البحث

عبارات مقترحة:

الوتر

كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

تعارض الجرح والتعديل

جرح الرواة وتعديلهم قائم على اجتهاده النقاد، وكل ما رجع إلى الاجتهاد فهو مظنة للاختلاف، وذلك اختلاف جائز توجبه سنة التفاوت في العلم والفهم، ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 76]. قال المنذري: " اختلاف هؤلاء كاختلاف الفقهاء، كل ذلك يقتضيه الاجتهاد، فإن الحاكم إذا شهد عنده بجرح شخص، اجتهد في أن ذلك القدر مؤثر أم لا، وكذلك المحدث إذا أراد الاحتجاج بحديث شخص ونقل إليه فيه جرح، اجتهد فيه هل هو مؤثر أم لا ". قلت: نعم، ليس الاختلاف في هذا الباب واقعاً في جميع الرواة، بل منهم خلق كثير ثقات عدول متفق على قبولهم والاحتجاج بهم، كما فيهم مجروحون متفق على جرحهم، لا يحتج بهم، بل لا يعتبر بكثير منهم، وفيهم من هو مسكوت عن أمره، وفيهم المختلف فيه. والشأن ابتداء وجوب اعتبار إعمال النصين أو النصوص التي ظاهرها التعارض بالاجتهاد في التوفيق بينهما دون تكلف، وذلك قبل المصير إلى الترجيح الموجب ترك العمل بأحد النصين، فإن تعذر الجمع بين النصوص المختلفة وجب المصير إلى العمل بالراجح، وإن كان ذلك لا يقع إلا بالاجتهاد؛ لأن تمييز المقبول من المردود فيما يضاف إلى صاحب الشريعة واجب. واعلم أن تعارض الجرح والتعديل يقع في الأصل بين قول ناقد وناقد غيره لكنه أيضاً ربما يقع في النقل عن الناقد نفسه، فيأتي عنه التعديل والجرح جميعاً، وبالنظر إلى ذلك فهاتان صورتان: الصورة الأولى: تعارض الرواية في الجرح والتعديل عن الناقد المعين. ومن أكثر من نقل عنه مثل هذا من الأئمة يحيى بن معين، فإنه كثيراً ما تختلف الرواية عنه. كقوله في (الحسن بن يحيى الخشني): " ثقة " في رواية ابن أبي مريم عنه، و" ليس بشيء " في رواية الدوري عنه. وقوله في (قَزعة بن سُويد): " ثقة " في رواية الدارمي عنه، و " ضعيف " في رواية الدوري عنه، و " ضعيف الحديث " في رواية أحمد بن أبي يحيى المجروح عنه. قال الذهبي في سبب اختلاف النقل عن يحيى بن معين: " سأله عن الرجال عباس الدوري، وعثمان الدارمي، وأبو حاتم، وطائفة، وأجاب كل واحد منهم بحسب اجتهاده، ومن ثم اختلف آراؤه وعبارته في بعض الرجال، كما اختلفت اجتهادات الفقهاء المجتهدين، وصارت لهم في المسألة أقوال ". وقال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي: " قد يخطر على قلب المسؤول عن الرجل من حاله في الحديث وقتاً ما ينكره قلبه، فيخرج جوابه على حسب النكرة التي في قلبه، ويخطر له ما يخالفه في وقت آخر، فيجيب على ما يعرفه في الوقت منه ويذكره، وليس ذلك تناقضاً ولا إحالة، ولكنه قول صدر عن حالين مختلفين، يعرض أحدهما في وقت والآخر في غيره ". والصورة الثانية: تعارض الجرح والتعديل الصادرين من ناقدين أو أكثر. وهذا هو الأكثر في هذا الباب، وهو أشق مسائله وأصعبها. "تحرير علوم الحديث" للجديع.