البحث

عبارات مقترحة:

الغفار

كلمة (غفّار) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (غَفَرَ يغْفِرُ)،...

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

الجبن

الجبن خُلُقٌ ذميم يورث صاحبَه المذلَّة في الدنيا،وهو مرضٌ من أمراض القلوب الضّعيفة، يستحقُّ صاحبه العذابَ في الآخرة، ولكن من وجد في نفسه الجبن فعليه شرعًا وعرفًا أن يترك هذا الخلق ويسعى في اجتنابه آخذًا بأسباب ذلك.

التعريف

التعريف لغة

الجبن: مصدر قولهم: جبن يجبُن أي صار جبانًا، وهو مأخوذ من مادّة (ج ب ن) التي تدل على ضعف في القلب، وذلك صفة الجبان، يقال: رجل جبان: هيّاب للأشياء فلا يقدم عليها، جمع الجبان جبناء، وهو ضدّ الشّجاع والأنثى: جبان (أيضًا) مثل حَصان ورَزان، والفعل جبَن وجبُن بالفتح والضّمّ. "مقاييس اللغة "لابن فارس (1 /305)، "لسان العرب "(1 /539- 540).

التعريف اصطلاحًا

- قال الجاحظ: «الجبن: هو الجزع عند المخاوف، والإحجام عمّا تُحذَرُ عاقبتُه، أو لا تؤمَنُ مغبَّتُه». "تهذيب الأخلاق" (33). - وقال الفيروز آباديّ: «الجبن: ضعف القلب عمّا يحقّ أن يقوى عليه». "بصائر ذوي التمييز" (1 /366). - وقال الجرجانيّ: «الجبن: هيئة حاصلة للقوّة الغضبيَّة بها يُحجِمُ عن مُباشرة ما ينبغي، وما لا ينبغي». "التعريفات" (73).

الأدلة

القرآن الكريم

الجبن في القرآن الكريم
- حذّر الله تعالى من الجبن في مُلاقاة العدوِّ، ورتَّب على من يتصف بهذه الصفة ويتصرف بمقتضاها العذاب الأليم في الآخرة بحكمه الشرعي، والخزي المهين في الدنيا بحكمه القدري، فتنحط مرتبته عند الله تعالى وعند الناس، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾. [الأنفال: 16]. قال ابن تيمية: «وما في القرآن من الحض على الجهاد، والترغيبِ فيه، وذمِّ الناكلين عنه والتاركين له، كله ذم للجبن». "الحسبة في الإسلام" لابن تيمية (ص 102). -ووصف الله سبحانه المنافقين بأنهم جبناء، وأنهم لا يصمدون أمام الحروب والمعارك، وكانت هذه صفة ذمٍ اتَّسَمُوا بها، نزلت آيات من الذكر الحكيم تشنع هذه الصفة، وتسمُ أصحابَها بالسوء والمذلة، وتضرب لهم أسوأ الأمثال فقال تعالى: ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الأحزاب: 19 - 20] -ووصفهم بأنهم فرَّارون من المعارك فقال: ﴿وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾ [الأحزاب: 13] قال ابن تيمية : «أخبر الله أن الذين يخافون العدو خوفًا منعهم من الجهاد منافقون فقال: ﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ﴾ [الأنفال: 56 - 57]» " قاعدة في الانغماس في العدو" لابن تيمية (ص 40).

السنة النبوية

الجبن في السنة النبوية
1-تعوذ النبي من الجبن فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أنَّ النَّبيَّ كانَ يتعوَّذُ من خَمسٍ: منَ البُخلِ والجُبنِ، وفِتنةِ الصَّدرِ، وعَذابِ القَبرِ وسوءِ العَملِ». أخرجه أحمد (1/86)، وعن أنس بن مالك: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والهَرَمِ، وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ، وأَعُوذُ بكَ مِن عَذابِ القَبْرِ». أخرجه البخاري (2823). 2- وعدَّ الرسول الجُبن من المثالب التي تثلم مروءة الرجل، وتدني مقامَه، فعن عقبة بن عامر: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إنَّ أَنسابَكم هذه ليست بسِبابٍ على أحدٍ، وإنَّما أنتم ولَدُ آدَمَ، طَفَّ الصاعُ لمْ تَمْلَؤوه، ليس لأحدٍ على أحدٍ فضْلٌ إلّا بالدِّينِ أو عمَلٍ صالحٍ، حَسْبُ الرجُلِ أنْ يَكونَ فاحِشًا بَذِيًّا، بَخيلًا جَبانًا». أخرجه أحمد (17313).

أقوال أهل العلم

«لا يكون المستحي فاسقًا، ولا الفاسقُ مُستحيًا لتنافي اجتماع العفة والفسق، وقلما يكون الشجاع مُستحيًا والمُستحي شُجاعًا لتنافي اجتماع ‌الجُبن والشجاعة». ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة " فيض القدير" للشّوكانيّ (3/426).
«الجبن والبخل قرينان، لأنَّهما عدم النفع بالمال والبدن، وهما من أسباب الألم، لأنَّ الجبان تفوته محبوبات ومفرحات وملذوذات عظيمة لا تنال إلا بالبذل والشجاعة، والبُخل يحول بينه دونها أيضًا، فهذان الخلقان من أعظم أسباب الآلام». "بدائع الفوائد" لابن القيم (2 /433).
المَنَاوي

الأضرار والمفاسد

للجبن والخور أضرار سيئة تعود على الجبان نفسه فضلاً عن سوئها فمنها: 1- إهانةُ النفس، فتبقى قيمته بين الناس متدنية لا يُعتبر لهُ، أيُّ اعتبار، ولا يُؤخَذُ برأيه، وسوء العيش، وطمع طبقات الأنذال وغيرهم. 2- قلة الثبات والصبر، في المواطن التي يجب فيها الثبات، فالإنسان قد يمر بلحظات يحتاج فيها إلى الشجاعة ورباطة الجأش. 3- أنه سبب للكسل ومحبة الراحة اللذين هما سببا كل رذيلة، فالجبن يُورِثُ الخُنوع، والقنوع بكل قليل على بقاء النفس ولو كانت معيشته أرذل معيشة. 4- الاستخذاء لكل أحد والرضى بكل رذيلة وضيم، فالجبان يجد نفسه أقل من كل شخص سواه، حتى بين زوجه وأولاده، فإذا سقطت شجاعته سقطت معها كُلُّ هيبةٍ له في نفوس الآخرين. 5- الدخول تحت كُلِّ فضيحةٍ في النفس والأهل والمال، فالجبان يرضى لنفسه بالتضحية بكل غالٍ ونفيسٍ في سبيل بقاء حياته. 6- سماع كل قبيحة فاحشة من الشتم والقذف، واحتمال كل ظلم من كل معامل، وقلة الأنفة مما يأنف منه الناس. 7- أنه يشك في القَدَر، ويسيء الظن بالله، فلو أيقن بقدر الله وأن ما فاته لم يكن ليُصيبَه، وأن ما أصابه لم يكن ليفوته، لأنست نفسه بقدر الله أرحم الراحمين، واتبع أمر الله الشرعي الذي انكشف له في الحض على الشجاعة، وترك أمر الله القدري الذي غاب عنه يجري كما كتبه الله تعالى. 8- أن ما يوجبه الجبن من الفرار في الجهاد في سبيل الله هو من الكبائر الموجبة للنار، التي يستحق فاعلها أشد عقوبة من الله تعالى. انظر "تهذيب الأخلاق" لابن مسكويه (ص170 - 171)، " موسوعة الأخلاق الإسلامية" (191/2).

وسائل الاجتناب

الجبن له أسباب تجعل الشخص جبانًا، ويلزم في علاجه إزالة الأسباب التي أوجدت، وعلتُه: إما جهلٍ فيزول بالتجربة، فبكثرة التجربة ومعايشة الوقائع تنمي في الإنسان القلب الشجاع، وإما ضعفٌ فيزول بارتكاب الفعل المخوف مرة بعد أخرى، حتى يصير ذلك له عادة وطبعًا. فالمبتدئ في المناظرة، والإمامة، والخطابة، والوعظ، قد تجبن نفسه، ويخور طبعه، ويتلجلج لسانه، وما ذاك إلا لضعف قلبه، ومواجهة ما لم يتعوده، فإذا تكرر ذلك منه مرات، فارقه الضعف، وصار الإقدام على ذلك الفعل طبعًا من طباعه غير قابل للزوال. واعلم أن قُوةَّ النفس والعزم الجازم بالظفر سبب للظفر كما قال علي رضي الله عنه لما قيل له: كيف كنت تصرع الأبطال؟ قال: كنت ألقي الرجل فأقدر أني أقتله، ويقدر هو أيضًا أني أقتله فأكون أنا ونفسه عونًا عليه. ومن وصايا بعضهم: أشعروا قلوبكم في الحرب الجرأة، فإنها سبب الظفر. ومن كلام القدماء: من تهيب عدوه فقد جهز إلى نفسه جيشًا. "مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق" لابن النحاس. بتصرف (2 /954). قال ابن مسكويه في وسائل علاج الجبن: «وذلك بأن توقظ النفس التي تمرض هذا المرض - مرض الجبن - بالهز والتحريك. فإن الإنسان لا يخلو من القوة الغضبية رأسا حتى تجلب إليه من مكان آخر ولكنها تكون ناقصة عن الواجب فهي بمنزلة النار الخامدة التي فيها بقية لقبول الترويح والنفخ، فهي تتحرك لا محالة إذا حركت بما يلائمها وتبعث ما في طبيعتها من التوقد والتلهب. فكل إنسانٍ في قلبه من الشجاعة قدرٌ قابلٌ للنماء والزيادة، إما بالتجارب أو المواقف». "تهذيب الأخلاق" لابن مسكويه (ص170 - 171).