البحث

عبارات مقترحة:

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

الزواج ومخالفات ومراجعات (2)

العربية

المؤلف عبد العزيز بن عبد الله السويدان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. كشف العورات بين النساء في الأعراس .
  2. دخول العريس صالة النساء في الأعراس .
  3. حكم الموسيقى والمعازف في الأعراس .
  4. الآثار السلبية لانتشار الموسيقى والمعازف في الأعراس .

اقتباس

إن كشف العورات في حفلات الزواج ظاهرة محزنة، ذلك أن أحق مخلوق بستر العورة هي المرأة المسلمة. ولذلك جعل الإسلام العرض ضرورة من الضرورات المطلوب صيانتها وحفظها، وإن الملاحظ من زمنا ليس بالقريب أن حفلات الزواج أصبحت ميدانا للتباهي بكشف ما لا يجوز كشفه بين النساء. فليتنا نؤدي دورنا كرجال في الأمر والنهي، تجاه من هن تحت رعايتنا ومسئوليتنا؛ لأن...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

المحور الثاني من محاور المخالفات في الأعراس، هو محور: كشف العورات بين النساء؛ يقول الله -تعالى -: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)[الأعراف: 26].

إن كشف العورات في حفلات الزواج ظاهرة محزنة، ذلك أن أحق مخلوق بستر العورة هي المرأة المسلمة.

ولذلك جعل الإسلام العرض ضرورة من الضرورات المطلوب صيانتها وحفظها، وإن الملاحظ من زمنا ليس بالقريب أن حفلات الزواج أصبحت ميدانا للتباهي بكشف ما لا يجوز كشفه بين النساء.

فليتنا نؤدي دورنا كرجال في الأمر والنهي، تجاه من هن تحت رعايتنا ومسئوليتنا؛ لأن القول الصحيح والأرجح هو أن ما جاوز حدود الزينة من جسد المرأة لا يجوز لها كشفه لأخواتها النساء، والدليل واضح جدا، في قوله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ)[النــور: 31].

فجمع بين ما يجوز للنساء كشفه لأخواتهن النساء ولمحارمهن الرجال، فنهى أن يبدين زينتهن، والمقصود أن لا يبدين مواضع تلك الزينة، إذ الزينة بحد ذاتها كالأسورة والقلادة ونحوها يجوز النظر إليها مستقلة عن الجسد دون خلاف.

قال الامام الشنقيطي -رحمه الله- في تفسيره للآية: "وذكر الزينة دون مواقعها للمبالغة في الأمر بالتصون والتستر؛ لأن هذه الزينة واقعة على مواضع من الجسد، لا يحل النظر إليها لغير هؤلاء، وهي الذراع والساق والعضد والعنق والرأس والصدر والأذن، فنهى عن إبداء الزينة نفسها ليعلم أن النظر إذا لم يحل إليها لملابستها تلك المواقع، مع أن النظر إليها، أي الزينة ذاتها من غير ملابسة لها لا مقال في حله، كان النظر إلى المواقع أنفسها متمكنا في الحظر، ثابت القدم في الحرمة، شاهدا على أن النساء حقهن على أن يحتطن في سترها، ويتقين الله في الكشف عنها".

إذاً فالمقصود مواضع تلك الزينة من الجسد، وأن ما يجوز للمرأة كشفه للنساء وللمحارم هو الرأس موضع التاج، ومنه الشعر والوجه والرقبة والجيد، والجيد هو أعلى الصدر، والرقبة والجيد هما: موضع القلادة، واليدان حتى العضدين، وهما: موضع الخاتم والأسورة، والقدمان حتى أسفل الساقين، وهما: موضع الخلخال.

كما يجوز للمرأة كشفها للنساء هو الرأس الرقبة إلى الجيد واليدان، حتى العضدين والقدمين، حتى أسفل الساقين، لا زيادة على هذه المواضع.

هذا ما نصت عليه الآية الكريمة فيما يجوز للمرأة كشفه بين النساء: (أَوْ نِسَائِهِنَّ) أما عدا هذه الحدود كالأفخاذ والأكتاف والمبالغة في إظهار الصدر، وما ساوها في الخلف من الظهر، كل هذا يحرم كشفه حتى أمام النساء، عدا عن لبس الضيق الذي يحجم المفاتن، أو الشفاف الذي لا يحجبها، كل هذا يحرم لبسه.

هذه المفاتن من الجسد -مع الأسف- ألف كثير من المسلمات في حفلات الزواج اليوم التجمل بإظهارها أمام النساء من باب كل ما في الدار نساء فقط.

وكأن للنساء في هذا العرس كل ما يشأن من المفاتن أمام جنسهن بلا حرج، فتأتي الحفلة بأزياء خليعة رقيقة أبعد ما يكون من الستر والحياء والوقار، ولا تعلم أنها كشفت ما لا يجوز كشفه، أو ربما علمت، ولكنها مصرة على الذنب.

ينبغي على النساء أن يتقن الله، وينبغي على الأزواج: النصح لهن، كما يجب على أصحاب محلات الأزياء أن يتقوا الله، ولا يجلبوا ما حرم الله من ملابس النساء، ويحتسب الرزق الحلال ولو قل، فإن الحلال كثير ولو قل؛ لأنه مبارك، والحرام كثير ولو كثر؛ لأنه ممحوق.

ومن المخالفات الشرعية والمعاصي الدارجة والمؤسفة: دخول الزوج أو العريس كما يطلق عليه باللهجة العامية، دخوله صالة النساء بحجة الجلوس مع عروسه، ليتفرج عليهم الحضور من النساء.

وهي عادة قبيحة من أسوأ المخالفات الشرعية في الحفلات؛ لأن فيها كشف للعورات، وإعانة على إطلاق البصر فيما لا يحل، وقد أمرنا بالغض لا بالإطلاق.

وحتى لو استعد النساء المتزينات بدخول هذا الرجل بستر وجوههن، أو وضع خرقة فوق الرأس، فإن ذلك غير مضمون من جميعهن، ثم على فرض تحققه، هل يبيح هذا لهن الامعان في النظر إلى ذلك الشاب، وقد خرج عليهن في أبهى حلة، فإنه لا يؤمن على بعضهن النظر بالإعجاب، أليس يقول الله -تعالى-: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ)[النــور: 31] أليس لهذه الآية عندنا قيمة، أو عند النساء؟!

أيها الإخوة: إن نظر المرأة للرجل لا يخلو من حالين، كما قال أهل العلم: نظر شهوة وتمتع، فهذا نظر محرم لما فيه من المفسدة والفتنة، ونظر مجرد لا شهوة فيه ولا تمتع، فهذا لا شيء فيه على الصحيح؛ لما ثبت في الصحيحين: أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تنظر إلى الحبشة، وهم يلعبون، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسترها عنهم، وأقرها على ذلك.

فتركيز نظر المرأة إلى الرجل بإعجاب ونحوه محرم في صريح الآية، وهذا محذور في مثل هذه المناسبات.

أما دخول أبيه وإخوانه، وأخواله وأعمامه، إلى آخر القائمة لتهنئته في تلك الصالة المليئة بالنساء، وهو جالس عند النساء، فمزيد قبح فوق قبح.

أسأل الله -تعالى- أن يحفظنا من فساد الرأي وسوء العمل.

ومن مخالفات الأفراح: سماع المنكر، قال تعالى محذرا: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء: 36].

أنت مساءل عن سمعك يوم القيامة، السمع تحت الابتلاء كشأن القلب والبصر، وسوف يسأل كل إنسان عما كان يسمعه في الدنيا.

فيجب أن نحذر مما نص الشرع على تحريم سماعه، ولذلك أثنى الله على عباده المؤمنين؛ لأنهم لا يقعدون في المكان الذي يسمع فيه منكر من القول، أو أي صوت منكر: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) [القصص: 55].

إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه، سبحان الله، أي صدوا أنفسهم من شدة بغضهم له، فلا يخالطون أهله، ولا يعاشرونه، وهي عادة عباد الرحمن، وخلق الكرام، الذين يتنزهون عن سماع الحرام؛ كما قال سبحانه: (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) [الفرقان: 72].

ولقد جعل الله من قعد يستمع إلى أهل المنكر مشاركا لهم، بل جعله مثلهم، فقال تعالى: (فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) [النساء: 140].

ولشدة التأكيد على طهارة السمع؛ نهى الله -تعالى- حتى عن تحفيز الجاهل كي لا يصدر من الأقوال والأصوات ما يحرم الاستماع إليه، يقول سبحانه: (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ)[الأنعام: 108].

تحفيز الكافر على سب الله -عز وجل- حتى يخرج السبابة ممنوع: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ)[الأنعام: 108].

فبهذه الأدلة وغيرها ندرك ضرورة تطهير السمع، وأنه إذا حرم القول حرم الاستماع إليه، فليس قول الغيبة حراما فحسب، بل حتى الاستماع للغيبة حرام، والاستماع للنميمة حرام، والاستماع لقول الزور حرام، وكذلك الاستماع للاستهزاء بشيء من شعائر الدين، وكل من أعد، أو ساهم، أو هيأ الظروف لصدور صوت المنكر، أو أعان على ذلك، فهو آثم، والناس في غالبهم لا يختلفون في تحريم سماع ما تردد ذكره، وإنما المتردد في قبوله هو تحريم سماع الموسيقى والمعازف.

ففي صحيح البخاري: أن أبا مالك الأشعري -رضي الله عنه- سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِر والحرير والخمر والمعازف".

يستحلون المعازف، استحل الشيء أي عده حلالا على خلاف أصله، والمعازف هي: كل ما يستخدم من آلات اللهو والعزف والموسيقى.

هذا الاستحلال لهذه الأمور المحرمة ظاهرة نبأ بها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن أقواما من أمته سيستحلون العزف والمعازف، خلافا للأصل الذي هو تحريمه.

فالمصيبة هنا ليس في الاستخدام، ولكن الاستماع إليها، مع أن ذلك كله محرم، وإنما الخطورة الأكبر في استحلالها، والله -تعالى- يحذر تحذيرا شديدا من استحلال ما حرم، قال تعالى: (فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ)[التوبة: 37].

ويقو سبحانه: (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ) [النحل: 116].

ويقول في آية أخرى: (فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ) [يونس: 59].

ودليل آخر على تحريم الموسيقى والمعازف: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال صلى الله عليه وسلم: "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: صوت مزمار عند نعمة، وصوت رنة عند مصيبة" رنة أي النياح.

فالموسيقى حرام بهذه النصوص وغيرها من النصوص السنة، وبهذا فسر علماء الصحابة الآيات الخاصة بهذه المعصية؛ كقوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) [لقمان: 6].

قال بن عباس وابن مسعود وغيرهما من علماء الصحابة: لهو الحديث، هو الغناء، وهو أحد التفاسير في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) [الفرقان: 72].

وقد أجمعت المذاهب الأربعة على تحريم الموسيقى؛ قال الإمام ابن صلاح: "وأما إباحة هذا السماع وتحليله، فليعلم أن الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت، فاستماع ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين، ولم يثبت عند أحد ممن يعتد بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح هذا السماع".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "المعازف هي خمر النفوس، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس".

وكتب الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب أولاده: "ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم أن صوت المعازف واستماع الأغاني واللهج فيها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب على الماء".

أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين، وأن يثبت المهتدين؛ إنه رؤوف رحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.

وبعد:

أيها الإخوة: إن استحلال هذا النوع من أنواع اللهو المحرم له أثر على حفلات الزواج، حيث لا يكاد يخلو حفل زواج من نوع من أنواع الموسيقى والغناء، لاسيما في قسم النساء، ونحن نعلم أن الذي أباحه الإسلام للنساء في حفلة العرس من اللهو هو الضرب بالدف فقط، يصاحب ذلك النشيد النظيف الخالي من الآهات الحارة، وشعر الخلاعة والغزل.

أما ما جاوز ذلك فلا يجوز أن يسمع، ولا أن يقال؛ ففي المسند بسند صحيح عن محمد بن حافظ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فصل ما بين الحلال والحرام الصوت وضرب الدف" يريد الحث على إعلان النكاح وإشهاره في الناس بهذه الوسائل.

فالدف وحده هو المستثنى من المعازف لإظهار الفرح بين النساء والمناسبات المشهورة في ذلك الأعياد وأفراح الزواج، لكن ينبغي أن نضبط هذا اللهو.

يقول الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله-: "إن بعض الناس ليلة الزفاف يجمع المغنيات بأجور كثيرة ليغنين... والغناء ليلة الزفاف ليس بمنكر وإنما المنكر هو الغناء الهابط المثير للشهوة، الموجب للفتنة، وقد كان بعض المغنيات يأخذن بعض الأغاني المعروفة التي فيها إثارة للشهوات، وفيها إلهاب للغرام والمحبة والعشق، ثم إن هناك محظورا آخر، يصحب هذا الغناء، وهو ظهور أصوات النساء عالية في المكبر، فيسمع الرجال أصواتهن ونغماتهن، فيحصل بذلك الفتنة، لاسيما في هذه المناسبة، وربما حصل في ذلك إزعاج للجيران، لاسيما إن استمر ذلك إلى ساعة متأخرة من الليل، وعلاج هذا المنكر أن يقتصر النساء على الضرب بالدف، وهو المغطى بالجلد من جانب واحد، وعلى الأغاني التي تعبر عن الفرح والسرور دون استعمال مكبر الصوت، فإن الغناء في العرس والضرب عليه بالدف مما جاءت به السنة".

معاشر الإخوة: الزواج سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو إما مبارك، أو ممحوق البركة.

نسأل الله العافية والسلامة.

فحري بنا جميعا أن نحرص على أن يقام الزواج على تقوى من الله ورضوان، وأن يكون خاليا من المنكرات، وأن نعتاد على أن النصح لعامة المسلمين رجالا ونساء، فمتى ما رأينا فلنعتبر نصحنا لأصحاب الحفل، أو ضيوفه، ينطلق من حبنا لله -تعالى-، وحرصنا على نجاة ذلك المسلم، أو تلك المسلمة.

قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 71].

أسأل الله الهداية والرشد لنا ولجميع المسلمين.

اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين...