البحث

عبارات مقترحة:

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

الرحيم

كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...

إصلاح التعليم

العربية

المؤلف عبد الرحمن بن ناصر السعدي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. أقسام العلوم النافعة .
  2. خطورة الاهتمام بالعلوم الدنيوية وإهمال الدين .
  3. حال المدارس المنحرفة حين أهملت الدين .
  4. بطلان افتراء من زعم أن العلوم تتقوم بغير الدين .
  5. نصيحة لمن يقوم على أمر التعليم .
  6. اقتراح طريقة مثلى لتلقي العلم النافع .
اهداف الخطبة
  1. التنبيه على طرق إصلاح الخلل الذي طرأ على التعليم
  2. التحذير من مزاحمة علوم الدنيا للعلم الشرعي
  3. تحبيب الناس للعلم الشرعي

اقتباس

أما رأيتم حالة المدارس المنحرفة, حين أهمل فيها تعليم الدين, كيف انساق أهلها إلى الشر والإلحاد؟ وكيف كان الكبر ملأ قلوب أهلها, وأعرضوا عن رب العباد؟
فالعلوم العصرية, إذا لم تُبْن على الدين شرها طويل، وإذا بنيت على الدين, أينعت بكل ثمرة جميلة, وعمل جليل... لقد افترى من زعم أن العلوم ..

 

 

 الحمد لله الذي أمرنا أن نأتي البيوت من أبوابها، وأن نسير في طريق مصالحنا بتعرف مناهجنا وأسبابها، وأشهد أن لا إله إلا الله الذي أخرجنا من بطون أمهاتنا, لا نعلم من العلوم قليلاً ولا كثيراً، وجعل لنا الأسماع والأبصار والأفئدة؛ لنشكره بصرفها إلى المعارف النافعة, وكان ربك قديراً, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, الذي أرسل إلى جميع الثقلين بشيراً ونذيراً, وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، اللهم صل وسلم على محمد, وعلى آله وأصحابه صلاة وسلاماً كاملاً كثيراً.

 

أما بعد:

 

أيها الناس, اتقوا الله بمعرفة الخير واتباعه، ومعرفة الشر وتركه واجتنابه، واعلموا أن العلم هو الأساس الذي يستقيم عليه البنيان، وبه الصلاح والفساد والكمال والنقصان؛ فليكن تأسيسكم على علوم نافعة صحيحة، ومعارف قوية صادقة رجيحة.

 

فالعلوم النافعة كلها تنقسم إلى: مقاصد, ووسائل.

 

فالمقاصد: هي الأصول المصلحة للعقائد والأخلاق والفضائل، وهي العلوم الدينية التي بينها الرسول، وحث عليها، وهي التي لا تنفع العلوم كلها إلا إذا أُبنيت عليها.

 

فوجهوا -رحمكم الله- وجوهكم, ووجوه المتعلمين إلى علوم الدين، واغرسوا هذا الغراس الجميل, الباقي في أذهان الناشئين؛ فبذلك تصلح الأحوال، وتزكو الأعمال، وبذلك يتم النجاح في الحال والمآل، وبذلك تصلح العقائد والأخلاق، وبه يسير التعليم إلى كل خير وينساق، ولا يتم ذلك إلا بتخير الأساتذة الفضلاء الناصحين، وملاحظتهم التامة لأخلاق المتعلمين.

 

وأن يعلق النجاح والشهادات الراقية لمن جمع بين العلم والدين؛ فإن العلم الخالي من الدين, لا يزكي صاحبه, وإنما هو صنعة من الصناعات، ولا بد أن يهبط بأصحابه إلى أسفل الدركات.

 

أما رأيتم حالة المدارس المنحرفة, حين أهمل فيها تعليم الدين كيف انساق أهلها إلى الشر والإلحاد؟
وكيف كان الكبر ملأ قلوب أهلها, وأعرضوا عن رب العباد؟

فالعلوم العصرية, إذا لم تُبْن على الدين شرها طويل، وإذا بنيت على الدين, أينعت بكل ثمرة جميلة, وعمل جليل.

 

لقد افترى من زعم أن العلوم تتقوم بغير الدين، ولقد خاب من توسل بعلوم المادة المحضة، وحصلوا على كل خصلة رذيلة.

 

أما ترونهم يسعون خلف أغراض النفوس, وخسيس الشهوات؟ أما تشاهدون أحوالهم فوضى, قد مرجت فيهم المعنويات والصفات؟ أما ترونهم حين عرفوا شيئاً من علوم الطبيعة. أعجبوا بأنفسهم, فهم مستكبرون، فنعوذ بالله من علم لا ينفع, ونفس لا تشبع, ودعاء لا يجاب ويشفع، قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ) [النحل: الآية125].

 

قال تعالى: (وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) [آل عمران: الآية79].

 

لقد أرشدنا ربنا إلى الطريقة المثلى في تعليم المتعلمين، وأن تسلك أقرب طريق يوصل المعارف إلى أذهان المشتغلين؛ فلا نزحمها بكثرة الفنون؛ فإن الأذهان لا تتحملها، ولا تلقي عليها من المسائل ما لا تطيقها, ولا تحفظها، بل تلقي على كل أحد ما يتحمله ذهنه, وما يشتاق إليه، وتتعاهد بالدرس والإعادة, وكثرة المرور عليه، فالقيل الثابت الراسخ البنيان، خيرٌ من الكثير الذي هو عرضة للزوال والنسيان، فتزاحم العلوم, يضيع بعضها بعضاً, وتوجب الكسل والملل، وذلك من أعظم الأضرار والاخلال, وشدة الخلل.

 

فكم من تلميذ على هذا الوصف مكث المدة الطويلة بغير معرفة صحيحة ونجاح؟ وكم من تلميذ سلك الطريق النافعة, ففاز بكل خير وفلاح؟ فكما أن القُوى لا تكلف من الأعمال والأشغال إلا ما تطيق وتستطيع, فكيف بالأذهان الصغيرة, إذا زحمت بما لا طاقة لها به؟

 

وذلك عبء ثقيل مريع، قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) [آل عمران:187].