الغفار
كلمة (غفّار) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (غَفَرَ يغْفِرُ)،...
العربية
المؤلف | باحثو مركز أصول |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | علم أصول الفقه |
مضمونُ السؤال: يريدُ السائلُ أن يقولَ: إننا إذا سلَّمنا أن المرادَ بفهمِ السلفِ - الذي لا يسَعُ أحدًا فهمُ الكتابِ والسنَّةِ إلا به - أنه هو الإجماعُ -: فلا جديدَ في ذلك - مِن وجهةِ نظرِهِ - لأن جماهيرَ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ بمذاهبِهم الأربعةِ الفقهيَّةِ: الحنفيَّةِ والمالكيَّة، والشافعيَّةِ والحنابلةِ، كلُّهم قائلون بحجِّيَّةِ الإجماع.
مختصَرُ الإجابة:
لإجماعِ السلفِ خَصُوصيَّةٌ؛ مِن جهةِ كونِهِ الأداةَ الكاشفةَ عن بِدَعِ الطوائفِ المنحرِفةِ؛ فكان لتخصيصِهِ بالحديثِ أهمِّيَّةٌ.
كما أن لتخصيصِ الحديثِ عن حجِّيَّةِ إجماعِ السلفِ أثرًا نفسيًّا معتبَرًا؛ لما لأئمَّةِ السلفِ في النفوسِ مِن الهَيْبة؛ ولذلك فقد احتَجَّ به وعظَّمه طوائفُ مِن المتكلِّمين؛ كالقاضي عبدِ الجبَّارِ المعتزِليِّ، والغزاليِّ مِن الأشعريَّة.
بل إن الحديثَ عن إجماعِ السلفِ في أصولِ الدِّينِ، أَوْلى مِن الحديثِ عن مطلَقِ الإجماع، أما مسائلُ الفروعِ والنوازلِ، فهذه قد لا يكونُ الإجماعُ فيها ظاهرًا في زمنِ السلفِ، وقد لا تكونُ المسألةُ مطروحةً في زمانِهم؛ فذِكرُ إجماعِ العلماءِ فيها أَوْلى وأَحْرى.
كما أن إجماعَ السلفِ يمتازُ عن إجماعِ غيرِهم: بأنه لا خِلافَ فيه، وبكونِهِ إجماعًا منضبِطًا. ومهما يكن، فالعِبرةُ بأن يُقِرَّ السائلُ بحجِّيَّةِ إجماعِ السلف، سواءٌ اتفَقَ معنا أو اختلَفَ فيما ذكَرْناهُ مِن أسبابٍ لتخصيصِ الحديثِ عنه.
الجوابُ التفصيليّ:
هذه الشبهةُ يُقصَدُ بها الطعنُ في منهجِ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ؛ بالطعنِ في أصلٍ مُهِمٍّ مِن أصولِهم، وهو حجِّيَّةُ إجماعِ السلفِ، رضيَ اللهُ عنهم.
والجوابُ عن هذه الشبهةِ تفصيلًا مِن وجوه:
1- العِبْرةُ بالإقرارِ بثبوتِ حجِّيَّةِ إجماعِ السلف، وليست بالإقرارِ بضرورةِ تناوُلِهِ في الحديثِ لدى التقاسيمِ والترتيباتِ الدراسيَّة:
فكونُ أمرٍ مِن الأمورِ لا يُذكَرُ في علمٍ مِن العلومِ، ليس معناه أنه لا قِيمةَ له، أو لا اعتبارَ لحقيقتِهِ؛ وإنما لأن غيرَهُ يُغْني عن ذِكرِه.
وعلى التسليمِ الجَدَليِّ بعدمِ وجودِ فائدةٍ لتخصيصِ الحديثِ عن حجِّيَّةِ إجماعِ السلفِ، فإن ذلك ليس قادحًا في نفسِ حجِّيَّةِ إجماعِ السلفِ، ولا في إلزاميَّتِهِ لمن انحرَفَ عن السنَّةِ، ووقَعَ في البِدَعِ والضلالِ؛ لأن العِبْرةَ بثبوتِ الإجماعِ منهم وإلزامِهِ، وليس بتسميتِهِ وإفرادِهِ بمصطلَحٍ خاصّ.
2- لإجماعِ السلفِ خَصُوصيَّةٌ؛ مِن جهةِ كونِهِ الأداةَ الكاشفةَ عن بِدَعِ الطوائفِ المنحرِفةِ؛ فكان لتخصيصِهِ بالحديثِ أهمِّيَّةٌ:
فإجماعُ السلفِ إنما برَزَ مِن حيثُ الأصلُ في مواجَهةِ أهلِ الابتداعِ الذين ظهَروا في العصورِ الثلاثةِ، وخالَفوا السنَّةَ في عددٍ مِن الأصولِ الشرعيَّة؛ فأبرَزَ أئمَّةُ السلفِ في وجوهِهم إجماعَ الصحابةِ والتابِعين، وكرَّروا هذا المعنى كثيرًا؛ لأنه مِن أقوى المضامينِ التي تبيِّنُ انحرافَ أولئك المبتدِعةِ عن الجادَّةِ في أصولِ الدِّين، وتَكشِفُ عن معالِمِ الجادَّةِ المستقيمةِ فيها.
وما زال ذلك الإجماعُ الذي توارَدَ عليه الصحابةُ والتابِعون وأتباعُهم مِن أقوى الحُجَجِ المبيِّنةِ لأصولِ الانحرافِ في أصولِ الدِّين، والضابطةِ لأصولِ الاستدلالِ عليها وتقريرِها.
الجوابُ التفصيليّ:
هذه الشبهةُ يُقصَدُ بها الطعنُ في منهجِ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ؛ بالطعنِ في أصلٍ مُهِمٍّ مِن أصولِهم، وهو حجِّيَّةُ إجماعِ السلفِ، رضيَ اللهُ عنهم.
والجوابُ عن هذه الشبهةِ تفصيلًا مِن وجوه:
1- العِبْرةُ بالإقرارِ بثبوتِ حجِّيَّةِ إجماعِ السلف، وليست بالإقرارِ بضرورةِ تناوُلِهِ في الحديثِ لدى التقاسيمِ والترتيباتِ الدراسيَّة:
فكونُ أمرٍ مِن الأمورِ لا يُذكَرُ في علمٍ مِن العلومِ، ليس معناه أنه لا قِيمةَ له، أو لا اعتبارَ لحقيقتِهِ؛ وإنما لأن غيرَهُ يُغْني عن ذِكرِه.
وعلى التسليمِ الجَدَليِّ بعدمِ وجودِ فائدةٍ لتخصيصِ الحديثِ عن حجِّيَّةِ إجماعِ السلفِ، فإن ذلك ليس قادحًا في نفسِ حجِّيَّةِ إجماعِ السلفِ، ولا في إلزاميَّتِهِ لمن انحرَفَ عن السنَّةِ، ووقَعَ في البِدَعِ والضلالِ؛ لأن العِبْرةَ بثبوتِ الإجماعِ منهم وإلزامِهِ، وليس بتسميتِهِ وإفرادِهِ بمصطلَحٍ خاصّ.
2- لإجماعِ السلفِ خَصُوصيَّةٌ؛ مِن جهةِ كونِهِ الأداةَ الكاشفةَ عن بِدَعِ الطوائفِ المنحرِفةِ؛ فكان لتخصيصِهِ بالحديثِ أهمِّيَّةٌ:
فإجماعُ السلفِ إنما برَزَ مِن حيثُ الأصلُ في مواجَهةِ أهلِ الابتداعِ الذين ظهَروا في العصورِ الثلاثةِ، وخالَفوا السنَّةَ في عددٍ مِن الأصولِ الشرعيَّة؛ فأبرَزَ أئمَّةُ السلفِ في وجوهِهم إجماعَ الصحابةِ والتابِعين، وكرَّروا هذا المعنى كثيرًا؛ لأنه مِن أقوى المضامينِ التي تبيِّنُ انحرافَ أولئك المبتدِعةِ عن الجادَّةِ في أصولِ الدِّين، وتَكشِفُ عن معالِمِ الجادَّةِ المستقيمةِ فيها.
وما زال ذلك الإجماعُ الذي توارَدَ عليه الصحابةُ والتابِعون وأتباعُهم مِن أقوى الحُجَجِ المبيِّنةِ لأصولِ الانحرافِ في أصولِ الدِّين، والضابطةِ لأصولِ الاستدلالِ عليها وتقريرِها.
فأضحى لإجماعِهم خَصُوصيَّةٌ مِن هذه الجهةِ، وهي خَصُوصيَّةٌ بالغةُ الأهميَّةِ والأثَر.
إن علامةَ أهلِ البِدَعِ تركُ انتحالِ اتِّباعِ السلف؛ ولأجلِ هذا اهتَمَّ العلماءُ بذكرِ إجماعِهم على مَرِّ العصورِ - جمعًا ودراسةً - وبيانًا للأهميَّة، وتوصيةً وحثًّا على الالتزامِ به.
3- لتخصيصِ الحديثِ عن حجِّيَّةِ إجماعِ السلفِ أثَرٌ نفسيٌّ معتبَرٌ؛ لما لأئمَّةِ السلفِ في النفوسِ مِن الهَيْبة:
فإن لأئمَّةِ السلفِ هَيْبةً في قلوبِ طوائفِ الأمَّة؛ حتى أضحى كثيرٌ مِن الطوائفِ تُعلِنُ انتسابَها إليهم، إلا مَن شَذَّ عنهم مِن الرافضةِ وغيرِهم:
فالقاضي عبدُ الجبَّارِ المعتزِليُّ عقَدَ فصلًا في كتابِهِ «فضلُ الاعتزالِ» كرَّر القولَ فيه بأنهم المتَّبِعون للصحابةِ، دون غيرِهم مِن الناس.
والغزاليُّ مِن الأشعريَّةِ تحدَّث في كتابِ «الاقتصادِ» في غيرِ موضعٍ عن اعتبارِ ما عليه السلف.
فذِكرُ إجماعِهم، وإبرازُهُ، وجعلُهُ مِحوَرَ السِّجالِ، والضربُ على وتَرِ الاجتراءِ على مخالَفةِ السلفِ -: يُعْطي للإجماعِ المتحقِّقِ في أصولِ الدِّينِ هَيْبةً كبيرةً في النفوس.
ومِن العجيبِ: أن هذه الشبهةَ قد أُثيرَتْ مِن جهةِ بعضِ مُناوِئي منهجِ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ في الفهمِ والاستدلالِ؛ مِن المعظِّمينَ لهؤلاءِ المتكلِّمين، وأنت تجدُ كلامَهم فيه تصريحٌ باعتبارِ إجماعِ السلفِ، وأن لهم حظًّا مِن هَيْبةِ المخالَفة، أما هؤلاءِ، فلا حسَّ لهَيْبةِ إجماعِ السلفِ في نفوسِهم، ولا أثَر.
4- الحديثُ عن إجماعِ السلفِ في أصولِ الدِّينِ، أَوْلى مِن الحديثِ عن مطلَقِ الإجماع:
فأئمَّةُ السلفِ هم مؤسِّسو أصولِ العلومِ الشرعيَّة، فلا يكادُ يقَعُ الإجماعُ على أصلٍ مِن أصولِ الدِّينِ دونَهم؛ بل كُلُّ إجماعٍ على أصلٍ مِن أصولِ الدِّينِ، فهم أصلُهُ ومَنبَعُه؛ وهذا المعنى يَقلِبُ القضيَّةَ، ويَجعَلُ ذِكرَ إجماعِ السلفِ بالغَ الأهميَّة؛ لأنه في الحقيقةِ إرجاعٌ للإجماعِ إلى أصلِه، وتعبيرٌ عن أساسِه، وربطٌ بمَنبَعِه؛ فذِكرُ إجماعِ العلماءِ على أصلٍ مِن أصولِ الدِّينِ، تبَعٌ لإجماعِ السلف؛ بل إجماعُ السلفِ يُغْني عنه.
وبناءً على هذا التقريرِ، يُمكِنُ أن يقالَ: إن مسائلَ الدِّينِ نوعان:
النوعُ الأوَّلُ: الأصولُ؛ وهذه الأصولُ وقَعَ فيها إجماعُ السلف، وذِكرُهُ يُغْني عن غيرِه.
والنوعُ الثاني: الفروعُ والنوازلُ، وهذه قد لا يكونُ الإجماعُ فيها ظاهرًا في زمنِ السلفِ، وقد لا تكونُ المسألةُ مطروحةً في زمانِهم؛ فذِكرُ إجماعِ العلماءِ فيها أَوْلى وأَحْرى.
5- إجماعُ السلفِ يمتازُ عن إجماعِ غيرِهم: بأنه لا خلافَ فيه، وبكونِهِ إجماعًا منضبِطًا:
فإجماعُ العِتْرةِ، وإجماعُ أهلِ المدينةِ، ونحوُ ذلك مِن الإجماعاتِ المذكورةِ في كُتُبِ الأصول -: مما وقَعَ فيه الخلافُ، أما إجماعُ السلفِ، فلا خلافَ بين أهلِ السنَّةِ في حجِّيَّتِه. كما أن إجماعَ السلفِ امتاز بأنه إجماعٌ منضبِطٌ، أما مَن بعدهم، فقد كَثُرَ فيهم الخلافُ، وانتشَرتِ الأمَّة