البحث

عبارات مقترحة:

القهار

كلمة (القهّار) في اللغة صيغة مبالغة من القهر، ومعناه الإجبار،...

العليم

كلمة (عليم) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

لصوص رمضان

العربية

المؤلف عادل العضيب
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصيام
عناصر الخطبة
  1. الحكمة من تشريع الصيام .
  2. لصوص الفضيلة وقنوات الرزيلة .
  3. وجوب الحذر من سراق رمضان .
  4. مقاطعة الإعلام الهدام مسئولية من؟ .

اقتباس

نعم هذا واقع قنوات الشر والفساد، لصوص رمضان سُرَّاق الحسنات، جنود إبليس فقد استعدت قنوات الفساد والإفساد لرمضان من فترة ببرامج ومسلسلات تنبئ عن فجور جاوز المدى وتعدى الحدود .. لقد دخلت هذه القنوات في تنافس مخزٍ لنشر الرذيلة وحرب الفضيلة وإفساد رمضان، فجور على إثر فجور وضلال يتبع ضلال، أما يكفيكم فجور عام كامل، أما تكفيكم ذنوب الملايين في عام كامل حتى جئتكم للزمان الفاضل الذي تعظم فيه السيئات فحملتم أوزار الملايين تحملونها على ظهوركم يوم القيامة، ألا ساء ما حملتم وبئس ما حملتم...

الخطبة الأولى:

الحمد لله المطلع على ظاهر الأمر ومكنونه العالم بسر العبد وجهره وظنونه، المتفرد بإنشاء العالم وإبداع فنونه، أحسن كل شيء خلق، وفتق الأسماع وشق الحدق، وأحصى عدد ما في الشجر من ورق، أحمده على جوده وإحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في إلوهيته وسلطانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المؤيَّد ببرهانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه وسلم تسليما كثيراً.

أما بعد: فيا عباد الله أيها المسلمون: فرض الله الصيام وأوجبه على هذه الأمة كما أوجبه على الأمم السابقة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ) ثم بين الله -جل وعلا- الهدف والغاية من فرض الصيام بقوله -جل وعلا- (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].

فالله لم يفرض الصيام لنجوع ولا لنعطش ولا لنتعب، وإنما لنزداد إيمانًا وتقوى (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) يبيّن هذا ويوضحه أحسن بيان رسولنا الكريم -عليه الصلاة والسلام- حين قال: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه شرابه".

وصدق عليه الصلاة والسلام "ليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"؛ لأن الله لم يفرض الصيام لمجرد الجوع والعطش، وإنما فرضه لتتربى النفوس وتتهذب ليصلح القلب وتسكن الجوارح.

ومن رحمة الله –تعالى- بهذه الأمة أنه صفَّد الشياطين في هذا الشهر في تهيئة رائعة بديعة للأجواء الإيمانية في هذا الشهر المبارك، لكن أتباع الشيطان وجنده من بني الإنسان أبوا إلا أن يحملوا اللواء لما صفد أسيادهم ولسان حالهم: لئن صُفد الأسياد فنحن بالمرصاد، سنسير على طريقهم ونكمل مشوارهم ونقوم بدورهم على أكمل وجه حتى يأتي وقت الفكاك.

فقد أعددنا من البرامج والمسلسلات ما يجرح صيامكم ويذهب أجركم، ستطيعون بالنهار وتعصون بالليل، ستصمون بالنهار وتفجرون بالليل، ستجمعون الحسنات بالنهار ونذهبها بالليل، ستبنون بالنهار ونهدم ما بنيتم بالليل.

نعم هذا واقع قنوات الشر والفساد، لصوص رمضان سُرَّاق الحسنات، جنود إبليس فقد استعدت قنوات الفساد والإفساد لرمضان من فترة ببرامج ومسلسلات تنبئ عن فجور جاوز المدى وتعدى الحدود، والكارثة والمصيبة أن هذه القنوات تعود لملاك ينتسبون للإسلام ويشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

لقد دخلت هذه القنوات في تنافس مخزٍ لنشر الرذيلة وحرب الفضيلة وإفساد رمضان، فجور على إثر فجور وضلال يتبع ضلال، أما يكفيكم فجور عام كامل، أما تكفيكم ذنوب الملايين في عام كامل حتى جئتكم للزمان الفاضل الذي تعظم فيه السيئات فحملتم أوزار الملايين تحملونها على ظهوركم يوم القيامة، ألا ساء ما حملتم وبئس ما حملتم (لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ) (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) [العنكبوت:13].

وقال عليه الصلاة والسلام "... وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ, كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ, لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أوزارهم شَيْئًا".

تجدون صحائف الأعمال يوم القيامة مليئة بسيئات لم تعملوها لكنكم أنتم من دعا لها وحث عليها ورغب فيها، هدمتم العقيدة وأفسدتم الأخلاق وأشعتم الفاحشة وأخذتم بالشباب والشابات بل والشيبة إلى طريق النار، لقد قال الله -جل وعلا-: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النور:19].

هذا من يحب بقلبه ولم يعمل، فكيف بمن يدفع الأموال ويبذل الأوقات، ويأتي بأهل الخبرة ليتفننوا في إخراج البرامج والأفلام والمسلسلات التي تثير الغريزة وتوقد نار الشهوة وتدعو للرذيلة.

كيف بمن يدعو للفاحشة والرذيلة في هذا الشهر المبارك، لا رفع الله لهم قدرًا ولا خفف عنهم وزرًا، يا جند الشيطان وحزبه أيعقل هذا؟! في رمضان، في ليالي الرحمة، في ليالي التوبة هزّ ورقص، تبرج وتفسخ وعري، حب وغرام، غناء ومجون يستحي منه الفجور.

أظن لو أن الفجور نطق لقال لكم: استحوا من الله فأنتم في رمضان، استحوا من الله فقد صُفدت الشياطين وأنتم تقومون بدورهم، استحوا من الله فهذه الأيام تشترى بالدماء والأموال.

يا ملاك القنوات الفاسدة ما لكم لا ترجون لله وقارا، ما لكم لا تعظّمون ما عظم الله (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).

ألا تخشون عقوبة الله، أما علمتم أن الله يغار وإذا غار عذب، أتظنون أن الله غافل (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ) [إبراهيم:42].

لا إله إلا الله ما أعظم موقفكم غدا بين يدي الله! يقف العبد بين يدي ربه بقلب وجل وهو يحمل ذنبًا فكيف بمن يحمل ذنوب الملايين، عياذا بالله.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ) [الأنعام:30].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وصلى الله وسلم وبارك على خير البشر نبينا محمد وعلى آله وصحبه سادة البشر وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد: فيا معاشر المسلمين: كما أن ملاك قنوات الشر يحملون ذنوب الملايين الذين يتابعون هذه القنوات وما يعرض فيها من حرام، فالآباء يحملون ذنوب الأبناء والزوجات والبنات، يوم وضعوا لهم هذه القنوات فلا يسمعون فيها أغنية ولا يرون امرأة ولا يقعون في معصية بسبب هذه القنوات إلا كانت في ميزان السيئات لآبائهم يوم القيامة.

وهم بذلك يخونون الأمانة ويضيعون الرعية، ويخشى أن ينطبق عليهم قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشّ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة" (رواه مسلم).

فاجعلوا رمضان شهرًا لتطهير البيوت من قنوات الشر، أخرجوها من بيتكم لله خوفًا من الله وتعظيمًا لحرمات الله، أخرجوها قبل أن تخرجوا من الدنيا ويبقى وزرها عليكم.

وتذكروا أن هؤلاء الذين جلبتم لهم هذه القنوات سيفرون منكم يوم القيامة (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس: 34-  37].

عباد الله: الموفّقون في هذا الشهر تركوا الحلال الذي يشغلهم عن رمضان، منهم من ودّع مواقع التواصل إلى أن ينقضي رمضان، ومنهم من ودَّع السهر والاستراحات إلى أن ينقضي رمضان، بل منهم من ودَّع الزوجة إلى أن ينقضي رمضان.

يصدق عليهم قول القائل:

إِنَّ للهِ عِبَادًا فُطَنَا

طَلَّقُوا الدُّنيَا وخَافُوا الفِتَنَا

نَظَروا فيهَا فَلَمَّا عَلِمُوا

أَنَّهَا لَيْسَتْ لِحَيٍّ وَطَنَا

جَعَلُوها لُجَّةً واتَّخَذُوا

صَالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا

اللهم اجعلنا من الموفقين..

عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله، اللهم صلّ وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك ونبيك محمد وارض اللهم عن الصحابة أجمعين والتابعين وتابعي التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.