الملك
كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...
العربية
المؤلف | أحمد بن عبد العزيز الشاوي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب |
إن ما نراه من مشاهد تحدث صباح كل يوم دراسي يؤكد لك أن الناس عباد الدنيا، النائم يوقظ، والمسافر يقدم، والرغبات تحقق، والخواطر تجبر، كل هذا في سبيل الدراسة، وذاك أمر حسن، ولكن؛ أين هذه الاهتمامات في سبيل القيام بحقوق الله، وتربية النشء على طاعة الله؟ أين هذه الهمة وذاك الحرص مع الأبناء في صلاة الفجر؟.
الخطبة الأولى:
الحمد لله لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له يقدر الليل والنهار، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأطهار، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فاتقوا ربكم يا مسلمون، ولتنظر نفس ما قدمت لغد، واتقوا الله.
هكذا طويت صفحة من صفحات الزمن، وتساقطت ورقات من شجرة العمر، وذبلت زهرات في بستان الحياة، فبمغيب شمس هذا اليوم تودع الإجازة عشاقها، وتقوض خيامها، بعد أن انفرط نظامها، وتصرمت أيامها.
مضت الإجازة بخيرها وشرها، وحلوها ومرها، مضت أشهر تشكل فصلاً من فصول حياتنا، وكل يوم مضى يدني من الأجل!.
مضت الإجازة ومضت معها أيام لم نحسب حسابها، ولم نقدر لها قدرها، واليقين أنها محسوبة من أعمارنا، مقربة لآجالنا، وسنسأل عنها أمام ربنا، فالذي لا ينطق عن الهوى قال: "لن تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع"، ومنها: "عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه".
مضت الإجازة، والناس في استغلالها أصناف شتى، قد علم كل أناس مشربهم، فمنهم من رأى فيها قعوداً عن الجد، وهروباً من الإنتاج والإيجابية، وآخرون جعلوا منها موسماً للتحلل من آداب الإسلام وأحكامه، فملؤوها لهواً ولعباً وغناءً وصخباً بمهرجانات غنائية، وحفلات سياحية، كانت مفتاحا لباب شرور، ومستنقعاً لكل منكر من القول وزور.
وطائفة قد غلت عليهم أنفسهم، وعلت هممهم، فسموا بها إلى معالي الأمور، فجعلوا من الإجازة ظرفاً لعملٍ آخر مثمر، وانتقلوا فيها من إيجابية إلى إيجابية، جاعلين نصب أعينهم قول الحق: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) [الشرح:7].
وكل أولئك طويت صفحاتهم اليوم بما تحمل، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، فكم يا ترى في هذه الإجازة من مثاقيل... من خير وشر؟! وتبقى الصحف مطوية حتى تنشر يوم الحساب، فماذا يا ترى سيكون الحال يومئذ؟.
مضت الإجازة وقد شهدت تصارع الهمم، فقوم همتهم في الثريا، وآخرون هممهم في الثرى.
ودعت الإجازة، وفيها شهدت أروقة بيت الله الحرام أسمى وأروع صور التنافس في بلوغ الهمة العالية، والغاية النبيلة، تمثل ذلك في ثلة من شباب المسلمين ممن رفعوا شعار: (لا مستحيل مع العزم والإصرار)، فأثمرت همتهم حفظاً لكتاب الله -تعالى- كاملاً في زمن أشبه ما يكون بالخيال، حتى إن فتى حفظه وأتقنه في سبعة وعشرين يوماً!.
وفئة شغلت بحفظ سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحفظت الصحيحين، في فترة لم تتجاوز الشهرين!.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم | وتأتي على قدر الكرام المكارم |
وتعظم في عين الصغير صغارها | وتصغر في عين العظيم العظائم |
ولت الإجازة وقد حوت أحداثاً وعبراً، فتأمل -أخي المسلم-: كم ودعتَ فيها من حبيب؟ وكم فارقت من قريب؟ مات أقوام وولد آخرون، شفي أناس ومرض أناس، واغتنى قوم وافتقر أقوام، وربنا كل يوم هو في شأن!.
ونحن نودع الإجازة التي تشكل جزءاً من حياتنا، فما أحرانا أن نتحسر على أيامٍ أضعناها، وأوقات تركناها ذهبت بما حملت! ولننظر في حال السابقين من أسلافنا كيف ينظرون إلى هذه الأوقات وما عملوا فيها.
قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: ما ندمت عل شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي. وقال أبو سليمان الداراني: لو لم يبك العاقل فيما بقي من عمره إلا على تفويت ما مضى فيه في غير الطاعة، لكان خليقاً أن يحزنه ذلك إلى الممات"، فكيف بمن يستقبل ما بقي من عمره بمثل ما مضى من جهله؟
إذا مر بي يوم ولم أقتبس هدى | ولم أستفد علماً فما ذاك من عمري |
والدنيا ثلاثة أيام: أما أمس فقد ذهب بما فيه، وأما غداً فلعلك لا تدركه، فاليوم لك، فاعمل فيه، وكلما ازداد (المرء) اغتناما لزمانه كان أقرب لتلك الغاية وأكثر تحقيقاً لها.
إن الزمن يساوي عطاء الإنسان، وحصاد عمره، يساوي اليد التي ستحمل كتابه، يمنى تكون أو يسرى.
أؤمل أن أحيا وفي كل ساعة | تمر بي الموتى يهز نعوشها |
وهل أنا إلا مثلهم غير أن لي | بقايا ليال في الزمان أعيشها؟ |
أيها المسلمون: مضت الإجازة، وفيها عمل أناس ونام آخرون، فماذا بقي من عناء العاملين؟ وماذا بقي من لذة النائمين؟.
مضت الإجازة، فكيف قضاها الناس؟ أما لو نطق الواقع لقال: إن من الناس من قضاها لحاجة نفسه سفراً ومتعةً وسياحةً وتنزهاً.
والأعظم شأناً والأرفع قدراً فئة من العاملين الغيورين قضوا الإجازة في حمل هم الإسلام وأبناء المسلمين، تراهم في المراكز الصيفية، وفي المخيمات التربوية، وفي الدورات العلمية، والحلقات القرآنية، يسافرون، ولكن بأبناء المسلمين، ليربوهم على آداب الإسلام وقيمه، يبذلون، ولكن في سبيل تربية الجيل وصلاحه، يفكرون، ولكن بما يخدم المجتمع ويحافظ على أجياله، يقضون أوقاتهم، ولكن بتعليم القرآن، وتربية الشباب، والمساهمة في الأعمال الخيرية
هم الرجال وعيبٌ أن يقال لمن | لم يتصف بمعاني وصفهم رجل |
فلا حرمهم الله أجر العاملين، وعوضهم عن بذلهم جناتٍ ونهَر، في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر.
معاشر المسلمين: ونحن نستقبل في كل عامٍ إجازة ثم نودعها، فما أجدرنا أن نقف مع أنفسنا وقفة معاتبة ومحاسبة! فإن كان ما عملنا خيراً حمدنا الله عليه، وعزمنا على المزيد فيه، وإن كان سوءاً ندمنا عليه، وسارعنا إلى التوبة منه توبةً صادقة.
لا بد لنا -أيها المسلمون- من مواقف مع النفس نحاسبها ونعاتبها؛ لنأمن من شرها، ونتحكم في قيادها، و"الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني".
أيها المسلمون: وحينما تمضي الإجازة تفتح المدارس أبوابها، فتنفتح معها الآمال والتحديات والمشكلات في كل أسرة، ففي كل بيت حكاية عن الدراسة والمدرسة، ولدى كل أبٍ وكل أمٍ أمل يتجدد في أن يجتاز أبناؤهم الدراسة بتفوق، ومع بداية الدراسة يتغير إيقاع الحياة في أكثر البيوت، ويعلن الحادي أن وقت اللعب ولى، وجاء وقت الجد.
مع إشراقة شمس الغد سيتغير وجه الحياة، سترى الشوارع وقد غصت بالحركة، والبيوت وقد رفعت درجة الطوارئ، وسترى حركة غير طبيعية، في صبيحة الغد تبذل جهود وتستثمر طاقات لو أنفق بعضها في سبيل الصلوات لأصبح أبناؤها ممن قلوبهم معلقة بالمساجد!.
إن ما نراه من مشاهد تحدث صباح كل يوم دراسي يؤكد لك أن الناس عباد الدنيا، النائم يوقظ، والمسافر يقدم، والرغبات تحقق، والخواطر تجبر، كل هذا في سبيل الدراسة، وذاك أمر حسن، ولكن؛ أين هذه الاهتمامات في سبيل القيام بحقوق الله، وتربية النشء على طاعة الله؟ أين هذه الهمة وذاك الحرص مع الأبناء في صلاة الفجر؟.
لقد أصبحت الدراسة عند البعض مقدمة على طاعة الله جل جلاله، وإذا كانت كذلك واحتلت المرتبة الأولى في اهتمام المسلمين على حساب أعظم العبادات وهي الصلاة، فهذا يعني أن الدراسة ستكون طاغوتاً يُعبد من دون الله، وهذا أمر لا يرضاه المسلم لنفسه أبداً!.
أيها المسلمون: ومع انتهاء الإجازة وبدء عامٍ دراسي جديد يحلو الكلام إلى فئات ثلاث تشكل أساس العملية التعليمية والتربوية. أما الفئة الأولى، وهم حماة الثغور ومربو الأجيال، فأرجئ الحديث عنهم وإليهم إلى جمعة قادمة، وأوجه خطابي إلى الشبيبة الناشئة، أمل الأمة ورجال المستقبل.
يا معشر الطلاب: اعلموا أن المجد لا ينال بالتمني ولا بالتشهي، ولا يدرك بالنوم والبطالة، وإنما يناله أهل الهمم العالية، والنفوس الأبية، وما وصلت الأمم المتحضرة إلى ما وصلت إليه بالنوم في الصباح، والسهر في الليل على اللهو والضياع!
قل لمن نام وهو يطلب مجداً | فاتك المجد يا حليف الوسائدْ |
اتقوا الله في حياتكم ودراستكم وأعمالكم، فتقوى الله من أسباب تحصيل العلم النافع: (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ) [البقرة:151].
اطلبوا العلم لوجه الله، وصححوا نيتكم في الطلب، ومن ابتغى بعلمه وجه الله نال رضا الله، وحصل مقصوده: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [هود:15-16].
يا معشر الطلاب: احترموا من يقدم لكم العلم، وعاملوهم بالاحترام، والمنطق الحسن، مع الإنصات لهم، والتأدب معهم، وقبول نصحهم؛ والتواضع من أوضح سمات الطالب المميز.
ومن لم يحتمل ذل التعلم ساعة | تجرع مر الجهل طول حياته |
أخي الطالب: ليس من الرجولة والشهامة أن تكون عنصر أذى، وسبب شغب، وعامل استفزاز، بل الرجولة الحقة أن تحترم من هو أكبر منك سناً وقدراً، وليس منا من لا يعرف لكبيرنا حقه.
أخي الطالب: اليأس والملل من أكبر عوائق الأمل، وقواطع العمل، فأقبل على دراستك بروح التفاؤل، وبالنظرة الإيجابية، واعمل ليومك، وانس المستقبل، فذلك محكوم بما يقدره الله.
أخي الطالب: اختر من زملائك من استقامت أخلاقه، وطابت سريرته، فالجليس له تأثير على جليسه، فجالس من ينفعك في دينك، ويفيدك في سلوكك وأخلاقك ودراستك، ولا تنس أن كل صداقة لغير الله فهي عداوة يوم القيامة، والجليس يعرف بجليسه، والقرين بالمقارن يقتدي. والله المسؤول أن يصلح أقوالك وأفعالك ومقاصدك.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
أما بعد: فذلك حديث وخواطر أبثها إلى رجل خارج المدرسة ببدنه، لكنه فيها بحرصه ومتابعته ومشاعره.
إليك يا ولي الأمر: أذكرك أولاً بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من راعٍ يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة"، وبقوله: "إن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه، حفظ ذلك أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته".
إنها الأمانة التي عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً.
يا معشر الآباء والأولياء: ليست مهمتكم فقط توفير الكساء والغذاء وجلب حاجات البيت، دون أن تدركوا المهمة الكبرى والمسؤولية العظمى، وهي رعاية القلوب وإصلاح النفوس.
البيت -أيها الآباء- هو الدائرة الأولى من دوائر تنشئة الولد وصيانة عقله وخلقه ودينه، فماذا يصنع المدرس؟ وماذا تستطيع أن تعمل المدرسة؟ بل، ماذا ستغني الدوائر التربوية لطالب نشأ في بيت بعيدٍ عن الأجواء الشرعية المنضبطة، وآخر تربى على استنكاف العبادات الشرعية، وثالثٍ نشأ في جوٍ موبوء بالمنكرات، ورابعٍ يذاكر والدش فوق رأسه؟!.
قد يستطيع المدرس أن يقطع خطوات في تربية الطالب وتوجيهه، لكنه جهد غير مضمون الثمرة؛ لأن تأثير البيت المعاكس يظل دائماً موجهاً لإفساد ما تصلحه المدرسة.
وإن من أكبر التناقضات التي يعيشها الطالب والتي تكون سبباً في انحرافه سلوكياً وسقوطه دراسياً هو ذلك التناقض الذي يعيشه بين توجيهات مدرس صالح ومتابعة إدارةٍ حازمة، وبين بيتٍ موبوء بوسائل الإعلام المخالفة والمصادمة لتوجيهات المدارس التربوية.
فبالله عليكم، كيف نطلب التفوق من طالب يقضي كل يوم أربع أو خمس ساعاتٍ بين أفلامٍ ساقطة وبرامج هدامة؟ وماذا نتوقع من طالبٍ مراهق يعكف على مسلسلاتٍ قاعدتها الأساسية مظاهر الحب والغرام والعشق بين الجنسين؟ ثم بعد هذا يتمنى الأب أن يكون ولده في المرتبة السامية العليا من الأخلاق والآداب والسلوك، ويطلب منه التفوق في دراسته! إن هذا لشيء عجاب!.
يا معشر الآباء والأولياء: المدرسة وحدها ليست معقلاً للتربية، وإنما هي مجتمع صغير يمثل المجتمع الكبير، ففيها الصالحون وفيها المفسدون، وليس كل ما يقال في المدرسة حقاً، والأساتذة ليسوا كلهم على درجةٍ جيدة من ناحية التخصص، كما أنهم ليسوا جميعاً من أهل الصلاح والتقوى ممن يعتمد عليهم في توجيه النشء، ومن هنا تنشأ مسؤوليتك -أيها الأب المسلم- في متابعة ما يتلقاه ولدك في المدرسة فتُقوم ما يحتاج إلى تقويم من الأفكار والتصورات الدخيلة المنحرفة والتي تعيق التربية الفكرية الصحيحة، وواجب عليك -أيها الأب- أن تكمل ما قد يحصل من نقص في عمليتي التربية والتعليم، فلا يجوز لك أن تهمل ولدك في هذا الجانب، أو أن تشعره أن كل ما يلقى إليه من معلومات في المدرسة هو صحيح يجب اعتقاده، فهذه خيانة للأمانة، وتهرب من المسؤولية.
يا معشر الأولياء: كونوا على صلة بمدارس أبنائكم زيارة واتصالاً؛ لتعرفوا من خلال ذلك سلوك أبنائكم وصداقاتهم، ولتعرفوا مستويات أساتذتهم ومدى التزامهم بالدين واستقامتهم عليه.
إن من العيب والعار أن تجدوا ولي أمر يبحث عن ابنه في الثانوية ليكتشف في النهاية أن ابنه قد رسب في الثانية المتوسطة، وأنه ترك الدراسة منذ سنتين!.
يا أيها الآباء: كم من ابن كانت بداية انحرافه من المدرسة! وكم من فتاة تعلمت المعاكسات من خلال صديقات السوء في المدرسة! والمتابعة الدائمة بعد حفظ الله وقاية بإذن الله من الانحراف والزلل.
يا معشر الأولياء: إن من القضايا المهمة التي لا بد أن تكون واضحة في أذهانكم قضية حسن اختيار المدرسة بأن يكون القائمون عليها من أهل الخير والصلاح، فإن صلاحهم صلاحٌ لولدك، وحماية الولد وسلامة أفكاره أغلى من كل شيء.
وأخيراً، أيها الأب المبارك، أضع أمامك ثلاث قضايا مختصرة، أولاها: المدرسة هي التي تشكل عقلية ولدك، وتصنع أخلاقه وأفكاره وسلوكه، فاختر من المدارس أصلحها إدارةً وأساتذةً ولو بَعُدَ مكانها، فلا تستكثر البذل، ولا تستطيل الطريق في سبيل صلاح ولدك، وسلامة أفكاره، وحسن سلوكه وسريرته.
وثانيها: إن الأبناء قدرات ومواهب متفاوتة، فإياك والإلحاح على ولدك في متابعة دراسته بعد أن يتحصل على العلم الأساسي الذي لا يستغني عنه أحد! وذلك لأن إجباره على إكمال الدراسة ربما كان عائقاً له عن تحقيق ميوله ورغباته في تعلم حرفة أو صنعة ما، وليست المدرسة هي الطريق الوحيد للتحصيل العلمي، فلا بد من إعطاء الولد الفرصة للاختيار، مع تقديم النصح والإرشاد الأبوي الخالص، المبني على المعرفة الصحيحة بقدرات الولد وميوله وإمكاناته العقلية والنفسية.
وثالثها: إن ترك البنات يذهبن مع السائق إلى المدرسة ويرجعن معه يعد صورة من صور انعدام الرجولة وفقد الغيرة، وكم من المآسي الاجتماعية والمصائب الأخلاقية حدثت بسبب هذا التساهل! ولا أظنك -يا أخي- ممن يهون عليه عرضه وشرفه في سبيل راحة جسده.
أصلح الله لنا ولك البنات والذريات، ووفقنا للباقيات الصالحات.
صلوا وسلموا على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة...