البحث

عبارات مقترحة:

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

الولي

كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...

الحيي

كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...

الحقد

الحقدُ خلقٌ ذميم في الإنسان يأبى عنه صاحب الهمة العالية والنفس الأبية، فلا يحملُ الحقدَ من تعلو به الرّتب، كما أنه طريقٌ لارتكاب المحرمات كالغيبة والنميمة، وقد يصل إلى اقتراف الكبائر كالقتل، وهو سبيلٌ لكل آفة في المجتمع، وقبل كل هذا فقد نهى الله تعالى عن الحقد.

التعريف

التعريف لغة

- الحقد : هو الاسم من قولهم: حقد فلان، يحقد، وهو مأخوذ من مادة (ح ق د) التي تدل على الضغن، الحاء والقاف والدال أصلان: أحدهما الضغن، والآخر ألا يوجد ما يطلب، فالأول الحقد، والآخر قولهم: أحقد القوم إذا طلبوا الذهبة في المعدن فلم يجدوه والحقد: الضغن وجمعه أحقاد، يقال: ‌حَقَدَ ‌عليه يَحْقِد حِقْداً، وحَقِد عليه بالكسر حَقَداً لغة ، وأحقده غيره، ورجل حقود. انظر "الصحاح" (2 /466)، "مقاييس اللغة" (2 /89).

التعريف اصطلاحًا

قال الجاحظ: «الحقد: هو إضمار الشر للجاني إذا لم يتمكن من الانتقام منه، فأخفى ذلك الاعتقاد إلى وقت إمكان الفرصة». "تهذيب الأخلاق" (ص33). وقال الجرجاني: «الحقد: هو طلب الانتقام، وتحقيقه: أن الغضب إذا لزم كظمه لعجز عن التشفي في الحال رجع إلى الباطل، واحتقن فيه فصار حقدًا». "التعريفات" (ص91).

الأدلة

القرآن الكريم

الحقد في القرآن الكريم
1- جعل الله تعالى الحقد والضغينة من أمراض القلوب، فقال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ﴾ [محمد: 29]. الضغينة: هي ما يضمر من المكروه، ثمّ اختلف في تفسيره فقيل: الغشّ، وقيل: الحسد، وقيل: الحقد، وقال القرطبيّ: المعنى: أم حسبوا أن لن يظهر الله عداوتهم، وحقدهم لأهل الإسلام. انظر "تفسير القرطبي" (16 /251). 2- وجعل الله تعالى الحقد سببًا من أسباب الإفساد في الأرض فقال : ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ* وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ *﴾ [البقرة: 204-205]. 3-وجعل الله تعالى الحقد سببًا في شراسة الإنسان قال : ﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ﴾ [التوبة: 8]. 4-وجعل الله تعالى الحقد من أخبث الأخلاق حتى إن صاحبه يحاول إخفائه فقال: ﴿يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: 64]. 5-وجعل الله سلامة القلب من الأمور التي توجب للإنسان الدخول في رحمته فقال : ﴿إلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: 89]. ووجه ذكر هذا الشاهد أن الله عز وجل امتدح القلب السليم، أي الخالص من الأوصاف الذميمة، وفيها الحقد والحسد والغل وغيرها من الأمراض، ويقتضي ذلك ذم القلب المريض بالحقد ونحوه. 6-وجعل الله الحقد من أوصاف المنافقين فقال : ﴿إنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ﴾ [الصافات: 37].

السنة النبوية

الحقد في السنة النبوية
ورد ذكر الحقد في السنة وكان هذا الورود في مقام ذم هذا الخلق أو التحذير منه فمن ذلك: 1-عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : «ثلاث من لم يكن فيه واحدة منهنَّ، فإنَّ الله يغفر له ما سوى ذلك لمن يشاء: من مات لا يُشرك بالله شيئًا، ولم يكن ساحرًا يتَّبِع السحرة، ولم يحقد على أخيه». أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (413). 2- وعن جابر رضي الله عنه قال: «تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فمن مستغفر فيغفر له، ومن تائب فيتاب عليه، ويردّ أهل الضغائن بضغائنهم حتّى يتوبوا». قال المنذريّ: الضغائن: هي الأحقاد. أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7419). 3-وعن أبي هريرة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله؟ يقول: «سيصيب أمّتي داء الأمم، فقالوا: يا رسول الله وما داء الأمم؟ قال: الأشر، والبطر، والتكاثر، والتناجش في الدنيا، والتباغض، والتحاسد حتّى يكون البغي». أخرجه الحاكم (7311). 4-و عن معاذ بن أنس أنَّ رسول الله ، قال : «منْ كظم غيظاً وهو قادر على أنْ ينفذه دعاه الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة؛ حتى يخيّره منَ الحور العين ما شاء». أخرجه أحمد 3/440 و أبو داود (4777) وابن ماجه (4186) والترمذي (2021). وقال النبي : «ومن كظم غيظهُ ولو شاءَ أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضىً». أخرجه ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج" (36) عن بعض أصحاب النبي وحسن إسناده العلامة الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (906).

أقوال أهل العلم

اعلم أنّ الحسد من نتائج الحقد، والحقد من نتائج الغضب فهو (أي الحسد) فرع فرعه، والغضب أصل أصله- أي أصل الحقد-. الغَزالي "إحياء علوم الدين" (3 /198).
«واعلم أنه لا أصل للعداوة المذمومة سوى حب العاجلة، فمنه تنشأ المماراة، والحقد، والحسد، ونحوها، وآفات العداوة كثيرة جدًا ولا يقابلها شيء» بَافَضل الْحَضْرَمي "النفحة الجودية" (ص200)
«لا تحقدْ على أحدٍ، فالحقد ينال منك أكثر مما ينال من خصومك، ويبعد عنك أصدقاءك كما يؤلّب عليك أعداءك، ويكشف من مساوئك ما كان مستوراً ، وينقلك من زمرة العقلاء إلى حثالة السفهاء ، ويجعلك بقلب أسود ووجه مصفر، وكبد حرّى». مصطفى السِّبَاعي "هكذا علمتني الحياة"

الأضرار والمفاسد

1- الحقد يفضي إلى التنازع والتقاتل واستغراق العمر في غمّ وحزن، فهو مدعاةٌ إلى الهجر والمقاطعة، ومن أسباب تدمير المجتمع. 2- الحقد مرض عضال من أمراض القلب، يخشى معه أن يتسرّب الإيمان من هذا القلب المريض، فكلما زاد الحقد في قلب الإنسان نقص من إيمانه بقدر هذه الزيادة. 3- الأحقاد نزغ من عمل الشيطان لا يستجيب له إلّا من خفّت أحلامهم، وطاشت عقولهم، فالحكيم العاقل والحصيف الرزين من يجتنب هذا الخلق، ويجاهد نفسه على أن يكون أبعد الناس عنه. 4- الحقد مصدر للعديد من الرذائل مثل الحسد والافتراء والبهتان والغيبة، فالحاقد ينسى العدل في معاملة الناس في سبيل التشفي من محقوده، فهو يدفعك إلى أنْ تتكلم في أخيك المسلم بما لا يحل، وقد يؤول بك ذلك إلى الكذب عليه أو غيبته وإفشاء سره وهتك ستره، بل ربما دفعك ذلك إلى وشايته بما يؤول إلى قتله، إلى غير ذلك من الأضرار التي تنجم عن الحقد، كالاستهزاء به والسخرية منه، وإيذاءه بالضرب، أو أنْ تمنعه حقه من قضاء دَين أو صلة رحم أو رد مظلمة، وكل ما ذُكِرَ من أضرار الحقد إنَّما هي معاصٍ يُحاسَب عليها العبدُ يوم القيامة، ويجد ذلك مكتوبًا في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وسيكون حينذاك الندم ، لكن لا ينفع الندم. 5- في الحقد دليل على غباء صاحبه، ووضاعته لأنّه ينظر إلى الأمور نظرة قاصرة لا تجاوز شهواته الخاصّة، فالعاقل يفكر في عواقب أفعاله، ومن تفكر في عواقب الحقد، تركه وسعى في اجتنابه. 6- الحقد يغضب الربّ عزّ وجلّ، ويؤدّي بصاحبه إلى الخسران المبين في الدنيا والآخرة، فقد نهى الله تعالى عن الحقد، وذم صاحبه، ومن تلبس بهذا الخلق، اقترف ما نهى الله عنه. 7- الحاقد قلق النفس دائمًا، لا يهدأ له بال، طالما رأى نعمة الله يسعد بها سواه، والحقد سبب في الحسد. 8- الحاقد ساقط الهمّة، ضعيف النفس، واهن العزم، كليل اليد، تلبس بكل خلقٍ ذميم، وتردت نفسه بين الخلق. 9- الحاقد رجل مضلّل ضائع، مخطيء في تقديره، فهو محصور التفكير في الدنيا ومتاعها، ويتّبع بالغيظ من نال منها حظّا أوفر، فهمة المؤمن متوجهة للآخرة، وتتجاوز حطام الدنيا الزائل. 10- الحاقد جاهل بربّه وبسننه في هذا الكون، لأنّ لله حِكَمًا قد لا تظهر فى التوّ واللحظة، وقد يكون ما ظنّه الحاقد نعمة فاتته وأدركت غيره مجرّد ابتلاء واختبار، تجلب على صاحبها من العناء ما لا يطيقه الحاقد الّذي يتمنّاها. 11- الحقد يظهر عيوب الإنسان، ويكشف عن الداء الدفين فيه. انظر "كتاب نضرة النعيم في مكارم الرسول الكريم" (4440/10)

وسائل الاجتناب

أولًا: القضاء على سببه الأصليّ، وهو الغضب، فإذا حدث ذلك الغضب ولم تتمكّن من قمعه بالحلم، وتذكّر فضيلة كظم الغيظ ونحوهما، فإنّ الشعور بالحقد يحتاج إلى مجاهدة النفس والزهد في الدنيا، وعليه أن يحذّر نفسه عاقبة الانتقام، وأن يعلم أنّ قدرة الله عليه أعظم من قدرته، وأنّه سبحانه بيده الأمر والنهي لا رادّ لقضائه ولا معقّب لحكمه، هذا من ناحية العلم، أمّا من حيث العمل فإنّ من أصابه داء الحقد فإنّ عليه أن يكلّف نفسه أن يصنع بالمحقود عليه ضدّ ما اقتضاه حقده فيبدّل الذمَّ مدحًا، والتكبُّر تواضعًا، وعليه أن يضع نفسه في مكانه ويتذكّر أنّه يحبُّ أن يعامل بالرّفق والودّ فيعامله كذلك. ثانيًا: يستلزم أيضًا من المحقود عليه إن كان عاديًا على غيره أن يُقلِع عن غيّه ويصلح سيرته، وأن يعلم أنّه لن يستلّ الحقد من قلب خصمه إلّا إذا عاد عليه بما يطمئنه ويرضيه، وعليه أن يصلح من شأنه ويطيّب خاطره، وعلى الطرف الآخر أن يلين ويسمح ويتقبّل العذر، وبهذا تموت الأحقاد وتحلّ المحبّة والألفة. ثالثًا: أنْ تعتقد أنَّ ما عند الله خيرٌ وأبقى، وأنَّ هذه الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة، وأنَّ هذا العبد ربما كان عند الله أفضل منك كما صح عن النَّبيِّ أنَّه قال: «رُبَّ أشعثَ أغبَر مدفوعٍ بالأبواب لو أقسم على الله لأبره». أخرجه مسلم (2662). قد جعل الله المحبة الخالصة بين المسلمين من أوثق عرى المحبة في الله، وقد وثّق الإسلام ذلك بوجوب المحافظة على مال المسلم وعرضه ونفسه، بأنْ لا يصيبه المسلم بأذى ولا يمسه بسوء. لكن بعض النفوس الخبيثة تبحر في أنهار آسنة لتتشفى في مَن أنعم الله عليهم، ورزقهم من حطام هذه الدنيا الفانية، وذلك بالحقد والحسد ليؤتي ذلك الحقد والحسد ثماراً خبيثةً من غيبة ونميمة وحنق واستهزاء. ومجتمعاتنا - وللأسف الشديد - تعُجّ في مثل هؤلاء، ولو تدبروا كتاب الله جيداً لما وقعوا في ذلك، قال تعالى: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَد آتَينا آلَ إبراهِيمَ الكِتَابَ والحِكْمَةَ وآتيناهُمْ مُلكاً عَظِيمًا﴾ [ النساء : 54 ]. انظر"الزواجر عن اقتراف الكبائر " لابن حجر(1 /64- 65)، "خلق المسلم" الغزالي (ص 92)، "حرمة المسلم على المسلم" لماهر الفحل.

مسائل متعلقة

حكم الحقد:

ذكر ابن حجر الحقد مع كلّ من الغضب بالباطل والحسد على أنّها جميعا من كبائر الباطن، وعلّل جمعه لهذه الكبائر الثلاث بقوله: لمّا كانت هذه الثلاثة بينها تلازم وترتّب، إذ الحسد من نتائج الحقد، والحقد من نتائج الغضب كانت بمنزلة خصلة واحدة، وذمّ كلّ يستلزم ذمّ الآخر، لأنّ ذمّ الفرع وفرعه يستلزم ذمّ الأصل وأصله وبالعكس. "الزواجر عن اقتراف الكبائر" للهيتمي (1 /52).