج الكنائس وصوتُ الأذان خمس مرات في تلك البلاد، خيرُ شاهد على أن الإسلام يكسب كل يوم أرضاً جديدة وأتباعاً.ويكفي أن نعلم أنه قد بلـغ عدد المساجد في أمريكا- ما يقرب من ألفي مسجد، وتحتضن إيطاليا وحدها مائة وعشرين مسجدًا.
ونظرا لإقبال الغرب على الإسلام حذر أسقف إيطالي بارز من (أسلمة أوروبا). بل وصل الخوف إلى بابا الفاتيكان الذي صرخ بذعر في وثيقة التنصير الكنسي لكل المنصرين على وجه الأرض قائلاً: "هيا تحركوا بسرعة لوقف الزحف الإسلامي الهائل في أنحاء أوربا.
عباد الله: هذا ديننا الذي كثر أتباعه، ينبغي ان نحافظ علية ونتمسك به، فلا نسمح لعدو في الخارج أو في الداخل أن ينال منه أو أن يسئ إليه بأي تصرف ولو كان باسم الدين، وما تلك الأحداث التي وقعت في بلادنا إلا صورة سيئة ينبغي ان نقف صفا واحدا ضدها، فقد أضرّت بالبلاد والعبادِ.
واتفق علماء الأمّة على عِظَمِ جُرمِها، وكَبيرِ وِزرها، وتضمّنت من أسباب المخالفةِ للوحيَين شيئًا كثيرًا، قال تعالى: (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى الأرْضِ بَعْدَ إِصْلَـاحِهَا) [الأعراف:56]، وقال: (وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [المائدة:64].
جنايةٌ لا يقِرّها عقل، ولا يؤيِّدها منطقٌ، ولا تقرّها شريعة، إنّه اعتداءٌ على تعاليمِ الإسلام الحقِّ الذي حرصَ كلَّ الحِرص على حماية الضروريّات الخمس، فقد أثارت الرعب في نفوس الآمنين الذين كانوا يعيشون نعمة الأمن في الأوطان التي أشاد الله بها في كتابه العزيز، فبيَّن تعالى أن إبراهيم الخليل لما دعا لأهل مكة، دعا لهم بالأمن قبل كل شيء، (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) [ابراهيم:35]. وفي الحديث الثابت: "مَن أصبح آمنا في سربه، معافىً في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" حسنه الألباني.
فبالأمن يأمن المسلم على دينه وعلى ماله وعلى عِرضه، ويتفرغ لعبادة الله، ويسعى في إصلاح دينه ودنياه، فهذا الأمن مسؤوليةُ كل فرد منا، ونحن بأمسِّ الحاجة إلى اجتماع الصفِّ، ووحدة الكلمة، والوقوف مع قيادتنا ضدَّ من يهدّد ديننا وأمنَنا وخيرنا.
حفِظ الله على هذه البلاد أمنَها وإيمانَها، ووفّق قيادتَها وولاةَ أمرِها لكلّ خير، وزادَهم تمسّكًا بدين الله والعمَل على رفعتِه، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام:82].
بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا وإيّاكم بالسنّة، قلت ماسمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرّحيم.
الخطبة الثانية:
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أما بعد: أيها المسلمون: لقد شرع لكم نبيُّ الهدى بعد رمضان صيام الست من شوال، فصوموها، وحافظوا على الصلاة في وقتها، فإنها أول ما تحاسبون عنه يوم القيامة، ومن لم يؤد فريضة الحج بعدُ فليؤدها قبل أن يحال بينه وبينها، ثم استوصوا بالوالدين خيراً، وترحموا على من مات منهما، تحببوا إلى أبنائكم، وصِلوا أرحامكم وأقاربكم، واحذروا قطيعتها، فإن صلتها من الإيمان، والرحم معلقة بالعرش، يقول الله: "ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟! قالت: نعم، قال: فذلك لك".
أحسنوا إلى الأيتام والأرامل والفقراء، وأوفوا المكيال والميزان، واجتنبوا الغش والكذب في البيع والشراء، وابتعدوا عن الغيبة والنميمة والكذب والغش والخداع، مُرُوا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، كل بحسب طاقته وقدرته، فقد قال تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران:104]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" مسلم. وقال -صلى الله عليه وسلم- "والذي نفسي بيده! لتأمُرُنَّ بالمعروف، ولتَنْهَوُنَّ عن المنكر، أو لَيُوشِكَنَّ اللهُ أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
اعتصموا بالله، واطمئنوا بقربكم منه، فمَن كان الله معه فكيف يخاف؟! ومن كان الله خصيمه فكيف يأمن؟!.
فَلَيْتَكَ تحلو والحيـاةُ مريـرةٌ | وليتَكَ تَرْضَى والأنامُ غِضَابُ |
وليتَ الَّذِي بيْنِي وبينَكَ عامرٌ | وبيني وبينَ العالَمِينَ خَـرابُ |
إذا صَحَّ منكَ الوُدُّ فالكُلُّ هَيِّنٌ | وَكُلُّ الَّذِي فَوْقَ التُّرابِ تُرابُ |
عبادَ الله: واعلموا أن من الأحكام في هذا اليوم إخراج زكاة الفطر، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد، فمن أخرها بعد الصلاة فإنما هي صدقة من الصدقات، كما أخبر ابن عباس -رضي الله عنهما-، ويجب على من أخرها إخراجها ولو بعد الصلاة، وهي من طعام الآدميين، كالأرز أو الحنطة أو التمر أو الزبيب، ولا يصح إخراجها من الفرش أو الملابس أو العملات.
معاشر الإخوة: لنرفع الأصوات بالتحميد، ولنرسل التهاني لكل قريب وعزيز وجار وحبيب، لنظهر الأفراح، ويهنئ بعضنا بعضا بقول: تقبل الله منا ومنكم. أو: عيد مبارك. وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة!.
تهاني العيدِ أُزجيها مُعَطَّرةً | بصِّدر حبٍّ شديدِ الشوقِ مغمورِ |
عباد الله: صلُّوا وسلِّموا على مَن أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56]، اللهم صَلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعينَ لهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمَنِّكَ وفضلك وإحسانك يا أرحم الراحمين.