البحث

عبارات مقترحة:

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

الفخر باللغة العربية

العربية

المؤلف الشيخ د عبدالرحمن السديس
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. اللغة أصل من أصول بناء الحضارات .
  2. فضل اللغة العربية .
  3. من حقوق اللغة العربية علينا .
  4. من اهتمام السلف باللغة العربية .
  5. الحرب على اللغة العربية .
  6. ضرورة التمسك بالهوية العربية الإسلامية .
  7. اهتمام المعلمين بلغة الضاد .

اقتباس

اللغةُ العربيةُ زهرةُ التاريخ العابِقة، ومُزنةُ النور الوادِقة، وإشراقةُ الدنيا الصادقة، وشهادةُ الأجيال الناطقة، إنها المنهلُ الدَّفوقُ للعلاء والتَّمكين، والبيانُ والتبيينُ للنورِ والحقِّ المُبين، والينبوعُ الثَّرُّ الذي ترتوِي منه العقولُ الصادِية، والسِّراجُ الوهَّاجُ الذي يُضِيءُ المُجتمعاش العاشِية.

الحمد لله، فتقَ ألسِنةَ عباده بالبيان، وأجراها باللغة في كلِّ آنٍ وشانٍ، يصِلون بلُغاتهم إلى قِمَم الإبداع، وذروة الإفهام والإقناع، أحمدُه -سبحانه- ترادفَت نعماؤه وتوالَت نعمُه وآلاؤه.

الحمد لله حمدًا طابَ وانتشرَ

على ترادُفِ جُودٍ في الوُجود سَرَى
حمـدًا كثـيرًا به نرقَى بجنَّته علـى منـابرِ أُنس نبلُـغُ الوَطَرَ

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بيده الملكُ والملكوت، وله الأسماءُ الحُسنى وجلالُ النُّعوت، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُ الله ورسوله طُبِع على رائقِ الكلام، وبديعِ اللفظِ والنظام، تنهالُ المعاني على فُؤادِه انهِيالاً، وتنثالُ المُفرداتُ على لسانه انثِيالاً، فحديثُه العذبُ المُصفَّى والشهدُ المُوفَّى، صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه صلاةً:

تندَى عبيرًا ومِسكًا سُحبُها دِيَمًا

تُمنَى بها للمُنى غاياتُها شُكرًا
تُضاحِكُ الزهرَ مسرورًا أسِرَّتُها مُعرَّفًا عَرفُها الآصالَ والبُكَرَ

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: أطيعُوا ربَّكم واتقوه، وراقِبوه ولا تعصُوه؛ فإن التقوى خيرُ الزاد في المعاش والمعاد: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة: 197].

ألا إن تقـوى الله خيـرُ مغَبَّةٍ

وأفضلُ زاد الظاعِنِ المُتحمِّلِ
ولا خيرَ في طولِ الحياةِ وعيشِها إذا أنت منها بالتُّقَى لم ترحَلِ

أيها المؤمنون: المُتأمِّل في تاريخ الأمم والمُجتمعات وتعاقُب الأمجاد والحضارات يُلفِي فيها رُكنًا ركينًا، وقُطبًا من أقطابها متينًا، يُعدُّ من أهم ثوابتها وأُصولها، وسببَ نشأتها وقيامها، ذلكم هو: لسانُها ولُغتُها.

فاللغةُ تُعلِي الرفيعَ عن الوضيع، وأنَّى يُدرِكُ الضالِعُ شأوَ الضَّليع، وإننا أبناء هذه الأمة الإسلامية قد منَّ الله علينا بأفصَحِ لسانٍ، وأبلغ بيانٍ، وأفضلِ لُغةٍ لغةِ القرآن الكريم: اللغة العربية.

وإذا طلبتَ من العلومِ أجلَّها

فأجلُّها منها مُقيمُ الألسُنِ

اللغةُ العربيةُ زهرةُ التاريخ العابِقة، ومُزنةُ النور الوادِقة، وإشراقةُ الدنيا الصادقة، وشهادةُ الأجيال الناطقة، إنها المنهلُ الدَّفوقُ للعلاء والتَّمكين، والبيانُ والتبيينُ للنورِ والحقِّ المُبين، والينبوعُ الثَّرُّ الذي ترتوِي منه العقولُ الصادِية، والسِّراجُ الوهَّاجُ الذي يُضِيءُ المُجتمعاش العاشِية.

لغةٌ إذا وقعَت على أسماعنا

كانت لنا بردًا على الأكبادِ
ستـظلُّ رابطةً تُؤلِّفُ بيننا فهي الـرجاءُ لناطقٍ بالضادِ

لقد كان العربُ قبل الإسلام أمَّةً مُمزَّقةَ الإهاب، مُفترسَة الجَناب، تعيشُ في يَبابٍ وتَبابٍ، ولكن جمعَتهم أواصِرُ الفصاحةِ الهُمامة، وألبَسَتهم أثوابَ المُروءةِ والشهامة، فعلى بِساط اللغةِ يجتمعون، وفي وَريفِ ظلِّها يُبدِعون، ويُبدِي كلٌّ ما في وِطابِه ويكشِفُ عما حوَى في جِرابه من نثرها وشِعرها، ونحوِها وصَرفِها، وبلاغتها واشتِقاقِها؛ فبَين فخرٍ وهِجاءٍ، ومدحٍ ووصفٍ ورِثاءٍ يُمتِعون أسماعَ الزمان، ويُبهِجون مُقَل الأكوان بسَلسَالٍ من بديع الألحان، وعَذبِ الكلماتِ الحِسان. فاللغةُ كانت نبعًا ثَرًّا يُؤلِّفُ بين قبائل العربِ في مجالسِهم ومُنتدياتهم.

سرَت كالمُزنِ يُحيِي كلَّ أرضٍ

ويُبهِجُها سُهولاً أو وِهادًا
ومـا للهجـةِ الفُصحَى فَخارٌ إذا لم تملأِ الدُّنيـا رشادًا

إخوة الإيمان: إن اللغةَ العربيةَ الشريفةَ لها حقٌّ علينا حقيقٌ؛ فمن بعضِ حقِّها:

أن نبُلَّها ببِلالِها، وأن نرعَى قدرَها في كلِّ منسوبٍ إليها، وأن نسعَى لنجدَتها كلَّما مسَّها ضُرٌّ، أو حَزَبَها أمرٌ؛ فلُغتُنا العربيةُ اليوم وفي عصر أنماط العَولَمة، وغلبَة عامِّيِّ اللهَجات، وثورة التِّقَنات، وانفجار المعلومات، وفضائيِّ القنوات والشبكات رِباعُها مجفُوَّة، وقِصاعُها مكفُوَّة، ورِقاعُها غيرُ مُلتامةٍ ولا مرفُوَّة، بعدما كانت عذبَة التغاريد، حسنةَ الألفاظِ والمفاريد، رضِيَ بها الأسلافُ في المفاخِر والمنافِحِ، وصَقَلُوا بها الأذهانَ والقرائحَ، وكانت ترجمانًا صادقًا لكثيرٍ من الحضارات المُتعاقِبة، وكانت سببًا لتقارُب الأمم التي دخلَت في دين الله أفواجًا، فتمازَجَت أذواقُهم، وتوحَّدت مشارِبُهم، وأعلَى الدينُ شأوَها، ورفعَ شأنَها.

فما أهوَى سِوَى لغةٍ سَقَتْها

قريشٌ من براعتِها شِهَادًا
وطـوَّقَها كتـابُ الله مجدًا وزادَ سَنَا بلاغتها اتِّقادًا

أمةَ الإسلام: لقد أضحَت اللغةُ العربيةُ لدى كثيرٍ من المُسلمين في خُفُوت، ورياحُها الشذِيَّةُ العبِقةُ في هُفُوت، بما يُلِحُّ أن نُدندِنَ حول ذَيَّاك المَعينِ السَّلسَال، ونلِجَ هذا النَّميرَ المِنهالَ، لنُحيِيَ شقاشِقَ اللغةِ الهادِرة، ونعبُر دياجيرَ العُجمةِ الغامِرة، فلقد حرَبْنا العربيةَ معانِيَها اللِّطافَ، وألبسناها ثوبَ السنينَ العِجاف.

ولقد كان سلفُنا الصالحُ -رحمهم الله- يُعنَون بالعربية، ويُعاقِبون صِبيانَهم على اللَّحنِ، ويُثِيبونَهم على الفصاحَة والبيان.

يقول الفاروقُ عمرُ بن الخطاب -رضي الله عنه-: "تعلَّموا العربيةَ؛ فإنها تُنبِتُ العقلَ، وتزيدُ المُروءةَ".

وكتبَ كاتبٌ لأبي موسى الأشعريِّ -رضي الله عنه- خطابًا لعُمر فبدأَه بقوله: "مِنْ (أبو) موسى"، فكتبَ إليه عُمرُ: "أن اضرِبه سَوطًا، واستبدِله بغيره".

الله أكبر، ويا لله! ما أعظمَ غيرتهم على لُغة القرآن، فلله درُّهُم.

سمِعَ الأعمشُ رجلاً يلحَنُ في كلامِه فقال: "من الذي يتكلَّم وقلبي منه يتألَّم".

وكان الحسنُ البصريُّ -رحمه الله- يقول: "ربما دعوتُ فلَحَنتُ فأخافُ أن لا يُستجابَ لي".

وكان أيوبُ السِّختيانيُّ -رحمه الله- إذا لحَنَ استغفرَ اللهَ.

وسمِعَ الخليفةُ المأمونُ بعضَ ولده يلحَنُ، فقال: "ما على أحدِكم أن يتعلَّم العربيةَ، يُصلِحُ بها لسانَه، ويفُوقُ أقرانَه، ويُقيمُ أوَدَه، ويُزيِّنُ مشهَدَه، ويُقِلُّ حُجَجَ خصمِه بمُسكِتات حِكَمه".

الله أكبر، إن اللغةَ العربيةَ -يا رعاكم الله- هي كما قالَ الإمام الشافعيُّ -رحمه الله-: "أوسعُ الألسِنة مذهبًا، وأكثرُها ألفاظًا، ولها مكانتُها العُظمى في هذا الدين".

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "اللغةُ العربيةُ من الدين، ومعرفتُها فرضٌ واجبٌ؛ فإن فهمَ الكتاب والسنة فرضٌ، ولا يُفهمُ إلا بفهم اللغةِ العربية، وما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ".

ويقول أيضًا -رحمه الله-: "ومعلومٌ أن تعلُّمَ العربية وتعليمَها فرضٌ على الكفاية".

فنحنُ مأمورون أمرَ إيجابٍ أو أمرَ استِحبابٍ أن نحفظَ القانونَ العربيَّ، ونُصلِح الألسِنةَ المائلَةَ عنه.

وقد عبَّر الشاطبيُّ -رحمه الله- عن هذا المعنى بقوله: "إن الشريعةَ عربيةٌّ، وإذا كانت عربيَّةً فلا يفهمُها حقَّ الفهمِ إلا من فهِمَ اللغةَ العربيَّةَ حقَّ الفهمِ، فإذا فرضنا مُبتدِئًا في فهم العربية فهو مُبتدِئٌ في فهم الشريعة، أو متوسِّطًا فهو متوسِّطٌ في فهم الشريعة، فإن انتهى إلى درجة الغايةِ في العربية كان كذلك في الشريعة".

أمة الإسلام: لقد زادَت الشريعةُ اللغةَ العربيةَ مكانةً وأهميَّةً؛ حيث أصبَحت ثانِيَ اثنين لأقوى هُوِيَّة: الهوِيَّة الإسلامية؛ لأنها كما قال الإمامُ ابنُ كثيرٍ -رحمه الله-: "أفصحُ اللُّغات، وأجلاها، وأحلاها، وأعلاها، وأبينُها، وأوسعُها، وأكثرُها تأدِيةً للمعاني التي تقومُ بالنفوس، فلهذا أُنزِل أشرفُ الكتبِ بأشرفِ اللُّغات".

وهي من أهمِّ الوشائِجِ لرَفوِ الرَّتقِ، وإحكامِ الآصِرة في وجه الفتنِ العواصِف، والمِحَن المُتراكبةِ القواصِف، لذا تنمَّرَ لها الأعداءُ، وكشَفُوا عن مِرَّتهم السوداء، وقال قائلُهم: "إننا لن ننتصِرَ على المُسلمين ما دامُوا يقرؤون القرآنَ ويتكلَّمون العربيةَ، فيجبُ أن نُزيلَ القرآنَ من وجوهِهم، ونقتلِعَ العربيةَ من ألسِنَتهم".

وأعلَنوا عليها حربًا ضَروسًا، وأظهَروا لها وجهًا عَبوسًا، وأنفَقوا الغالِيَ والنَّفيس لتغريبِ اللسانِ العربيِّ وقطعِه عن منابِعِ البلاغة، واللَّجاجة به في العُجمة والمَغاغة.

وأثارَ هؤلاء الجَعاظِرةُ العَكُوبُ، وصَعفَقُوا في الآفاقِ والضُّروب، ولكن انعكَسَ عليهم الأملُ، واستنوَقَ فيهم الجملُ، وصارَت فِعالُهم ضِغثًا على إبالَة، وسقطَت أحلامُهم في سِفالة، وارتدَّت أعمالُهم على وجوهِهم خاسِئة، واشتدَّت لُغتُنا فكأنما هي ناشِئة.

وما على العنبَر الفوَّاحِ من حرجٍ

أن ماتَ من شمِّه المأفونُ والنَّتِنُ

معاشر المسلمين: ومع كلِّ التحديات والمُتغيِّرات فإن اللغةَ العربيةَ محفوظةٌ بحفظِ الله تعالى لكتابه العزيز: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9]، وإن تراكَمَت عليها العُكابات، وتكاثَرَت عليها السِّهامُ الحاسِرات، وظنُّوها عِظامًا نخِرات، وأيقَنوا فيها البِلَى والممات، وظلَّت طويلاً غريبةَ النفس واليدِ واللسانِ في مرابِعها؛ فإنها قامَت وستقومُ فتِيَّةً قويَّة، شامِخةً عفِيَّة، مُشمَخِرَّةً حفِيَّة، وشمَّرت عن ساقِها، وجلَّلَت نورًا على أرواقِها، وألجَمَت أفواهَ عِداتها.

ولله درُّ القائل على لِسانها:

وسِعتُ كتـابَ الله لفظًا وغايةً

وما ضِقتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
فكيفَ أضيقُ اليوم عن وصفِ آلةٍ وتنسـيقِ أسـماءٍ لمُخترعاتِ

وبعدُ:

أمة اللغة والضاد: إنها ذِكرى للذاكرين، وهَتفةٌ لتنبيه الغافلين؛ فتمسَّكوا بلُغتكم، وربُّوا عليها أبناءَكم؛ لتظفَروا بالغُنم والكرامة في الدنيا ودار الخُلد والمُقامة.

أئمةَ اللغة الفُصحى وقادتها

ألا بِـدارًا فـإن الوقتَ كالذَّهَبِ
ردُّوا إلى لُغةِ القرآن رونَقها هيَّا إلى نصرِها في جحفَلِ اللَّجِبِ

حفِظَ الله لغتَنا من كل مكروه، وحيَّا اللهُ أهلَها وذوِيها، وأبقاهم لها ذُخرًا يصُونون عِرضَها، ويحفَظون أرضَها، ويسترِدُّون قرضَها، ويجمَعون شتاتَها، ويُحيُون مواتَها، إنه جوادٌ كريمٌ.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [إبراهيم: 4].

بارك الله ولي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولكافة المسلمين من كل خطيئةٍ وإثمٍ؛ فاستغفِروه وتوبوا إليه، إنه كان حليمًا غفورًا.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، جعلَ القرآنَ عربيًّا غيرَ ذِي عِوَج، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تحدَّى بفصاحةِ القرآن العربَ ذوِي الحُجَج، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه بالفصاحةِ منعوتٌ، وبالبلاغة مبخُوت، صَلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله وصحبِهِ العُدولِ الثُّبُوت، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله-، والزَموا لغةَ دينكم تسعَدوا في الدَّارَين، وتفوزوا بخير الجزاء في الدنيا ودار الخُلد والبقاء.

معاشر المؤمنين: وفي هذه الاضطراباتِ التي تجتاحُ أمَّتَنا، والنَّعَرات التي تُهدِّدُ وحدتَنا، والسَّعَراتِ التي تُناوِشُ لمَّتَنا، في خِضَمِّ هاتِيكَ الأمواج، وزخَّارها الثَّجَّاج، لا بُدَّ من الاستِمساك بهُويَّتنا الإسلامية، ولُغتنا العربية، وربطِ الأجيالِ بها، وفَطمِ أنفُسنا عن مراضِع العُجمةِ المَقيتة، وهَجر الألفاظ الأجنبيَّة اللَّقيطة، وأن نُقبِلَ على لغتِنا، وننأَى بها عن اللَّحن فيها.

ولعلَّ أبناءَنا الذين يبدؤون هذه الأيام عامَهم الدراسيَّ الجديدَ يجِدون في هذه الذِّكرى شحذًا لهِمَمهم في الاعتزاز بلُغتهم، وكونِهم قُدوةً لغيرهم.

كما أن اعتِزازَنا بلُغتنا الأمِّ لا يُنافِي حاجةَ الأمة إلى تعلُّم اللغاتِ الأخرى لتحقيقِ رسالتِنا العالميَّة بلا نِدِّيَّة، ولا مُزاحمةٍ ولا انهزاميَّة، كما أن رسالةَ الإعلام ووسائل الدِّعاية والإعلان عظيمةٌ في هذا الشأنِ المُهمِّ.

يا فِتيةَ الضادِ حان الوقتُ فاطَّرِحوا

هذا الوَنَى وانهَضوا فالناسُ قد طارُوا
سِيـروا على نهجِ آباءٍ لكم سلَفوا فإنهم في طريق المجـدِ قـد سَـارُوا
وإن العـزمَ لا تثنِـيهِ عـادِيـةٌ عـن المُضِيِّ ولا يُضْفـِيه إعصـارُ

هذا، وصلُّوا وسلِّموا -رحمكم الله- على خير الورَى، كما أمرَكم بذلك ربُّكم -جل وعلا-، فقال -سبحانه-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

صلَّى عليك اللهُ يا علَمَ الهُدى

ما ناحَ طيرٌ أو رفَّت الأشجارُ

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على سيد الأولين والآخرين، ورحمةِ الله للعالمين: نبيِّنا وقُدوتنا وحبيبِنا محمد بن عبد الله، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، والأئمةِ المهديين ذوي الشرفِ العلِيِّ، والقدرِ الجلِيِّ: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمانَ، وعليٍّ، وارضَ اللهم عن سائر أصحاب نبيِّك أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعن الطاهرات أمَّهات المُؤمنين، وعنَّا معهم برحمتك يا أرحمَ الراحمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمشركين، واخذُل الطغاةَ والظالمين وسائرَ أعداء الدين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يُعجِزونك.

اللهم وفِّق المُسلمين لنُصرة دينك، ونُصرة نبيِّك -صلى الله عليه وسلم- يا رب العالمين.

اللهم إنا نبرأُ إليك ممن استَهزؤوا بدينك، وأساؤُوا لنبيِّك -صلى الله عليه وسلم-، اللهم عليك بالشانئين المُغرِضين المُتنقِّصين لجنابِ حبيبِك وخليلِك محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-.

اللهم إنك قلتَ -وقولُك الحق-: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر: 95]، (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) [الكوثر: 3]، اللهم فانتقِم لحبيبِنا وقُدوتنا ممن أساء إليه، واستهزأَ بجنابه، وسخِرَ بأتباعه وأحبابِه.

إنـا لنعـلمُ أن قـدرَ نبيِّنا

أسمَى وأن الشانِئينَ صِغارُ
ما نالَ منك مُعانِدٌ أو شانِئٌ بـل منه نالَت ذِلَّةٌ وصَغارُ
لكنَّه ألمُ المُحِبِّ يزيدُه شرفًا وفيـه لـمن يُحبُّ فَخارُ

اللهم خُذ بأيدي المُسلمين للأفعال الحكيمة، وجنِّبهم رُدودَ الأفعال العَنيفة، واكفِهم شرَّ استِفزازاتِ أعدائِهم يا حيُّ يا قيُّوم، يا حيُّ يا قيُّوم، يا حيُّ يا قيُّوم: برحمتك نستغيثُ، فأصلِح لنا شأنَنا كلَّه ولا تكِلنا إلى أنفُسِنا طرفةَ عينٍ.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأدِم الأمنَ والاستقرارَ في دِيارِنا، وأصلِح أئمتَنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامَنا خادمَ الحرمين الشريفين، اللهم وفِّقه لما تحبُّ وترضى، وخُذ بناصيتِه للبرِّ والتقوى، وهيِّئ له البِطانةَ الصالحةَ التي تدلُّه على الخير وتُعينُه عليه.