البحث

عبارات مقترحة:

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

الرءوف

كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...

العليم

كلمة (عليم) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

جمعة ما بعد رمضان

العربية

المؤلف عبدالله بن عياش هاشم
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصلاة - الصيام
عناصر الخطبة
  1. فرح المؤمنين بالطاعة .
  2. أنوع الصيام بعد رمضان .
  3. صلاة الليل وأهميتها .
  4. الحرص على دوام الطاعة. .

اقتباس

داوم على طاعة الله، واستمر في العمل في مرضاته، واترك ما اعتدْتَ تركُهُ في رمضان، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين، وإياك والتواني بعد العزم، واحذر بعد أن ذُقتَ حلاوةَ الطاعة أن تعود إلى الإثم، فما أعظم البشرى من الله للطائعين...

الخطبة الأولى:

إِنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]. (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70، 71].

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أما بعد: فأوصيكم ونفسي الخطاءة بوصية الله -سبحانه وتعالى- لعباده، فاتقوا الله في السر والعلن.

عباد الله: لَا يَعْدِلُ الْفَرَحَ بِإِتْمَامِ الطَّاعَةِ فَرَحٌ آخَرُ؛ لِأَنَّهُ فَرَحٌ بِمَا يُرْضِي اللهَ تَعَالَى. وإِنَّ أَهْلَ الْإِيمَانِ يَفْرَحُونَ بِاللَّـهِ -تَعَالَى- لِأَنَّهُ رَبُّهُمْ، وَيَفْرَحُونَ بِالْقُرْآنِ لِأَنَّهُ كَلَامُهُ، وَيَفْرَحُونَ بِالشَّرْيِعَةِ لِأَنَّهَا أَحْكَامُهُ، وَيَفْرَحُونَ بِالصِّيَامِ لِأَنَّهُ فَرِيضَةٌ مِنْ فَرَائِضِهِ.

وَيُتَوِّجُ هَذِهِ الْفَرْحَةَ الْفَرْحُ بيَوْمِ الْعِيدِ، فَيَفْرَحُ بِأَنَّ اللهَ -تَعَالَى- أَبْقَاهُ سَلِيمًا مُعَافًى حَتَّى أَتَمَّ صِيَامَ الشَّهْرِ، وَيَفْرَحُ بِمَا يَرْجُو مِنْ قَبُولِ صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ وَإِحْسَانِهِ الشَّهْرَ كُلَّهُ، يَنْتَظِرُ فَرْحَةً أَعْظَمَ وَأَكْبَرَ وَهِيَ فَرَحُهُ بِلِقَاءِ رَبِّهِ تعالى لِيُثِيبَهُ عَلَى صِيَامِهِ، كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: "إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ".

أيها المسلمون: مضى شهر رمضان، مضى شهر الصيام والقيام والقرآن، السنة كلها -لمن أحياه الله ووفقه وعافاه- مجال رحب للعمل الصالح، والتزود من أعمال البر.

فالصيام -عباد الله- مشروع بعد رمضان في أشكالٍ كثيرة، أولها صيام ست من شوال، فعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر" [رواه مسلم].

وكل شوال وقت لها عدا يوم العيد، ويصح صيامها متتابعة كما يصح صيامها متفرقة، ومن كان عليه أيام من رمضان فالأولى أن يبدأ بصيام الأيام التي عليه وفاء للذمة، ثم يصوم الست، إلا إن خشي فواتها.

أيها المسلمون: وأفضل الصيام بعد صيام رمضان، صيام داود -عليه الصلاة والسلام-، وكان -عليه الصلاة والسلام- يصوم يومًا ويفطر يومًا.

ومن الصيام المسنون صيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ ومنه صيام الاثنين والخميس, وصيام يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والتي بعده, وصيام يوم عاشوراء مكفر للسنة التي قبله. فلا تحرم نفسك -أخي المسلم- من نيل نصيبها من الصيام في بقية أيام العام.

أيها المسلمون: لقَدْ قَالَ كان -صلى الله عليه وسلم- حريصًا على الصلاة، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ". أَيْ: جُعِلَ سُرُورُه وسكون نفسه فِي الصَّلاَةِ؛ فكان -صلى الله عليه وسلم- يفزع إليها في الملمات.

ويتلذذ -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة خاصة في جوف الليل، (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) [المزمل: 20].

واحذر -أخي المسلم- من أن تكون ممن وفقه الله لفعل الخيرات في رمضان، ثم ينكص على عقبيه، فهَدَم ما بَنَى، وتنقَض ما غزَل، فتهاوَنَ في صلاته، ولا حَظَّ به مِنْ صيامٍ أو صدقَةٍ أو نُسُكٍ، فأَفْلَس بعد غِنى، نعوذ بالله من ذلك.

اللهم إنا نعوذ بك أن نُبَدِّلَ نِعْمَتَك كُفرًا ونحن نستقبلُ أيامَ العيد، ونعوذ بك من الحور بعد الكور.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ...

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة: 281].

 عبدالله: داوم على طاعة الله، واستمر في العمل في مرضاته، واترك ما اعتدْتَ تركُهُ في رمضان، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين، وإياك والتواني بعد العزم، واحذر بعد أن ذُقتَ حلاوةَ الطاعة أن تعود إلى الإثم، فما أعظم البشرى من الله للطائعين.

اللهم وفقنا لعمارة الأوقات، واغتنام الباقيات الصالحات، وأعنّا على فعل الخيرات، وترك المنكرات، واجعلنا ممن أعتقت رقابهم من النار، وفازوا بأعلى الدرجات، واغفر لنا ولوالدينا ولعموم المسلمين.

إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجعلنا من الذين قبلت منهم رمضان، وأعتقتهم ووالديهم وأزواجهم وذرياتهم من النيران.

اللهم اجعلنا ممن صام رمضان إيماناً واحتساباً فغَفَرتَ له ما تقدم من ذنبه، وممن قام رمضان إيماناً واحتساباً فغَفَرتَ له ما تقدم من ذنبه، وممن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً فغَفَرتَ له ما تقدم من ذنبه.

الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، ونعوذ بك من البلاء والغلاء وسيء الأدواء.

اللهم احفظ جندنا المرابطين في الثغور وفي الحدود وأيِّدهم وانصرهم على عدوهم، ورُدَّهم لأهلهم سالمين غانمين.

الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ.

الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...