البحث

عبارات مقترحة:

المحسن

كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

الصمد

كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...

خطبة عيد الفطر 1430هـ

العربية

المؤلف عبد العزيز بن عبد الله السويدان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات صلاة العيدين
عناصر الخطبة
  1. جمال الأرواح في العيد .
  2. فضل العفو والإصلاح .
  3. خطر النميمة .
  4. لماذا لا نتقي الله بعد رمضان؟ .

اقتباس

فلنجمل أرواحنا -يا أهل البر والخير-، ولنفشي السلام على من نعرف وعلى من لا نعرف، ولنمسح ما علق في القلوب من حسد، أو غل، أو غيره، ولنزرع البسمة على صدغ الكبير والصغير، والمريض واليتيم، والفقير والمسكين. هيا بنا لنصل من قطعنا، ونعفو عمن ظلمنا، ونسلم على من هجرنا، هيا نجمل الأرواح مع جمال الثياب، فالجوهر مقدم على المظهر، والعبرة ليست في ...

الخطبة الأولى:

الحمد لله، الحمد لله كثيرا، حمدا طيبا مباركا، والله أكبر كبيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الحمد لله عدد ذرات الرمال، الحمد لله عدد قطرات البحار، الحمد لله عدد ما اختلف الليل والنهار، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المختار، صلى الله عليه وعلى آله وعلى المهاجرين والأنصار.

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله تحصل الدرجات، وبكرمه تبدل الخطيئات، الحمد لله على تمام الشهر، وكمال الفضل.

بالأمس -أيها المؤمنون- استقبلنا رمضان بشوق، واليوم نفرح بعيد الفطر المبارك، فالحمد لله الذي أتم علينا نعمة بلوغ رمضان، وأتمه علينا، وأعاننا على صيامه وقيامه، وأسأل الله لي ولكم القبول.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

اليوم يوم جميل تجملنا فيه بأحسن الثياب، وظهرنا فيه بأبهى الصور، وهذا مطلوب، لكن ينبغي أن نهمس لأنفسنا همسة صدق، هل جملنا أرواحنا مع جمال ملابسنا؟

أرجو ذلك؛ لأن رمضان شهر صفاء الأرواح ونقاءها، فحري أن تكون الأرواح في ختامه أصفى وأنقى.

يا كرام: إنه لا تجتمع حلاوة العيد مع مرارة المشاهد، ولا جمال الملابس مع قبح الأرواح، ألا ما أجمل طلاقة الوجه والبشر والعفوية!

أخي الكريم: تجاوز عن الأخطاء في حقك، ولا تبحث عن سلبيات الآخرين، واتهم نفسك قبل أن تتهم غيرك.

يا من يعيب وعيبه متشعب

كم فيك من عيب وأنت تعيب

لله درك كيف أنت وغاية

يدعوك ربك عندها فتجيب

فلنجمل أرواحنا -يا أهل البر والخير-، ولنفشي السلام على من نعرف وعلى من لا نعرف، ولنمسح ما علق في القلوب من حسد، أو غل، أو غيره، ولنزرع البسمة على صدغ الكبير والصغير، والمريض واليتيم، والفقير والمسكين.

هيا بنا لنصل من قطعنا، ونعفو عمن ظلمنا، ونسلم على من هجرنا، هيا نجمل الأرواح مع جمال الثياب، فالجوهر مقدم على المظهر، والعبرة ليست في ثوب جميل، وشعر مصفوف، وإنما العبرة قبل ذلك فيما استوطن القلب، وفاض على الأخلاق.

معاشر الإخوة: إن صفاء قلوبنا يتطلب منا أن نبتعد عن قول السوء، وظن السوء في الآخرين.

إن سلامة الصدر، وراحة البال والنفس، تتطلب منا المبادرة لتنقية قلوبنا من الشحناء، فالشحناء تدمر المجتمعات، وتصدع الأسر، وتفسد الدين، ومن أجل ذلك سمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فساد ذات البين بالحالقة، فهي لا تحلق الشعر، ولكنها تحلق الدين، حتى فوات المغفرة.

اسمعوا هذا الحديث، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر الله لكل عبد مسلم لا يشرك إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا" [أخرجه البخاري].

وفي الوجه المقابل نجد الصفح، وطهارة القلب طريقا ممهدا إلى الجنة، كان عليه الصلاة والسلام جالسا ذات يوم مع نفر من أصحابه، فقال لهم: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فترقب الصحابة ظهور هذا الرجل الذي شهد له النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه من أهل جنته ونعيمه، وهو يمشى على الأرض، فطلع رجل من الأنصار تقطر لحيته من الوضوء، وكان من بين الحاضرين عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهم-، فتطلعت نفسه؛ لأن يعرف سر هذا الرجل، فتحيل عليه بحيلة، حتى أذن له الرجل بأن يجلس عنده ثلاثة أيام، فاستغل هذه المدة ليعرف ما يقوم به هذا الرجل من أعمال وقربات وطاعات أهلته لتلك المنزلة العظيمة، ليشهد له النبي –صلى الله عليه وسلم- بالجنة، فلم يره كثير الصلاة بالليل، ولا كثير الصيام، فسأله عن العمل الذي ربما كان يخفيه، والذي جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يشهد له بأنه من أهل الجنة، فقال الرجل: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا، ولا أحقد أحدا على خيرا أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه هي التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق، أي لا نستطيع، يقولها تواضعا رضي الله عنه.

أرأيتم -أيها الإخوة- كيف سمى بذلك صفاء قلبه وتسامحه، حتى بشر بالجنة، فلماذا إذاً نخضع للشيطان ونحرم أنفسنا هذا الفضل العظيم؟!

كلان ليس ذلك فحسب، بل ينبغي أن نزداد في هذا الخير، فنسعى إلى نشره فيمن حولنا، لا نقف نتفرج على خصومات الناس، ونملأ المجالس بالحديث عنهم، وتفاصيل نازعتهم.

لا، بل نعمل على إصلاح ذات البين بين من نعرف التباعد بينهم، يقول الله تعالى: (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)[النساء: 114].

الإمام الأوزاعي -رحمه الله- يقول: "ما خطوة أحب إلى الله -عز وجل- من خطوة في إصلاح ذات البين".

أما مريض النفس والخلق، ذلك الذي يسعى بالنميمة بين الناس لإشعال الفتنة بينهم، وإفساد ذات البين، رجلا كان أو امرأة -نسأل الله العافية-، فذاك له شأن آخر، حتى قال صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة نمام" [أخرجه مسلم].

بل خص جل وعلا النميمة بالقرآن: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)[القلم: 10-11].

والساعي بالنميمة لا يؤمن جانبه حتى لو تلطف لك بالحديث، وأظهر إشفاقه عليك، بل يُحذر ويُنهر؛ لأنه اشتهر نقل الشر والوقيعة بين الناس إن كانوا قربين منه، أو بعيدين؟

من نمَّ في الناس لم تؤمن عقاربه

على الصديق ولم تؤمن أفاعيه

كالسيل بالليل لا يدرى به أحد

من أين جاء ولا من أين يأتيه

الويل للعهد منه كيف ينقضه

والويل للود منه كيف يفنيه

أسأل الله أن يجعل عيدنا عامرا في نفوسنا، وأن نخرج من طاعتنا في رمضان بروح زكية، ملئها الخير والأمل، آمين، آمين.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

معاشر المسلمين والمسلمات: هل ورث رمضان التقوى في قلوبنا، كما في صريح الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[البقرة: 183].

إذا كان كذلك فإن للتقوى معالم ظاهرة للعيان، إذا لم نفخر بالإسلام فبماذا نفخر؟

إذا لم نعتز بقيمه ونحترم أحكامه، فأي خير فينا؟ وأي وفاء؟ وأي انتماء؟

اليوم عيد ولابد أن نفرح، لكن لماذا لا نهذب الفرحة ونضبط الأًنس، شكرا لله؟

لماذا لا نضبط النشيد ونبتعد عن الغناء المحرم؟

لماذا لا تقتصر النساء على الدفوف ويبتعدن عن المعازف؟

لماذا لا يحرصن على لبس ما يستر الزينة إلا ما أباح الإسلام؟ لماذا؟!

هلموا بنا نثبت حبنا لله ورسوله عمليا، وفي واقعنا، وفي سلوكنا، وفي مشاعرنا، في إنكارنا للاختلاط، في بغضنا للربا، في مقاطعتنا للفضائيات، فضائيات العهر والخنا والفجور.

دعاء حار رفعناه طوال شهر رمضان المبارك، في السجود، في أدبار الصلوات، في القنوت، فلنستعن بالله، ولنثبت على هداه، حتى يحقق أمانينا، ويستجيب لنا ذلك الدعاء.

اللهم أعد علينا شهر رمضان سنين عديدة، وأعواما مديدة، ونحن بخير وسلامة وعافية.

اللهم تقبل منا صالح الأعمال، وتب علينا وعلى والدينا، وأصلح أبنائنا وبناتنا، وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.