الكبير
كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...
العربية
المؤلف | فؤاد بن يوسف أبو سعيد |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب |
لنحمد اللهَ الذي من حكمته: جعلَ الجزاءَ من جنسِ الأعمال، وبيَّن للعباد من ذلك نموذجا ليحدوهم به إلى أكمل الخصال، وليُعرِّفَ العبادَ: أنه حليمٌ عليم، رؤوفٌ رحيم، وليرغبوا في الخير، ويحذروا من أسباب العذابِ الأليم: (جَزَاءً وِفَاقًا) [النبأ: 26]. فأعمال الخير يُعَزُّ فاعلها ويُكرَم، وأفعالُ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصِ اللهَ ورسولَه، فإنه لا يضرُّ إلا نفسه، ولا يضرُّ الله شيئا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)[الأحزاب: 70 - 71]
أما بعد:
فإن خيرَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمَّدٍ -صلى الله عليه وآله وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
فلنحمد اللهَ الذي من حكمته: جعلَ الجزاءَ من جنسِ الأعمال، وبيَّن للعباد من ذلك نموذجا ليحدوهم به إلى أكمل الخصال، وليُعرِّفَ العبادَ: أنه حليمٌ عليم، رؤوفٌ رحيم، وليرغبوا في الخير، ويحذروا من أسباب العذابِ الأليم: (جَزَاءً وِفَاقًا) [النبأ: 26].
فأعمال الخير يُعَزُّ فاعلها ويُكرَم، وأفعالُ الشرِّ يُهانُ عاملُها ولا يُظلم.
إن الذنوب تتفاوت، والجزاءُ عليها كذلك يتفاوت، قال سبحانه: (فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [العنكبوت: 40].
(فَكُلا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ) فكَانَتْ عُقُوبَتُهُ بِمَا يُنَاسِبُهُ: (فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا) وَهُمْ عَادٌ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: (مَنْ أشدُّ مِنَّا قُوَّةً؟!) فَجَاءَتْهُمْ رِيحٌ صَرْصَرٌ بَارِدَةٌ شَدِيدَةُ الْبَرْدِ، عَاتِيَةٌ شَدِيدَةُ الْهُبُوبِ جِدًّا، تَحْمِلُ عَلَيْهِمْ حَصْبَاءَ الْأَرْضِ -وحجارتَها وصخورَها- فَتَقْلِبُهَا عَلَيْهِمْ، وَتَقْتَلِعُهُمْ مِنَ الْأَرْضِ، فَتَرْفَعُ الرَّجُلَ مِنْهُمْ إِلَى عَنَان السَّمَاءِ، ثُمَّ تُنَكِّسُهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ فَتَشْدَخُهُ فَيَبْقَى بَدَنًا بِلَا رَأْسٍ: (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ) [القمر: 20].
(وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ) وَهُمْ ثَمُودُ، قَامَتْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ، وَظَهَرَتْ لَهُمُ الدَّلَالَةُ، مِنْ تِلْكَ النَّاقَةِ الَّتِي انْفَلَقَتْ عَنْهَا الصَّخْرَةُ، مِثْلَ مَا سَأَلُوا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَمَعَ هَذَا مَا آمَنُوا؛ بَلِ اسْتَمَرُّوا عَلَى طُغْيَانِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، وَتَهَدَّدُوا نَبِيَّ اللَّهِ صَالِحًا ومَنْ آمَنَ مَعَهُ، وتوعَّدوهُم بِأَنْ يُخْرِجُوهُمْ وَيَرْجُمُوهُمْ، فَجَاءَتْهُمْ صَيْحَةٌ أَخَمَدَتِ الْأَصْوَاتَ مِنْهُمْ وَالْحَرَكَاتِ.
(وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرْضَ) وَهُوَ قَارُونُ الَّذِي طَغَى وَبَغَى وَعَتَا، وَعَصَى الرَّبَّ الْأَعْلَى، وَمَشَى فِي الْأَرْضِ مَرَحًا، وَفَرِحَ وَمَرِحَ وَتَاهَ بِنَفْسِهِ، وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ، وَاخْتَالَ فِي مِشْيَتِهِ، فَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
(وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا) وَهُمْ فِرْعَوْنُ وَوَزِيرُهُ هَامَانُ، وَجُنُودُهُ عَنْ آخِرِهِمْ، أُغْرِقُوا فِي صَبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ مُخْبِرٌ: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ) أَيْ: فِيمَا فَعَلَ بِهِمْ: (وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) أي: إنما فعل ذلك بِهِمْ جَزَاءً وِفَاقًا بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيهِمْ" [تفسير ابن كثير، ت سلامة: 6/ 278، بتصرف يسير].
وهؤلاء قوم لوط -عليه السلام-، إنهم كفروا بربهم، وكذَّبوا نبيَّهم، واستهزؤوا بدعوته، فقالوا عنه وعن بناته: (إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) [الأعراف: 82].
عمِلوا أفحشَ الفواحش، واقتحموا عليه بيته دون إذنه، وعزموا على الاعتداء على ضيوفه، فأعماهم الله، اختلفت ذنوبهم، وتنوعت خطاياهم، فأذاقهم الله من العقوبات ألوانا: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ * نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ * وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ * وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ) [القمر: 33 - 37].
(وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) [الأعراف: 84].
كذبوا استهتروا اعتدوا: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ)[الحجر: 73- 74].
فأصحاب السيئات سيجازون بما يسوؤهم: (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ) [الروم: 10].
فالسيئة بالسيئة: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا).
فأفعالُ الشرِّ يُهانُ عاملُها، ويعاقب ولا يُظلم.
إن المسئولين وأولياءَ الأمور، جزاؤهم عند الله من جنس أعمالهم، ف "مَا مِنْ إِمَامٍ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الحَاجَةِ وَالخَلَّةِ وَالمَسْكَنَةِ؛ إِلاَّ أَغْلَقَ اللَّهُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ دُونَ خَلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ وَمَسْكَنَتِهِ" [سنن الترمذي: 1332، الصحيحة: 629].
وفي رواية: "مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئاً، فَاحْتَجَبَ عَنْهُمْ، حَجَبَ اللهُ عَنْهُ بَابَ رَحْمَتِهِ".
والمرأة التي تنزع ملابسها، وتتجرد من ثيابها فيما حرم الله؛ جازاها ربها بفضحها، وهتكها في الدنيا والآخرة، ف "مَا مِنَ امْرَأَةٍ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا؛ إِلاَّ هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ -تَعَالَى-" [سنن أبي داود: 4010، صحيح الترغيب: 165].
والجزاء من جنس العمل.
أيها الناس: إياكم والطلاق، والتفريقَ بين الأم وولدِها ظلما وعدوانا، ف "مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا؛ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ" [الترمذي: 1566، وحسنه في صحيح الترغيب: 2/ 165، 1796].
ألا واعلموا أنه: "لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا؛ إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا.
وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ؛ إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ.
وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ؛ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا.
وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ؛ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ.
وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ؛ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ" [سنن ابن ماجة: 4019، الصحيحة: 106].
والجزاء من جنس العمل.
إن الجمادات تغضب لغضب الله -سبحانه-، وتكاد تنفجر من افتراءات البشر، وادعائهم الصاحبة والزوجة لله -جل جلاله-: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) [مريم: 88 - 93].
وهذا نصراني أغضب اللهَ ورسولَه، فغضبت الأرض عليه فلم تقبله عندما مات، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ، وَقَرَأَ -سورة- البَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَعَادَ -وارتد- نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ: "مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ!" فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا: "هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ" فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا: "هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ" فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَعَلِمُوا؛ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ، فَأَلْقَوْهُ" [البخاري: 3617].
ومن تكبَّر وضعه الله، و"يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُورَةِ الرِّجَالِ، يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، يُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ مِنْ جَهَنَّمَ يُسَمَّى: بُولَسَ، تَعْلُوهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ، وَيُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ، طِينَةَ الْخَبَالِ" [وحسنه في الأدب المفرد: 557].
ورد عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ ضَارَّ" -خلق الله- "أَضَرَّ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ شَاقَّ" -على خلق الله- "شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ" [سنن أبي داود: 3635].
ألا واعلموا أنه "مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ؛ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ؛ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ" [مسند أحمد: 16368، حسنه في صحيح الجامع: 5690].
عباد الله: "مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ، ... بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا يَحْمِي لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَمَنْ رَمَى مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ شَيْنَهُ بِهِ، حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ" [سنن أبي داود: 4883].
وثبت أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَكَلَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْلَةً فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُ مِثْلَهَا مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنْ كُسِيَ ثَوْبًا بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَكْسُوهُ مِثْلَهُ مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنْ قَامَ بِرَجُلٍ مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُومُ بِهِ مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" [سنن أبي داود: 4881].
ونادى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأعلى صوته: "يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ" [سنن أبي داود: 4880].
ومن تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته، وأظهر عيوبه، ومن سترهم، وأغضى عن معائبهم، ستره الله، فالجزاء من جنس العمل.
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَمَّا عُرِجَ بِي؛ مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ، قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ" [سنن أبي داود: 4878].
معنى: "يخمشون" يخدشون.
قال زَاذَانُ المداينيُّ: "رَأَيْت أَقْوَامًا من النَّاس لَهُم عُيُوب، فَسَكَتُوا عَن عُيُوب النَّاس فَستر الله عيوبهم، وزالت عَنْهُم تِلْكَ الْعُيُوب، وَرَأَيْت أَقْوَامًا لم تكن لَهُم عُيُوب، اشتغلوا بعيوب النَّاس، فَصَارَت لَهُم عُيُوب" [عيوب النفس للسلمي، المتوفى: 412هـ، ص: 12].
من أقوال الحسن: "ارْضَ عَنِ اللَّهِ يَرْضَ اللَّهُ عَنْكَ، وَأَعْطِ اللَّهَ الْحَقَّ مِنْ نَفْسِكَ، أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) [المائدة: 119]. [الرضا عن الله بقضائه، لابن أبي الدنيا، ص: 109، رقم: 91].
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [يونس: 26].
ف "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ" سنن أبي داود: 4941، سنن الترمذي: 1924، الصحيحة: 925].
"أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [المؤمنون: 51].
وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة: 172].
ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟" [مسلم: 1015].
والجزاء من جنس العمل.
إن الله طيب لا يقبل من الأعمال والأقوال والنفقات إلا طيبا خالصا،, ف "إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَقُولُ: "أَنَا خَيْرُ شَرِيكٍ، فَمَنْ أَشْرَكَ مَعِيَ شَرِيكًا فَهُوَ لِشَرِيكِي" يَا أَيُّهَا النَّاسُ! أَخْلِصُوا أَعْمَالَكُمْ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-, فَإِنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ إِلا مَا أُخْلِصَ لَهُ, وَلا تَقُولُوا: هَذَا لِلَّهِ وَلِلرَّحِمِ؛ فَإِنَّهَا لِلرَّحِمِ وَلَيْسَ لِلَّهِ مِنْهَا شَيْءٌ, وَلا تَقُولُوا: هَذَا لِلَّهِ وَلُوُجُوهِكِمْ؛ فَإِنَّهَا لِوُجُوهِكِمْ وَلَيْسَ لِلَّهِ مِنْهَا شَيْءٌ" [رواه الدارقطني في سننه: 1/ 77، 133، واللفظ له، والصحيحة : 2764].
والجزاء من جنس العمل.
إن أهل الكرم والجود وأرباب الأخلاق العالية؛ يجزون من جنس أعمالهم فـ "إنّ الله كَرِيمٌ؛ يُحِبُّ الكُرَماءَ، جَوَادٌ؛ يُحِبُّ الجَوَدَةَ، يُحِبُّ مَعالِيَ الأَخْلاقِ، ويَكْرَهُ سَفْسافَها" [ابن عساكر والضياء، الصحيحة: 1378 و1626].
والجزاء من جنس العمل.
واعلموا: أنه "مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا؛ إِلاَّ زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا، وَلا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ؛ إِلاَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ»، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا" [سنن الترمذي : 4/ 562، 2325، صحيح الترغيب والترهيب: 1/ 5، 16].
وفي رواية: "... وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ؛ إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ" [مسلم: 2588].
والجزاء من جنس العمل.
ومَن أَحسَنَ إلى الخلق؛ أحسَنَ الله إليه، فقد أمر الله بذلك فقال: (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) [القصص: 77].
وقال: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) [يونس: 26].
وقال: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) [النجم: 31].
والجزاء من جنس العمل.
ف "المُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ، وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يَأْلَفُ وَلا يُؤْلَفُ، وَخَيْرُ النَّاسِ؛ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ" [المعجم الأوسط: 6/ 58، 5787، وانظر: الصحيحة: 426].
ومن عفا عفا الله عنه، ومن غفر غفر الله له: (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التغابن: 14].
والجزاء من جنس العمل.
إنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ؛ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ؛ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا المَسْجِدِ، -يَعْنِي مَسْجِدَ المَدِينَةِ-، شَهْرًا. وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ؛ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ؛ مَلأ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَلبَهُ أَمْنًا يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ؛ أَثْبَتَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الأَقْدَامُ" [المعجم الأوسط: 6/ 139، 6026، الصحيحة: 906].
و "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا؛ نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ؛ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا؛ سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ؛ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلتَمِسُ فِيهِ عِلمًا؛ سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ؛ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ؛ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ" [مسلم: 2699].
والجزاء من جنس العمل.
أخي المسلم: إياك أن تكذب وفي رؤياك، فتحدث الناس أنك رأيت في منامك كذا وكذا وأنت كاذب، فعَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، وَلَنْ يَفْعَلَ، وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ، وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ، صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ، وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ" [صحيح البخاري: 7042].
عباد الله: من فقدَ أَحَدَ أعضائه في سبيل الله، عوضه الله خيرا منه، في الدنيا أو الآخرة، فمن فقد إحدى عينيه، فقد قال ربُّ العزة -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: "إذَا سَلَبْتُ مِنْ عَبْدِي كَرِيمَتَيْهِ" -أي عينيه- "وَهُوَ بِهِمَا ضَنِينٌ، لَمْ أرْضَ لَهُ ثَوَاباً دُونَ الْجَنَّةِ إذَا حَمِدَنِي عَلَيْهِمَا" [انظر: الصحيحة: 2010].
ومن قطعت يداه في سبيل الله عوضه بجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء، قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "رأيتُ جعفرَ بنَ أبي طالبٍ مَلَكاً" -أي على صورة ملك من الملائكة- [فيض القدير: 4/ 8] "يطيرُ في الجنةِ مع الملائكةِ بجناحَينِ" [الصحيحة: 1226].
قَالَ الْحَافِظ -المنذري-: "كَانَ جَعْفَرُ -رَضِي الله عَنهُ- قد ذهبت يَدَاهُ فِي سَبِيل الله يَوْم مُؤْتَة، فأبدله بهما جناحين، فَمن أجل ذَلِك سمي جعفرا الطيَّار" [الترغيب والترهيب للمنذري: 2/ 206].
لذلك كان ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- إِذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: "السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الجَنَاحَيْنِ" [البخاري: 3709].
والجزاء من جنس العمل.
ومن أنفق لله أخلف الله عليه، ومن بخل بما يجب عليه أتلفه الله، والجزاء من جنس العمل، ف "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلا مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا" [البخاري: 1442، ومسلم: 1010].
والجزاء من جنس العمل.
ومن وصل رحمه؛ وصله الله، ومن قطعها قطعه الله: "إنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ؛ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ! أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَاكِ لَكِ" ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمد: 23]. [مسلم: 2554].
فالإفساد في الأرض، وقطيعة الرحم، توجب عقوبةَ اللعنة والصمم، وعمى الأبصار.
"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" [البخاري: 2067].
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "مَنِ اتقى ربَّه، ووصل رحمه، نُسِّئَ في أجله" وفي لفظ: "أُنسيء لَهُ فِي عُمُرهِ" "وَثَرَى مَالُهُ، وأحبَّه أهله" [صحيح الأدب المفرد: 24].
والجزاء من جنس العمل.
ف "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ" قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ" [سنن الترمذي: 1924].
والجزاء من جنس العمل.
ومن أوى إلى الله آواه الله، ومن أعرض عن الله أعرض عنه الله، عن أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ؛ إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا؛ فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ، فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ؟! أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ؛ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا؛ فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ؛ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ" [البخاري: 66، ومسلم: 2176].
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين.
وبعد:
حقًّا؛ ومن استحيا من الله؛ استحيا الله منه، ومن أعرض عن الله أعرض الله عنه، فالجزاء من جنس العمل.
ومن تقرَّب إلى الله بشيء من محابه؛ تقرَّب اللهُ منه أكثرَ من ذلك، يَقُولُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي؛ إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" [مسلم: 2675].
والجزاء من جنس العمل.
و"مَنْ نَصَرَ أَخَاهُ بِالْغَيْبِ؛ نَصَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ" [شعب الإيمان: 10/ 102، 7231، الصحيحة: 1217].
والجزاء من جنس العمل.
ومن زار المرضى رافقته الملائكة، ودعت له، ف "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا؛ إِلاَّ ابْتَعَثَ اللهُ لَهُ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ أَيَّ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ كَانَتْ حَتَّى يُمْسِيَ، وَأَيَّ سَاعَةٍ مِنَ اللَّيْلِ كَانَتْ حَتَّى يُصْبِحَ" [مسند أحمد: 2/ 265، 955، الصحيحة: 1367].
والجزاء من جنس العمل.
"وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ" [البخاري: 2442، ومسلم: 2580].
"وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ؛ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ؛ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ؛ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ" [البخاري: 1469، ومسلم: 1053].
و "مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا؛ أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" [سنن أبي داود: 3460، وابن ماجة: 2199، واللفظ له].
ومعنى: "أقاله" وافَقَه على نَقْض البيع وأجابه إليه" [النهاية في غريب الأثر، مادة: "قيل"].
والجزاء من جنس العمل.
وفي الديون والأمانات: "مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا؛ أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ" [البخاري: 2387]. [الفواكه الشهية في الخطب المنبرية، لابن سعدي، ص: 131- 133 بتصرف].
والجزاء من جنس العمل.
وما ابتلينا به من حكَّامٍ ظلمة؛ إلاَّ جزاءً وفاقًا على أعمالنا التي لا ترضي الله -تعالى-، ولا رسولَه -صلى الله عليه وسلم-، ولا المؤمنين، فالتغيير لا يكون بالإفساد والمعاصي، بل بالإصلاح والطاعات، قال الطحاوي: "وَأَمَّا لُزُومُ طَاعَتِهِمْ وَإِنْ جَارُوا؛ فَلأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ طَاعَتِهِمْ مِنَ الْمَفَاسِدِ أَضْعَافُ مَا يَحْصُلُ مِنْ جَوْرِهِمْ، بَلْ فِي الصَّبْرِ عَلَى جَوْرِهِمْ؛ تَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ وَمُضَاعَفَةُ الأُجُورِ، فَإِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- مَا سَلَّطَهُمْ عَلَيْنَا إِلاَّ لِفَسَادِ أَعْمَالِنَا، وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ، فَعَلَيْنَا الاجْتِهَادُ بالاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَة، وَإِصْلاحِ الْعَمَلِ، قَالَ تَعَالَى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشُّورَى: 30].
وَقَالَ تَعَالَى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) [آلِ عِمْرَانَ: 165].
وَقَالَ تَعَالَى: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) [النِّسَاءِ: 79].
(وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الأَنْعَامِ: 129].
فَإِذَا أَرَادَ الرَّعِيَّة أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِنْ ظُلْمِ الأَمِيرِ الظَّالِمِ، فَلْيَتْرُكُوا الظُّلْمَ" [شرح الطحاوية، ط الأوقاف السعودية، ص: 373].
وفي آخر الزمان بعض هذه الأمة يستحلون ما حرم الله ورسوله، فتكون المحرمات جائزة مباحة عندهم، وعدم الغيرة على العرض من صفات الخنازير، وكثرة اللهو والعبث من صفات القرود، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ" -يَعْنِي الفَقِيرَ- "لِحَاجَةٍ، فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ" [البخاري: 5590].
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "يَبِيتُ قَوْمٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَلَهْوٍ، فَيُصْبِحُونَ قَدْ مُسِخُوا -وفي رواية: قردة- خَنَازَيرَ، وَلَيُخْسَفَنَّ بِقَبَائِلَ فِيهَا وَفِي دُورٍ فِيهَا، حَتَّى يُصْبِحُوا، فَيَقُولُوا: "خُسِفَ اللَّيْلَةَ بِبَنِي فُلَانٍ، خُسِفَ اللَّيْلَةَ بِدَارِ بَنِي فُلَانٍ" وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ حَصْبَاءُ حِجَارَةٌ كَمَا أُرْسِلَتْ عَلَى قَوْمِ لُوطٍ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الرِّيحُ الْعَقِيمُ؛ فَتَنْسِفُهُمْ كَمَا نَسَفَتْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ بِشُرْبِهِمُ الْخَمْرَ، وَأَكْلِهِمُ الرِّبَا، وَلُبْسِهِمُ الْحَرِيرَ، وَاتِّخَاذِهِمُ الْقَيْنَاتِ، وَقَطِيعَتِهِمُ الرَّحِمَ" [المستدرك للحاكم: 4/ 560، ح: 8572، وصححه ووافقه الذهبي، انظر: تحريم آلات الطرب للألباني، ص: 67، والصحيحة: 1604].
والاعتداء على الآخرين، وانتهاك أعراضهم، دُينٌ في الذمة، يرزق بمن يقضيه إياه في الدنيا قبل الآخرة، وصدق الإمام الشافعي -رحمه الله- حين قال:
عِفُّوا تَعفُّ نِسَاؤُكْمْ في المحْرَمِ | وَتَجَنَّبُوا مَا لا يَلِيقُ بمُسْلمِ |
إِنَّ الزِّنَا دَيْنٌ فَإِنْ أَقْرَضْتَهُ | كَانَ الْوَفَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ فَاعْلَمِ |
مَنْ يَزْنِ يُزْنَ به وَلَوْ بِجِدَارِهِ | إِنْ كُنْتَ يَا هَذَا لَبِيبًا فَافْهَمِ |
وفي الختام؛ المتحابُّون في الله يجمعهم الله في دار كرامته: "إنّ للهِ عباداً؛ ليسُوا بأنْبياءَ ولا شهداءَ، يغبِطُهم الشهداءُ والأنبياءُ يومَ القيامةِ؛ لقربِهم مِنَ الله -تعالى- ومجلِسهم منه" إنهم "قومٌ من أفْناءِ النّاسِ".
"رجُل من أفْنَاء الناس" أي لم يُعْلم ممن هو، الواحد: فِنْوٌ" [النهاية في غريب الأثر في "فنا].
"مِن نُزَّاعِ القَبائلِ، تصادقُوا في اللهِ، وتحابُّوا فيه، يضعُ اللهُ -عزّ وجلّ- لهم يومَ القيامةِ منابرَ من نورٍ، يخافُ الناسُ ولا يخافونَ، هم أولياءُ اللهِ -عزّ وجلّ-: (الذين لا خوفٌ عليهم ولا هُم يحْزنُون) [الحاكم في المستدرك: 4/170- 171، الصحيحة: 3464].
ف "الْمُتَحَابُّونَ فِي اللهِ؛ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ".
وفي الحديث القدسي: "حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَحَابُّونَ فِي اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ" [مسند أحمد، ط الرسالة: 36/ 383، 22064، ونحوه في صحيح الجامع: 4321، ورمز له: حم، طب، ك، الترغيب: 4/ 47].
اللَّهُمَّ إِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَقَلَبٍ لَا يَخْشَعُ، وَنَفَسٍ لَا تَشْبَعُ، وَدُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ، اللَّهُمَّ إِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ.
اللَّهُمَّ إِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ أسماعِنا وَأبصَرِنا، وَشَرِّ ألسنتنا وَقلوبنا»، «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قُلوبنا عَلَى طَاعَتِكَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا ذنوبنا، وخَطَأنا وَعَمْدنا، اللَّهُمَّ إِنّا نَسْتَهْدِيكَ لِأَرْشَدِ أمورنا، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شرور أنفسِنا.
تفكروا -عباد الله- في إخوانكم وصحابتكم الذين مضوا! قد وردوا على ما قدِموا فأقاموا عليه، وحلُّوا في الشقاء والسعادة فيما بعد الموت، إن الله ليس له شريك، وليس بينه وبين أحد من خلقه نسبٌ يعطيه به خيرا، ولا يصرفُ عنه سوءاً إلا بطاعته واتباع أمره، فإنه لا خيرَ في خيرٍ بعده النار، ولا شرَّ في شرٍّ بعده الجنة.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
وصلوا وسلموا على نبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم- [كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال: 16/ 151].
وأقم الصلاة.