البصير
(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...
العربية
المؤلف | علاء الخليدي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | السيرة النبوية |
ها أنتم ستسمعون اليوم -يا عباد الله-: أن الله -عز وجل- كيف انتقم ممن ظلم، أو سب، أو احتقر النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ وكيف أن الله عاجله بعقوبته في الدنيا قبل الآخرة؟. أقسم الله -عز وجل- بعمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)[الحجر: 72].ونادى جل جلاله الأنبياء والمرسلين كلهم بأسمائهم، لكنه لم يناد محمدا -صلى الله عليه وسلم- باسمه مجردا، ولو...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في سبيل ربه حق.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه، ومن اقتفى أثره واهتدى بهداه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
اعلموا: أنه ما قل وكفى خيرا مما كثر وألهى، وإنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.
فلنتق الله -عز وجل-: جميعنا حق التقوى، ولنعلم -يا عباد الله-: ان أجسادنا النحيلة الضعيفة على نار الله -جل جلاله- لا تقوى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا)[الطلاق: 5].
والله ما ذرأ الإله ولا برى خَلْقًا | ولا خُلُقًا كأحمد في الورى |
صلى عليه الله ما نجم سرى | أو لاح برق في الأباطح أو قبا |
صلى الله عليه في الأولين، وصلى الله عليه في الآخرين، وصلى الله عليه من يومنا هذا إلى يوم الدين.
أوليتني نعماً أبوء بشكرها | وكفيتني كلّ الأمور بأسرها |
فلأشكرنك ما حييتُ وإن أمُتْ | فلتشكرنك أعظُمي في رمسها |
إنه شكر الإله الكبير على نعمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، الصادق الأمين.
إنكم تعلمون علم يقين: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوذي، وأخرج من مكة أحب البقاع إلى قلبه، وفعلوا به الأفاعيل، كذبوه وأذوه وشتموه، بأبي وأمي عليه الصلاة والسلام، لكن الله أبى إلا أن ينتقم ممن ظلم وشتم النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)[الحجر: 95].
وقال الله -عز وجل-: (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) [الطور: 48].
وقال له الله -عز وجل-: (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) [التحريم: 4].
ها أنتم ستسمعون اليوم -يا عباد الله-: أن الله -عز وجل- كيف انتقم ممن ظلم، أو سب، أو احتقر النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ وكيف أن الله عاجله بعقوبته في الدنيا قبل الآخرة؟
.
أقسم الله -عز وجل- بعمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)[الحجر: 72].
ونادى جل جلاله الأنبياء والمرسلين كلهم بأسمائهم، لكنه لم يناد محمدا -صلى الله عليه وسلم- باسمه مجردا، ولو مرة واحدة عليه الصلاة والسلام.
نعم:
وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني | وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ |
خلقتَ مبرأً منْ كلّ عيبٍ | كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ |
وانسب إلى ذاتِهِ ما شئت من شَرَفٍ | وانسُبْ إلى قَدرِهِ ما شِئتَ مِنْ عِظَمِ |
وتولى الله -عز وجل- حمايته ورعاية وكفالته جل جلاله: (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) [الطور: 48].
تولى المدافعة عنه، والحماية له: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر: 95].
نعال نبينا والله أبهى | وأجمل من وجوه الكافرينا |
أحبابي: أنتم تعلمون أن من أشد المحاربين والمعادين للنبي -صلى الله عليه وسلم- أبو لهب الذي قال له حين جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- الناس: "تبا لك سائر اليوم؛ ألهذا جمعتنا؟!".
حفظها الله لهذا الهالك، ولم يمررها عليه، ولم تذهب هذه الكلمات سدى، حتى أصيب هذا الهالك في أواخر حياته بمرض خبيث، يسمى مرض: "العدسة" بسببه تباعد عنه بنوه، وبقى بعد موته ثلاث أيام جثة هامدة، لا يقرب جنازته، ولا يحاول أحد دفنه، فلما خاف أبناؤه من تركه، حفروا له حفرة بعيدة، وجعلوا يدحرونه بالعصي، أو وألقوه بالحجارة، حتى واروه بعيدا؛ كما ذكر ذلك الطبري في تاريخه.
هذا جزاء من عاد محمدا، هذا جزاء من سب محمدا، جعلوا عليه الحجر، ومن فوقه التراب من أجل أن لا تخرج رائحته الكريهة، هذا جزاء من عاد محمدا، وهذه عقوبة من سب محمدا -صلى الله عليه وسلم-.
فرعون هذه الأمة: أبو جهل من كبار المستهزئين بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لطالما استهزأ بالنبي –صلى الله عليه وسلم-، يسبه ويشتمه، ويحقره من شأنه عليه الصلاة والسلام: ماذا فعل الله بذلك الهالك؟
أذله أيما إذلال، ولقد فلق الله هامته بغلامين صغيرين من صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- حزا رأسه.
وكان من ضعاف المستضعفين عبد الله بن مسعود؛ قعد على هامة هذا الكافر، واحتزه، ثم أتى برأسه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، مبالغة في إذلاله.
هذا جزاء من حقر محمدا، وهذا جزاء من سب خير خلق الله أجمعين.
ما علموا أنه أغلى وأنقى من أرواحنا، بل أطهر من آبائنا وأمهاتنا.
حدثنا -أيها الخطيب-: عمن أذى النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
إنه الخبيث الذي تجرأ، وجعل سلا جزور الناقة على ظهره صلى الله عليه وسلم؛ إنه عقبة بن أبي معيط -عليه من الله ما يستحق-.
بينما الحبيب -صلى الله عليه وسلم- يصلي في جوف الكعبة؛ إذ جيء بسلا جزور، ووضعه هذا الشقي على ظهر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فجاءت ابنته فاطمة -رضي الله عنها- تجر خطاها، وترسل الدمع مدرارا؛ وتزيح الأذى عن ظهر أبيها صلى الله عليه وسلم، وهي تبكي.
وماذا صنع الله بهذا الكافر؟
يقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "فَوَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ".
قال صلى الله عليه وسلم: "وأتبع أصحاب القليب اللعنة" [رواه الإمام البخاري].
قتل هؤلاء الخبثاء يوم بدر شر قتلة، ثم وضعوا في قليب بدر، وأتبعوا: (فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ) [القصص: 42].
الأسود بن عبد يغوث: يمر على النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقف بين يديه مستهزءا، يقول له: "أما كلمك ربك من السماء اليوم يا محمد؟!".
يستهزئ به، بلى كلمه يا خبيث! وناداه باسمه عليه الصلاة والسلام! أليس هو حبيب رب العالمين؟! أليس هو سيد الأنبياء والمرسلين؟! أليس هو قائد الغر الميامين؟!
يقول له مستهزأ: "أما كلمك ربك من السماء اليوم يا محمد؟!".
فما أراك مؤهلا علينا؟! يقول هذا الكلام للنبي الأشرف.
هذا الخبيث أصيب بقروح في رأسه، ثم مات غير مأسوف عليه، هذا جزاء من سب محمدا، هذا جزاء من تطاول على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
العاص بن وائل السهمي: قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- لما مات ابنه القاسم: "إن محمدا أبتر".
بمعنى محمد لا يعيش له ولد، فأنزل الله -تعالى- تسلية للحبيب -عليه الصلاة والسلام-: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)[الكوثر: 1-3].
معاديك وحاسدك وحاقدك هو الأقطع هو الأبتر.
ولم يترك الله هذا الفاجر سدى، ولكنه أرى النبي -صلى الله عليه وسلم- مصرع موته، فقد أصيب العاص بن وائل السهمي بشوكة في رجله، فانتفخت رجله، كأنها عنق بعير، حتى مات منها.
انتبه إياك أن تسب محمدا، أو تشتم محمدا.
إياكم أيها الشيعة أيها الرافضة! إياكم يا أحفاد القردة والخنازير! أن تسبوا محمدا، أو تشتموا محمدا -صلى الله عليه وسلم-.
إن الذي يسب محمدا لا يدوم عمره، ويبتلى في جسده، ويمحقه الله في الآخرة، بنار: (تَلَظَّى * لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى)[الليل: 14-15].
من حماية الله للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ حتى الدواب والبهائم تدافع عنه صلى الله عليه وسلم، فهذا عتبة بن أبي لهب أبوه المستهزئ، ولا يخلف مستهزئ إلا مستهزءا.
ما تلك العصا إلا من تلك العصية | ولا تلد الحية إلا حية |
يقول لأبيه أبو لهب: يا أبي إني ذاهب إلى الشام، سأنطلق لأذية محمد -صلى الله عليه وسلم-، بئس الوالد وبئس الوالد، وبئس الولد يستأذن أباه في أذية النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذهب هذا الهالك، وما يدري ما هو العقاب الذي ينتظره في دنياه قبل أخراه!.
فلما وقف بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا محمد -هو يكفر-يعني نفسه- بالذي دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى" فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "اللهم سلط عليه كلب من كلابك".
يا الله جنى على نفسه! وأي حياة لهذا الشقي بعد أن دعا عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-؟!.
عاد إلى أبيه، وأخبره بما قال له النبي -صلى الله عليه سلم-، أتدرون ماذا قال أبو لهب لابنه عتبة؟
قال: "يا بني، والله ما آمن عليك دعاء محمد".
يعلمون: أن النبي – صلى الله عليه وسلم- مجاب الدعوة، فلما الإشراك به إذاً؟
يقول لابنه: "يا بني، والله ما آمن عليك دعاء محمد".
فخرجا في سفر لهما، وكان معهما جماعة، فتوسط وأظلمت عليهم السماء في أرض، فقال أبو لهب لمن كان حوله: "يا قوم أعلمتم ما كان من محمد مع ابني عتبة، وأخشى أن يسلط عليه كلب من كلابه".
قال: "اجمعوا متاعكم، واجعلوا عتبة في وسطكم، من أجل أن تحموه".
خيم الليل، ونام القوم، فجاء أسد، استجابة دعوة النبي -عليه الصلاة والسلام-، فجاء أسد يشم جبهة القوم، فكلما شم أحدا ليس عتبة أعرض ونأى بجانبه، من علم الأسد أن هذا عتبة؟!
إنها دراية السماء، وحكمة وخبرة رب الأرض والسماء، لنصرته صلى الله عليه وسلم.
حتى وصل إلى متاعه فشم المتاع، ثم خلص إلى رأس عتبة، ففسخه، حتى فصل هامته، غير مأسوف عليه، ومات عتبة، وكان من الهالكين.
إنه النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر: 95].
(فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) [الطور: 48].
(وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة: 67].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم الجليل الكريم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إنعامه، والشكر له على تفضله وامتنانه، وصلى اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وإخوانه.
جل الذي بعث النبي رحيما | إلى الأنام محمدا وكريما |
يا أيها الراجون منه شفاعة | صلوا عليه وسلموا تسليما |
من حماية الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: ينطق الله -عز وجل- له الصامت: زينب بنت الحارث اليهودية دعت النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى شاة مسمومة، شوت الشاة، ودست السم فيها، أخذ عليه الصلاة والسلام مضغة منها، ثم لاكها، ولم يسغها، ثم قال: "إن هذا العظم يخبرني أنه مسموم" صلى عليه الله وسلم، ما دامت الأرض، وما دام السماء.
من صور حمايته الله له صلى الله عليه وسلم: أن الله يصرف عنه الذم، أي شتم قريش، يقول صلى الله عليه وسلم: "يَا عِبَادَ اللَّهِ: انْظُرُوا كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتَمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ، إِنَّهُمْ يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّدٌ".
وهذا من توفيق الله للنبي –صلى الله عليه وسلم-: ما يشتمون محمدا يشتمون مذمما، يقول له: "يا مذمم" لا يقول له: يا محمد.
ألا ترون كيف أن الله يصرف شتم قريش ولعنهم عني" قالوا: كيف؟ قال: "يشتمون مذمما وأنا محمد".
شَتَمُوا النَّبيَّ مُحَمَّدَا | فِيمَا مَضَى وَ مُجَدَّدَا |
مَكَرُوا بهِ وَاسْتَهْزَؤوا | وَلِسَانُ كُفْرِهِمُ اعْتَدَى |
هَذَا لِسَانٌ مَاجنٌ | وَمِنَ الْحَيَاءِ تَجَرَّدَا |
وَالإفْكُ فِيهِ سَجيَّةٌ | وَبفِيهِ حِقْدٌ قَدْ بَدَا |
مَنْ يَنْصُرَنَّ رَسُولَنَا | وَ يَسُدُّ أَفْوَاهَ الْعِدَى |
وَيَجُزُّ أَلْسِنَةً جَنَتْ | جُرْمًا عَظِيمًا أَسْوَدَا؟ |
حتى الجن دافعوا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: أن الجنّ الذين آمنوا به، كانت تقصد من سبّه من الجنّ الكفار فتقتله، فيقرها على ذلك، ويشكر لها ذلك!.
ونقل عن أصحاب المغازي: أن هاتفاً هتف على جبل أبي قبيسٍ بشعرٍ فيه تعريضٌ بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فما مرتْ ثلاثة أيامٍ حتى هتف هاتف على الجبل، يقولُ:
نحن قتلنا في ثلاثٍ مِسعرا | إذ سفّه الحقّ وسنَّ المنكرا |
قنّعتُهُ سيفاً حساماً مبترا | بشتمه نبيّنا المطهّرا |
ومسعرٌ كما في الخبر اسمُ الجنيّ الذي هجا النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
إحباط العمل للذي يرفع صوته عند النبي -عليه الصلاة والسلام-، يحبط عملك إذا رفعت صوتك في حضرته عليه الصلاة والسلام، فكيف بمن سبه وشتمه وأذاه عليه الصلاة والسلام؟!
النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يستهزئ به، ولا يرفع صوت عنده، حتى بعد موته، فإذا وقفت عند قبره؛ فقف متأدبا، ثم سلم عليه بصوت هادئ، فإن الله يرسل سلامك وتحيتك إليه عليه الصلاة والسلام؛ قال الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ)[الحجرات: 2].
ما العقوبة؟ ما الجزاء؟
قال: (أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ)[الحجرات: 2].
هذا نبيكم، هذا قائدكم، هذا أسوتكم صلى الله عليه وسلم، انصروه بإتباع سنته، واقتفاء أثره، فالحب كل الحب في اتباعه، ولا يحب الله إلا باتباع النبي -صلى الله عليه وسلم-.
اللهم صل على حبيبنا في الأولين، وصل على حبيبنا في الآخرين، وصلى على قدوتنا من يومنا هذا إلى يوم الدين...