الحكم
كلمة (الحَكَم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعَل) كـ (بَطَل) وهي من...
العربية
المؤلف | محمد بن علي السعوي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الحكمة وتعليل أفعال الله |
أيها المسلمون: لقد نهى الله عن اقتراب الزنى والفواحش، وتعاطي أسبابها، والدنو من أبوابها؛ إذ يؤدي ذلك إلى تلطيخ الأحساب، واختلاط الأنساب، فلقد جعل الله وسائل تصرف عن الوقوع في الفحشاء والمنكر، فأمر بالغض من الأبصار، والذي هو وسيلة إلى حفظ الفروج، قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النــور: 30]. ونهى سبحانه وتعالى النساء عن...
الخطبة الأولى:
الحمد لله: (غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ)[غافر:3].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له: (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[التغابن: 1].
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلّم تسليماً.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى-، وانتهوا عما نُهيتم عنه؛ لتكونوا من المتقين الآمنين.
معشر المسلمين: يقول الله -تعالى- في كتابه المبين: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)[الأنعام: 151].
ومن الفواحش: الزنى، وعملُ قوم لوط، بدليل قوله تعالى: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً) [الإسراء: 32].
وقوله في عمل قوم لوط: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ) [النمل: 54)].
ولقد نهى الله عن القرب منها، وذلك بالبعد عن الوسائل الموصلةِ إليها، فهذه الفواحش محرمة، قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) [الأعراف: 33].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ؛ وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ" [رواه البخاري ومسلم].
والفواحش الظاهرة، هي: المعلنة، والباطنة، هي: التي تُعمل في السر، وكلاهما من الإثم الذي نُهي عنه، قال تعالى: (وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ)[الأنعام: 120].
قال قتادة -رحمه الله-: "أي علانيته وسره، وكثيره وقليله".
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن الإثم: "وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ"[رواه مسلم].
وقال بعض العلماء: "إن الإنسان إذا احترز عن المعصية في الظاهر، ولم يحترز عنها في الباطن، دل ذلك على أن احترازه عنها ليس لأجل عبودية الله وطاعته، ولكن لأجل الخوف من مذمّة الناس، فمن كانت مذمةُ الناس عنده أعظمَ من عقاب الله، فإنه يخشى عليه من النفاق".
أيها المسلمون: لقد نهى الله عن اقتراب الزنى والفواحش، وتعاطي أسبابها، والدنو من أبوابها؛ إذ يؤدي ذلك إلى تلطيخ الأحساب، واختلاط الأنساب، فلقد جعل الله وسائل تصرف عن الوقوع في الفحشاء والمنكر، فأمر بالغض من الأبصار، والذي هو وسيلة إلى حفظ الفروج، قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النــور: 30].
ونهى سبحانه وتعالى النساء عن إبداء الزينة لغير المحارم، فقال تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ...) إلى آخر الآيةِ في المحارم [النــور: 31].
ونهاهن سبحانه عن الخضوع في القول، فقال تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا) [الأحزاب: 32].
ولقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الخلوة والاختلاط، فقال فيما رواه البخاري ومسلم: "إياكم والدخول على النساء" فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت".
قال الليث بن سعد -رحمه الله-: "الحمو: أخ الزوج، وأقاربه؛ كابن العم، ونحوه".
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم" [رواه البخاري ومسلم].
وقال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: "لا تخلونّ بامرأة، ولو كنت تحفّظها القرآن الكريم".
واعلم -أيها المسلم-: أن القرب من الفواحش، أو الوقوع فيها يعتبر دَيْنَاً، ولا بد للدين من وفاء وجزاء، والجزاء من جنس العمل، قال تعالى: (مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) [النساء: 123].
فكما تدين تدان، إلا من تاب واتقى وحفظ نفسه، فاتق الله -أيها المسلم- واحفظ الله يحفظك.
نسأل الله -تعالى- العفو والعافية في الدنيا والآخرة، وأن يرزقنا خشيته في الغيب والشهادة، وأن يجنبنا الفواحش.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
الخطبة الثانية:
أيها المسلم: اعلم أن القرب من الفواحش أو الوقوع فيها يعتبر دَيْنَاً، ولا بد للدين من وفاء وجزاء، والجزاء من جنس العمل، قال تعالى: (مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) [النساء: 123].
فكما تدين تدان، إلا من تاب واتقى وحفظ نفسه، فاتق الله -أيها المسلم- واحفظ الله يحفظك.
أيها المسلمون: وعملُ قوم لوط لا يقل ضررًا عن الزنى، بل هو أفحشُ وأخبث، ولقد قصّ الله علينا فعلَ قوم لوط.
ولقد قرأت قصة؛ أن أحد الشباب ذهب إلى بعض الأماكن خارج هذه البلاد ووقع في الزنى، ثم بعد فترة تزوج، ولما لم تنجب زوجته أخذها إلى أحد الأطباء، فطلب الطبيب تحليل السائل المنوي لديه، وكانت النتيجة أن جميع الحيوانات المنوية ميّتة؛ لأن جراثيم مرض الزهري والسيلان قضى عليها، وأصبح العلاج معه لا يجدي.
ولهذا جاء التوجيه بفحص الرجل والمرأة الراغبين في الزواج قبل الدخول؛ تحسبا لما قد يحصل من أمراض وراثية، أو جنسية.
نسأل الله -تعالى- العفو والعافية في الدنيا والآخرة، وأن يرزقنا خشيته في الغيب والشهادة، وأن يجنبنا الفواحش.