البحث

عبارات مقترحة:

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

الرءوف

كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...

زواج فريند

مع تنامي المشاكل التي تقيّد الشباب المقبلين على الزواج، واستيراد أفكار ونماذج غربية في العلاقات الإنسانية، ونشوء أجيال من المسلمين في الدول الغربية ضمن بيئة مليئة بالإباحية والتحلل من أية أنظمة أو قوانين دينية أو أخلاقية، حاول البعض إيجاد الحلول لذلك الواقع. "زواج فريند"، أو ما يعرف باسم "الزواج الميسّر" أحد أكثر أشكال الزواج جدلًا، يراه البعض نموذجًا عصريًا لاتقاء الفتن، ويراه آخرون "تشريعًا" لممارسات جنسية صرفة، بعيدة عن أي شكل من أشكال العلاقات الاجتماعية المعروفة. وقد يرى آخرون أنه يفسح المجال لأخطار أكثر مما يجنب من مشاكل، فيما يعده كثير من الشبان والشابات، طريقة ميسرة تجعل الزواج سهلًا وممكنًا، بعيدًا عن تعقيدات الحياة ومتطلباتها التي لا تنتهي. والذي يظهر أن هذه الصورة كما تحمل نية حسنة فلها مخاطر أيضًا، وبالتالي يحتاج الأمر إلى مزيد دراسة للوصول إلى صورة صحيحة تحل المشاكل التي يتعرض لها المسلمون.

التعريف

التعريف لغة

الزواج في اللغة العقد على المرأة، والزوجان هما المرأة والرجل إذا كان بينهما عقد زواج، والزوج الشكل يكون له نظير، كالأصناف والألوان، أو يكون له نقيض، كالذكر والأنثى، قال ابن دريد: والزوج كل اثنين ضد الفرد، وتبعه الجوهري فقال: ويقال للاثنين المتزوجان زوجان وزوج أيضًا، تقول: عندي زوج نعال وتريد اثنين، وزوجان تريد أربعة، إلا أن الأزهري قال: وأنكر النحويون أن يكون الزوج اثنين، والزوج عندهم الفرد، وهذا هو الصواب، وقال ابن الأنباري: والعامة تخطئ وتظن أن الزوج اثنين، وليس ذلك مذهب العرب، وقال السجستاني: لا يقال للاثنين زوج لا من الطير ولا من غيره، فإن ذلك من كلام الجهال، فليتنبه له فإنه هام. هذا وبعض العرب يقول لكل من الرجل والمرأة المتزوجين زوج، وبعضهم يطلق على الرجل زوج، وعلى المرأة زوجة، والفقهاء يقتصرون على القول الثاني دفعًا للبس. انظر: "المصباح المنير" (1 /258)، "مختار الصحاح" (ص /138). وكلمة "فريند" كلمة إنجليزية "Friend" تعني صديق.

التعريف اصطلاحًا

زواج الأصدقاء أو ما يعرف بزواج (فريند) [Friend] شكل لم يعرف في الفقه الإسلامي، وهو في الأصل دعوة أطلقها الشيخ عبد المجيد الزنداني، من علماء اليمن، لتيسير الزواج على الشباب، وقد نالت هذه الدعوة اهتمامًا واسعًا في أوساط الأقليات المسلمة في أوربا. ودعوة الشيخ الزنداني تتلخص في أن يتم عقد زواج شرعي للشباب المسلم من دون اشتراط توفير المسكن أو النفقة، بل يبقى الزوج الشاب والزوجة الشابة كل في منزل والديه، ويلتقيان في خلوة شرعية، ويتفقان على ألا ينجبا أطفالًا ما داما في مسكنيين منفصلين، ويبقيان على هذه الحال حتى يتمكنا من إنهاء دراستهما، والحصول على عمل، وتوفير مقومات فتح بيت خاص بهما وتأسيسه، والإنفاق على نفسيهما وأولادهما. ولعل المقصود من استخدام مصطلح (فريند) [Friend] هو التعبير عن أنه زواج أصدقاء، طالما لا يستطيعان تأسيس بيت للزوجية مستقل بهما. ولفظة (زواج) تفيد بوجود عقد شرعي بين الزوجين، ولكن اختياره لفظة (فريند) أي: الصديق والصديقة قد يؤدي إلى تشويش حول مصداقية هذا الزواج وشرعيته، ولذا كان الاعتراض على هذا اللفظ من قبل بعض العلماء، لأن (الفريند) في المفهوم الغربي يعني: المصاحبة والصداقة، وإعطاء هذا الزواج – الذي هو زواج شرعي- هذا العنوان ربما يشجع الآخرين على السير مع العنوان دون الشرع، فهناك خطورة في استعمال المصطلحات الغربية على هذا النوع من الزواج الشرعي، لأنها تضفي عليه صبغة عدم الشرعية.

صورة المسألة

هذا الزواج مضمونه أن الشيخ تقدم برأي للمسلمين في الغرب؛ ليتفادوا الوقوع في الرذيلة، وليحفظوا دينهم، وأنسابهم. وخلاصة هذا الرأي: أنه يمكن أن يتزوج الشاب بالشابة بعقد شرعي صحيح، مستوفٍ للشروط والأركان، من الولي، والشاهدين، والمهر، ولو لم يكن لهما سكن يأويان إليه، فيستمتع أحدهما بالآخر، ثم يأوي كل واحدٍ منهما إلى منزل والده، فليس زواج متعة مؤقت بمدة في العقد، ولا زواجًا بلا ولي، أو شهود، أو مهر. ولكن غاية ما فيه أن تسقط المرأة حقها في السكن، إلى أن ييسر الله عز وجل لهما إيجاد السكن، فهل هذا الزواج صحيح أم لا؟

التكييف الفقهي للمسألة

لا يخلو أن يكون إسقاط المرأة لحقها في السكن مشروطًا في العقد، أو أن يحدث ذلك بعد العقد: فإن كان مشروطًا في العقد، فقد اختلف الفقهاء فيه؛ فذهب الشافعية، والحنابلة إلى صحة النكاح، وفساد الشرط. انظر: "منهاج الطالبين" (ص219)، "المقنع" (ص311). وذهب المالكية إلى أنه إن شرط في العقد أنه لا نفقة لها عليه، فإن النكاح يفسخ، ما لم يدخل بها، فإذا دخل بها، ثبت النكاح، ولها صداق المثل، ويسقط الشرط. انظر: "منح الجليل" (3 /302). وأما إسقاط المرأة لحقها من النفقة، والسكن، والقسم بعد العقد برضاها، فلا بأس بذلك، ولها الرجوع إذا أرادت ذلك، قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني": وإذا خافت المرأة نشوز زوجها، وإعراضه عنها؛ لرغبة عنها: إما لمرضٍ بها، أو كبر، أو دمامة، فلا بأس أن تضع عنه بعض حقوقها، تسترضيه بذلك؛ لقول الله تعالى: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا) [النساء: 128]. انظر: "المغني" (7 /319).

الآراء والاتجاهات

حقل نصي طويل

ذكر الشيخ الزنداني الأسس الشرعية التي بنيت عليها الفكرة: أولًا: حل الاستمتاع إثر إبرام عقد الزواج الشرعي: فيجوز شرعًا للزوجين أن يستمتع بعضهما ببعض إثر تمام العقد الشرعي الصحيح الذي يستوفي أركانه وشروطه، والتي منها : الولي والشاهدان : لقول رسول الله في الحديث (لا نكاح إلا بولي) أخرجه الترمذي (3 /407) وأبو داود (2 /568) وابن ماجه (1 /605)، ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) أخرجه الدارقطني (3 /255) والبيهقي (7 /125) وصححه الألباني في الإرواء (6 /258). ومنها الصيغة الشرعية للعقد كقول الولي زوجتك أو أنكحتك ابنتي فلانة وقول الزوج قبلت زواجها أو نكاحها، وأن يكون العاقد صاحب أهلية للعقد، وذا صفة شرعية تعطيه الحق في مباشرة العقد على خلاف في إجبار الاب للبكر البالغة. ومنها الصداق (المهر) الذي لا يجوز تواطؤ الزوجين على إسقاطه بالأصل، لقوله تعالى: ﴿وآتوا النساء صدقاتهن نحلة﴾ [النساء : 4]. ومنها رضا الزوجين؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا : يا رسول الله كيف إذنها؟ قال : أن تسكت) أخرجه البخاري في كتاب النكاح باب رقم 41. ومنها خلو الزوجين من الموانع الشرعية التي تمنع زواجهما، فإذا وقع العقد مستوفيًا لأركانه وشروطه ترتبت عليه آثاره الشرعية من حل استمتاع الزوجين ببعضهما وثبوت المصاهرة والنسب واستحقاق الإرث وغيرها من الآثار. ثانيًا: حق الزوجة في التنازل عن السكن أو النفقة : يثبت للمرأة بعد إبرام عقد الزواج الصحيح حق السكن والنفقة؛ لقوله تعالى: (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) (الطلاق: 6)، ولها أن تتنازل لزوجها عن حقها في النفقة والسكن باتفاق الفقهاء، إن لم يشترط ذلك في صلب العقد؛ لقوله تعالى (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحًا والصلح خير) (النساء: 128)، وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في هذه الآية: كما في صحيحي البخاري ومسلم : (هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها فيريد طلاقها ويتزوج غيرها، تقول له أمسكني ولا تطلقني ثم تزوج غيري فأنت في حل من النفقة عليََ والقَسم لي)، فما ذهبت إليه من جواز تنازل المرأة في بداية الزواج عن حقها في السكن بصفة مؤقتة حتى يتم توفير السكن الذي لا بد منه، بنيته على هذه الأدلة. وفي غالب ظني أنه إذا تم العقد فسيجتهد الزوجان في توفير السكن وسيتنازل الجميع عن مظاهر الرفاهية فيه، ويقبلون بالسكن المتيسر، وما يصرفونه من أموال لحضور السهرات وشراء الكماليات سيوجهونه في تجهيز السكن ومستلزماته وربما تعاطف الآباء مع أبنائهم في توفير غرفة في مسكنهم للزوج الجديد، ولم أقل بإسقاط السكن مطلقًا. ثالثًا: عدم توفر السكن لا يبطل عقد النكاح: لم يقل أحد من الفقهاء بأن عدم توفر السكن يبطل العقد، ولقد تزوج النبي بأم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها وهي بعيدة عنه في الحبشةـ فلم يتحقق السكن بسبب البعد ولم يؤثر ذلك على صحة العقد، فعن عروة عن أم حبيبة: أن رسول الله تزوجها وهي بأرض الحبشة زوجها النجاشي وأمهرها أربعة آلاف وجهزها من عنده. .. الحديث) رواه أحمد في مسنده (6 /427) والنسائي في سننه (6 /119). وبنى عليه الصلاة والسلام بأم المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها في الطريق بين المدينة وخيبر، وعلى هذا يجوز دخول الزوج على زوجته بناءً على عقد الزواج الشرعي وإن لم يتوفر السكن. بوَّب البخاري في صحيحه باب البناء في السفر، وروى حديث أنس رضي الله عنه قال: (أقام النبي بين خيبر والمدينة ثلاثًا يُبنى عليه بصفية بنت حيي فدعوت المسلمين إلى وليمة، فما كان فيها من خبز ولا لحم. . الحديث) البخاري مع الفتح كتاب النكاح، ج9، 279 باب رقم 60. وفي هذا دليل أيضًا على التيسير في مظاهر الزواج. وعقد النبي على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهي بنت ست سنوات ولم يدخل بها إلا بعد عدة سنوات لصغر سنها الذي كان حائلًا دون البناء عليها، فعدم توفر السكن في مثل هذه الحالة لا يبطل عقد الزواج، وقال الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (تزوجني النبي وأنا بنت ست سنين...) الحديث رقم 3894 صحيح البخاري مع الفتح ، ج7، باب 44. وفي حديث عروة "تزوج النبي عائشة وهي بنت ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع سنين، ومكثت عنده تسعًا" صحيح البخاري، كتاب النكاح. فهل يجرؤ أحد على القول ببطلان العقد لعدم توفر السكن حال إبرام العقد. وجاء في صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد عن الواهبة نفسها لرسول الله وعدم جوابه لها وفيها: (فقام رجل فقال يا رسول الله أنكحنيها قال: هل عندك من شيء قال لا، قال اذهب فاطلب ولو خاتمًا من حديد، فذهب وطلب ثم جاء فقال ما وجدت شيئًا ولا خاتمًا من حديد، قال: هل معك من القرآن شيء، قال: هي سورة كذا وسورة كذا، قال: اذهب فقد أنكحتكها بما معك من القرآن)، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وفيه أن الفقير يجوز له نكاح من علمت بحاله ورضيت به إذا كان واجدًا للمهر، وكان عاجزًا عن غيره من الحقوق، لأن المراجعة كانت في وجدان المهر وفقده لا في قدر زائد. قاله الباجي. (أ.هـ) "الفتح" (9/270)، كتاب النكاح باب رقم (50) ومعلوم أن النفقة والسكن تدخل في الحقوق التي عجز عنها الصحابي كما هو ظاهر الرواية وكلام ابن حجر. رابعًا: جواز غياب الزوج عن زوجته: يجوز للزوج أن يغيب عن زوجته لأسباب كثيرة: كطلب الرزق أو الغزو والجهاد أو الحج والعمرة او طلب العلم أو غير ذلك، وقد أقَّت عمر بن الخطاب رضي الله عنه مدة الغياب لمن يغزو في سبيل الله بما لا يزيد عن ستة أشهر، كما في "السنن الكبرى" للإمام البيهقي (9 /29) فَوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر يسيرون شهرًا ويقيمون أربعة ويسيرون شهرًا راجعين، وسئل الإمام أحمد: كم للرجل أن يغيب عن أهله، فقال يروى ستة أشهر. ذكره في "المغني" (10 /241). وإذا غاب الزوج برضا زوجته مدة أكثر من ذلك، فلم يقل أحد من الفقهاء بفسخ عقد الزواج أو بطلانه. خامسًا: الشريعة المطهرة مبنية على التيسير، قال تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر). والزواج المبارك ما كانت مؤنته ميسرة قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث عائشة رضي الله عنها عند أحمد (6 /82): "أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة". والمسلمون في الغرب يعيشون ظروفًا هم فيها أحوج ما يكونون إلى صور ميسرة لزواج شرعي يعفهم ويحفظ عليهم نسلهم ودينهم، وأطالب الآباء والامهات أن يفسحوا لأبنائهم في بداية زواجهم غرفة يأوي إليها ولدهم مع زوجته فيفوزوا بأجر إعفاف ابنهم، وتعويده على العيش معهم وبحسن صحبته لهم عند عجزهم أو كبرهم. ومما سبق يتبين أني لم أناد إلى صيغة جديدة للزواج بل هي الصيغة المقرة عند علماء الإسلام بأركانها وشروطها المعتبرة.. كما أن الزواج الميسر الذي اقترحته لا يتفق مع زواج المتعة الذي يقوم على التوقيت، ولا يترتب عليه استحقاق الإرث بين الرجل والمرأة، ولا ينتهي بالطلاق المشروع إلى غير ذلك من أوجه الاختلاف بين الزواج الشرعي وزواج المتعة. "زواج فريند" أقصد به الزواج الميسر للمسلمين في الغرب وأما الاسم الذي أطلق على الفكرة فكان من باب المشاكلة عند المناقشة (بوي فريند، وزوج فريند) وتعرض الاسم "زوج فريند" للتحريف الاعلامي إلى "زواج فريند" مما أوهم أنه صيغة جديدة للزواج، وأنا لا أدعو إلى مصطلحات غير شرعية. . وأرى أن يكون مسمى هذه الصورة (الزواج الميسر للمسلمين في الغرب) بدلًا عن مصطلح زواج فريند. ولقد تقدمت بهذا الحل إلى المجمع الفقهي الاوروبي لدراسته، وأنا مع أي حل شرعي يحقق الزواج ويعف عن الرذيلة وينقذ المسلمين في الغرب من هذه البلوى التي أوقعت شبابهم في الحرام وأضاعت نسلهم ومزقت أسرهم وجلبت عليهم الامراض الخطيرة. فمن كان لديه حل شرعي لهذه المشكلة فليتقدم به، وسأكون من أول المؤيدين له إذا استند إلى أدلة شرعية تحقق المصلحة وتيسر على المسلمين حل هذه القضية، والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وكانت تسمية الزواج بهذا الاسم بابًا لانتقادات كثيرة، من بينها ما ذكره الشيخ الدكتور محمد الطبطبائي (عميد كلية الشريعة الإسلامية في جامعة الكويت)، حيث قال في تعليق له على الفتوى: "إذا توافرت الشروط الشرعية في الزواج فهو صحيح شرعًا ولا يجوز تسميته "زواج فريند"؛ لأن ذلك يوحي بأنه نوع جديد من الزواج، أما عدم وجود المسكن الواحد فذلك من شروط الزوجة ولها أن تتنازل برضاها عن بعض حقوقها من المبيت والنفقة وذلك مشروط برضاها متى ما طالبت بذلك. وفي المقابل فالواجب على الزوج تحقيقه لها لأنه حق للزوجة". أما الدكتور محمد رأفت عثمان رحمه الله (العميد السابق لكلية الشريعة والقانون وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر) فقد اتخذ في الموضوع رأيًا مناقضًا للشيخ الزنداني، فهو يرى أن هذا الزواج قد يجلب من المضار ما يفيض على المصالح، يقول: "هذه الفتوى إذا كانت تشترط في العلاقة التي ستنشأ بين الشاب والفتاة أن تكون قائمة على عقد زواجٍ، مستوفٍ، أركانه وشروط صحته من الناحية الشرعية فهي بلا شك تحل جانبًا من مشكلات الشباب المسلم في الدول الغربية، إلا أنها قد تخلق مشكلة أخرى بين هؤلاء الأزواج إذا حدث حمل، فمن سيقوم بتربية الولد الذي سينشأ بين زوجين متباعدين، أم أنهما سيرسلان ابنيهما إلى إحدى مؤسسات رعاية الأطفال مجهولي النسب؟! بالإضافة إلى ضرورة أن يعرف المخالطون لأسرة الزوجين أنهما متزوجان زواجًا شرعيًا وأنهما تراضيا على هذا الوضع حتى لا يساء الظن بهما، لهذا أرى أن هذه الفتوى رغم أنها تحل مشكلة إلا إنها ستنشأ عنها مشكلات أخرى يجب البحث عن علاج لها". أما الدكتور نصر فريد واصل (مفتي مصر الأسبق) فأفتى ببطلان فتوى الشيخ الزنداني معللًا ذلك بكونها تحصر الزواج في الشهوة التي يتساوى فيها الإنسان والحيوان، مضيفًا أن فقه الأقليات الذي يستند إليه الزنداني يتوقف عند حدود المعاملات الإسلامية كالبنوك وأكل الذبائح.

الخلاصة الفقهية

يعتبر "زواج فريند"، أو "الزواج الميسّر" من الناحية الشرعية، زواجًا مكتملًا، نظرًا لاشتماله على جميع شروط الزواج الشرعي الإسلامي، بحال تم تطبيقه على الوجه الذي أفتى به الشيخ عبد المجيد الزنداني. وهو مقارنة مع بعض أشكال الزواج الأخرى، يلغي شروطًا اجتماعية مقابل الاحتفاظ بالشروط الشرعية. لكن الأمر لا يقتصر على مجرد صحة الزواج من عدمه، وإنما هناك بعض الأمور الجانبية كحقوق وواجبات كل من الزوجين تجاه الطرف الآخر، كما رأى البعض في فتوى الشيخ الزنداني، أنها فتحت ثغرات في جوانب الأسرة الإسلامية الواحدة، وزادت من حدة الضغوط على الأسرة، بدل أن تيسر تشكيله، ورأوا أن الإشكال الأهم الذي قد يترتب على هذا الزواج الميسر ليس فقدان الزوجة حقًا تنازلت عنه اختيارًا، فليس في ذلك إشكال أصلًا، وإنما الإشكال الجوهري هو الأولاد. فماذا لو أنجب الزوجان أولادًا في هذه المرحلة ثم تطلقا. فالقوانين الغربية لا تعتبر هؤلاء الأولاد أولادًا شرعيين، ولا تجعل الأب ملزمًا برعايتهم أو الإنفاق عليهم، ما دام الزواج لم يتم في محكمة. وقد يؤدي ذلك إلى تضييع الأب حقوق أولاده، دون أن تطاله يد القانون. وليس من حق الزوجة التنازل عن هذه الحقوق إذ ليست حقوقًا شخصية لها. كما يرى البعض أن هذه الفتوى لا يمكن الأخذ بها في القرن الواحد والعشرين كحل لمشكلات الشباب الإسلامي كون الحجة التي يقوم عليها هي تيسير الزواج وعدم توفر السكن وهو الأمر الذي يتوفر في الغرب بيسر وسهولة؛ لأن شباب المسلمين في الغرب لا يعانون من عدم توفر السكن إضافة إلى أن هذا الزواج يضعف الكيان الأسري ويفكك الأسرة. وعليه فإن الأمر يحتاج إلى مزيد دراسة وفحص لأسباب الفساد المنتشرة وكيفية مواجهتها، وأن هذه الدعوة رغم حسن نيتها إلا أنها تحمل مخاطر أيضًا لا يمكن المجازفة بالدعوة إليها دون دراسة حلول لتلك المخاطر.