البحث

عبارات مقترحة:

الغفار

كلمة (غفّار) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (غَفَرَ يغْفِرُ)،...

الرب

كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...

الحفيظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...

خطبة عيد الأضحى 1435هـ

العربية

المؤلف عبد الله بن محمد البصري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - صلاة العيدين
عناصر الخطبة
  1. من أعظم المقاصد والغايات في شريعة الإسلام .
  2. وجوب نبذ الفرقة وتقليل الاختلاف .
  3. أهمية لزوم الجماعة واتباع سبيل المؤمنين .
  4. من أسباب اختلاف الكلمة وضعف الهيبة .
  5. المفهوم الجاهلي للنصر .
  6. الحث على الأضحية .
  7. وصية للنساء .

اقتباس

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهُ وَإِن كَانَ اجتِمَاعُ الكَلَمَةِ وَنَبذُ التَّفَرُّقِ وَاجِبًا عَلَى المُسلِمِينَ في كُلِّ وَقتٍ وَحِينٍ، لأَنَّهُ لا قُوَّةَ لَهُم وَلا غَلَبَةَ، وَلا عِزَّةَ وَلا سَعَادَةَ إِلاَّ بِذَلِكَ، وَلَيسَ سِوَاهُ إِلاَّ الضَّعفُ وَالذِّلَّةُ وَالشَّقَاءُ وَالمَهَانَةُ، فَإِنَّهُ لم يَكُنْ آكَدَ وَلا أَوجَبَ كَمِثلِهِ في هَذَا الوَقتِ العَصِيبِ، الَّذِي أَحَاطَت فِيهِ بِالمُسلِمِينَ الشَّدَائِدُ مِن كُلِّ جَانِبٍ، وَبَرَزَت لَهُمُ الفِتَنُ مِن كُلِّ جِهَةٍ، وَصَارَ مِنَ المُتَعَيِّنِ عَلَيهِم أَن يَستَجمِعُوا قُوَاهُم وَيَستَكمِلُوا عُدَّتَهُم، لِيَحفَظُوا حَوزَةَ الدِّينِ وَالمِلَّةِ، وَلِيَحرُسُوا سُورَ الأَخلاقِ وَالفَضِيلَةِ، وَلِيُنقِذُوا أَنفُسَهُم مِن كُلِّ عَدُوٍّ شَامِتٍ وَمُنَافِقٍ مُتَرَبِّصٍ.

الخطبة الأولى:

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ. اللهُ أَكبرُ كَبِيرًا، وَالحَمدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبحَانَ اللهِ بُكرَةً وَأَصِيلاً. الحَمدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِلإِسلامِ، وَجَعَلَنَا مِن خَيرِ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلأَنَامِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى مَن بَعَثَهُ اللهُ رَحمَةً لِلعَالَمِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الخَلقِ أَجمَعِينَ، نَبِيِّنَا مُحمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحبِهِ الغُرِّ المَيَامِينَ.

أَمَّا بَعدُ، فَإِنَّ خَيرَ الوَصِيَّةِ لِلمُؤمِنِينَ، مَا أَوصى اللهُ بِهِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ (وَلَقَد وَصَّينَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلِكُم وَإِيَّاكُم أَنِ اتَّقُوا اللهَ وَإِنْ تَكفُرُوا فَإِنَّ للهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الأَرضِ وَكَانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيدًا) [النساء: 131]، اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ المُجتَمِعُونَ في هَذَا العِيدِ السَّعِيدِ، هَنِيئًا لَكُم مَا أَصبَحتُم فِيهِ مِن تَوحِيدٍ وَطَاعَةٍ وَغِنى، وَأَمنٍ وَمَحَبَّةٍ وَاجتِمَاعٍ، مِمَّا أَصبَحَ النَّاسُ فِيهِ مِن كُفرٍ وَإلحَادٍ وَفَقرٍ، وَخَوفٍ وَبَغضَاءَ وَفُرقَةٍ، فَاحمَدُوا اللهَ عَلَى هَذِهِ النِّعمَةِ، وَاشكُرُوهُ عَلَى عَظِيمِ المِنَّةِ.

 فَإِنَّ مِن أَعظَمِ المَقَاصِدِ وَالغَايَاتِ في شَرِيعَةِ الإِسلامِ، اجتِمَاعَ كَلِمَةِ المُسلِمِينَ وَاتِّفَاقَ رَأيِهِم، وَائتِلافَ قُلُوبِهِم وَاكتِمَالَ مَحَبَّةِ بَعضِهِم لِبَعضٍ، بِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ التَّنَاصُرُ بَينَهُم وَيَحصُلُ التَّعَاوُنُ، وَبِهِ يَعلُو دِينُهُم وَتَصلُحُ دُنيَاهُم، وَعَلَيهِ تَقُومُ مَصَالِحُهُم في العَاجِلِ وَالآجِلِ، وَذَلِكُم هُوَ حَبلُ اللهِ المَتِينُ وَصِرَاطُهُ المُستَقِيمُ، وَمُقتَضَى الإِيمَانِ بِهِ وَلازِمُ تَقوَاهُ.

 قَالَ - تَعَالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنُّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسلِمُونَ * وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: 102 - 103]، وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153]، وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ) [المائدة: 2]، وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ) [الحجرات: 12]، وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصلِحُوا ذَاتَ بِينِكُم وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ) [الأنفال: 2].

 وَعِندَ البُخَارِيِّ وَمُسلِمٍ عَنهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "مَثَلُ المُؤمِنِينَ في تَوَادِّهِم وَتَرَاحُمِهِم وَتَعَاطُفِهِم كَمَثَلِ الجَسَدِ الوَاحِدِ، إِذَا اشتَكَى مِنهُ عُضوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى".

 وَفِيهِمَا أَيضًا: "المُؤمِنُ لِلمُؤمِنِ كَالبُنيَانِ يَشُدُّ بَعضُهُ بَعضًا"، وَلأَنَّهُ لا اجتِمَاعَ لِكَلِمَةٍ وَلا اتِّفَاقَ في رَأيٍ، وَلا أُلفَةَ لِقُلُوبٍ وَلا رَاحَةَ لِنُفُوسٍ، وَلا سَعَادَةَ لِمُجتَمَعٍ وَلا قُوَّةَ لِشَوكَةٍ، دُونَ نَبذِ الفُرقَةِ وَتَقلِيلِ الاختِلافِ، فَقَد نَهَى اللهُ وَرَسُولُهُ عَنِ التَّفَرُّقِ وَالاختِلافِ أَشَدَّ النَّهيِ، قَال -تَعَالى-: (وَلا تَنازَعُوا فَتَفشَلُوا وَتَذهَبَ رِيحُكُم وَاصبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال: 6]، وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 105]، وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [الأنعام: 156].

وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ أَنَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَمسَحُ مَنَاكِبَهُم في الصَّلاةِ وَيَقُولُ: "اِستَوُوا وَلا تَختَلِفُوا فَتَختَلِفَ قُلُوبُكُم".

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهُ وَإِن كَانَ اجتِمَاعُ الكَلَمَةِ وَنَبذُ التَّفَرُّقِ وَاجِبًا عَلَى المُسلِمِينَ في كُلِّ وَقتٍ وَحِينٍ، لأَنَّهُ لا قُوَّةَ لَهُم وَلا غَلَبَةَ، وَلا عِزَّةَ وَلا سَعَادَةَ إِلاَّ بِذَلِكَ، وَلَيسَ سِوَاهُ إِلاَّ الضَّعفُ وَالذِّلَّةُ وَالشَّقَاءُ وَالمَهَانَةُ، فَإِنَّهُ لم يَكُنْ آكَدَ وَلا أَوجَبَ كَمِثلِهِ في هَذَا الوَقتِ العَصِيبِ، الَّذِي أَحَاطَت فِيهِ بِالمُسلِمِينَ الشَّدَائِدُ مِن كُلِّ جَانِبٍ، وَبَرَزَت لَهُمُ الفِتَنُ مِن كُلِّ جِهَةٍ، وَصَارَ مِنَ المُتَعَيِّنِ عَلَيهِم أَن يَستَجمِعُوا قُوَاهُم وَيَستَكمِلُوا عُدَّتَهُم، لِيَحفَظُوا حَوزَةَ الدِّينِ وَالمِلَّةِ، وَلِيَحرُسُوا سُورَ الأَخلاقِ وَالفَضِيلَةِ، وَلِيُنقِذُوا أَنفُسَهُم مِن كُلِّ عَدُوٍّ شَامِتٍ وَمُنَافِقٍ مُتَرَبِّصٍ.

أَلا وَإِنَّ مِمَّا أُمِرَ بِهِ المُسلِمُونَ لاجتِمَاعِ كَلِمَتِهِم، وَشَهِدَ بِأَهَمِّيَّتِهِ تَارِيخُ الأُمَّةِ المَاضِي، وَأَيَّدَهُ الحَاضِرُ المُشَاهَدُ: لُزُومَ الجَمَاعَةِ وَاتِّبَاعَ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ، وَعَدَمَ مُشَاقَّتِهِم وَلا مُنَازَعَتِهِم وَلا الشُّذُوذِ عَنهُم؛ إِذْ مَا اجتَمَعَتِ الأُمَّةُ في زَمَنٍ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ، وَسَمِعَت لأُولي الأَمرِ مِنهَا وَعَقَلَت وَأَطَاعَت، إِلاَّ أَمِنَت سُبُلُهَا، وَاطمَأَنَّت في دِيَارِهَا، وَنَالَتِ الرَّخَاءَ وَالسَّعَةَ، وَعَزَّ جَانِبُهَا وتَقَدَّمَت، وَصَارَت يَدًا وَاحِدَةً عَلَى مَن نَاوَأَهَا، وَهَابَهَا أَعدَاؤُهَا وَخَافُوهَا، وَلا هِيَ خَرَجَت عَلَى أَئِمَّتِهَا وَنَازَعَت وُلاتَهَا، إِلاَّ صَارَ بَأسُهُم بَينَهُم شَدِيدًا، وَاستَحَرَّ فِيهِم القَتلُ وَفَسَدَت مِنهُمُ القُلُوبُ، وَتَشَتَّتُوا وَتَفَرَّقُوا، وَعَدَا عَلَيهِمُ العَدُوُّ وَغَزَاهُم، فَأَخَذَ بَعضَ مَا في أَيدِيهِم وَاستَضعَفَهُم. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

عِبَادَ اللهِ، لَئِن كَانَ الشَّيطَانُ قَد أَيِسَ أَن يَعبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، لأَنَّ اللهَ أَرَادَ لها أَن تَكُونَ مَعقِلاً لِلإِسلامِ وَعَاصِمَةً لِلإِيمَانِ، إِلاَّ أَنَّ عَدُوَّ اللهِ مَا زَالَ وَلَن يَزَالَ سَاعِيًا في التَّحرِيشِ بَينَهُم وَالإِفسَادِ، وَتَفرِيقِ الصُّفُوفِ وَتَقطِيعِ الأَوَاصِرِ، فَمَا أَحرَى المُسلِمِينَ أَن يَقطَعُوا عَلَيهِ الطَّرِيقَ، فَيَدخُلُوا في السِّلمِ كَافَّةً وَلا يَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ، وَأَن يُطِيعُوا مَن وَلاَّهُ اللهُ أَمرَهُم، وَيُوَقِّرُوا عُلَمَاءَهُم وَدُعَاتَهُم، وَيَنقَادُوا لِلنَّاصِحِينَ مِنهُم وَيَسمَعُوا لَهُم، وَأَلاَّ يَكُونَ اختِلافُ الأَسَالِيبِ وَتَنَوُّعُ الوَسَائِلِ، أَو تَعَدُّدُ الأَهدَافِ القَرِيبَةِ وَتَغَايُرُ المَشَارِبِ الصَّغِيرَةِ، حَائِلاً دُونَ بَعِيدِ الغَايَاتِ، أَو صَارِفًا عَن تَحدِيدِ الأَولَوِيَّاتِ، أَو مُؤَدِّيًا إِلى تَبَايُنِ المُعتَقَدَاتِ، أَو مُوقِعًا في تَركِ الثَّوَابِتِ وَإِهمَالِ الأُصُولِ، أَو مُوجِبًا لِرُكُوبِ الهَوَى وَإِعجَابِ كُلِّ ذِي رَأيٍ بِرَأيِهِ.

وَمَن كَانَ ذَا نِيَّةٍ صَادِقَةٍ في الإِصلاحِ، وَلَدَيهِ رَغبَةٌ جَازِمَةٌ في التَّغيِيرِ لِلأَحسَنِ، وَيَحمِلُ بَينَ جَنبَيهِ إِرَادَةً لِلخَيرِ وَيَطمَعُ في رَدِّ هَيبَةِ الأُمَّةِ، فَإِنَّهُ لا يَبحَثُ عَن مَوَاطِنِ الخِلافِ فَيَدُلَّ عَلَيهَا، وَلا يَنزِعُ إِلى العِنَادِ وَالجَدَلِ فَيُصِرَّ عَلَيهِ، وَلا مَكَانَ لَدَيهِ لاتِّبَاعِ الهَوَى وَإِبرَازِ الذَّاتِ، أَو تَغلِيبِ مُشتَهَيَاتِهِ الخَاصَّةِ عَلَى المَصَالِحِ العَامَّةِ، ذَلِكَ أَنَّهُ يَعلَمُ أَنَّ التَّنَازُعَ وَالصِّدَامَ، وَعَدَمَ التَّوَاضُعِ وَتَركَ التَّطَامُنِ، وَحُبَّ الجَدَلِ وَرُكُوبَ الهَوَى، لا تَردِمُ حُفرَةً وَلا تُزِيلُ نُفرَةً، وَلا تَجلِبُ وُدًّا وَلا تَبنِي حُبًّا، وَلا تُصلِحُ عِلاقَةً وَلا تُذهِبُ جَفَاءً، وَلَكِنَّهَا مُذهِبَةٌ لِلصَّفَاءِ وَالنَّقَاءِ، مُقَوِّيَةٌ لِشَوكَةِ الأَعدَاءِ، مُضعِفَةٌ لِجَانِبِ الأَولِيَاءِ.

وَحِينَ يُدرِكُ الجَمِيعُ كِبَارًا وَصِغارًا وَرِجَالاً وَنِسَاءً، أَنَّ الخَطَرَ مُحدِقٌ بهم مِن كُلِّ جِهَةٍ، وَأَنَّهُم هَدَفٌ لِكُلِّ ضَالٍّ وَغَرَضٌ لِكُلِّ مُنحَرِفٍ، وَأَنَّ صَلاحَ دِينِهِم وَأَمنَ بِلادِهِم، وَسَعَةَ أَرزَاقِهِم وَرَخَاءَ عَيشِهِم، مَطمَعٌ لِكُلِّ عَدُوٍ وَحَاسِدٍ، وَأَنَّ الشِّقَاقَ المُفتَعَلَ بَينَ الوُلاةِ وَالدُّعَاةِ، وَالأُمرَاءِ وَالعُلَمَاءِ، وَالوُجَهَاءِ وَالضُّعَفَاءِ، لا يُثمِرُ إِلاَّ استِنزَافَ القُوَى وَتَبدِيدَ الجُهُودِ، وَإِضَاعَةَ الأَوقَاتِ وَفَسَادَ الحَيَاةِ، وَحَملَ كُلٍّ مِنهُم عَلَى الشَّكِّ في الآخَرِ، وَجَعلِهِم في حَيرَةٍ مِنَ الأَمرِ حَتى يَأتِيَهُم العَدُوُّ وَهُم غَافِلُونَ، إِنَّهُم حِينَ يُدرِكُونَ ذَلِكَ، لَيَحرِصُونَ جَمِيعًا عَلَى جَمعِ الكَلِمَةِ وَتَوحِيدِ الصَّفِّ وَرَأبِ الصَّدعِ، وَلَن تَرَاهُم إِلاَّ عَامِلِينَ عَلَى إِزَالَةِ كُلِّ أَسبَابِ الفُرقَةِ، مُحسِنِينَ الظَّنَّ بِبَعضِهِم، مُتَقَارِبِينَ في رُؤيَتِهِم، مُتَعَاوِنِينَ لِتَحقِيقِ غَايَتِهِم، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "عَلَيكُم بِالجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُم وَالفُرقَةَ؛ فَإِنَّ الشَّيطَانَ مَعَ الوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الِاثنَينِ أَبعَدُ، مَن أَرَادَ بُحبُوحَةَ الجَنَّةِ فَليَلْزَمِ الجَمَاعَةَ.." (رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

عِبَادَ اللهِ، لَقَد بُلِيَ النَّاسُ في زَمَانِنَا بِالبَحثِ عَنِ الزَّعَامَةِ وَحُبِّ الصَّدَارَةِ، وَشَغَلَهُم طَردُ الجَاهِ وَالتَّعَلُّقُ بِالمَنَاصِبِ، فَصَارَ كُلٌّ مِنهُم يَسعَى إِلى أَن يَكُونَ آمِرًا مُطَاعًا وَقَائِدًا مَتبُوعًا، وَجَعَلَ يَبحَثُ عَنِ الشُّهرَةِ أَينَمَا حَلَّ وَارتَحَلَ، وَيَطرُدُهَا يَمِينًا وَشِمَالاً وَشَرقًا وَغَربًا، حَتى غَيَّبَ هَذَا الشُّعُورُ كَثِيرِينَ عَمَّا يَجِبُ عَلَيهِم مِن مُجَاهَدَةِ أَنفُسِهِم وَاتِّهَامِهَا، وَالتَّفتَيشِ عَن عُيُوبِهَا وَمَعرِفَةِ خَلَلِهَا، وَالعَمَلِ عَلَى تَنقِيَتِهَا وَتَصفِيَتِهَا مِمَّا قَد يُهلِكُهَا وَيُردِيهَا، وَبَدَلاً مِن أَن يَبدَأَ أَحَدُهُم مَسِيرَةَ الإِصلاحِ بِإِصلاحِ نَفسِهِ، بَدَأَ بِالآخَرِينَ يَتَتَبَّعُ عُيُوبَهُم وَزَلاَّتِهِم، وَيَبحَثُ عَن سَقَطَاتِهِم وَهَفَوَاتِهِم، مُغرِقًا في نَقدِهِم وَذَمِّهِم، مُسنِدًا كُلَّ نَقصٍ إِلَيهِم، حَامِلاً عَلَيهِم كُلَّ مَا يَحصُلُ مِن خَلَلٍ، وَأَمَّا هُوَ فَلا هَمَّ لَهُ إِلاَّ أَن يُجَادِلَ وَيُخَاصِمَ وَيُنَازِعَ، لِيُسَوِّغَ أَعمَالَهُ وَمَوَاقِفَهُ، وَيُؤَيِّدَ تَصَرُّفَاتِهِ وَفَلَتَاتِهِ، حَتى لَكَأَنَّمَا هُوَ مَعصُومٌ لا تَزِلُّ قَدَمُهُ وَلا يُخطِئُ لِسَانُهُ.

وَتَاللهِ لَقَد تَمَزَّقَ بِذَلِكَ صَفُّ الإِسلامِ، وَتَأَخَّرَ سَيرُ الأُمَّةِ وَتَخَلَّفَت؛ إِذ أَصبَحَ الانصِيَاعُ لِلحَقِّ مَفقُودًا، وَصَارَت شَهوَةُ العَظَمَةِ هِيَ الطَّاغِيَةَ عَلَى المُبتَلَى بها، تُعمِيهِ عَنِ الحَقِّ وَتَصرِفُهُ عَنِ اتِّبَاعِهِ.

وَأَمرٌ آخَرُ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - أَدَّى إِلى اختِلافِ الكَلِمَةِ وَضَعفِ الهَيبَةِ، ذَلِكُم هُوَ خَلطُ كَثِيرِينَ بَينَ الثَّوَابِتِ القَطعِيَّةِ وَالمَبَادِئِ الأَصِيلَةِ الَّتِي يَجِبُ الاتِّفَاقُ عَلَيهَا، وَبَينَ القَضَايَا الفَرعِيَّةِ الجُزئِيَّةِ الَّتِي يَسُوغُ الاختِلافُ فِيهَا، وَتَقدِيمُ آخَرِينَ نَصِيبَهُم مِنَ الدُّنيَا عَلَى حَظِّهِم مِنَ الدِّينِ، فَأُقِيمَ الحُبُّ وَالوَلاءُ عَلَى أُسُسٍ هَشَّةٍ، وَصَارَ مُنطَلَقُ البُغضِ وَالتَّبَرُّؤِ مُجَرَّدَ الهَوَى وَالشَّهوَةِ، وَتَفَاصَلَ الإِخوَةُ فِيمَا لَيسَ مَجَالاً لِلمُفَاصَلَةِ، وَأَغرَقُوا في الجُزئِيَّاتِ وَطَالَبُوا بِالتَّكمِيلِيَّاتِ، غَافِلِينَ عَن وُجُوبِ تَحصِيلِ الضَّرُورَاتِ وَالحَاجَاتِ أَوَّلاً، وَأَنَّهُ لا يُبتَنَى جِدَارٌ عَلَى غَيرِ أَسَاسٍ، وَأَنَّ لِكُلِّ مُجتَهِدٍ نَصِيبًا مِنَ الأَجرِ.

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ-  وَاعلَمُوا أَنَّ مِن لازِمِ الصِّدقِ مَعَ اللهِ وَمَحَبَّةِ المُسلِمِينَ، أَن يَقِفَ المُسلِمُ عِندَ حُدُودِ العَدلِ وَالحَقِّ، وَأَن يَقُولَ لِلصَّوَابِ: هَذَا صَوَابٌ، وَلِلخَطَأِ: هَذَا خَطَأٌ، وَأَلاَّ يُقِرَّ بَاطِلاً وَلا يَنتَصِرَ لَهُ وَلا يَدعُوَ إِلَيهِ، فَالمَفهُومُ الجَاهِلِيُّ لِلنَّصرِ، القَائِمُ عَلَى التَّعَصُّبِ الأَعمَى، قَد أَزَالَهُ الإِسلامُ وَطَرَحَهُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "اُنصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَو مَظلُومًا" فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظلُومًا، أَفَرَأَيتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيفَ أَنصُرُهُ ؟ قَالَ: "تَحجُزُهُ أَو تَمنَعُهُ مِن الظُّلمِ ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصرُهُ" (رَوَاهُ البُخَارِيُّ).

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

الخطبة الثانية:

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ. اللهُ أَكبرُ كَبِيرًا، وَالحَمدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبحَانَ اللهِ بُكرَةً وَأَصِيلاً. الحَمدُ للهِ مُعِيدِ الجُمَعِ وَالأَعيَادِ، رَفَعَ السَّمَاءَ بِلا عِمَادٍ، وَأَرسَى الأَرضَ بِالأَوتَادِ، وَتَعَالى عَنِ الصَّاحِبَةِ وَالوَلَدِ وَالأَندَادِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيرِ خَلقِ اللهِ، نَبِيِّهِ الَّذِي خَصَّهُ وَاصطَفَاهُ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَمَن وَالاهُ.

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَتِهِ وَمَرضَاتِهِ، وَاعلَمُوا أَنَّهُ لا يُمكِنُ لِقَومٍ أَن يُظهِرُوا دِينًا أَو يَنصُرُوا حَقًّا، أَو يَقهَرُوا عَدُوًّا أَو يَدحَرُوا بَاطِلاً، أَو يُصلِحُوا مُجتَمَعًا أَو يُعِزُّوا وَطَنًا، وَهُم شَرَاذِمُ مُتَفَرِّقُونَ، كُلُّ حِزبٍ بما لَدَيهِم فَرِحُونَ.

لَقَد كَانَ العَرَبُ قَبلَ مَبعَثِ محمدٍ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - أَعدَاءً فَأَلَّفَ اللهُ بَينَ قُلُوبِهِم فَأَصبَحُوا بِنِعمَتِهِ إِخوَانًا، وَبِتِلكَ الأُخُوَّةِ الصَّادِقَةِ وَالقُلُوبِ المُؤتَلِفَةِ، استَطَاعُوا أَن يَقُودُوا العَالَمَ وَيُحَرِّرُوهُ، وَقَدِ امتَنَّ اللهُ بِذَلِكَ عَلَى نَبِيِّهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فَقَالَ: (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصرِهِ وَبِالمُؤمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِهِم لَو أَنفَقتَ مَا في الأَرضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفتَ بَينَ قُلُوبِهِم وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَينَهُم إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال: 62- 63].

أَجَلْ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - مَا كَانَ لِلمُؤمِنِينَ الَّذِينَ نَصَرَ اللهُ بِهِم رَسُولَهُ وَأَعَزَّ بِهِم دِينَهُ وَأَعلَى بِهِم كَلِمَتَهُ، مَا كَانَ لَهُم أَن يَكُونُوا لِذَلِكَ أَهلاً، لَو بَقُوا عَلَى مَا كَانُوا عَلَيهِ في الجَاهِلِيَّةِ مِن التَّنَاحُرِ وَالعَدَاوَاتِ وَالعَصَبِيَّاتِ، وَالتَّبَاغُضِ وَالفُرقَةِ وَالشَّتَاتِ.

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَارتَفِعُوا عَن دَنَايَا الدُّنيَا وَسَفَاسِفِ الأُمُورِ، وَانبُذُوا التَّكَاثُرَ وَدَعُوا التَّفَاخُرَ، فَإِنَّ كُلاًّ مِنكُم مَبعُوثٌ وَحدَهُ، مُحَاسَبٌ عَلَى عَملِهِ، وَاحذَرُوا أَكبَرَ أَسبَابِ الافتِرَاقِ وَالاختِلافِ، وَأَقوَى مُورِثٍ لِلعَدَاوَةِ وَضَيَاعِ القُوَّةِ، ذَلِكُم هُوَ الوُقُوعُ في المَعَاصِي وَالمُخَالَفَاتِ، وَالتَّهَاوُنُ بِالكَبَائِرِ وَالمُوبِقَاتِ، وَتَجَاوُزُ حُدُودِ الشَّرعِ في الأَمرِ وَالنَّهيِ، مَعَ اعتِيَادِ السُّكُوتِ وَالمُدَاهَنَةِ، وَعَدَمِ إِحيَاءِ فَرِيضَةِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ.

فَإِنَّهُ مَتى شَاعَتِ المَعَاصِي وَالمُنكَرَاتُ، وَأُضِيعَ الأَمرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ، وَعُودِيَ المُحتَسِبُونَ وَأُسقِطُوا، فَلَم تُحفَظْ لَهُم مَكَانَةٌ، وَلَم تُقبَلْ مِنهُم نَصِيحَةٌ، وَلَم تَبقَ لَهُم هَيبَةٌ وَلَم تُسمَعْ مِنهُم كَلِمَةٌ، كَانَتِ العَاقِبَةُ الحَتمِيَّةُ هِيَ انحِرَافَ القُلُوبِ عَن بَعضِهَا، وَفُقدَانَ المَحَبَّةِ الإِيمَانِيَّةِ، وَحُلُولَ القَطِيعَةِ وَالبَغضَاءِ وَالعَدَاوَةِ وَالشَّحنَاءِ، وَمِن ثَمَّ ذَهَابُ الرِّيحِ وَسُقُوطُ القُوَّةِ، وَتَغَلُّبُ الأَعدَاءِ وَهَزِيمَةُ الأُمَّةِ، قَالَ - تَعَالى -: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذنَا مِيثَاقَهُم فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغرَينَا بَينَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغضَاءَ إِلى يَومِ القِيَامَةِ) [المائدة: 14].

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

عِبَادَ اللهِ، ضَحُّوا تَقَبَّلَ اللهُ ضَحَايَاكُم، وَاذكُرُوهُ عَلَى مَا رَزَقَكُم وَكَبِّرُوهُ عَلَى مَا هَدَاكُم، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، فَاختَارُوا مِنَ الضَّحَايَا أَحسَنَهَا وَأَسمَنَهَا وَأَثمَنَهَا، وَتَهَادَوا وَتَصَدَّقُوا، وَكُلُوا وَادَّخِرُوا، تَوَاصَلُوا وَتَزَاوَرُوا، وَتَصَافَحُوا وَتَصَالَحُوا، وَأَفشُوا السَّلامَ بَينَكُم تُفلِحُوا، إِنَّكُم في أَيَّامِ عِيدٍ وَأَكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ للهِ، يَحرُمُ صَومُهَا، وَتُعَظَّمُ الشَّعَائِرُ فِيهَا، فَعَظِّمُوا كُلَّ مَا عَظَّمَ رَبُّكُم (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ) [الحج: 32].

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

يَا نِسَاءَ المُسلِمِينَ، اِحفَظْنَ حَقَّ اللهِ وَحَقَّ الأَزوَاجِ، وَالْزَمْنَ البُيُوتَ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولى، كُنَّ حُصُونًا لِلصَّلاحِ والفَضِيلَةِ، وَلا تَكُنَّ جُسُورًا لِلفَسَادِ وَالرَّذِيلَةِ، أَطِلْنَ الثِّيَابَ وَقَصِّرْنَ الأَلسِنَةَ، وَاحفَظْنَ الوُدَّ وَلا تَنسَينَ الفَضلَ، فَنِعمَ المَرأَةُ الوَدُودُ الوَلُودُ، الحَصَانُ الرَّزَانُ، الكَثِيرَةُ الحَيَاءِ الحَسَنَةُ الثَّنَاءِ، إِنْ أُعطِيَت شَكَرَت، وَإِن مُنِعَت صَبَرَت، تَسُرُّ زَوجَهَا إِذَا نَظَرَ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ، وَتَحفَظَهُ إِن غَابَ وَتُبهِجُهُ إِذَا حَضَرَ !

وَبِئسَ لِلمَرأَةِ أَن تَكُونَ كَفُورَةً غَيرَ شَكُورَةٍ، تَدفِنُ الحَسَنَاتِ وَتُفشِي السَّيِّئَاتِ، خَرَّاجَةٌ وَلاجَةٌ، أَنَّانَةٌ مَنَّانَةٌ، تَخلَعُ الحِجَابَ وَتَضَعُ الجِلبَابَ، صَبِيُّهَا مَهزُولٌ، وَبَيتُهَا مَزبُولٌ، وَكَلامُهَا وَعِيدٌ وَصَوتُهَا شَدِيدٌ.

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.