البحث

عبارات مقترحة:

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

الكريم

كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...

المجيد

كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...

الخطبة والنكاح عن طريق وسائل الاتصال الحديثة

الإيجاب والقبول ركن من أركان النكاح، لا يصح بدونه، والإيجاب هو اللفظ الصادر من الولي أو وكيله. والقبول: هو اللفظ الصادر من الزوج أو وكيله. ويشترط أن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد، كما تشترط الشهادة لصحة النكاح. وبناءً على ذلك؛ فقد اختلف أهل العلم المعاصرين في إجراء عقد النكاح بالوسائل الحديثة كالهاتف والإنترنت، فمنهم من منع ذلك لعدم وجود الشهادة، مع التسليم بأن وجود شخصين على الهاتف في نفس الوقت له حكم المجلس الواحد. ومنهم من منع ذلك احتياطًا للنكاح؛ لأنه يمكن أن يُقلد الصوت ويحصل الخداع. ومنهم من جوز ذلك إذا أُمِن التلاعب، وهذا هو الأقرب والله أعلم.

التعريف

التعريف لغة

الخطبة - بكسر الخاء - مصدر خطب، يقال: خطب المرأة خطبة وخطبا، واختطبها، إذا طلب أن يتزوجها، واختطب القوم فلانا إذا دعوه إلى تزويج صاحبتهم. انظر: "القاموس المحيط" (1 /65)، "لسان العرب" (1 /855). أما النكاح لغة : مصدر نكح، يقال نكح ينكح للرجل أو المرأة نكاحًا، ويطلق لفظ النكاح أو المصدر على الوطء والمعاشرة، وعلى العقد دون الوطء، ويقال ناكحت المرأة أو نُكحت المرأة أي: تزوجت، ونكح فلان امرأة أي: تزوجها قال تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) [النساء: 3]. ويقال نكح المرأة: باضعها والمقصود بذلك المعاشرة؛ لأن المعاشرة تطلق على البُضع. وقيل: الضم والجمع، يقال: تناكحت الأشجار: إذا انضم بعضها إلى بعض. انظر: "المصباح المنير" (2 /624).

التعريف اصطلاحًا

الخطبة اصطلاحًا لا تخرج عن التعريف اللغوي، فهي تعبر عن طلب النكاح. انظر: "المغني" (7 /143). أما النكاح ففيه خلاف في تعريفه الاصطلاحي بين الفقهاء، فقيل هو عقد الزوجية الصحيح، وإن لم يحصل مسيس ولا خلوة، وقيل هو عقد شرعي يقتضي حل استمتاع كل من الزوجين بالآخر، أو عقد يضمن إباحة وطء المعاشرة بلفظ إنكاح أو تزويج أو ترجمة ذلك بأي لغة. انظر: "فتح القدير" (2 /339)، "تبيين الحقائق" (4 /94)، "الدر المختار" (2 /355)، "مغني المحتاج" (3 /123)، "المغني" (7 /3)، "كشاف القناع" (5 /3). وأما المقصود بوسائل الاتصال الحديثة، فهي عملية تساعد المرسل على إرسال المعلومات بأي وسيلة من وسائل النظم الكهرومغناطيسية، وهي متنوعة منها: 1- الكتابة: كالبرقية، والرسائل النصية والبريد الإلكتروني، وغيرها. 2- المشافهة: كالهاتف السلكي، واللاسلكي، والهاتف المحمول، وبرامج الشبكة العنكبوتية التي تنقل الصوت فقط وغيرها. 3- - المشاهدة : وهذه من الوسائل الحديثة، كمكالمات الفيديو، وغيرها من برامج الشبكة العنكبوتية المتعددة، الناقلة للصوت والصورة معًا.

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

أما الخِطبة فلا فرق بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي. وأما النكاح فقد انبنى الخلاف الاصطلاحي بناءً على الخلاف في التعريف اللغوي.

صورة المسألة

من صور المسألة: أن يرسل العاقد إلى الولي يطلب الزواج من موليتهم مع تحديد اسمها، فيرد الولي بالإيجاب كتابة، فيرسل العاقد القبول كتابة، وجميع ذلك الإرسال عبر وسائل الاتصال الحديثة، كرسائل البريد الإلكتروني، أو الرسائل النصية أو غيرها. وبالإمكان إجراء عقد النكاح مشافهة عبر أجهزة الاتصال الحديثة من خلال بعض البرامج التي يوجد بها خاصية المحادثة وهذه البرامج تمكن من المحادثة المباشرة بين الطرفين، مثل ما يجري في الهاتف تمامًا، بحيث يمكن أن يُصدِر الموجِب إجابة، فيسمعه القابل فيُصدِر قبوله، كما أن الشهود يسمعون الكلام لحظة بلحظة. وهناك صورة أخرى وهي عقد النكاح عن طريق المشاهدة، وفي هذه الحالة تتم المشاهدة وسماع الصوت بين العاقد الغائب وولي المرأة والشهود وكأنهم في مكان واحد، فزادت على مسألة المشافهة بالرؤية.

التكييف الفقهي للمسألة

مسألة عقد النكاح عن طريق الوسائل الكتابية الحديثة، بناها الفقهاء على صورة قديمة وعقد النكاح بالكتابة، وقد اتفق العلماء على أن عقد النكاح بصيغة الكتابة يصح من الأخرس، كما اتفقوا على منعه بالنسبة للناطق الحاضر على الصحيح من أقوالهم. انظر: "الموسوعة الفقهية" (41 /240). واختلفوا في الناطق الغائب على قولين: - القول الأول: منع إجراء عقد النكاح بصيغة الكتابة، وهذا القول هو مذهب الجمهور من المالكية، والشافعية، والحنابلة. انظر: "الشرح الصغير" (2 /350)، "مغني المحتاج" (3 /141)، "مطالب أولي النهى" (5 /49). - القول الثاني: جواز عقد النكاح بالمكاتبة بين الغائبين دون الحاضرين، وهذا مذهب الحنفية، فإذاكان أحد العاقدين غائبًا عن المجلس فإن النكاح ينعقد بالكتابة لتعذر المشافهة، لكن يجب عند القبول أن يشهد شاهدان على الإيجاب المكتوب بعد أن يُقرَأ عليهم ويسمعاه ويسمعا قبول الزوجة، أو وكيلها، أو وليها، ويعتبر الإيجاب كأنه حاصل من المرسل أو الكاتب في مجلس القبول الذي هو مجلس العقد. ومن خلال المسألة المتقدمة انبنى خلاف العلماء المعاصرين في مسألة حكم عقد النكاح بالكتابة عبر وسائل الاتصال الحديثة. وأما عقد النكاح بين غائبين مشافهة عن طريق وسائل الاتصال الحديثة فهو صورة جديدة أيضًا، لم يكن لها وجود بالعصور السابقة وأقرب مسألة لها هي مسألة البيع بالمناداة، وهي كما ذكر النووي "لو تناديا وهما متباعدان وتبايعا صح البيع بلا خلاف". انظر: "المجموع" (9 /181).

فتاوى أهل العلم المعاصرين

فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله
فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله : السؤال : أريد أن أعقد على فتاة وأبوها في بلد آخر ولا أستطيع الآن أن أسافر إليه لنجتمع جميعا لإجراء العقد وذلك لظروف مالية أو غيرها وأنا في بلاد الغربة فهل يجوز أن أتّصل بأبيها ويقول لي : زوجتك ابنتي فلانة. وأقول : قبلت ، والفتاة راضية ، وهناك شاهدان مسلمان يسمعان كلامي وكلامه بمكبر الصوت عبر الهاتف ؟ وهل يعتبر هذا عقد نكاح شرعي ؟ الجواب: "توجه الموقع بهذا السؤال إلى الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله فأجاب بأنّ ما ذُكر إذا كان صحيحا (ولم يكن فيه تلاعب) فإنه يحصل به المقصود من شروط عقد النّكاح الشّرعي ويصحّ العقد. ينظر جواب السؤال رقم (2201). والله أعلم. المصدر: الإسلام سؤال وجواب

قرارات المجامع الفقهية

قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة
صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة؛ رقم 52 (3/6)، بشأن حكم إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين: إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان 1410هـ الموافق 14-20 مارس 1990م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة. ونظرا إلى التطور الكبير الذي حصل في وسائل الاتصال وجريان العمل بها في إبرام العقود لسرعة إنجاز المعاملات المالية والتصرفات. وباستحضار ما تعرض له الفقهاء بشأن إبرام العقود بالخطاب وبالكتابة وبالإشارة وبالرسول، وما تقرر من أن التعاقد بين الحاضرين يشترط له اتحاد المجلس - عدا الوصيـة والإيصاء والوكالة - وتطابق الإيجاب والقبول، وعدم صدور ما يدل على إعراض أحد العاقدين عن التعاقد، والموالاة بين الإيجاب والقبول بحسب العرف. قرر ما يلي: أولا: إذا تم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مكان واحد، ولا يرى أحدهما الآخر معاينة، ولا يسمع كلامه، وكانت وسيلة الاتصال بينهما الكتابة أو الرسالة أو السفارة (الرسول)، وينطبق ذلك على البرق والتلكس والفاكس وشاشات الحاسب الآلي (الحاسوب)، ففي هذه الحالة ينعقد العقد عند وصول الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله. ثانيا: إذا تم التعاقد بين طرفين في وقت واحد وهما في مكانين متباعدين، وينطبق هذا على الهاتف واللاسلكي، فإن التعاقد بينهما يعتبر تعاقدا بين حاضرين، وتطبق على هذه الحالة الأحكام الأصلية المقررة لدى الفقهاء المشار إليها في الديباجة. ثالثا: إذا أصدر العارض، بهذه الوسائل، إيجابا محدد المدة يكون ملزما بالبقاء على إيجابه خلال تلك المدة، وليس له الرجوع عنه. رابعا: إن القواعد السابقة لا تشمل النكاح لاشتراط الإشهاد فيه، ولا الصرف لاشتراط التقابض، ولا السلم لاشتراط تعجيل رأس المال. خامسا: ما يتعلق باحتمال التزييف أو التزوير أو الغلط يرجع فيه إلى القواعد العامة للإثبات.
فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
جاء في السؤال الثاني من الفتوى رقم 1216 ما يلي: السؤال: إذا توافرت أركان النكاح وشروطه إلا أن كلا من الولي والزوج في بلد، فهل يجوز العقد تليفونيا أم لا؟ الجواب: نظرا إلى ما كثر في هذه الأيام من التغرير والخداع، والمهارة في تقليد بعض الناس بعضا في الكلام وإحكام محاكاة غيرهم في الأصوات، حتى إن أحدهم يقوى على أن يمثل جماعة من الذكور والإناث، صغارا وكبارا، ويحاكيهم في أصواتهم وفي لغاتهم المختلفة محاكاة تلقي في نفس السامع أن المتكلمين أشخاص، وما هم إلا شخص واحد، ونظرا إلى عناية الشريعة الإسلامية بحفظ الفروج والأعراض، والاحتياط لذلك أكثر من الاحتياط لغيرها من عقود المعاملات، رأت اللجنة أنه ينبغي ألا يعتمد في عقود النكاح في الإيجاب والقبول والتوكيل على المحادثات التليفونية؛ تحقيقا لمقاصد الشريعة، ومزيد عناية في حفظ الفروج والأعراض حتى لا يعبث أهل الأهواء ومن تحدثهم أنفسهم بالغش والخداع. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
قرار ندوة مجمع الفقه الإسلامي بالهند
قرار ندوة مجمع الفقه الإسلامي بالهند في دورته الثالثة عشرة عام (4/2001م) بشأن إجراء التعاقد بالآلات الحديثة: أولا: المراد من المجلس الحال التي يشتغل فيها العاقدان بإجراء التعاقد. والقصد من اتحاد المجلس أن يتصل الإيجاب بالقبول في وقت واحد، ومن اختلاف المجلس ألا يتصل الإيجاب بالقبول في وقت واحد. ثانيا: (أ) يصح الإيجاب والقبول في البيع عن طريق الهاتف ومؤتمر الفيديو، وإذا كان العاقدان على الإنترنت في وقت واحد ويظهر الطرف الآخر قبوله بعد الإيجاب بالفور انعقد البيع، ويعتبر مجلس العاقدين في هذه الصورة متحدا. (ب) إذا أجاب أحد في البيع على الإنترنت ولم يكن الطرف الآخر متواجدا على الإنترنت وقت الإيجاب، وبعد وقت تسلم الإيجاب، فهذه إحدى صور البيع بالكتابة، وعندما يقرأ الإيجاب يلزمه إظهار القبول في حينه. ثالثا: إذا أراد المشتري والبائع إخفاء تعاقدهما واستخدما لذلك الأرقام السرية، لم يجز لشخص آخر الاطلاع على هذا التعاقد، أما إذا كان لشخص ما حق الشفعة أو حق شرعي آخر متعلق بذلك العقد أو البيع جاز له الاطلاع عليه. رابعا: إن عقد النكاح يحمل خطورة أكثر من عقد البيع، وفيه جانب تعبدي، ويشترط فيه الشاهدان، لذلك لا يعتبر مباشرة الإيجاب والقبول للنكاح على الإنترنت ومؤتمر الفيديو والهاتف، أما إذا استخدمت هذه الوسائل لتوكيل شخص للنكاح، ويقوم الوكيل من جانب موكله بالإيجاب والقبول أمام الشاهدين صح النكاح، ويلزم في هذه الصورة أن يكون الشاهدان يعرفان الموكل أو يذكر الموكل اسمه واسم أبيه عند الإيجاب والقبول.

الخلاصة الفقهية

عقد النكاح من خلال وسائل التواصل الحديثة، له ثلاث صور: -الأولى: من خلال الكتابة، وقد جرى فيه الخلاف بين المنع والجواز، واستدل من قال بالمنع بأدلة منها: 1- اشتراطهم اجتماع إرادة العاقدين على إجراء العقد في وقت واحد وهذا ما يعبرون عنه بالموالاة بين الإيجاب والقبول، وهو محل اتفاق عندهم، ولكن الاختلاف بينهم في مدة الوقت الذي يتم فيه العقد إيجابا وقبولا، فالشافعية يوجبون ذلك على الفور ولا يضر عندهم الفصل اليسير، أما الحنابلة فلم يشترطوا الفورية كالشافعية، لكن لهم اشتراط آخر وهو: أن يتم الإيجاب والقبول في مجلس واحد، بشرط عدم انشغال العاقدين بغير العقد. يقول ابن قدامة: "إذا تراخى القبول عن الإيجاب صح، ما دام في المجلس ولم يتشاغلا عنه بغيره؛ لأن حكم المجلس حكم حالة العقد، فإن تفرقا قبل القبول، بطل الإيجاب فإنه لا يوجد معناه، فإن الإعراض قد وُجِد من جهته بالتفرق فلا يكون قبولًا، وكذلك إذا تشاغلا عنه يما يقطعه؛ لأنه معرض عن العقد أيضًا بالاشتغال عن قبوله". انظر: "المغني" (7 /80). 2- اشتراطهم الإشهاد على عقد النكاح حين انعقاده، والإشهاد شرط صحة عند كل من الشافعي وأحمد في الرواية المشهورة عنه، وهذا الشرط مقرر عند الحنفية، لكن الحنفية الذين أجازوا إجراء عقد النكاح بطريقة الكتابة رأوا أنه يمكن تحقيق هذا الشرط، وذلك بأن يتم استدعاء العاقد الذي وصله كتاب الإيجاب الشهود وإطلاعهم على الكتاب أو إخبارهم بمضمونه، وأنه موافق على ذلك الزواج، وبذلك يتم الإشهاد كما يرى الحنفية. انظر: "بدائع الصنائع" (5 /138). أما المالكية فشرط الإشهاد عندهم حاصل، إلا أنه يجوز عندهم تَأخير الإشهاد إلى ما قبل الدخول، ولكنهم يشترطون حين العقد الإعلان والظهور. انظر: "حاشية الدسوقي" (2 /216). وممن قال بالمنع أغلب فقهاء مجمع الفقه الإسلامي بجدة. وأما القائلون بالجواز: فقولهم بالجواز لم يكن نتيجة لعدم اشتراطهم الموالاة بين الإيجاب والقبول، أو لعدم اشتراطهم الإشهاد على النكاح، بل اشترطوا ذلك و لكنهم جعلوا مجلس العقد هو ساعة وصول الخطاب الذي يحمل الإيجاب للطرف الآخر، فعند وصوله والاطلاع على مضمونه، والإشهاد على القبول، يصح النكاح إذا جعلوا مجلس العقد هو المجلس الذي يصل فيه الخطاب حكما، وعلى ذلك تتم المولاة بين الإيجاب والقبول ويتم الإشهاد. انظر: "حاشية ابن عابدين" (3 /12). واشترط الحنفية لصحة عقد النكاح بالكتابة شروطًا هي: 1- أن يُشهِد العاقد شاهدين على ما في الكتاب عند إرساله. 2- ألا يكون العاقد حاضرًا بل غائبًا. 3- أن يصرح المرسل إليه بالقبول لفظًا، لا كتابة، فلو كتب رجل إلى امرأة تزوجتك، فكتبت إليه: قبلت، لم ينعقد إذ الكتابة من الطرفين بلا قول لا تكفي، ولو في الغيبة، فلا بد من إسماع الشهود بذلك. 4- إعلام الشهود بما في الكتاب عند حضوره، وتعريفهم بواقع الحال والتصريح أمامهم بالقبول. واستدلوا بأدلة منها: 1- أن الكتاب من البعيد بمثابة الخطاب من القريب، حيث إن الكتاب له حروف ومفهوم، يؤدي عن معنى معلوم فهو كالخطاب من الحاضر. انظر: "الاختيار" (2 /99). 2- أن الكتابة بين غائبين وسيلة صحيحة لتحقيق التراضي والتوافق بين الطرفين وما دام كذلك فلا مانع من التعاقد من خلاله. انظر: "المبسوط" (5 /16). وممن قال بالجواز الدكتور مصطفى الزرقا، والدكتور وهبة الزحيلي، وغيرهما. انظر: "حكم إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة للدكتور وهبة الزحيلي"، بمجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد 6. - الترجيح: يظهر مما تقدم أن شروط النكاح متحققة، عند أصحاب القول الثاني، وبالأخص شرطي الإشهاد والموالاة. وأما بالنسبة لخصوصية النكاح، وأنه يحتاط فيه ما لا يحتاط في غيره، فهذا لا معارض له، بل الجميع متفق عليه. وعليه تم اشتراط الشروط الأربعة السالفة الذكر. والاحتياط لا يلزم منه المنع، ولكن يلزم منه التحقق والتثبت، وهذا متحقق بالمسألة على القول الثاني، وعليه فيترجح القول بالجواز لتحقق الشروط وانتفاء الموانع. - الصورة الثانية: من خلال المشافهة، وقد اختلف العلماء المعاصرون فيها على قولين: القول الأول: جواز عقد النكاح بوسائل الاتصال الحديثة عن طريق المشافهة، وذلك باشتراط حضور الشهود، وسماعهما القبول والإيجاب، ويشترط أن تكون المحادثة مسموعة للجميع وكما يلزم أن يكون العاقد غائبًا عاجزًا عن الحضور. القول الثاني: عدم جواز انعقاد النكاح بوسائل الاتصال الحديثة الناقلة للكلام مطلقًا، وهذا ما ذهب إليه أكثر الفقهاء المعاصرين من فقهاء مجمع الفقه الإسلامي بجدة، واللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية، وعمدة المنع عند اللجنة أن هذا الطريق قد يدخله خداع أحد العاقدين للطرف الآخر وأن عقد النكاح يجب أن يحتاط فيه ما لا يحتاط في غيره لحفظ الفروج والأعراض. وقد استدل المجيزون بتحقق شروط العقد، من التلفظ بالإيجاب والقبول، والموالاة بينهما، والإشهاد عليهما وسماع كل من العاقدين الآخر، ووجود الولي، فلا يوجد ما يمنع من صحة العقد وعلى هذا يكون مجلس العقد هو زمن الاتصال، ما دام الكلام في شأن العقد. واستدل المانعون باشتراط الإشهاد على عقد النكاح، ول تحقيق مقاصد الشريعة، ومزيد حفظ الفروج والأعراض حتى لا يعبث أهل الأهواء ومن تحدثهم أنفسهم بالغش والخداع؛ لقدرة بعض الأشخاص على تغيير الصوت وتقليد أصوات الغير. انظر: "الفتاوى لمحمد المسند" (3 /153). - الترجيح: الكل متفق على أهمية العناية بالفروج، وحفظها من بعض النفوس الضعيفة وأهل الأهواء والخداع، وهذا يعني زيادة الاحتياط في تطبيق العقود بهذه الصورة لا المنع منها، خاصة مع الحاجة إليها. - الصورة الثالثة: عن طريق المشاهدة: وللعلماء في هذه المسألة أقوال بين مجيز ومانع، فمن أفتى بالجواز في مسألة المشافهة من الأولى أن يحكم بالجواز هنا مع الشروط السابقة؛ لتحقق أوصاف المشافهة، بالإضافة إلى المشاهدة. أما المانعون فقد اختلفت حججهم، فمن منعها لخوف الخداع والتلاعب كاللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، نجد أن هذه العلة منتفية هنا؛ للتحقق الكامل من شخصية الغائب بمشاهدته فيكون مقتضى كلامهم الجواز في هذه الحالة. ومن منعها لعدم وجود الشهود كمجمع الفقه الإسلامي بجدة فيجاب عليه باشتراط الشهود، وأما المانعين لأجل خصوصية الزواج وقداسته وهيبته، فربما يستمر المنع هنا على قولهم، لأن علتهم الحفاظ على هيبة الزواج وقدسيته.