المبين
كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...
العربية
المؤلف | عبد العزيز بن عبد الله السويدان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب |
معاشر الإخوة: الأمن نعمة عظيمة، عظيمة جدا، لا يعرف قدرها ويدرك قيمتها إلا من فقدها. والأمن ضرورة، ففي ظل الأمن والأمان فقط تطمئن النفوس، وتحلو العبادة، ويصير النوم سباتا، والطعام هنيئا، والشراب مرئيا، ويسعد الإنسان. وكذلك فيما يتعلق بالتنمية، التنمية الاقتصادية، والعلمية، والصناعية. الأمن عماد...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
(لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)[قريش: 1-4].
يخطئ كثير من الناس حين يعرفون الأمن؛ لأنهم يقصرونه على جانب من جوانبه، وينسون الجوانب الأخرى الكثيرة.
الأمن في الظاهر أنواع، هناك أمن نظامي، وهناك أمن نفسي، وهناك أمن عاطفي، وأمن اجتماعي، وأمن فكري، وغذائي، ومالي، إلى آخره..
الأمن له عدة مظاهر، ولكن له باطن واحد فقط، هو أمن نفسي.
والواقع أن حقيقة الأمن الظاهر غير مؤكدة، المظاهر تغر العين أحيانا، عوامل أمن عديدة ترى هنا، وهناك حصون، جيوش، شرط، حرس، عربات حماية، رخاء، لكن هل تحقق بهذه الشكليات الأمن كاملا على الحقيقة؟ هل سكنت النفس ذلك الأمن بهذه الشكليات؟ هو الشكل الظاهر فحسب، قد يتحقق معه الأمن، وقد لا يتحقق.
أما الأمن الباطن، فيقيني بلا شك؛ لأن الأمن في الأصل شعور نفسي يحتاجه النفس، فإذا النفس اطمأنت وسكنت، وزالت عنها كل مشاعر الخوف، فقد تحقق الأمن لدى الإنسان قطعا.
معاشر الإخوة: الأمن نعمة عظيمة، عظيمة جدا، لا يعرف قدرها ويدرك قيمتها إلا من فقدها.
والأمن ضرورة، ففي ظل الأمن والأمان فقط تطمئن النفوس، وتحلو العبادة، ويصير النوم سباتا، والطعام هنيئا، والشراب مرئيا، ويسعد الإنسان.
وكذلك فيما يتعلق بالتنمية، التنمية الاقتصادية، والعلمية، والصناعية.
الأمن عماد أساس للتنمية، والرخاء في كل بلد، وهو هدف منشود لكل المجتمعات على اختلاف مشاهدهم.
والأمن عند المؤمن بالذات له معنى يجسد القناعة والرضا، هكذا علمنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- حين قال من حديث أبي محصن في صحيح الترغيب: "من أصبحَ منكم مُعافى في جسدِهِ؛ آمنًا في سِرْبِهِ، عندَه قُوتُ يومِه، فكأنَّما حِيزَتْ لهُ الدنيا بحذافيرِها".
قال: "من أصبح آمنا في سربه" جعل الأمن؛ أول شروط حيازة الدنيا كلها، وهو كذلك؛ لأنه إذا نعدم الأمن، فلن يتلذذ الإنسان بملذات الدنيا، ولو كانت كلها بين يديه.
والأمن كان محل جدال الأنبياء مع أقوامهم، فهذا أبو الأنبياء إبراهيم الخليل -عليه السلام- يحكي لنا القرآن مشهدا من مشاهد جداله مع قومه، قال تعالى: (وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ)[الأنعام: 80].
خوفوه بكثرة آلهتم، فاستنكر عليهم، آلهتم لا تسمع ولا تبصر، ولا تنفع ولا تضر، فالمؤمن آمن منها؛ لأنها جماد مهما خوفه المشركون لن يخاف منها، فلا أمن إلا من الله، وعند الله، ولا يتحصل الأمن إلا بتوحيده جل وعلا: (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)[الأنعام: 81-82].
الظلم هنا الشرك، أي الفريقين أحق بالأمن؟ المؤمن الموحد، المشرك؟
الموحد؛ لأن الله -تعالى- لا يهب الأمن للمشرك، وإنما هو غرور زائل، ومتاع قليل.
إذ الأمن لا يقف عند الدنيا، بل هو متصل بالآخرة، ولذلك تأمن الروح المؤمنة الموحدة، وتطمئن عند الموت، حين لا يطمئن غيرها من النفوس.
تطمئن إذا خرجت من جسد صاحبها، قال تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) [الفجر: 27-30].
نسأل الله حسن الخاتمة.
والله لن ينعم العالم كله بالأمن الحقيقي إلا إذا وحد الله، وآمن بالإسلام.
أما الكفر، فلا يأتي إلا بالخوف والقلق والوحشة.
ولذلك ضرب الله -تعالى- المثل قائلا: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ)[النحل: 112].
نبه سبحانه: أنه قد أنعم عليهم نعما دنيوية لفترة من الزمان يقدرها سبحانه، فجحدوها، وبدلوا نعمة الله كفرا، والكفر عاقبته في نهاية المطاف وخيمة، العاقبة موعد محدود لا يعلمه إلا الله، قال تعالى: (فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا)[مريم: 84].
(فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ)[الأحقاف: 35].
لا تستعجل لهم.
وقال تعالى: (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا)[الكهف: 59].
هناك موعد مع الأمم الكافرة مع الخوف والهلع لا يعلمه إلا الله، قد يطول، بل قد يستغرق أجيالا، علمه وموعده عند رب العباد، وستظل قلوبهم في قلق ولو ظهرت معالم الأمن لديهم في الخارج.
وعلى كل حال نحن في الحقيقة نبحث عن الأمن الباطن، الأمن الذي يجعل النفس سعيدة مطمئنة مهما كانت الظروف قاسية، هذا ما نبحث عنه في المقام الأول، نبحث عن حالة للنفس، لا يستمر معها الخوف، ولا يطول معها القلق، وإنما الخوف في عالمها حالة طارئة ينتابها أحيانا، ثم يزول عنها، بدوام التوكل، والذكر والاستغفار، ويحل محل الخوف الأمن.
وكلما زاد الإيمان واكتمل، كلما اكتمل الأمن في القلب؛ كما حصل لشيخ الإسلام بن تيمية، قال ابن القيم في كتابه: "الكلم الطيب": "سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة".
ما هي الجنة؟
ذكر الله الذي تطمئن بها القلوب، وتزول عنه المعيشة الضنك: (أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا)[طه: 124].
قال: وقال لي مرة لما أدخلوه سجن القلعة، قال: "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أينما رحت فهي معي، لا يفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة".
وقال لي مرة: "المحبوس من حبس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه".
وكان يقول في محبسه في القلعة: "لو بذلت ملء هذه القاعة ذهبا ما عدل عندي شكر هذه النعمة، أو قال ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير".
إذ خلا بربه رحمه الله، وجعل يذكر الله -عز وجل- ذكرا كثيرا، فأحس بالسعادة داخل السجن، ما لم يحس بها خارجه.
قال ابن القيم: "وعلم الله ما رأيت أحدا أطيب عيشا منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش، وخلاف الرفاهية والنعيم، بل ضدها، وما كان فيه من الحبس والتهديد والإرجاف، وهو مع ذلك أطيب الناس عيشا، وأشرحهم صدرا، وأقواهم قلبا، وأسراهم نفسا، تروح نضرة النعيم على وجهه".
وقال: "وكنا إذا اشتد بنا الخوف -لاحظ- وساءت منا الظنون، وضاقت بنا الأرض، أتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه، فيذهب ذلك كله، وينقلب انشراحا وقوة ويقينا وطمأنينة".
قال: "فسبحان من أشهد عباده جنته، قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل، فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها".
إذاً، فالخوف ينتاب المؤمن نعم، لكنه لا يدوم في قلبه، ولذلك قال تعالى في حق المؤمنين: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)[البقرة: 155-157].
قال: (بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ) سيمر عليكم شيء من الخوف امتحانا لكم، وتمحيصا لإيمانكم وصبركم.
أيها الإخوة: الأمن شعور، والمشاعر مكانها القلب، والقلب يملكه الرب -سبحانه-، يقلبه، يثبته، يهديه، يزيغه، يبث فيه الأمن، قال سبحانه: (وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ)[الأنفال: 11].
وكذلك يقذف فيه الرعب، قال تعالى: (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ)[الحشر: 2].
القلب بيد الرحمن، فما لم تسلم قلبك لله -تعالى- نقيا صافيا، فلن تحس بالأمن والأمان.
ما لم تصلح ما بينك وبينه جل وعلا فلن تطمئن نفسك.
وينبغي التنبه إلى أن هناك عارضا بين أن يجتمع في قلب المؤمن خوف من الله -جل وعلا-، وشعور بالأمن في آن واحد.
الخوف من الله مقترن بمحبته ورجائه، واليقين بعدله وكرمه، ولذلك ما كان الفرار منه إلا إليه: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ)[الذاريات: 50].
وقال صلى الله عليه وسلم في دعائه: "لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك"
وأثنى الله على من كانوا مشفقين في الدنيا: (قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ)[الطور: 26-27].
فالخوف من الله أمن، أمن من عقوبته، أمن من مكره -نسأل الله السلامة-.
أما الأمن الكامل الذي لا خوف بعده أبدا، فإنه في الجنة، في الجنة لا خوف إطلاقا، يقول سبحانه: (ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ)[الأعراف: 49].
وقال تعالى: (يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ)[الزخرف: 68].
وقال تعالى: (ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ)[الحجر: 46].
نسأل الله من فضله.
ولذلك قيل: إن الخوف من الله في الدنيا هو الشوق الذي يشوق النفس إلى الله، ودار السلام الجنة، وبدونه تركن النفس إلى الدعة، وترك العمل؛ اتكالا على عفو الله ورحمته، فإن الآمن من الله في الغالب لا يعمل، ولن يجتهد في العمل، إلا من أقلقه الخوف وأزعجه.
ولهذا قال السلف: "خوف سوط الله يقوم به الشاردين عن بابه".
قالوا: "ما فارق الخوف قلبا إلا خرب".
صح في الجامع من حديث شداد بن أوس قوله صلى الله عليه وسلم: " قال الله -تعالى-: وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي أمنين، ولا خوفين، إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي".
نسأل الله أن يأمننا.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه؛ أنه هو الغفور الرحيم..
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وصحبه أجمعين، وعلى من سار على نهجه، واستن بسنته، إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الكلام عن فروع الأمن يطول، الأمن الفكري، والسياسي، والغذائي، وغيرها من الفروع، لكن القرآن يحكي سبيلا للوصول للأمن، لا يدركه إلا المؤمنون، قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا)[النور: 55].
الوعد له شرط، قال: (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
قال: (وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا)[النور: 55].
متى يكون ذلك؟
يكون حين يعبدون الله لا يشركون به شيئا: (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا).
من أنواع الشرك العديدة.
توحيد الله بالعبادة، هو سبيل الوصول للأمن في الآية واضح.
ولذلك نرى العالم اليوم غائبا عن هذه الحقيقة، نراه يتخبط لتحصيل الأمن، يتخبط تخبطا ذريعا، لتحصيل الأمن، وينفق آلاف آلاف المليارات من غير جدوى حاسمة، بينما السبيل واضح ويسير، قال تعالى كما ذكرنا في مبدأ هذه الخطبة في قريش: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) [قريش:3-4].
يعبدوه لا يشركون به شيئا، سبيلا ذكرها القرآن بوضوح، فمن يستجيب لهذه السبيل؟!
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.
اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا...