النصير
كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...
العربية
المؤلف | عبد الرحمن بن ناصر السعدي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - المنجيات |
فمن ملك لسانه, فأشغله بما يقرب إلى الله من قراءة, وذكر ودعاء واستغفار، وحبسه عن الكلام المحرم من غيبة أو نميمة, أو كذب وكل ما يسخط الجبار، فقد وفق للخير والثواب، وسَلِم من الشر والعقاب..
الحمد لله الذي فاوت بين عباده في العقول والهمم والإرادات, ورفع بعضهم فوق بعض درجات، وأشهد أن لا إله إلا الله, كامل الأسماء والصفات، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, أكمل المخلوقات، اللهم صل وسلم على محمد, وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم في الحالات.
أما بعد:
أيها الناس, اتقوا الله تعالى؛ فتقوى الله وقاية من العذاب، وطريق إلى الفوز والثواب.
عباد الله, قد بين الله ورسوله لكم مراتب الخير والشر وثوابه، وفتح لكم طريق البِّر وأبوابه، وأبان لكم أن من قصد رضوانه, وسلك السبيل، فلا بُدَّ أن يوفقه ويصله إلى كل فضل جزيل، ومن تولى عن مولاه, واتبع شيطانه وهواه ولاَّه الله ما تولى لنفسه, وخذله وأضله وأعماه، فلا يهلك على الله إلا الطغاة المتمردون، ولا يخرج عن رحمته إلا من أبى أن يسلك ما سلكه الصادقون.
فهذه الشرائع التي شرعها لكم المولى, ويسرها لكم، قوموا بها بجدّ واجتهاد, يصلح لكم أحوالكم.
قال معاذ بن جبل: يا رسول الله, أخبرني بعمل يدخلني الجنة, ويباعدني من النار، قال: " لقد سألت عن عظيم, وإنه ليسير على من يسره الله عليه, تعبد الله لا تشرك به شيئاً, وتقيم الصلاة, وتؤتي الزكاة, وتصوم رمضان, وتحج البيت". أي: فمن قام بهذه الشرائع الخمس وكملها, استحق دخول الجنة, والنجاة من النار.
ثم قال له- مبيناً لأمته أبواب الخير-: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّة, والصدقة تطفئُ الخطيئة كما يطفئ الماءُ النارَ، وصلاة الرجل في جوف الليل, ثم تلا قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [ السجدة:16-17].
ثم قال: " ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله "، ثم قال: " ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟" قلت: بلى يا رسول الله، قال: فأخذ بلسان نفسه فقال: " كُفّ عليك هذا " قلت: يا رسول الله، إنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: " ثكلتك أمك يا معاذ, وهل يَكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم أو على مناخرهم، إلا حصائدُ ألسنتهم؟ ".
فمن ملك لسانه, فأشغله بما يقرب إلى الله؛ من قراءة, وذكر، ودعاء، واستغفار، وحبسه عن الكلام المحرم؛ من غيبة، أو نميمة، أو كذب، وكل ما يسخط الجبار - فقد وفق للخير والثواب، وسَلِم من الشر والعقاب.
فانظروا -رحمكم الله- ما أسهل هذه الشرائع وأيسرها، وما أعظم ثوابها وأجرها، وما أكملها، قال تعالى: ( وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً ) [المزمل: من الآيةٍ20].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.