البحث

عبارات مقترحة:

المهيمن

كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

الرءوف

كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...

السلام يا أمة الإسلام (1) فضله ومكانته

العربية

المؤلف أحمد بن ناصر الطيار
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. الأخوة الإيمانية أقوى من كل رابطةٍ وصلة .
  2. من أعظم أسباب الألفة والمحبة والترابط .
  3. معاني اسم الله السلام .
  4. إفشاء السلام من محاسن الإسلام .
  5. أحكام السلام الفقهية .
  6. إفشاء السلام من أسباب المحبة والألفة بين المسلمين .
  7. حكم السلام على النساء من غير المحارم. .

اقتباس

إن الأمة لا تكون أمةً واحدة, ولا يحصل لها قوةٌ ولا عزةٌ, حتى ترتبط بالروابط الدينية, حتى تكون كما وصفها نبيُّها -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "المؤمن للمؤمن كالبنيان, يشد بعضه بعضًا"، لقد أرستِ الشريعة الإسلاميةُ أُسُسَ تلك الروابطِ والأواصر, فشرع اللهُ ورسولُه للأمة ما يؤلف بينها, ويقوي وِحْدَتَهَا, ويحفظ كرامتها وعزتها, ويجلب المودة والمحبة، ومن أعظم أسباب الألفة والمحبة والترابط: السلام...

الخطبة الأولى:

الحمد لله له ما في السماوات وما في الأرض، وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، الذي جاهد في الله تعالى من غير توانٍ ولا تقصير, صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه الذين اتبعوه ونصروه، واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون, وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم يرجعون، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله ، واعلموا أن الإخوة الإيمانية أقوى من كل رابطةٍ وصلة, فيومُ القيامة لا أنساب بيننا, والأخِلَّاءُ يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين, فلابدَّ أن نُنَمِّيَ هذه الأُخوة, ونقوّي هذه الرابطة, بفعل الأسباب التي شرعها الله لنا ورسوله.

أيها المسلمون: إن الأمة لا تكون أمةً واحدة, ولا يحصل لها قوةٌ ولا عزةٌ, حتى ترتبط بالروابط الدينية, حتى تكون كما وصفها نبيُّها -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "المؤمن للمؤمن كالبنيان, يشد بعضه بعضًا".

لقد أرستِ الشريعة الإسلاميةُ أُسُسَ تلك الروابطِ والأواصر, فشرع اللهُ ورسولُه للأمة ما يؤلف بينها, ويقوي وِحْدَتَهَا, ويحفظ كرامتها وعزتها, ويجلب المودة والمحبة.

ومن أعظم أسباب الألفة والمحبة والترابط: السلام.

والسلام كما قال ابن القيم -رحمه الله-: "اسمٌ من أسماء الرب -تبارك وتعالى-, فهو السالم من كل آفة وعيب, ونقص وذم, فإن له الكمالَ المطلقَ من جميع الوجوه, والسلام يتضمن سلامةَ أفعاله من العبث والظلم, وخلافِ الحكمة, وسلامة صفاته من مشابهة صفات المخلوقين, وسلامةَ ذاته من كل نقص وعيب, وسلامةَ أسمائه من كل ذم, فاسم السلام يتضمن إثبات جميع الكمالات له, ونفي جميع النقائص عنه.

وأما قول المسلِّم: السلام عليكم, فهو إخبار للمسلَّم عليه بسلامته من غِيْلَةِ المسلِّم, وغشِّه ومَكْره, ومكروهٍ يناله منه, فيرد الراد عليه مثل ذلك, أي: فعل الله ذلك بك وأحلَّه عليك". ا.هـ كلامه.

السلام أمّة الإسلام: تحيةُ المسلمين, وأتم هذه التحية وأكملُها: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، فهو دعاءٌ للمسلَّم عليه بالسلامة والرحمة والبركة.

والسلام من محاسن الإسلام, وابتداؤه سُنة عند اللقاء، على من عرفت ومن لم تعرف، من صغير وكبير، وغني وفقير، وشريف ووضيع، وهو يتضمن تواضع الْمُسلِّم، وأنه لا يتكبر على أحد، فمن بدأ الناس بالسلام فقد برئ من الكبر, وأولى الناس بالله من بدأهم بالسلام, وأبخل الناس الذي يبخل بالسلام.

وهو تحيةُ المسلمين التي جاء به الإسلام (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً) [النور: 61]، والسلام تحيةُ المسلمين في الدنيا والآخرة (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ) [الأحزاب: 44].

يُسَلِّمُ عليهم الرب الكريم, وتسلم عليهم الملائكة, ويسلم بعضهم على بعض, وقد سلموا من كل آفة ونقص.

والسلام عبادة عظيمةٌ، أَمرنا الله به وحثنا عليه، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا) [النور: 27].

ولو دخلت بيتك وليس فيه أحد، فالمشروع في حقك السلام أيضاً.

قال تعالى: (فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً) [النور: 61].

والسلام تحية الأنبياء والملائكة عليهم السلام.

قال تعالى: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ) [الذاريات: 24- 25].

والسلام من أعظم الأعمال، وأجلِّ الخصال.

سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيُّ الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» (متفق عليه). والكثير من الناس لا يسلّم إلا على معارفه وأحبابه، وهذا مُخالفٌ للسنة ولمكارم الأخلاق.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن أولى الناس بالله من بدأ بالسلام". (رواه أبو داود وصححه الألباني)، فأوْلى الناس بالله من يبدأ الناس بالسلام، فهنيئًا له هذه المنزلة العظيمة الرفيعة.

والسلام أيها المسلمون: من أعظم أسباب دخول الجنة.

عن عبدِ الله بن سلام -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يا أيها الناس! أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصَلُّوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).

والسلام من حق المسلم على أخيه المسلم, ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "حق المسلم على المسلم ست، -وذكر منها-: إذا لقيته فسلِّم عليه"..

فحقُّ المسلم عليك أيها المسلم, أنْ تُسلّم عليه إذا لقيتَه أو مَرَرْتَ عليه, سواءٌ عرفتَه أو لم تعرفْه.

بل أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسلام وحث وأكدّ عليه.

فعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِسَبْعٍ, –وذكر منها-: وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ". (متفق عليه).

فالذي يمرّ على الناس ولا يُسلم عليهم, قد خالف أَمْرَ نبيّه وإمامِه -صلى الله عليه وسلم-, وتسبّب في نُفرةِ القلوب وضيقِها؛ لأن إفشاء السلام من أسباب المحبة والألفة بين المسلمين، وتركُها يقطع هذه الألفة والمحبة, كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا, ولا تؤمنوا حتى تحابوا, ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» (رواه مسلم).

ولَمَّا عَلِمَ السلف الصالح بفضل السلام، وأجرِه ومنزلتِه، حرصوا على نشره وإفشائه بين الناس.

فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما, يذهب إلى السوق كثيرًا لأجل السلام, فلا يَمُرُّ على أحدٍ إلا سلم عليه.

ويقولُ أبو بكر رضي الله عنه للأغر المزني: "لا يَسْبِقْكَ أحد إلى السلام".

والعجيب أن يزهد كثيرٌ من الناس في هذه السنة العظيمة، والتحيّة الكريمة.

فما أجمل أنْ تُعوّد نفسك إفشاءَ السلام أيها المسلم, فلا تمرّ بأحدٍ إلا بادرتَه بالسلام, وإن زدّت على ذلك بشاشةً وابتسامةً فهو نورٌ على نور.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق, ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا به وتوحيدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا مزيدًا.

أما بعد: أيها المسلمون, وينبغي إفشاءُ السلام بين الرجال والنساء, والصغار والكبار. ولكن هل يجوز السلام على النساء غير المحارم أم لا؟ ثبت فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيّ, أَنّ الصّحَابَةَ كَانُوا يَنْصَرِفُونَ مِنْ الْجُمُعَةِ, فَيَمُرّونَ عَلَى عَجُوزٍ فِي طَرِيقِهِمْ فَيُسَلّمُونَ عَلَيْهَا.

قال ابن القيم -رحمه الله-: "وَهَذَا هُوَ الصّوَابُ فِي مَسْأَلَةِ السّلَامِ عَلَى النّسَاءِ, يُسَلَّمُ عَلَى الْعَجُوزِ وَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ, دُونَ غَيْرِهِنّ". ا.هـ.

فبادر أيها المؤمن بإفشاء السلام, لِتَنْعم بالأجر العظيم , وتفوزَ بالقرب والرضا من الرب الرحيم, وإذا سلّم عليك أخوك المسلم, فردَّ عليه التحيةَ بمثلها أو بأحسنَ منها, ولْيكُنْ ذلك ببشاشة وإطلاق وجه, وبجوابٍ يسمعه, وقد عدَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- «ابتسامتك في وجه أخيك صدقة», وقال أيضًا: «لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق».

نسأل الله أنْ يجعلنا مُباركين أينما كنّا, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.