القريب
كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...
العربية
المؤلف | الشيخ د عبدالرحمن السديس |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الحج |
لقد آنَ لنا -معشر المسلمين- أن نأخذ من هذا التجمُّع الإسلاميِّ العظيم الدروسَ والعِبَرَ في الوحدة والتضامُن، والبُعد عن الفُرقة والتعصُّب، والتشاحُن والتحزُّب، وتجاهُل الإشاعات، والتصدِّي للمقولات الكاذِبات.. لتكُن الانطِلاقةُ لحلِّ مشكلات الأمة المُتأزِّمة ضعفًا وانقِسامًا، فُرقةً واختِلافًا من هذا المكان المُبارَك؛ مهبِط الوحي، ومنبَع الرسالة الذي انطلَقَت منه عقيدةُ التوحيد، ودعوةُ الإسلام، ورسالةُ الخير والسلام لتعُمَّ الأصقاع والأنام. وبذلك تتحقَّقُ أكبرُ منافع الحجِّ؛ حيث الاعتِصام بالكتاب والسنَّة، فهما أكبرُ منَّةٍ وأعظمُ جُنَّة.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونُثنِي عليه الخيرَ كلَّه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فضَّل أزمنةً واجتبَى أمكنةً وأمصارًا، وخصَّها بمزيد الفضل اصطفاءً وإيثارًا، وجعلها مناطَ الأجر والمثوبة رحمةً واستِبشارًا، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه فرَّق الله به بين الناس مُتقينَ وفُجَّارًا، فاللهم صلِّ عليه وعلى آله الساطِعين في سماء الدنيا أقمارًا، وصحابتِه الكرامِ الأبرار، والتابِعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ ما تعاقبَ الملَوان ليلاً ونهارًا، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتقوا الله - عباد الله -، واعلموا أن تقواه - تبارك وتعالى- هي السراجُ الهادِي لمن كان مسؤولاً، والمِعراجُ السنِيُّ لمن رامَ من العَلياءِ وُصولاً.
وأهلُ التُّقَى في عزٍّ ومفخرةٍ | من جدَّ في السيرِ يُدرِك ما تمنَّاه |
فحيِّي الخِصالَ مع التقوى إذا اجتمعَت | ذاكَ الجمالُ الذي قد سرَّ مرآه |
أيها المسلمون: في يَهماء الفتن المُدلهمَّة، وصَحماء التحديات المُحدِقة بالأمة، تشتاقُ النفوسُ إلى إشراقات الطُّمأنينة، وبشائر الانبِلاج والسَّكينة، وتتطلَّعُ الأرواحُ إلى أرَجِ الرحمات المُسرِّيَات، وعبَقِ النَّفَحات المُسلِّيَات.
وفي هذه الأيام المُبارَكة تشرئِبُّ الأعناق، وتنجذِبُ القلوبُ من جميع الآفاق؛ حيث قوافِلُ حُجَّاج بيت الله الحرام، ومواكِبُ الحَجيج تؤُمُّ هذه البُقعة الشريفة التي هيَّأها الله لعباده، واختارَها لتكون محلاًّ للمناسِك .. فأهلاً ومرحبًا بك - أيها الناسِك -، في خير البِقاع وأشرَف المسالِك.
مكَّة المكرَّمة .. مهدُ الدين والإسلام .. ومبعَثُ الأنبياء والمُرسَلين الكِرام .. وموئِلُ الإجلال والإعظام على مرِّ الدُّهور وكرِّ الأعوام.
اصطفَاها الرحمن، وتنزَّل في جنَبَاتها القرآن .. وفيها وُلد ونشَأَ وبُعِثَ سيِّدُ الأنام .. عليه أفضلُ الصلاة وأزكَى السلام.
كلُّ البلاد وإن جلَّت محاسِنُها | عقدٌ فريدتُه بمكَّة قد وُضِعَت |
تسعَى إليها القوافِي السائِراتُ | وتهفُو إلى الكعبة الحُجَّاجُ ما انقطَعَت |
معاشر المسلمين: لقد خصَّ المولى -تبارك وتعالى- بلادَ الحرمين الشريفين بفضائل جليلة، وخصائِص كريمةٍ جَزيلة، منها: أن فيها أولَ بيتٍ وُضِع للناس لعبادة الله تعالى، فهو رمزُ التوحيد والوحدة، والشعائِر والمشاعِر، والأمن والأمان.
ومنها: أن الله - سبحانه - جعل البيتَ الحرام مُباركًا وهُدًى للعالمين، فمن واسِع كرمِ الباري - جل وعلا - أن جعل الصلاةَ فيه مُضاعفةً على غيرِه من المساجِد، وهذا على قولِ المُحقِّقين من أهل العلم يعُمُّ الصلاةَ في جميع حُدود الحرَم كلِّها.
الله أكبر .. يا له من كرمٍ ربَّانيٍّ عظيم .. ومنٍّ إلهيٍّ كريم خصَّ به بيتَه الحرام.
إذا عاينَتهُ العينُ زالَ ظلامُها | وزالَ عن القلبِ الكئيبِ التألُّمُ |
فلا يعرِفُ الطرفُ المُعايِنُ حُسنَه | إلى أن يعودَ الطرفُ والشوقُ أعظمُ |
فمن أجل ذا كلُّ القلوب تُحبُّه | وتصدَعُ إجلالاً له وتُعظِّمُ |
معاشر المؤمنين: لقد جعل الله الكعبةَ المُعظَّمة قبلةً مُيمَّمةً للمُسلمين جميعًا أحياءً وأمواتًا، (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ) [المائدة: 97].
وهذا وجهٌ من كونه هُدًى للعالمين.
ووجهٌ آخر: تلك الدعواتُ المُبارَكات .. والرجاءاتُ الخالِدات التي ضرعَ بها خليلُ الرحمن - عليه السلام - إلى المولى -تبارك وتعالى-: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) [إبراهيم: 35].
فتحقيقُ التوحيد الخالِصِ لله -تبارك وتعالى- وتجريدُه عن الشُّبُهات والشوائِبِ والمُحدثَات أهمُّ ما يجِبُ على قُصَّاد البلد الأمين تحقيقُه وإقامتُه عند الكعبة المُشرَّفة، وفي سائر الأوطان. وهذه أعظمُ هداية، وأنبلُ غاية تتحقَّقُ في ظلِّ البيت العتيق، وفي وَريف الأمن المَديد الذي تنعَمُ به بلادُ الحرمين الشريفين .. فهي قُنَّةُ الأمن والأمان.
وفي هذا العصر عصر التسافُك والاحتِراب، والتطاحُن والاضطراب، والعُنف والإرهاب، والذاتية الوحشيَّة، والإبادة العِرقيَّة، نراها آمنة مُطمئنَّة، (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا) [البقرة: 125].
وجلَّى ذلك المُصطفى -عليه الصلاة والسلام- فقال: «إن هذا البلد حرَّمه الله يوم خلقَ السماوات والأرض، فهو حرامٌ بحُرمة الله إلى يوم القيامة»؛ متفق عليه.
إخوة التوحيد .. حُجَّاج بيت الله الحرام: الحجُّ عبادةٌ من أعظم العبادات، له من الشروط والأركان والواجِبات ما يجبُ على كل من أمَّ هذا البيتَ أن يعلمَها ليعملَ بها، فيُقبَل حجُّه عند الله -تبارك وتعالى-.
في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أنه قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من حجَّ لله فلم يرفُث ولم يفسُق رجعَ كيوم ولدَتْه أمُّه».
وعند الرُّكن تنحسِرُ الخطايا | مُلملِمةً جوانِحَها انهِزامًا |
ففي رُكن الحَطيمِ له ائتِلاقٌ | إذا رامَ الحَجيجُ له استِلامًا |
كما له من المقاصِد والمنافِع والحِكَم والآداب ما ينبغي لكل حاجٍّ أن يستشعِرَه؛ ليحصُلَ له برُّ الحجِّ، ويعودَ بشيءٍ من منافعِه وآثارِه؛ فأهمُّ المقاصِد والغايات، وأعظمُ الحِكَم والواجِبات: أن يكون الحجُّ مُنطلَقًا للتوحيد الخالصِ لله وحدَه، فلا أندادَ ولا شُركاء، ولا شُفعاء ولا نُظَراء، لا تعلُّق إلا بالله وحدَه استِسلامًا له، وانقِيادًا لأمره -سبحانه-، لا مجالَ فيه للشِّعارات الحِزبيَّة، والتجمُّعات الطائفية، والاستِقطابات السياسية؛ بل فيه براءةٌ من كل مبدأٍ يُخالفُ نهجَ الكتاب والسنة، ومن كل عقيدةٍ لم يكن عليها سلَفُ هذه الأمة.
لقد آنَ لنا -معشر المسلمين- أن نأخذ من هذا التجمُّع الإسلاميِّ العظيم الدروسَ والعِبَرَ في الوحدة والتضامُن، والبُعد عن الفُرقة والتعصُّب، والتشاحُن والتحزُّب، وتجاهُل الإشاعات، والتصدِّي للمقولات الكاذِبات.
لتكُن الانطِلاقةُ لحلِّ مشكلات الأمة المُتأزِّمة ضعفًا وانقِسامًا، فُرقةً واختِلافًا من هذا المكان المُبارَك؛ مهبِط الوحي، ومنبَع الرسالة الذي انطلَقَت منه عقيدةُ التوحيد، ودعوةُ الإسلام، ورسالةُ الخير والسلام لتعُمَّ الأصقاع والأنام. وبذلك تتحقَّقُ أكبرُ منافع الحجِّ؛ حيث الاعتِصام بالكتاب والسنَّة، فهما أكبرُ منَّةٍ وأعظمُ جُنَّة.
والتحلِّي بالوسطيَّة والاعتِدال، وتعزيزُ الأمن بكل صُوره وأشكالِه، ونشرُ المحبَّة والتسامُح والمودَّة، والرحمة والأُخُوَّة، بعيدًا عن الغلُوِّ والتشدُّد، والإيذاء والمُزاحمَة، والحقدِ والكراهية.
وهنا تعظُمُ مسؤوليةُ القادة والعلماء في تحقيق هذه المنافع العظيمة، ولاسيَّما في تحقيق كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة، والانتِصار لقضايا أمَّتنا الإسلامية، لاسيَّما قضيةُ فلسطين والمسجد الأقصَى المُبارَك، وكذا بلادُ الشام والرافِدَين، وانتِشالِها من أوحال الظُّلم والفساد والإرهاب.
أمة الإسلام: الحجُّ عبادةٌ شرعيَّة، وقِيَمٌ حضاريَّة، ليس مكانًا للمُظاهرات، أو المسيرات والتجمُّعات، أو المُناظَرات والمُساجَلات، أو الجِدال والمُلاسَنات؛ بل ترتيلٌ ودعاء، وذِكرٌ ونِداء، وخشوعٌ ورجاء، وابتِهالٌ مُصعَّدٌ في حرارةٍ من الأحناء، وتوبةٌ وثناء؛ بلْهَ نظامٌ كامل، ومنهَجٌ شامل، وعبادةٌ خالِصة. وهذا أرَجٌ من بركاته وهداياته.
فاللهم زِد بيتَك هذا تعظيمًا وتشريفًا وتكريمًا ومهابةً، وزِد من عظَّمَه وشرَّفَه ممن حجَّه واعتمَرَه تعظيمًا وتشريفًا وتكريمًا ومهابةً برًّا.
اللهم تقبَّل من حُجَّاج بيتِك الحرام حجَّهم، واجعل حجَّهم مبرورًا، وسعيَهم مشكورًا، وذنبَهم مغفورًا، وأعِدهم إلى بلادِهم سالِمين غانِمين، مأجورين غيرَ مأزَورين.
أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[آل عمران: 96، 97].
بارَك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفَعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحِكمة، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل خطيئةٍ وإثمٍ، فاستغفِرُوه وتوبُوا إليه، إنه كان توابًا رحيمًا.
الخطبة الثانية
اللهم ذي الطَّول نعمًا وامتِنانًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أفاضَ علينا من جزيلِ آلائِه أمنًا وإيمانًا، وأسبغَ علينا من كريمِ ألطافِه منًّا وإحسانًا، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آلهِ وصحبِه والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله - عباد الله -، وأدُّوا مناسِكَكم على وفق سُنَّة الحبيب المُصطفى - صلى الله عليه وسلم - القائل: «خُذوا عنِّي مناسِكَكم».
حُجَّاج بيت الله الحرام: اشكُروا اللهَ - عز وجل - على ما منَّ به عليكم من الوُصول إلى هذه البِقاع الشريفة؛ فلقد حظِيَ الحرَمَان الشريفان منذ قديمِ الدَّهر بالعناية والرِّعايَة، غيرَ أنهما لم يحظَيَا عبرَ التأريخ بمثلِ ما نالاه في هذه الآونة المُعاصِرة من فائِق العناية، وبالِغ الرِّعاية.
وأسطعُ البراهين الناطِقة، والأدلة العابِقة: تلك التوسِعات المعماريَّة التأريخية الباهِرة الأخَّاذة، التي تُعدُّ مفخرةً لكل مسلم، وإشراقةً ساطِعةً في جَبين التأريخ؛ خدمةً للبيت الحرام، ومسجِد المُصطفى - عليه الصلاة والسلام -، وابتِغاءً لراحة ضُيوف الرحمن، وتمكينِهم من عباداتهم وطاعتهم ومناسِكهم، عبرَ أجواءٍ مُفعمَةٍ باليُسر والطُّمأنينة، والسهولةِ والسَّكينة.
فمن رامَها بسُوءٍ هلكَ دونَ مرامِه، لا مجالَ ولا حظَّ للنَّيلِ منهما، أو المُساوَمة والمُزايَدة عليهما، بلد الله الحرام، وطَيبة الطيِّبة مأرِز الإيمان.
مُهاجَر المُصطفى الهادِي ومضجعِه | ومعقِل الشُّمِّ إن أنفُ الوَطيسِ حمِي |
وإن على الأمة الإسلامية أن تكون مُدرِكةً واعيةً لحمَلات استِهدافها، من دُعاة الفتنة، ومن وسائلِ إعلامٍ مُعادِية، تتَّهمُ هذه التوسِعات المُبارَكة بهدمِ الآثار الإسلامية، أو تُشنشِنُ حولَ نقلِ قبرِ المُصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وكلُّها مزاعِمُ وافتِراءات، وشائِعات واختِلاقات، لا يُصغِي لها من له أدنَى أثارةٍ من علمٍ، أو مُسكةٍ من عقل.
ألا فليطمئنَّ المُسلِمون جميعًا أن سُنَّةَ الله وآياته الكونية والشرعية مضَت وقضَت بحفظِ بيتِه الحرام، ومسجِد المُصطفى - عليه الصلاة والسلام -، وحُجراته الشريفة من كل ما يُثارُ ويُشاع، تحقيقًا لقولِه - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبَد»؛ أخرجه أحمد في "المسند".
فأجابَ ربُّ العالمين دُعاءَه | وأحاطَه بثلاثةِ الجُدرانِ |
حتى اغتدَت أرجاؤُه بدُعائِه | في عزَّةٍ وحمايةٍ وصِيانِ |
مما يتطلَّبُ من الجميع توخِّي الدِّقَّة والتثبُّت والحِكمة، وعدم الإصغاء للشائِعات والمُزايَدات، والحذَرَ من الدِّعايات المسمومة، والحمَلات الموهومة، خاصَّةً فيما يتعلَّقُ بالحرمَين الشريفَين وشُؤونِهما وأمنِهما.
فلا نُعطِي للفِرَى آذانًا، ولا لآسِنِ المقولاتِ اهتِمامًا، ولكي نُحقِّق الموسِم المُتميِّزَ التامَّ لا بُدَّ من التِزامِ الأمن والسلامة والنِّظام، والتعاوُن مع رِجال أمنِنا البواسِل، والعامِلين في خدمةِ الحرمَين الشريفَين، المُجنَّدِين لخدمةِ ضُيوفِ الرحمن.
فجزَى الله قادةَ هذه البلاد المُبارَكة - بلاد التوحيد والسنَّة - خيرَ الجزاء، وأثابَ خادمَ الحرمَين الشريفين خيرًا على تلك الجُهود المُسدَّدة، في خدمةِ الحرمَين الشريفَين وقاصِديهما، وعلى ما قدَّم ويُقدِّمُ للإسلام والمُسلمين، جعلها الله في موازِين أعمالِه الصالِحة.
كم من يدٍ بيضاءَ قد أسدَيتَها | تثنِي إليك عِنانَ كل وِدادِ |
شكرَ الإلهُ صنائِعًا أولَيتَها | سُلِكَت مع الأرواحِ في الأجسادِ |
هذا وصلُّوا وسلِّموا -رحمكم الله- على الهادي البشير، والسِّراج المُنير، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبير، فقال تعالى قولاً كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
يا ربِّ صلِّ عليه وسلِّم كلما لمَعَت | كواكِبٌ في ظلامِ الليلِ والسَّحَرِ |
وآلهِ وجميعِ الصحبِ قاطِبةً | الحائِزينَ بفضلٍ أحسنَ السِّيَرِ |
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على الرحمة المُسداة، والنعمة المُهداة: نبيِّنا محمدِ بن عبد الله، وارضَ اللهم عن خلفائِه الراشدين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتِك يا أرحمَ الراحِمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وسلِّم الحُجَّاج والمُعتمِرين، وسلِّم الحُجَّاج والمُعتمِرين، واجعل هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا، سخاءً رخاءً، وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح ووفِّق واحفَظ أئمَّتنا ووُلاةَ أمورنا، وأيِّد بالحقِّ إمامَنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّقه ونائبَيه وإخوانَه وأعوانَه إلى ما فيه عزُّ الإسلام وصلاحُ المُسلمين.
اللهم وفِّق جميع وُلاة أمر المسلمين لتحكيم شرعِك، واتِّباع كتابِك وسُنَّة نبيِّك - صلى الله عليه وسلم -، اللهم اجعلهم رحمةً على عبادِك المُؤمنين.
اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم كُن لإخواننا في فلسطين والأقصَى، اللهم أنقِذ المسجِد الأقصَى من براثِن اليهود المُعتدِين المُحتلِّين يا رب العالمين، اللهم اجعله شامِخًا عزيزًا إلى يوم الدين.
اللهم كُن لإخواننا في سُوريا وفي العراق، اللهم أنقِذهم من الظُّلم والطُّغيان والإرهاب يا رب العالمين.
اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين في كل مكان، وهيِّئ لهم من أمرهم رشَدًا يا ذا الجلال والإكرام، اللهم كُن لإخواننا المُستضعَفين في دينِهم في كل مكان، أصلِح أحوالَهم، واحقِن دماءَهم، وتولَّ أمرَهم يا رب العالمين.
اللهم وفِّق رِجالَ أمننا، اللهم اجزِهم خيرًا على ما قدَّموا ويُقدِّمون لحفظِ أمنِ بيتِك الحرام، ومسجِد رسولِك - صلى الله عليه وسلم -، والقادِمين للحرمَين الشريفَين، اللهم وفِّق جميعَ العامِلين في خدمةِ الحرمَين الشريفَين، وأجزِل لهم الأجرَ والمثوبةَ يا ذا الجلال والإكرام.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].
ربَّنا تقبَّل منا إنك أنت السميعُ العليم، وتُب علينا إنك أنت التوابُ الرحيم، واغفِر لنا ولوالِدِينا ووالدِيهم وجميع المسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات.
وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين.