البحث

عبارات مقترحة:

العليم

كلمة (عليم) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

الودود

كلمة (الودود) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ وهو...

سورة أصول التفسير

‌‌الأصل في اللغة: أسفل الشيء، ويطلق الأصل على مبدأ الشيء، وما يبنى عليه غيره، وعبَّر عنه بعضهم بأنه: ما يفتقر إليه غيره، ولا يفتقر هو إلى غيره، وهذا مستوحى من المعنى اللغوي. ويقرب من معنى الأصل: القاعدة، وهي: الأساس الذي يبنى عليه البيت. والتفسير في اللغة: مأخوذ من مادة (فَسَرَ)، وهي تدل على ظهور الشيء وبيانه، ومنه الكشف عن المعنى الغامض. وللتفسير في الاصطلاح تعاريف، ومن أوضحها: بيان كلام الله المعجز المنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم. وأصول التفسير: هي الأسس والمقدمات العلمية التي تعين على فهم التفسير، وما يقع فيه من الاختلاف، وكيفية التعامل معه. ويدور محور الدراسة في هذا العلم بين أمرين: كيف فُسِّر القرآن؟ وكيف نفسِّر القرآن؟ ففي الأولى يكون الرجوع إلى تفاسير السابقين ومعرفة مناهجهم وطرقهم فيها، خاصة تفاسير السلف التي تُعَدُّ العمدة في هذا العلم وفي الثانية يكون الاعتماد على ما قُعِّدَ من أصول في تفاسير السابقين، لكي يُعتَمد الصحيح في التفسير، ويتجنب الخطأ فيه. ومما يجدر ذكره، أنه لا توجد دراسة متكاملة لموضوعات هذا العلم، الكتب التي كتبت في هذا العلم سارت على ثلاثة مناهج: • الأول: ما غلب موضوعات علوم القرآن؛ ككتاب (الفوز الكبير في أصول التفسير)، للدهلوي. • والثاني: ما اعتمد مسائل أصول الفقه المتعلقة بالقرآن، ودرسها من باب التفسير؛ ككتاب (دراسات في أصول تفسير القرآن) للدكتور: محسن عبد الحميد. • والثالث: كتب قعَّدت مسائل من هذا العلم؛ ككتاب (مقدمة في أصول التفسير) لشيخ الإسلام ابن تيمية. مراجع هذا العلم: 1 - كتب مصدرة بهذا الاسم، وهو: (أصول التفسير) وهذه الكتب لم تحوِ جميع مادة هذا العلم، ولكن فيها مسائل متناثرة منه، ومن أهم هذه المؤلفات: أـ «مقدمة في أصول التفسير»، لشيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728هـ). وليس هذا الاسم (مقدمة في أصول التفسير) من وضع شيخ الإسلام، بل هو من وضع مفتي الحنابلة بدمشق، جميل الشطي الذي طبع الكتاب سنة 1355هـ. وقد نبه شيخ الإسلام في المقدمة على أن ما سيكتبه هو قواعد تعين على فهم القرآن وتفسيره وبيان معانيه. ب ـ «الفوز الكبير في أصول التفسير» للدهلوي (ت: 1176هـ). جـ «أصول في التفسير» للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين. د ـ «أصول التفسير وقواعده» لخالد العك. هـ «بحوث في أصول التفسير» لمحمد لطفي الصباغ، وقد اعتمد مقدمات المفسرين وبعض الكتب؛ ككتاب شيخ الإسلام، وكتاب الدهلوي، وهو ـ في كل هذا ـ يذكر ملخصاً لمسائل هذه المقدمات، وهذه الكتب. وـ «دراسات في أصول التفسير» لمحسن عبد الحميد. ز ـ «أصول التفسير ومناهجه» للدكتور فهد الرومي. وقد ألف ابن القيم في هذا الباب، لكن لم توجد هذه الرسالة بعد ‌‌2 - مقدمات المفسرين التي يقدمون بها تفاسيرهم: تجد في بعض التفاسير مقدماتٍ مهمة تتعلق بهذا العلم، حيث يذكرون شيئاً من مباحثه، ومن أمثلة ذلك: • مقدمة ابن كثير، وقد استفادها من شيخ الإسلام ابن تيمية. • مقدمة النكت والعيون، للماوردي. • مقدمة ابن جزي الكلبي لتفسيره. • مقدمة جامع التفاسير، للراغب الأصفهاني. • مقدمة القاسمي لتفسيره. • مقدمة التحرير والتنوير. وغيرها من المقدمات التي تطول فصولها وتستوعب كثيراً من المباحث، فإنها لا تخلو من مباحث في هذا العلم. ‌‌3 - كتب علوم القرآن: يعتبر أصول التفسير جزءًا من علوم القرآن. وإن كان بعضهم يجعله مصطلحاً مرادفاً ـ ولذا؛ فإن الباحث في كتب علوم القرآن سيظفر بمجموعة من مسائل هذا العلم. ومن هذه الكتب: كتاب «البرهان في علوم القرآن» لبدر الدين الزركشي (ت: 794هـ)، وكتاب «الإتقان في علوم القرآن» لجلال الدين السيوطي (ت: 911هـ). وغيرها من الكتب التي تشمل جملة من علوم القرآن. 4 - كتب التفاسير: استقراء كتب التفسير أهم هذه المراجع، وبه تظهر فوائد هذا العلم والرجوع إلى التفاسير واستنباط المعلومات منها يثري البحث ويزيده قوة، ومن أهم الكتب التي يمكن استقراؤها في التفسير كتب المحققين الذين يعتمدون النقاش والترجيح بعد نقل الأقوال. ومن هذه الكتب على سبيل المثال: 1 - تفسير الإمام الطبري. 2 - تفسير ابن عطية. 3 - تفسير الشنقيطي. 4 - تفسير الطاهر بن عاشور. موضوعات هذا العلم: ليس هناك تحديد دقيق لموضوعات هذا العلم، وذلك لأن النظر إلى موضوع (أصول التفسير) يختلف من مؤلف إلى آخر، وسأذكر لك بعض الموضوعات التي أرى أنها من أهم موضوعات هذا العلم، وهي التي ستجدها في هذا البحث: 1 - حكم التفسير وأقسامه. 2 - طرق التفسير. 3 - التفسير بالرأي والمأثور. 4 - الأصول التي يدور عليها التفسير. 5 - طريقة السلف في التفسير. 6 - أسباب الاختلاف في التفسير. 7 - أنواع الاختلاف في التفسير. 8 - الإجماع في التفسير. 9 - توجيه أقوال السلف 10 - توجيه القراءات. 11 - أساليب التفسير. 12 - كليَّات القرآن. 13 - قواعد عامة في التفسير. 14 - القواعد الترجيحية في التفسير. العلاقة بين علوم القرآن وأصول التفسير: إذا رجعت إلى بعض الكتب التي صُدِّرت عناوينها بأصول التفسير، ونظرت إلى مادتها فإنك ستجد أغلب مباحثها في علوم القرآن، ككتاب «الفوز الكبير في أصول التفسير» لأحمد بن عبد الرحيم الدهلوي (ت1176هـ)، وكتاب «أصول في التفسير» للشيخ محمد بن عثيمين (ت1422هـ)، فهل (أصول التفسير) هي (علوم القرآن)؟ لا شكَّ أنَّ اختلاف الإضافات تدلُّ على اختلاف المصطلحات، إلا إذا كان المضاف إليه له أكثر من نظير في معناه؛ كالذي سبق في مصطلح «علوم التَّنْزيل»، ومصطلح «علوم الكتاب»، وأمثالها. لكن الأمر هنا يختلف فالتفسير غير القرآن، لذا فأصول التفسير ليست هي علوم القرآن. وإذا تأمَّلت الأمر وجدت أنَّ التفسير جزءٌ من علوم القرآن، بل هو أكبر علومه. فالتفسير ـ الذي هو بيانُ القرآنِ وشرحُه وإيضاحُه ـ من علوم القرآن، وفي علوم القرآن غير التفسير من العلوم، وقد تكون بعض علومه مشتركة بين التفسير وعلوم القرآن، وهذا أمر معتاد، فكل ما هو من علوم التفسير، فهو من علوم القرآن قطعاً، وقد يكون إفراد هذه العلوم بعناوين مستقلة في كتب علوم القرآن مظنَّة الخلط الذي يقع بين المصطلحين؛ كعلم «غريب القرآن» الذي كتب فيه كتاباً مستقلاً جمهور من علماء اللغة المتقدمين، وشاركهم فيه كثير من المتأخرين، هو من علوم التفسير لأن التفسير لا يقوم بدونه، وهو من باب أولى من علوم القرآن أيضاً. لكن علم (عدِّ الآي) من علوم القرآن وليس من علوم التفسير؛ لأن علم التفسير يقوم بدونه. أما أصول التفسير فإنه أخصُّ من علوم التفسير، والمسائل التي تُدرسُ في الأصول غالباً ما تمثِّل شكل القاعدة التي يندرج تحتها أمثلة متعددة، وتكون من مبادئ هذا العلم، ويغلب عليها الجانب التطبيقي، ومن عرفها فإنه يسهل عليه ممارسة علم التفسير. وأصول التفسير تشتمل على المبادئ والأسس التي يحتاج إليها من يريد قراءة التفسير أو من يريد التفسير؛ ليعرف بها القول الصواب من الخطأ. ويمكن اختصار القول هنا بما يأتي: 1 - إن كانت المعلومة ـ من علوم القرآن ـ لا أثر لها في فهم المعنى، فهي من علوم القرآن وليست من علوم التفسير؛ كمعرفة فضائل سورة الإخلاص، فإنها من علوم القرآن لكن معرفتها أو جهلها لا يؤثر في فهم المعنى. 2 - وإن كانت من المعلومات التي تؤثر في فهم المعنى؛ كمعرفة غريب الألفاظ، فهذا من علوم التفسير، ومن علوم القرآن من باب أولى. وإن كانت المعلومة تمثِّل أصلاً أو أساساً يُرجع إليه لمعرفة التفسير من حيث الصحة والبطلان، ومن حيث توجيه أقوال المفسرين، فإنها تكون من أصول التفسير، ومن باب أولى أن تكون من علوم التفسير، فعلوم القرآن. ومثال ذلك: أن يعرف طالب علم التفسير مصطلح السلف في النسخ؛ لأن عدم معرفة مصطلحهم تؤثر في فهم تفسيراتهم وتوجيهها إذا وردت عن أحدهم في موطن لا يصلح للنسخ كالأخبار، فإذا وردت عبارة النسخ في تفسير واحد من السلف في خبر من الأخبار أجزم بأنه لا يريد النسخ الاصطلاحي، بل يريد التنبيه على وقوع رفعٍ لجزء من معنى الآية؛ كأن يكون بيان مجمل، أو تخصيص عموم، أو تقييد مطلق، أو بيان وقوع استثناءٍ. . الخ. ومن الأمثلة الواردة في إطلاق السلف لفظ النسخ على الخبر، ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما (ت68هـ) في قوله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: 224]، قال أبو جعفر النحاس (ت338هـ) «قد أدخل هذه الآيات بعض الناس في الناسخ والمنسوخ، حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن هشام، قال: حدثنا عاصم بن سليمان، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ قال: «نسختها الآية التي بعدها»؛ يعني: ﴿إِلَاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الشعراء: 227]». فقوله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: 224] خبرٌ، والخبرُ لا يُنسخ، بمعنى رفعه بالكلية، وليس هذا مراد ابن عباس رضي الله عنهما (ت68هـ) بالنسخ هنا النسخ الكلي، وإنما مراده النسخ الجزئي، وهو تخصيص العموم الذي في قوله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: 224] بالاستثناء الوارد بعده في قوله تعالى: ﴿إِلَاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الشعراء: 227]، والله أعلم. وفي الختام، فإنَّ علم أصول التفسير جزء من علوم التفسير، وعلوم التفسير جزء من علوم القرآن، والله أعلم. "فصول في أصول التفسير"، "المحرر في علوم القرآن" للدكتور مساعد الطيار.

المواد الدعوية