البحث

عبارات مقترحة:

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

الوتر

كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...

الوارث

كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...

عادة الدوطة في الهند

لأن الزواج من أهم المهمات لإعمار الكون، وتسكين الغرائز، فقد اعتنى الشرع به أتم العناية للمحافظة على النسل، وصيانة الحقوق، والكرامة الإنسانية بشكل صحيح. ولكن اعترته بعض العادات المنحرفة في بعض البلدان نتيجة الأعراف غير الإسلامية، ومن هذه العادات "عادة الدوطة" المنتشرة فى شبه القارة الهندية. وهذه العادة سبب من الأسباب الرئيسية لحدوث العنف ضد المرأة، وحدوث الطلاق أو الممارسة الإجرامية حيث تتم التضحية بآلاف النساء سنويًا بسبب نظام الدوطة حسب إحصائيات المنظمات الدولية لحقوق الإنسان.

التعريف

التعريف لغة

تعبتر كلمة الدوطة دخيلة على اللغة العربية، ويُعتقد أن أول من استخدم هذا المصطلح هو الشيخ محمد عبده سنة 1899 م للإجابة عن سؤال رُفِع إليه من قِبل بعض نصارى دولة مصر. والدوطة: المال الذي تدفعه العروس إلى عروسها. وهي بالإيطالية " dote " من " dotarium " باللاتينية المتوسطة، ومنه " dot " بالفرنسية، و " dowry " بالإنجليزية. انظر: "معجم الدخيل في اللغة العربية الحديثة ولهجاتها" (ص 107). وهي لفظة يونانية الأصل مأخوذة من الإعطاء أو التسليم. وقد يكون أصل كلمة الدوطة مشتق من اللغة الإنجليزية " dowry" وتم تعريبها إلى العربية لما بين هاتين الكلمتين من ترابط صوتي، أو نطقي. وقد خلط بعض الباحثين بين الدوطة والمهر، فترجموا كلمة " d owry " إلى العربية بالمهر أو بالعكس، كما أن هناك بعض الباحثين مَن ترجم كلمة " dowry " إلى ما تتجهز به المرأة عند الزواج. وأيضًا تُعرف عادة الدوطة في اللغة الإنجليزية ب " g room price " أو ثمن العريس. انظر: "عادة الدوطة وحلولها على ضوء مقاصد الشريعة" مقال منشورة بالمجلة الدولية للفكر الإسلامي (العدد 12، ديسمبر 2017 م).

التعريف اصطلاحًا

المعنى الإصطلاحي لكلمة "الدوطة" يختلف باختلاف الأزمنة والأعراف باعتبار هذه العادة عادة قديمة، وبالتالي تشكلت حيثيتها بتطور طبيعة الأعراف والأزمان. وقد ذكر "المعجم الوسيط" مجالين للاستعمال لهذه الكلمة عند الإفرنج وهما: 1- هذه الكلمة غير مخصوصة بالمال التي تؤديه الزوجة إلى الزوج، وإنما هو قيد اتفاقي غلب بغلبة العادة أنهم يستعملونها أيضًا بمعنى المال الذي يؤديه طالب الرهبانية إلى الدير. 2- وقد تطلق أيضًا على المال الذي يفرده الوالد لولده على وجه التخصيص والتمليك. والغالب هو الاستعمال الأول: ففي "المعجم الوسيط": الدوطة: (عند الفرنجة) المال الذي تدفعه العروس إلى عروسها. انظر: "المعجم الوسيط (1 /304). وفي الموسوعة البريطانية: الدوطة: هي عبارة عن الممتلكات التي تعطيها الزوجة أو أسرتها لزوجها عند الزواج. وفي "موسوعة مصطلحات الفكر العربي والإسلامي الحديث والمعاصر": أما الدوتة: وهي ما يبذله الوالدون لتزويج بناتهم. فعادة إفرنجية نشأت في أوروبا، وسببها على ما نظن معاناة تلك البلاد في الأجيال المتأخرة من الحروب المتواترة، حتى قل الرجال بالنسبة إلى النس اء. انظر: "الموسوعة" (2 /480). والتعريف المختار للدوطة في القانون البنجلاديشي: الدوطة هي ممتلكات أو أوراق مالية قيمة أعطيت أو وافق على أن تعطى مباشرة أو غير مباشرة من طرف واحد للزواج إلى الطرف الآخر في الزواج، أو من قِبل الوالدين من الطرفين للزواج، أو أي شخص آخر إلى أي من الطرفين على الزواج، أو إلى أي شخص آخر في وقت الزواج، أو في أي وقت قبل أو بعد الزواج كمقابل لزواج الطرفين، ولكنه لا يشمل المهر في حالة الأشخاص الذين ينطبق عليهم قانون الأحوال الشخصية للمسلمين. انظر: "عادة الدوطة وحلولها على ضوء مقاصد الشريعة" مقال منشورة بالمجلة الدولية للفكر الإسلامي (العدد 12، ديسمبر 2017 م).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

لا خلاف بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي من الأساس، لكن يظهر أن المعنى الاصطلاحي بدأ يتوسع باختلاف الزمن واختلاف العادات والأماكن.

صورة المسألة

الدوطة في الأساس من عادات الهند، وهي: مال تدفعه المرأة للزوج كالمهر عند المسلمين، وإذا ماتت الزوجة تعتبر تركة تقسم قسمة الميراث.

التكييف الفقهي للمسألة

اعتبار الدوطة شرطًا زائدًا على العقد، لكنه شرط يؤدي إلى فساد كبير.

قرارات المجامع الفقهية

قرار المجمع الفقهي الإسلامي
صدر بخصوص هذه العادة قرار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15 /10 /1425 ه، 28 /11 /2004 م، برقم (33)، القرار الرابع، ونصه: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع على ترجمة خطاب الأخ عبد القادر الهندي، الذي جاء فيه قيامه في محاربة (الدوطة)، وهو المبلغ الذي تدفعه العروس في مجتمع الهند الإسلامي، مقابل الزواج، وأن يكتفي المسلمون الهنود فقط، بتدوين المهر في سجل الزواج، دون أن يدفعوه إلى الزوجة فعلاً، ولقد كتبت الكثير في هذا الصدد في كثير من صحف (التاميل) الإسلامية. ثم يستطرد الأخ عبد القادر في خطابه فيقول: (ومن ثم فإن هذا الزواج حرام، كما أن المواليد الناشئين عن هذا الزواج غير شرعيين، طبقًا للكتاب والسنة). كما اطلع المجلس على خطاب فضيلة الشيخ أبي الحسن الندوي الموجه إلى معالي الأمين العام للرابطة بتاريخ 16/3/1404هـ والذي جاء فيه: (إن قضية الدوري قضية متفشية في سكان الهند، وهي قضية الهندوس بالدرجة الأولي، دخلت على المسلمين بسبب احتكاك بناتهم ببنات الهنود، ويحارب قادة المسلمين هذه العادة، وبدأت الحكومة الهندية كذلك تستبعد هذه العادة أخيرًا.. وأرى أن يكفي لمجلسنا الفقهي إصدار فتوى وبيان حول هذه القضية، ينهى المسلمين عن اتباع عادة جاهلية ظالمة، مثل الدورى، تسربت إليهم من غيرهم، وأرجو أن قادة المسلمين في الهند جميعًا إذا بذلوا جهودهم في ذلك، لكان نجاحًا كبيرًا في إزالة هذه العادة. والله ولي التوفيق). اهـ كلامه. وبعد أن اطلع المجلس على ما ذكره قرر ما يلي: أولاً: شكر فضيلة الشيخ أبي الحسن الندوي، وشكر الأخ عبد القادر على ما أبدياه نحو عرض الموضوع، وعلى غيرتهما الدينية، وقيامهما بمحاربة هذه البدعة والعادة السيئة، والمجلس يرجو منهما مواصلة العمل في محاربة هذه العادة وغيرها من العادات السيئة، ويسأل الله لهما وللمسلمين التوفيق والتسديد، وأن يثيبهما على جدهما واجتهادهما. ثانيًا: ينبه المجلس الأخ عبد القادر وغيره، بأن هذا الزواج- وإن كان مخالفًا للزواج الشرعي من هذا الوجه- إلا أنه زواج صحيح، معتبر شرعًا عند جمهور علماء المسلمين، ولم يخالف في صحته إلا بعض العلماء في حالة اشتراط عدم المهر. أما الأولاد الناشئون عن هذا الزواج، فهم أولاد شرعيون، منسوبون لآبائهم وأمهاتهم، نسبة شرعية صحيحة، وهذا بإجماع العلماء، حتى عند الذين لا يرون صحة هذا النكاح، المشروط فيه عدم المهر، فقد صرحوا في كتبهم بإلحاق الأولاد بآبائهم وأمهاتهم بهذا الزواج المذكور. ثالثًا: يقرر المجلس: أن هذه العادة سيئة منكرة، وبدعة قبيحة، مخالفة لكتاب الله تعالى وسنة رسوله ، وإجماع العلماء، ومخالِفة لعمل المسلمين في جميع أزمانهم. أما الكتاب؛ فقد قال تعالى : (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)[النساء: من الآية4]. وقال تعالى: (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)[الممتحنة: من الآية10]. وقال تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً)[النساء: من الآية24]. وغير ذلك من الآيات. وأما السنة؛ فقد جاءت مشروعية المهر في قوله وفعله وتقريره؛ فقد جاء في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود، عن جابر، رضى الله عنه، أن النبي قال: "لَو أنَّ رجلاً أَعطَى امرأةً صَدَاقًا مِلءَ يَدَيْهِ طَعَامًا، كانت له حَلالاً". فهذا من أقواله. وأما فعله؛ فقد جاء في صحيح مسلم وغيره من كتب السنن عن عائشة قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونصف أوقية. فهذا فعله. وأما تقريره؛ فقد جاء في الصحيحين وغيرهما، أن النبي رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة. فقال: "ما هذا؟". قال: تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب. قال: "بارك الله لك". فهذا من تقريره وهو إجماع المسلمين وعملهم، في كل زمان ومكان، ولله الحمد. وبناء عليه فإن المجلس يقرر: أنه يجب أن يدفع الزوج لزوجته صداقًا سواء كان الصداق معجَّلاً، أو مؤجلاً، أو بعضه معجل وبعضه مؤجل. على أن يكون تأجيلاً حقيقيًّا يراد دفعه عند تيسره، وأنه يحرم أن يجرى الزواج بدون صداق من الزوج لزوجته. ويوصي المجلس بأن السنة: تخفيف الصداق وتسهيله، وتيسير أمر النكاح، وذلك بترك التكاليف والنفقات الزائدة، ويحذر من الإسراف والتبذير، لما في ذلك من الفوائد الكبيرة. رابعًا: يناشد المجلس العلماء والأعيان والمسؤولين في الهند وغيرهم، محاربة هذه العادة السيئة (الدوطة)، وأن يجدوا ويجتهدوا في إبطالها وإزالتها من بلادهم، وعن ديارهم، فإنها مخالفة للشرائع السماوية، ومخالفة للعقول السليمة، والنظر المستقيم. خامسًا: أن هذه العادة السيئة، علاوة على مخالفتها للشرع الإسلامي، هي مضرة بالنساء ضررًا حيويًّا. فالشباب لا يتزوجون عندئذ إلا الفتاة التي يقدم أهلها لهم مبلغًا من المال يرغبهم ويغريهم، فتحظى بنات الأغنياء بالزواج، وتقعد بنات الفقراء دون زواج، ولا يخفي ما في ذلك من محاذير ومفاسد. كما أن الزواج عندئذ يصبح مبنيًّا على الأغراض والمطامع المالية، لا على أساس اختيار الفتاة الأفضل والشاب الأفضل. والمشاهد اليوم في العالم الغربي أن الفتاة غير الغنية تحتاج أن تقضي ربيع شبابها، في العمل والاكتساب، حتى تجمع المبلغ الذي يمكن به ترغيب الرجال في الزواج منها. فالإسلام قد كرم المرأة تكريمًا، حين أوجب على الرجل الراغب في زواجها أن يقدم هو إليها مهرًا تُصلح به شأنها وتهيئ نفسها، وبذلك فتح بابًا لزواج الفقيرات، لأنهن يكفيهن المهر القليل، فيسهل على الرجال غير الأغنياء الزواج بهن. والله ولي التوفيق.
فتوى دار الإفتاء المصرية بخصوص الدوطة عند النصارى
سؤال بتاريخ: 4 /5 /1937م، والمفتي الشيخ /عبد المجيد سليم. المبادئ: 1- الدوطة ليست من آثار أحكام الزواج عند الكتابيين. 2- لا حق للزوجة في المطالبة بها إن كانت قد دفعتها للزوج على وجه التمليك بعد عقد الزواج لكونها هبة. 3- إذا كانت الهبة -الدوطة- قبل العقد فللزوجة الرجوع فيها ما لم يوجد مانع من موانع الرجوع في الهبة. 4- إذا كانت الدوطة على سبيل الاستعانة بريعها في الحياة الزوجية مع بقاء ملكيتها لها فلها الحق في المطالبة بها. سئل: تزوج مسيحي بآنسة مسيحية على قواعد مذهبها، وقد قدمت إليه مبلغًا من المال «دوطة» حسب العرف المتبع في طائفتهما والذي يجيزه شرعهما، ثم أسلم الزوج وطلقها بعد إسلامه. فهل يجوز شرعًا أن تطالب مطلقها بالدوطة التي دفعتها إليه نقدا عند زواجها منه طبقا لشريعتيهما وقتذاك، أم لا حق لها في ذلك طبقا للشريعة الغراء؟ مع العلم بأن دفع الدوطة المذكورة ليس من شرائط صحة عقد الزواج حسب شريعتهما بل هي مبلغ من المال يدفع للزوج للاستعانة بريعه في الحياة الزوجية. فأجاب: اطلعنا على هذا السؤال، ونفيد بأن الظاهر منه أن «الدوطة» ليست من آثار وأحكام عقد الزواج عندهم، وحينئذ فإن هذه الزوجة إما أن تكون قد دفعت مبلغ الدوطة على وجه التمليك للزوج أو على وجه أن يستغله الزوج ويستعينا بريعه في الحياة الزوجية مع بقاء المبلغ ملكا للزوجة، فإن كانت قد دفعته على وجه التمليك للزوج كان هبة، وحينئذ فإن كانت هذه الهبة بعد أن عقد عليها الزوج وصارت زوجة له فلا حق لها شرعًا في الرجوع بهذا المبلغ ولا في مطالبة مطلقها به بعد أن طلقها؛ وذلك لما نص عليه الفقهاء من أنه لا رجوع فيما وهب أحد الزوجين للآخر ولو بعد الطلاق متى كانت الهبة وقت قيام الزوجية بينهما، أما إذا كانت هذه الهبة قبل أن يعقد الزوج عليها وتصير زوجة له فإن لها الرجوع شرعًا فيما وهبت ما لم يوجد مانع من الموانع التي نص الفقهاء على أنها تمنع من الرجوع في الهبة. أما إذا كانت قد دفعت هذا المبلغ إلى الزوج ليستعينا بريعه في الحياة الزوجية مع بقاء ملكها إياه فلها الحق شرعًا في أخذ هذا المبلغ من مطلقها ومطالبتها إياه به؛ لأنه لم يتملكه الزوج حينئذ، بل هو باق على ملكها وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به. هذا ما ظهر لنا. والله أعلم.

الخلاصة الفقهية

الدوطة عادة سيئة منكرة، وبدعة قبيحة، مخالفة لكتاب الله تعالى وسنة رسوله ، وإجماع العلماء، ومخالِفة لعمل المسلمين في جميع أزمانهم، ويجب على المسلمين إنكارها ومحاربتها. إلا أن الزواج الناشئ عنها زواج صحيح، معتبر شرعًا عند جمهور علماء المسلمين، ولم يخالف في صحته إلا بعض العلماء في حالة اشتراط عدم المهر. أما الأولاد الناشئون عن هذا الزواج، فهم أولاد شرعيون، منسوبون لآبائهم وأمهاتهم، نسبة شرعية صحيحة، وهذا بإجماع العلماء، حتى عند الذين لا يرون صحة هذا النكاح، المشروط فيه عدم المهر، فقد صرحوا في كتبهم بإلحاق الأولاد بآبائهم وأمهاتهم بهذا الزواج المذكور.