البحث

عبارات مقترحة:

الخالق

كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...

الرءوف

كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...

البارئ

(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...

دعوى اليهود أن الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس

العربية

المؤلف
القسم موسوعة الشبهات المصنفة
النوع صورة
اللغة العربية
المفردات الجنة - النار
الجواب التفصيلي:

يدعي اليهود أن الدار الآخرة عند الله خالصة لهم من دون الناس؛ لأنهم أولياء لله، ويدعون أنهم على هدى، وأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على ضلالة.

* قال سبحانه وتعالى: قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة: 94]

وجوه إبطال الشبهة:

1) هذه دعوى باطلة لأنها لا دليل عليها.

2) إحجامهم عن تمني الموت - الذي يوصلهم إلى الدار الآخرة - دليل كذبهم وبطلان دعواهم.

3) إحجامهم عن المباهلة[1] لتعلقهم بالحياة وخوفهم من سوء عاقبتهم دليل ضلالهم وافترائهم.

التفصيل: أولا. بطلان دعوى اليهود:

هذه دعوى من دعاوى اليهود الباطلة التي سبقتها وتلتها دعاوى أخرى منها

* قولهم: وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة: 111]

* وقولهم: وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ۖ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [المائدة: 18]

* وقولهم: وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً ۚ قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ ۖ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [البقرة: 80]

* وقولهم: وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [البقرة: 135]

وهم هنا يزعمون أن الدار الآخرة وهي الجنة خاصة لهم لن يشركهم فيها أحد، وأن نعيمها وثوابها خالص لهم سالم من الشوائب؛ لأنهم أولياء لله من دون الناس، وهذه الحجة كما ترى تتعلق بفائدة الإيمان ومثوبته في الحياة الأخرى، وكل هذا الكلام مرسل، وخبر لا دليل على صحته، بل إن الواقع وحال كل من اليهود والنصارى يكذبه.

ثانيا. دليل كذب اليهود:

* يقول الله - عز وجل - رادا عليهم دعواهم: قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة: 94]

أي: إن صحت دعواكم وصدق قولكم: إن الدار الآخرة خالصة لكم من دون الناس؛ لأنكم أولياء لله، وأنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتكم، وإنكم شعب الله المختار، فلن تمسكم النار إلا أياما معدودات لا تزيد على أيام عبادة العجل؛ فتمنوا الموت الذي يوصلكم إلى ذلك النعيم الخالص الدائم الذي لا منازع لكم فيه ولا مزاحم لكم ولا مشارك، وإن لم تتمنوا الموت فما أنتم بصادقين؛ إذ لا يعقل أن يرغب الإنسان عن السعادة ويختار عليها الشقاء، وفي هذه حجة عظيمة للمسلمين على اليهود تدفع باطلهم وتزهقه.

ووجه هذه المحاجة أن من اعتقد أنه من أهل الجنة كان الموت أحب إليه من البقاء في هذه الحياة الدنيا لما يصير إليها من نعيم في الآخرة، ولما يتركه من كدر الحياة الدنيا وأذاها، فلو كنتم صادقين معشر اليهود فيما زعمتم أن الدار الآخرة خالصة لكم والجنة خاصة بكم دون سواكم فتمنوا الموت، وهذه دعوى إلى قضية عادلة لفصل ما بين المؤمنين وهؤلاء من الخلاف، إذ لو كانوا محقين في زعمهم قرب المنزلة من الله فإن ذلك غير ضارهم، ولكنهم في الحقيقة كاذبون في دعواهم فلم يتمن أحد منهم الموت وأحجموا عن ذلك التمني؛ فرقا من عذاب الله وخوفا من سوء العاقبة، إذ هم يعلمون سوء صنيعهم وقبح أعمالهم، وأنهم إن تمنوا الموت هلكوا في الدنيا والآخرة،

* ولذا قال سبحانه وتعالى: وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ [البقرة: 95]

فظهر بامتناعهم بطلان قولهم[2].

ثالثا. حرصهم على الحياة وإحجامهم عن المباهلة:

ومن ردود القرآن على دعواهم هذه أن دعاهم إلى المباهلة وقال لهم: إن كنتم تعتقدون أنكم أولياء الله من دون الناس وأنكم أبناء الله وأحباؤه وأنكم من أهل الجنة ومن عداكم من أهل النار فباهلوا على ذلك وادعوا على الكاذبين منكم أو من غيركم، واعلموا أن المباهلة تستأصل الكاذب لا محالة، فلما تأخروا علم كذبهم، وهذا كما دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد نجران من النصارى بعد قيام الحجة عليهم في المناظرة وعتوهم وعنادهم في المباهلة،

* فقال سبحانه وتعالى: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [آل عمران: 61]

فلما رأوا ذلك قال بعض القوم لبعض: والله لئن باهلتم هذا النبي لا يبقى منكم عين تطرف، ومثل هذا المعنى السابق، أو قريب منه قول الله - عز وجل - لنبيه:

* أن يقول للمشركين: قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَٰنُ مَدًّا ۚ حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا [مريم: 75]

أي من كان في الضلالة منا ومنكم فزاده الله مما هو فيه ومد له واستدرجه.

وكانت المباهلة على هذا النحو بالموت؛ لأن الحياة عند هؤلاء عزيزة عظيمة لما يعلمون من سوء مآلهم بعد الموت،

* ولهذا قال سبحانه وتعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ [البقرة: 96]

الخلاصة:

·أمر القرآن اليهود بتمني الموت إن كانوا صادقين في دعواهم حتى يظفروا بالدار الآخرة.

·عدم وجود دليل على دعواهم هو في حد ذاته دليل كذبهم وبطلان دعواهم.

·دعوة القرآن اليهود إلى المباهلة والمناظرة التي تستأصل الكاذب.

·إحجام اليهود عن المباهلة؛ لتعلقهم بالحياة، وخوفهم من سوء عاقبتهم، هو من الأدلة القوية على كذبهم فيما يدعونه.

المراجع
  1. (*) الآية التي وردت فيها الشبهة: (الجمعة/ 6). الآيات التي ورد فيها الرد على الشبهة: (البقرة/ 94، 97، الجمعة/ 6: 8، آل عمران/ 61، مريم/ 70).
  2. المباهلة: اجتماع القوم إذا اختلفوا في شيء فيقولوا: لعنة الله على الكاذب والظالم منا.
  3. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، ج2، ص32، 33 بتصرف.
  4. في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، مصر، ط13، 1407هـ/ 1987م، ج1، ص84، 83 بتصرف.
  5. للمزيد انظر: التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور، دار سحنون، تونس، د. ت، مج3، ج3، ص266: 264.
  6. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، ج4، ص104 بتصرف.