البحث

عبارات مقترحة:

الرحيم

كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

المؤمن

كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...

هل الدعوة إلى الله تدخل تحت مصرف (وفي سبيل الله)

ما فتئ الأعداء يهاجمون المسلمين تارة بالسلاح، وتارة بالغزو الفكري والحرب المعنوية، وينفقون أموالًا طارئة، ولا بد للمسلمين من مواجهتهم، وإعلاء كلمة الله ونشر دينه، والدعوة إليه، وهذا يحتاج إلى دعم مادي، فهل يجوز صرف الزكاة إلى هذا الباب، ومنه مكاتب ومراكز الدعوة إلى الله؟

صورة المسألة

ما حكم دفع أموال الزكاة إلى مكاتب ومراكز الدعوة، ونحوها مما كان في الدعوة إلى الله، وهل تدخل في مصرف في سبيل الله؟

التكييف الفقهي للمسألة

تنبني هذه المسألة على المراد بمصرف ﴿وفي سبيل الله﴾، هل هو مختص بالجهاد، أو يشمل أنواع البر، والجمهور على أنه مختص بالجهاد، ثم اختلفوا هل مقصور على الجهاد بالسلاح أو يشمل جهاد الدعوة إلى الله؟ فمن خصه بالجهاد بالسلاح لم يجز صرف الزكاة في الدعوة إلى الله، ومن رأى أنّ الجهاد يشمل الجهاد بالدعوة إلى الله أو رأى أنّ المراد عموم البر أجاز صرف الزكاة للدعوة إلى الله. انظر: "الموسوعة الميسرة في فقه القضايا المعاصرة - العبادات" (ص: 324).

فتاوى أهل العلم المعاصرين

عبد الله بن جبرين
«فإني أقول إن ما ذكره هؤلاء العلماء المشهورون قول صحيح ورأي سديد، وفيه توسعة على المسلمين، وتأييد للدعاة والمرشدين، وسبب قوي لنشر الدين وقمع المشركين. ولا شك أنه سبيل الله تعالى الطريق الموصل إليه، وجمعه سبل، كما قال تعالى: ﴿يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام﴾ [المائدة: 16] أي يهدي إلى السبيل التي تؤدي من سلكها إلى السلام، فكل عمل صالح يقرب إليه تعالى ويوصل إلى رضاه وجنته فهو من سبيل الله؛ لأن الله تعالى يحب أن يتقرب به إليه، ويترتب عليه ثوابه وكرامته، فالله تعالى ذكر في آية الصدقات أشخاصاً يستحقونها لحاجاتهم الخاصة بهم، كالفقير والغارم والمؤلف وابن السبيل ونحوهم، ممن يأخذها لمصلحته وحاجته الحاضرة، ثم أجمل الجهات الأخرى بقوله: ﴿وفي سبيل الله﴾ [التوبة: 60] وقد جعل الله الهجرة من سبيله بقوله تعالى: ﴿ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً﴾ [النساء: 100]. ولا شك أن مصلحة الدعوة إلى دين الله، وبيان محاسن الدين، والرد على المفسدين والملحدين، وتفنيد شبهات الكفار والمنافقين ونحو ذلك، هو من نصر الله ونشر دينه الذي ارتضاه وأحبه وفرضه على البشر، فإذا تعطل هذا الباب ولم يوجد من ينفق عليه، ويدفع به إلى الأمام، ويتبرع للدعاة والمصلحين بما يكفل استمرارهم، وجب أن يصرف فيه من الزكوات المفروضة، لاقتضاء المصلحة، فالنفقة فيه قد تكون أهم من دفعها لبعض المذكورين، كالمكاتب والمؤلف وابن السبيل، فإن هؤلاء قد يتحملون الصبر، ولا يكون فيهم من الضرورة كضرورة الرد على المفسدين وقمع المنافقين، ونشر العلم وطبع المصاحف وكتب الدين، وتسجيل أشرطة إسلامية، تتضمن بيان حقيقة الإسلام وأهدافه، ومناقشة الشبهات التي تروج على ضعفاء البصائر، فمتى توقف الإنفاق على هذه المصالح من التبرعات جاز الصرف على جميعها، وما أشبهها من الزكاة، التي شرعت لمصالح الإسلام وما يسد خلتهم، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم» "فتاوى الشيخ ابن جبرين" (41 /4، بترقيم الشاملة آليا).
محمد بن إبراهيم آل الشيخ
«ها هنا أمر هام يصح أن يصرف فيه من الزكاة، وهو إعداد قوة مالية للدعوة إلى الله ولكشف الشبه عن الدين، وهذا يدخل في الجهاد، هذا من أعظم سبيل الله. فإن قام ولاة الأمر بذلك فإنه متعين عليهم، وهذا من أهم مقاصد الولاية التي من أجلها أمر بالسمع والطاعة لحماية حوزة الدين فإذا أخل بذلك من جهة الولاة فواجب على المسلمين أن يعملوا هذا، لاسيما في هذه السنين، فقد كان في نجد في كل سنة يبذلون جهاداً لأجل التقوي به، فلو كان الناس يجمعون منه الشيء الكثير للدعوة إلى الله وقمع المفسدين بالكلام والنشر فإنه يتعين، وهؤلاء أهل البدع والفساد يعتنون بذلك. وهنا مثال: الروافض يجمعون أموالا عظيمة، ويرسلون إلى البلدان شخصاً أو أشخاصاً للدعوة إلى بدعهم، من ذلك ما جرى في مصر حتى حصل من ذلك ما حصل من الوصول إلى التدريس في مذهب الرافضة المخذول في الأزهر، فإن القمي من علماء الرافضة هناك منذ عشر سنوات، أولاً دعا إلى مسألة تقريب المذاهب فكان في مصر هيئة نحو عشرة أشخاص وسعوا فيما شاء الله، ثم إنه فشل في المسعى، ثم سعوا في طريق آخر وهو دفع الأموال إلى من له النفوذ، فدفعوا أموالاً كثيرة. أفلا يكون أشخاص يتبرعون ويجعلون حياتهم لذلك. وفقد هذا دليل واضح على ضعف الإيمان جداً؛ فإن البلوي عمت، والناس نظرهم إلى ما يأخذون ولا نظرهم إلى ما يبذلون وينفقون: ثم بلوى التفكك والتباعد في القلوب الشيء الكثير، ضعف نظر وضعف إيمان بالجامع. والموجود الآن أنه إذا وجد بين فلان وفلان شيء يسير جعله هو الشيء، يقول في عرضه، ويتتبع عوراته، ولو بعضها كذب، ويقول، ويقول؛ وإلا فالعاقل يترك أشياء لأشياء؛ بل العقل يدل على أن مثل هذه ينبغي أن ترفض ولا يجعل لها موالاة ولا معادات» "فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ" ابن قاسم (4 /142).

قرارات المجامع الفقهية

هيئة كبار العلماء
قرار رقم 24 وتاريخ 12 \ 8 \ 1394 هـ «الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فقد جرى اطلاع هيئة كبار العلماء في دورتها الخامسة، المعقودة في مدينة الطائف ، ما بين يوم 5 \ 8 \ 94 هـ، ويوم 22 \ 8 \ 1394 هـ، على ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء من بحث في المراد بقول الله تعالى في آية مصارف الزكاة: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ هل المراد بذلك الغزاة في سبيل الله، وما يلزم لهم، أم عام في كل وجه من وجوه البر؟ وبعد دراسة البحث المعد، والاطلاع على ما تضمنه من أقوال أهل العلم في هذا الصدد، ومناقشة أدلة من فسر المراد بسبيل الله في الآية بأنهم الغزاة وما يلزم لهم، وأدلة من توسع في المراد بالآية، ولم يحصرها في الغزاة، فأدخل فيه: بناء المساجد، والقناطر، وتعليم العلم وتعلمه، وبث الدعاة والمرشدين..، وغير ذلك من أعمال البر. رأى أكثرية أعضاء المجلس الأخذ بقول جمهور العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء، من أن المراد بقوله تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: 60]: الغزاة المتطوعون بغزوهم، وما يلزم لهم من استعداد، وإذا لم يوجدوا صرفت الزكاة كلها للأصناف الأخرى، ولا يجوز صرفها في شيء من المرافق العامة، إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الفقراء والمساكين، وبقية الأصناف المنصوص عليهم في الآية. وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم»
المجمع الفقهي الإسلامي
قرار رقم: 38 (4/8) بشأن جمع وتقسيم الزكاة والعشر في باكستان. «الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، في دورته الثامنة المنعقدة بمكة المكرمة فيما بين 27 ربيع الآخر 1405هـ و 8 جمادى الأولى 1405هـ. بناء على الخطاب الموجه إلى سماحة رئيس المجلس الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، من سفارة الباكستان بجدة، رقم 4/سياسية63/83 وتاريخ 27 يونيو 1983م ومشفوعة استفتاء بعنوان: (جمع وتقسيم الزكاة والعشر في باكستان)، والمحال من قبل سماحته، إلى مجلس المجمع الفقهي، بخطابه رقم 1062/2 وتاريخ 16 ذي القعدة 1403هـ. وبعد اطلاع المجلس، على ترجمة الاستفتاء الذي يطلب فيه الإفادة، هل أحد مصارف الزكاة الثمانية، المذكورة في الآية الكريمة، وهو : ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ [التوبة: 60]. يقصر معناه على الغزاة في سبيل الله، أم أن سبيل الله عام لكل وجه من وجوه البر، من المرافق، والمصالح العامة، من بناء المساجد، والربط، والقناطر، وتعليم العلم، وبث الدعاة....إلخ. وبعد دراسة الموضوع، ومناقشته، وتداول الرأي فيه، ظهر أن للعلماء في المسألة قولين: أحدهما: قصر معنى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾. في الآية الكريمة على الغزاة في سبيل الله، وهذا رأي جمهور العلماء. وأصحاب هذا القول يريدون قصر نصيب ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ من الزكاة، على المجاهدين الغزاة في سبيل الله تعالى. القول الثاني: أن سبيل الله شامل، عام لكل طرق الخير، والمرافق العامة للمسلمين: من بناء المساجد وصيانتها، وبناء المدارس، والربط، وفتح الطرق، وبناء الجسور، وإعداد المؤن الحربية، وبث الدعاة، وغير ذلك من المرافق العامة، مما ينفع الدين، وينفع المسلمين، وهذا قول قلة من المتقدمين، وقد ارتضاه واختاره كثير من المتأخرين. وبعد تداول الرأي، ومناقشة أدلة الفريقين، قرر المجلس بالأكثرية ما يلي: 1- نظرًا إلى أن القول الثاني قد قال به طائفة من علماء المسلمين، وأن له حظًّا من النظر، في بعض الآيات الكريمة مثل قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى﴾[البقرة: 262]. ومن الأحاديث الشريفة، مثل ما جاء في سنن أبي داود: أن رجلاً جعل ناقة في سبيل الله، فأرادت امرأته الحج، فقال لها النبي : «ارْكَبِيها فإنَّ الحَجَّ في سَبِيلِ اللهِ» أخرجه أبو داود (1989). 2- ونظرًا إلى أن القصد من الجهاد بالسلاح، هو إعلاء كلمة الله تعالى، وأن إعلاء كلمة الله تعالى، كما يكون بالقتال يكون- أيضًا- بالدعوة إلى الله تعالى، ونشر دينه: بإعداد الدعاة، ودعمهم، ومساعدتهم على أداء مهمتهم، فيكون كلا الأمرين جهادًا، لما روى الإمام أحمد والنسائي وصححه الحاكم، عن أنس، رضي الله عنه، أن النبي قال: «جاهِدوا المشركين بأموالِكم وأنفُسِكم وألسنتِكم» أخرجه أبو داود (2504)، والنسائي (3096). 3- ونظرًا إلى أن الإسلام محارب بالغزو الفكري والعقدي، من الملاحدة واليهود والنصارى، وسائر أعداء الدين، وأن لهؤلاء من يدعمهم الدعم المادي والمعنوي فإنه يتعين على المسلمين، أن يقابلوهم بمثل السلاح الذي يغزون به الإسلام، وبما هو أنكى منه. 4- ونظرًا إلى أن الحروب في البلاد الإسلامية، أصبح لها وزارات خاصة بها، ولها بنود مالية في ميزانية كل دولة، بخلاف الجهاد بالدعوة، فإنه لا يوجد له في ميزانيات غالب الدول مساعدة ولا عون. لذلك كله فإن المجلس يقرر- بالأكثرية المطلقة- دخول الدعوة إلى الله تعالى، وما يعين عليها، ويدعم أعمالها، في معنى ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾، في الآية الكريمة»

الآراء والاتجاهات

حقل نصي طويل

اختلف المعاصرون في دخول الدعوة إلى الله في مصرف على قولين: الأول: عدم دخولها، وإنما هي خاصة في الغزاة في سبيل الله. الثاني: دخول الدعوة إلى الله في مصرف في سبيل الله. انظر: "الموسوعة الميسرة في فقه القضايا المعاصرة - العبادات" (ص: 324).

الخلاصة الفقهية

رجّح طائفة من أهل العلم دخول الدعوة إلى الله في مصرف (سبيل الله)؛ لأنها من ضمن الجهاد، فالجهاد يطلق على الجهاد بالسنان واللسان، وللحاجة الشديدة في هذا العصر لدعم الدعوة نظرا للغزو الفكري، ولا يوجد ميزانيات خاصة للدعوة في أغلب الدول، والأحوط الاكتفاء بصدقة التطوع ولا يؤخذ من أموال الزكاة إلا للضرورة.