البحث

عبارات مقترحة:

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

وجوب طاعة الله وعبادته دون سواه

العربية

المؤلف صلاح بن محمد البدير
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التاريخ وتقويم البلدان - التوحيد
عناصر الخطبة
  1. ظهور عظمة الله في آياته ومخلوقاته .
  2. أعظم الذنوب الإشراك بالله .
  3. فضل الاعتبار بمخلوقات الله الدالة عليه .
  4. ثمرة توقير الله وتعظيمه في النفوس .

اقتباس

ومن فهم ما في هذه المخلوقات من الحكم الدالة على عظمة الخالق وقدرته ورحمته وحكمته لم يلجأ عند مرضه وشدته إلى ساحرٍ أو كاهن أو مشعوذٍ أو دجال يفسد عليه دينه وعقيدته، ولم يتعلق قلبه بحلقٍ يلبسها أو خيوطٍ يربطها أو تمائم يعلقها أو شاةٍ للجن يذبحها، بل يتوجه إلى الله.. بل يتوجه إلى الله.. بل يتوجه إلى الله بالطلب والدعاء والتضرع والرجاء والمسألة والنداء؛ لأن الله هو النافع الضار ..

 

 

الحمد لله.. الحمد لله الكبير المتعال.. أحمده على ما تفضل به من جزيل النوال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. تقدّس عن الأشباه والأمثال، وجل عن صفات المخلوقين من الفناء والزوال..
وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله.. المنعوت بكريم الخصال وشريف الخلال، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه.. خير صحبٍ وأكرم آل.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضل زاد وأحسن عاقبةٍ في معاد: (..إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) [هود:49].

أيها المسلمون: خلق الله الخلق العجيب والكون المهيب؛ دلالةً وحجةً على ذاته وصفاته وعظمته وكبريائه وكمال قدرته وجليل آياته، لا يُوصف بشيء من مخلوقاته، بل صفاته قائمةٌ بذاته.. كل شيءٍ تحت قهره وتسخيره، وكل شيءٍ تحت تدبيره وتقديره، ولي كل شيء بعز جلاله وعظمة سلطانه، المتصرف في خلقه بما يشاء.. المتفرد بالدوام والبقاء.. المالك للثواب والجزاء..

الواحد الأحد.. الفرد الصمد، لا مُغالب له ولا ممانع.. ولا معقب لحكمه ولا منازع.. ولا مناهض لأمره ولا مدافع.. قهر كل شيءٍ بقدرته.. قهر كل شيء بقدرته، ودان كل شيءٍ لعظمته.. الخالق البارئ المصور.. المدبر المسخر المقدر، ليس له من خلقه نظيرٌ يساميه ولا قريبٌ يدانيه..

وهو الذي مد الأرض ومهدها في الطول العرض، وثبتها بالجبال الراسية، وشق فيها الأنهار الجارية، وجعلها فراشاً ومعاشا، يتردد الناس في أقاليمها وأرجائها، ويمشون في مناكبها وأقطارها: (وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ..) [الرعد:4].. هذه سبِخةٌ مالحة وهذه طيبةٌ صالحة وهذه مرملِة وهذه محجرة: (.. وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ..) [لقمان:10].

أنبت الأرض والثرى.. أنبت الأرض والثرى، وفلق الحب والنوى، وكان الثمر حطبًا ثم صار بقدرته عنبًا ورطَبا.

خلق السماء بلا وتد.. خلق السماء بلا وتد، ورفعها بلا عمد، وجعلها عالية البناء بعيدة الفناء مستوية الأرجاء مكللةً بالكواكب في الليلة الظلماء مزينةً بالنجوم الزاهرة والأفلاك الدائرة.. فلا فروج ولا شقوق ولا فقور ولا فتوق.

الشمس والقمر يتعاقبان والليل والنهار يتقارضان، خلق النار المحرقة والبحار المغرقة (.. وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ..) [الحج 65].. تسرح في البحر العجاج المتلاطم الأمواج إلى الأقاليم النائية والآفاق القاسية.. تحمل المنافع وتقل البضائع.

وجعل النجوم بحسنها وضوئها هدايةً لسالك القفار وراكب البحار ومواقيت للزروع والثمار..
خلقكم من نفسٍ واحدة، وصوركم فأحسن صوركم، وجعل لكم سمعاً تدركون به الأصوات وبصرًا تحسون به المرئيات، وجعل لكم اللباس والرياش، ورزقكم من صنوف المعاش.

ذلكم الله ربكم.. (ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الأنعام:102-103].

ولا أعظم ذنبا ولا أكبر جرما ممن جعل لله ندًّا وضدا؛ فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قلت: يارسول الله.. أي الذنب أعظم؟ (أي الذنب أعظم؟)، قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك " متفق عليه.

فويلٌ للذين يعبدون الحجارة الموات.. فويلٌ للذين يعبدون الحجارة الموات والأضرحة والأموات.. يذبحون لها القرابين ويجتمعون حولها طائفين وساجدين.. معتقدين أنها تنفع من دعاها وترفع من لاذ بحماها.. يتخذون أهلها شفعاء ووسطاء وينزلونهم منزلة الخالق في إجابة الدعاء وسماع النداء، ويروجون كذباً وزورا حديثاً موضوعا: (إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور).

وهو كذبٌ على الله وكذبٌ على نبينا وسيدنا محمدٍ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فيا سبحان الله! كيف أوجبوا له الشِّركة في العبادة وهي لا تملك نفعاً ولا ضراً ولا تجلب خيراً ولا تدفع شراً؟! ذلكم الله ربكم له الملك.. (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) [فاطر:13-14].

أيها المسلمون: من اعتبر بمخلوقات الله الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره وآياته لا يتعلق قلبه بأموات ولا يرجو نفعاً أو يخشى ضراً من رفات، بل يعلق قلبه بمولاه الذي لا يكشف ضر المضرورين سواه.. الخالق الذي خلق الكواكب النيرات والرياح المسخرات والسحب الحاملات والبحار الزاخرات والأجنة في بطون الأمهات وخلق جميع المخلوقات.

ومن فهم ما في هذه المخلوقات من الحكم الدالة على عظمة الخالق وقدرته ورحمته وحكمته لم يلجأ عند مرضه وشدته إلى ساحرٍ أو كاهن أو مشعوذٍ أو دجال يفسد عليه دينه وعقيدته، ولم يتعلق قلبه بحلقٍ يلبسها أو خيوطٍ يربطها أو تمائم يعلقها أو شاةٍ للجن يذبحها، بل يتوجه إلى الله.. بل يتوجه إلى الله.. بل يتوجه إلى الله بالطلب والدعاء والتضرع والرجاء والمسألة والنداء؛ لأن الله هو النافع الضار؛ فعن أبي تميمة عن رجل من قومه: أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قال: شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأتاه رجل فقال: أنت رسول الله؟ فقال: "نعم"، قال: فإلام تدعو؟ قال: "أدعو إلى الله وحده أدعو إلى الله وحده.. من إذا كان بك ضرٌّ فدعوته كشفه عنك، ومن إذا أصابك عام سنةٍ فدعوته أنبت لك، ومن إذا كنت في أرضٍ قفرٍ فأضللت فدعوته رد عليك"؛ فأسلم الرجل؛ أخرجه أحمد وأبو داود.

وإن يمسسك الله بضر.. (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) [الأنعام:17-18].

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيه من البينات والحكمة..
أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه.. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلَّم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: اتقوا الله وراقبوه، وأطيعوه ولا تعصوه.. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

أيها المسلمون: ومن تمكَّن وقارُ الله وعظمته وجلاله من قلبه لم يجترئ على معاصيه، ولم يتوثب على مناهيه.. وكيف يقدره حقَّ قدره، ويعظمه حق تعظيمه، ويوقره حق توقيره من هان عليه أمره فعصاه؟ وحقه فضيعه وتناساه؟ وقدَّم على طاعةِ ربه هواه؟ وآثر الدنيا على طلب رضاه؟ يستحي من الناس ولا يستحي من الله، ويخاف من نظر المخلوقين ويستخف بنظر الله، ويخشى الناس ولا يخشى من الله، ويطيع المخلوقين في معصية الله الذي لا يستحق كمالَ التعظيم و الإجلال والتألُّه، والخضوع والذل سواه.

وأي فلاح وأي رجاء يرجوه من أغضب ربه الذي لا بدل له منه، ولا عِوض له عنه، ولا حول له ولا قوة إلا به؟.. ولو كان العبد قوياً غنياً، ما يصنع العبد بعز الغِنى؟ والعزُّ كل العزِّ للمتقين..

من عرف الله فلم تغنه معرفة الله، فذاك الشقيُّ.. (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً؟ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) [طه:124-127].

ثم اعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكته المسبِّحة بقدسه، وأيَّه بكم -أيها المؤمنون- من جنه وأنسه، فقال قولا كريماً: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56].. اللهم صلِّ على نبينا وسيدنا محمدٍ بشيرِ الرحمة والثواب، ونذير السطوة والعقاب الشافع المشفَّع يوم الحساب اللهم وارض عن جميع آله وأصحابه، وعنا معهم بمنك ورحمتك وجودك يا كريمُ يا وهَّابُ.

اللهم آمنا في أوطاننا. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا، وأصلح له بطانته يا رب العالمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، وادفع عنا شر الكائدين ومكر الماكرين وعدوان المعتدين يا رب العالمين.

اللهم اشفِ مرضانا. اللهم اشفِ مرضانا. اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، وفكَّ أسرانا، وارحم موتانا، وانصرنا على من عادانا.

اللهم انصر جنودنا المرابطين على الحدود. اللهم انصر جنودنا المرابطين على الحدود. اللهم انصر جنودنا المرابطين على الحدود، اللهم احفظهم بحفظك، واكلأهم بعنايتك ورعايتك برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم تقبل من مات منهم في الشهداء، واشفِ مريضهم يا سميعَ الدعاء.

اللهم عليك بالمتسللين المعتدين الباغين الظالمين.

اللهم أدم على بلاد الحرمين الشريفين أمنها ورخاءها وعزها واستقرارها، واحفظ قادتها يا رب العالمين.

اللهم كن لإخواننا في فلسطين ناصراً ومعيناً ومؤيداً وظهيراً. اللهم فُكَّ حصار إخواننا في غزة. اللهم فك حصار إخواننا في غزة. اللهم فك حصار إخواننا في غزة، وانصرهم على عدوهم يا رب العالمين.

اللهم طهِّر المسجدَ الأقصى من رجس يهود. اللهم طهر المسجد الأقصى من رجس يهود.

اللهم أغثنا. اللهم أغثنا. اللهم أغثنا، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً، وحياً ربيعاً.. وجداً مطبقا غدقاً مغدقاً مونقا.. هنيئاً مريئاً مريعاً مرتعا مربعا..سائلاً مسبلاً مجللاً ديما درورا نافعاً غير ضار.. عاجلا غير رائف. اللهم أنزل في أرضنا زينتها وأنزل علينا في أرضنا سكنها. اللهم إنا خَلْقٌ من خلقك.. اللهم إنا خلق من خلقك.. اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلَك ، اللهم جُدْ علينا برحمتك وإحسانك، وتفضل علينا بغيثك وامتنانك. اللهم أنت الغني ونحن الفقراء؛ فلا تردنا خائبين برحمتك ياأرحم الراحمين.

أيها المسلمون:لقد دعا إمام المسلمين خادم الحرمين الشريفين إلى إقامة صلاة الاستسقاء يوم الإثنين القادم فأظهروا التوبة والإنابة، وتخلصوا من المظالم، وتسامحوا وتصافحوا، وتقربوا إلى مولاكم بالصدقة على الفقراء والعطف والإحسان إلى جميع الخلق .

استجابَ الله دعاءنا، وحقق رجاءنا، وغفر ذنوبنا.

عباد الله.. (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90].

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت:45].