الملك
كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...
العربية
المؤلف | خالد بن سعود الحليبي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
إنها مسؤولية كبرى، إنه صنع القرار الذي يمس حاجات الناس، وحياتهم، فيجب ألا يقلد إلا القوي الأمين، ففي الحديث الصحيح: "إذا وُسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة"، ومن يرشح نفسه وهو غير مؤهل فقد شارك في انحدار مستوى المنافع التي تنتظرها الأمة من هذا المجلس، ومن يرشح شخصا يعلم بأنه لا يمتلك المهارات والمعارف والخبرة اللازمة فإنه يسهم في تخلف النتائج التي تنعقد عليها الآمال من مثل هذا المجلس ..
اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد.
اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، ذا الجلال والإكرام، فإننا نعهد إليك في هذه الحياة الدنيا، ونُشهدك، وكفى بالله شهيدا، ألَّا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، لك الملك، ولك الحمد، وأنت على كل شيء قدير، وأنَّ محمدا -صلى الله عليه وآله وسلم- عبدك ورسولك.
ونشهد أن وعدك حق، ولقاءك حق، والجنة حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وأنك تبعث من في القبور، وأنك إن تكلنا إلى أنفسنا تكلنا إلى ضَعْفٍ وعَوْرَةٍ وذنْبٍ وخطيئةٍ، وإنا لا نثق إلا برحمتك، فاغفر لنا ذنوبنا كلها، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
أيها الأحبة: كلنا نشهد ما تقوم به الأمانة في بلادنا من مشروعات حوَّلَتْ كثيراً من المساحات المهمَلة لوحاتٍ زاهيةً بالجمال والخضرة، وتطرزت شوارعنا بالورود والزهور، والأرصفة الجميلة، وعُمِرت الحدائق العامة، واستُصلحت كثير من الطرق والميادين العامة والسواحل، وكان جديرا بنا أن نسهم في هذه التنمية بالحفاظ على هذه المكتسبات الوطنية، وأن نرعى الحياة من حولنا، وهو ما يُتوقع من المسلم النظيف في نفسه، الطاهر في قلبه، أليس الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث الصحيح: "وتميط الأذى عن الطريق صدقة"؟.
لقد ذُهلتُ وأنا أشاهد الحديقة القريبة من هنا ظُهرا، وكأنما قد مرَّ بها إعصار فيه غبار، جمع لها أوساخ الشوارع كلَّها، أو كأنما رمي فيها قطن مندوف، ما هذا؟ أكُلُّ ذلك ثمنٌ لجلَسات مرح وسمر كانت تعجُّ بها ليلا شباب وعائلات؟ أيرضون ذلك في بيوتهم؟ أهذا حق الخدمات التي تقدم لنا مجانا؟ أهذا تحضُّر؟ أهذا شيء يمت لإسلام يجعل النظافة جزءاً من أعظم العبادات وأجلّها؟.
لقد تجاوز بعض الشباب -أصلحهم الله- هذا كله بأسوأ منه؛ بالكتابة على الجدران ما لا يليق أن يحدّث به الإنسان نفسه الكريمة، وكسروا النوافذ، وساروا على المسطحات الخضراء بدراجاتهم وسياراتهم، وسرقوا مواداً هي جزء من المال العام الذي لا يجوز الاعتداء عليه بأية حال، وبدلا من غرس الأشجار قاموا بخلعها وقطعها، وتقذير الأماكن بمخلفاتها، وبدلا من التصدق بوضع البرادات في المساجد والأماكن العامة يقومون بتخريبها، وليّ أعناق مواسيرها، وتكسير محابسها. ترى؛ هل هذا هو الجيل الجديد الذي نترقب أن يكون قائد المستقبل، والناهض به علما وعملا وإدارة؟.
أيها الأحبة في الله، أيها الأولياء الكرام: وإلى ذلك كله تجد بعضهم قد تنكبوا زيَّ آبائهم وأجدادهم، وهجروا سيماء مجتمعهم المسلم، وتزيَّوا بأزياء المشركين، واليهود والنصارى، (أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً) [النساء:139].
وإذا كان قد ثبت عن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- قوله: "مَن تشبَّهَ بقومٍ فهو منهم"، فقد ثبت -علميا- بأن من تشبه بملابس قوم، أخذ من أخلاقهم وفكرهم، وربما دينهم، فهل سنترك أولادنا يصطبغون بمثل هذه الصبغة الجاهلية ويدعون صبغة ربهم؟ (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدون) [سورة البقرة:138]، (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [النساء:26].
إن مثل هذه الظواهر التي ساخت فيها أقدام شباب من شبابنا، وفتيات من وسط بيوتنا لهي نتيجة للتواصل مع بيئات غير صالحة، والتضلع من قنوات فاسدة مفسدة، والانغماس في مواقع عنكبوتية منحرفة، همها نشر الفساد، ومحاربة الفضيلة.
ألم يعلم شبابنا بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث الحسن: "من لبس لباس شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة -ثم تُلهب فيه النار، وفي رواية: ثوبا مذله-" رواه أبو داود. قال السفاريني: لباس الشهرة ربما يزري بصاحبه وينقص مروءته، وقال: من اللباس المنزه عنه كلُّ لبسة يكون بها مشتهرا بين الناس، كالخروج من عادة بلده، وعشيرته، فينبغي أن يلبس ما يلبسون، لئلا يشار إليه بالأصابع، ويكون ذلك سببا إلى حملهم على غيبته، فيشركَهم في إثم الغيبة له.
وإن انتشار مثل هذه الظواهر في بعض الأحياء أو المجمعات لدليل على هشاشة التربية التي تلقوها، وبعدها عن بناء الوازع الإيماني، والآداب الإسلامية، ومعاني الرجولة والشهامة والنخوة، التي تتحلى بها الشخصية السوية.
أين الذين يتركون أبناءهم يبدون بعض عوراتهم في لباس القصير دون الركبة للشباب، وأي جزء من بدن الفتاة أمام الرجال الأجانب من قول الله -جل في علاه-: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) [الأعراف:26]؟
إن على الأسرة واجبا كبيرا في التوجيه والرقابة الدائمة على الأولاد، والحكمة في متابعتهم وكسبهم، وإكسابهم السلوك الحسن، والأخلاق العالية.
ولا يكفي ذلك، بل يجب الحرص على دلالتهم على الأصحاب الطيبين المتميزين، الذين يعينونهم على الخير ويدلونهم عليه، ويعتزون بدينهم وقيمهم، ولا يخالفون عاداتهم التي لا تخالف دينا ولا شريعة ولا عرفا صحيحا.
فليس صحيحا أن يتخذ الشاب أو الفتاة لاعبا غربيا، أو مطربة شرقية قدوة مبهرة، ونحن أمامنا إمامنا وقدوتنا وعظيمنا حبيب الله محمد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) [الأحزاب:21].
إن الحرية التي يتشدق بها هؤلاء الشباب غير مقبولة أبدا؛ لأنها خارجة عن مقتضى الشريعة العرف المعتبر، ولأن فيها اعتداء على حريات الآخرين، وحرماتهم، حرياتٌ بلا ضوابط تعني الدمار للمجتمع والحياة، وهذا ما وقع في بلاد مسلمة تهاونت في ذلك، فجرَّ تهاونهم في الأخذ بأوامر الله تعالى ونواهيه ويلات التفكك والانهيار الأخلاقي والقِيَمي، والصحي، والديني.
لقد تمادى قلة من شبابنا في هذه الحرية المزعومة فأقبلوا على المغازلات السمجة، ومعاقرة المخدرات والخمور، وسقط بعضهم في وهدة اللواط والسحاق، والعياذ بالله من ذلك كله، وهكذا تتسع دوائر المنكر، وتزداد سوءا وإثما.
ليس المرء المسلم رهين هواه، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به".
إن التميز الذي ينشده هؤلاء الفتية والفتيات ينبغي أن يكون في الخير، والعمل الصالح، في الاختراع والابتكار، في العلم والمعرفة، (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) [المطففين:26].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآي والذكر الحكيم، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد على حمدنا إياك، لك الحمد على كل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، أو حاضر أو غائب، لك الحمد حمدا يليق بعظمتك وجلالك.
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته، ومن استن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد فاتقوا الله عباد الله وأطيعوه.
تنطلق غدا -بإذن الله تعالى- مسيرة الانتخابات البلدية في بلادنا الحبيبة، لتكشف مدى الوعي الحضاري الذي يتمتع به مجتمعنا، وقدرته على التوسع في هضم المستجدات على مجتمعه، ليست هي التجربة الأولى بالطبع، ولكن من الطبيعي أن تكون التجربة الأنضج والأوسع، أو هكذا ينبغي أن تكون.
إن المشاركة الشعبية في صناعة القرار، أي قرار عام، بأية وسيلة مشروعة، أو عن أية فرصة متاحة، تعد خطوة مهمة في طريق الإصلاح السياسي والاجتماعي.
والخدمات البلدية تتمتع بأبعاد شمولية، تصل إلى كل فرد في المجتمع، وأكثرُ احتياجات الناس إليها، كما أن أكثر شكاوى الناس منها، وقليل من الناس الشكور.
إذن، هي فرصة لإشعال شمعة، ووضع لبنة، وإرساء قاعدة، وغرس شجرة...، بدلا من قيل وقال، وكثرة السؤال.
الإنسان الإيجابي المبادر لا يتردد في أن يكون في مقدمة المسيرة الإصلاحية مهما كان نوعها، فضلا عن أن تكون بهذه القيمة.
والمبادرة تعني أن يسجل هو أول الناس، بل يدفع الآخرين ليسجلوا، أو يحدِّثوا بياناتهم؛ ليستعدوا لتلبية نداء الوطن يوم التصويت، ليكون -أيضا- أول الناس في الانتخاب، حتى ولو اضطره ذلك لترك سفر ضروري خاص، أو مصلحة كبرى؛ لكنها تبقى شخصية، فالمواطنة ليست حديث سُمَّار، ولا حديث ليل يذهب به النهار، ولكنها تضحيات متوالية، لا تعرف التواني ولا الارتخاء.
والصوت أمانة، يجب أن توضع في مكانها، وتؤدى كما يرضى الله -عز وجل-، بلا قبلية، ولا شللية، ولا نرجسية، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال:27].
كما ينبغي تغليب المصلحة المستقبلية على المصلحة الحاضرة، فالأعمال البلدية تحتاج إلى مختصين لهم دراية واهتمام وخبرة بها، وليست قضية وجاهات، واعتبارات اجتماعية أو غيرها، فالأكفأ هو الذي يجب أن تكون له الأولية، وليس الأرفع هزيجا، والأكثر نفيرا، والأوسع خيمة، والأغزر رزا ولحما وثريدا!.
إنها مسؤولية كبرى، إنه صنع القرار الذي يمس حاجات الناس، وحياتهم، فيجب ألا يقلد إلا القوي الأمين، ففي الحديث الصحيح: "إذا وُسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة"، ومن يرشح نفسه وهو غير مؤهل فقد شارك في انحدار مستوى المنافع التي تنتظرها الأمة من هذا المجلس، ومن يرشح شخصا يعلم بأنه لا يمتلك المهارات والمعارف والخبرة اللازمة فإنه يسهم في تخلف النتائج التي تنعقد عليها الآمال من مثل هذا المجلس.
من السهل أن ننتقد، ولكن من الصعب أن نسهم في البناء، فذلك تسلية، والآخر تضحية، وقد تسمع همسا هنا ولمزا هناك من الانتهازيين، والكسولين على حد سواء، ليصدوا عن المشاركة بحجة عدم الجدوى منها، أو أنها مجرد واجهة مفرغة، أو أنها بلا صلاحيات، أو أنها... هذا الصنف من الناس لا يجيد غير الصياح، ولا تسمع منه غير جعجعةٍ ولا ترى طحنا!.
الإيجابية تقضي بالمشاركة، مهما كانت محدودة، فإن نقرة إصلاح من الداخل، خير من صرخة زقيع في الخارج، وأؤكد على أن المشاركة في الانتخابات البلدية في مثل بلدنا هذه واجب شرعي، إلى جانب كونه واجبا وطنيا، فمن تخلف عنه وهو قادر فإني أخشى أن يناله الإثم.
وقد بينت الأمانة أن من سجل سابقا يحتاج إلى تحديث بيانات، ومن لم يسجل من قبل فعليه أن يسجل خلال شهر من يوم غد السبت في أقرب مركز انتخابي، وإلا فلن يستطيع أن يدلي بصوته يوم الانتخاب.
ومراكز دائرتنا هي المدارس التالية: سعد بن عبادة في السلمانية، وزيد بن ثابت في الحفيرة، والخالدية المتوسطة، والأندلس المتوسطة في شارع الرياض، والمأمون المتوسطة في الكوت، والملك فيصل في الثليثية، وبلدية الهفوف في الرقيقة.
والدوام مسائي بعد صلاة العصر حتى صلاة العشاء بإذن الله تعالى، وكل الرجال -بلا استثناء-مدعوون لذلك من سن واحد وعشرين، فاخرج بأسرتك وشارك في صنع القرار في بلدك.
وفقنا الله جميعا لكل خير وبر.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد بن عبد الله، وآله الأطهار.