البحث

عبارات مقترحة:

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

الوكيل

كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

مراتب الرواة

والمقصود: هو مذاهب أئمة الشأن في مراتب الرواة باعتبار درجات تعود جملتها إلى: الاحتجاج، أو الاعتبار، أو السقوط. ومراعاتها طريق الباحث لتقرير قبول الراوي أو رده، وإن رده فهل إلى الترك أم دونه. وأقدم من جاء عنه تقسيم مراتب الرواة هو الإمام عبد الرحمن بن مهدي، وذلك باعتبار القبول والتوسط والرد. قال: " الناس ثلاثة: رجل حافظ متقن، فهذا لا يختلف فيه. وآخر يهم، والغالب على حديثه الصحة، فهو لا يترك حديثه، لو ترك حديث مثل هذا لذهب حديث الناس. وآخر يهم، والغالب على حديثه الوهم، فهذا يترك حديثه ". وفسر ابن أبي حاتم قوله في آخره: " يترك حديثه " بقوله: " يعني: لا يحتج بحديثه ". وذلك لما سأذكره عنه أن من غلب عليه الوهم فهذا لا يترك مطلقاً، وإنما احتمل منه الترغيب والترهيب، والزهد والآداب، لا أحكام الحلال والحرام. مراتب الرواة في تقسيم ابن أبي حاتم: وللحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي السبق في تفصيل تعيين مراتب الرواة، فجعلهم على خمس مراتب، وعلى ما بينه جرى عامة من جاء بعده، وإنما أعملوا النظر في إلحاق ما لم يذكره من العبارات بقسمته، مع بعض المغايرات غير الجوهرية. ونحن على ما جرينا عليه في هذا الكتاب، قصدنا إلى تحرير هذا العلم من خلال منهج المتقدمين الذي إليهم ترجع اصطلاحات هذا الفن وقوانينه، لم نر مزيد التحشية بتفصيل ما اجتهد بإضافته المتأخرون في هذا الباب؛ لأن جل الهم عندهم كان في تتبع الألفاظ وتنزيلها على قسمة ابن أبي حاتم، ولم يكن ابن أبي حاتم نفسه ليعجز عن ذكر أكثر مما ذكر منها، ولكنه قصد إلى التمثيل بمشهورها، على أن من تعقب لم يقدر أن يأتي على جميعها، كما أن منهم من أقحم ألفاظاً لم يعرف شيوعها إلا عند المتأخرين أنفسهم، ولم يزل الباحثون يتعقبون بالزيادة. ورأينا: أن تتبع الألفاظ ليس ذا كبير أهمية، فإن النظير يعرف بالنظير، وتحري الكلام في كل راو لذاته يفصل في تبيين درجته، بل وفهم ما أطلق فيه من العبارة جرحاً وتعديلاً، ومما لا يضل معه المعتني بهذا العلم بأي المراتب يحلقه. وأحسن ابن الصلاح بقوله بعد أن تعقب على ابن أبي حاتم بألفاظ قليلة: " وما من لفظة منها ومن أشباهها، إلا ولها نظير شرحناه، أو أصل أصلناه يتنبه إن شاء الله تعالى بها عليها ". فأما قسمة ابن أبي حاتم لتلك المراتب لتلك نقلاً عن أهل الحديث، فإنه قال: " فمنهم: الثبت الحافظ الورع المتقن الجهبذ للناقد للحديث. فهذا الذي لا يختلف فيه، ويعتمد على جرحه وتعديله، ويحتج بحديثه وكلامه في الرجال. ومنهم: العدل في نفسه، الثبت في روايته، الصدوق في نقله، الورع في دينه، الحافظ لحديثه، المتقن فيه. فذلك العدل الذي يحتج بحديثه، ويوثق في نفسه. ومنهم: الصدوق الورع الثبت الذي يهم أحياناً، وقد قبله الجهابذة النقاد، فهذا يحتج بحديثه. ومنهم: الصدوق الورع، المغفل، الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط والسهو. فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب، والزهد والآداب، ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام. وخامس: قد ألصق نفسه بهم، ودلسها بينهم ممن ليس من أهل الصدق والأمانة، ومن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال أولي المعرفة منهم الكذب، فهذا يترك حديثه وتطرح روايته ". وفي أول " الجرح والتعديل " ذكر قسمة أخرى باعتبار مراتب الألفاظ، فيها مزيد تفصيل، فقال: " وجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى: (1) فإذا قيل للواحد: إنه ثقة، أو: متقن ثبت، فهو ممن يحتج بحديثه. (2) وإذا قيل له: إنه صدوق، أو: محله الصدق، أو: لا بأس به، فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه. وهي المنزلة الثانية. (3) وإذا قيل: شيخ، فهو بالمنزلة الثالثة، يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية. (4) وإذا قيل: صالح الحديث، فإنه يكتب حديثه للاعتبار. (5) وإذا أجابوا في الرجل بلين الحديث، فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتباراً. (6) وإذا قالوا: ليس بقوي، فهو بمنزلة الأولى في كتب حديثه، إلا أنه دونه. (7) وإذا قالوا: ضعيف الحديث، فهو دون الثاني، لا يطرح حديثه، بل يعتبر به. (8) وإذا قالوا: متروك الحديث، أو: ذاهب الحديث، أو: كذاب، فهو ساقط الحديث، لا يكتب حديثه، وهي المنزلة الرابعة ". قلت: فتلاحظ أن ابن حاتم اعتبر في هذه الدرجات الاحتجاج بالراوي أو عدمه، وعليه يمكن أن يستخلص من قسمته ما ذكرت أولاً، أن مراتب الرواة في الجملة ثلاث: ‌ ‌ المرتبة الأولى: الاحتجاج. وهو درجتان: الدرجة الأولى: درجة راوي (الحديث الصحيح). ويندرج تحتها في قول ابن أبي حاتم في القسمة الأولى: " الثبت الحافظ الورع المتقن الجهبذ الناقد للحديث "، وقوله: " العدل في نفسه، الثبت في روايته، الصدوق في نقله، الورع في دينه، الحافظ لحديثه، المتقن فيه "، وفي القسمة الثانية: " ثقة، أو: متقن ثبت ". والدرجة الثانية: درجة راوي (الحديث الحسن). ويندرج تحتها في قول ابن أبي حاتم في القسمة الأولى: " الصدوق الورع الثبت الذي يهم أحياناً، وقد قبله الجهابذة النقاد "، وفي القسمة الثانية: " صدوق، أو: محله الصدق، أو: لا بأس به ". ‌ ‌ المرتبة الثانية: الاعتبار. وهو ثلاث درجات: الدرجة الأولى: راوي الحديث الصالح المحتمل للتحسين. ويندرج تحتها في قول ابن أبي حاتم في القسمة الثانية: " شيخ " و " صالح الحديث ". نعم، جعل ابن أبي حاتم اللفظ الأول أعلى من الثاني، لكن كما سيأتي في (شرح العبارات) أنه لا يبلغ الموصوف به الاحتجاج، فهو وإن كان أرقى من " صالح الحديث " لكنه لا يحتج به. الدرجة الثانية: راوي الحديث اللين الصالح للاعتبار. ويندرج تحتها في قول ابن أبي حاتم في القسمة الثانية: " لين الحديث "، و " ليس بقوي ". الدرجة الثالثة: راوي الحديث الضعيف الصالح للاعتبار. ويندرج تحتها في قول ابن أبي حاتم في القسمة الأولى: " الصدوق الورع، المغفل، الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط والسهو "، وقوله في القسمة الثانية: " ضعيف الحديث ". ‌ ‌ المرتبة الثالثة: السقوط. وجعلها ابن أبي حاتم درجة واحدة، وهي حرية بذلك وإن تفاوتت , فرواية أخف من رواية الكذاب، لكن جمعهما بطلان نسبة الراوية إلى النبي . ويندرج تحتها في قول ابن أبي حاتم في القسمة الأولى: " من ليس من أهل الصدق والأمانة، ومن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال أولي المعرفة منهم الكذب "، وفي القسمة الثانية: " متروك الحديث، أو: ذاهب الحديث، أو: كذاب ". وما يتصل بتفاوت ما بين مراتب الثقات وما بين مراتب الضعفاء فله مزيد تفصيل بينته في (تفسير التعديل) و (تفسير الجرح).