البحث

عبارات مقترحة:

الواسع

كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

الحليم

كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...

التطور والثبات

من إعجاز هذا الدين، ومن آيات عمومه وخلوده، وصلاحيته لكل زمان ومكان، أن الله تعالى أودع فيه عنصر الثبات والخلود، وعنصر التطور والمرونة معاً، فهو: • ثبات على الغايات والأهداف. • ومرونة في الوسائل والأساليب. • وثبات على الأصول والكليات. • ومرونة في الفروع والجزئيات. • وثبات على القيم الدينية والأخلاقية. • ومرونة في الشؤون الدنيوية والعلمية. وبتدبر أحداث الفتح يظهر عدة مواقف برزت فيها هذه الخصيصة، وهي الجمع في التعامل مع المدعوين بين الثبات والمرونة، والتي إذا تأملها الداعية تبين له كذلك حدود مراعاته لأحوال المدعو، وتردد ذلك بين الثبات الذي لا مجال للتغيير فيه، وبين المرونة وسعة الأمر، ومن تلك المواقف التي تمثل الثبات: • المبادرة إلى إزالة الأصنام المحيطة بالكعبة، وإزالة معالم الشرك، فعقيدة التوحيد هي الأساس الثابت الذي لا تردد فيه، وتمثلت المرونة في تركه حرية الدخول في الإسلام وعدم إكراه الناس عليه، كما سمح بذلك لصفون بن أمية رضي الله عنه مدة أربعة أشهر. • موقفه من المرأة المخزومية، ورفضه تعطيل حدود الله وقد وجبت إقامتها، ببلوغها الإمام، رغم علمه بحرص قريش على عدم القطع، (خوفا من لحوق العار وافتضاحهم بها بين القبائل). وتمثلت المرونة في حثه على العفو عن الحدود قبل بلوغها الإمام، ومحاولة درئها، فقد روي: (أن صفوان بن أمية رضي الله عنه قيل له: إنه إن لم يهاجر هلك، فقدم صفوان بن أمية المدينة، فنام في المسجد، وتوسد رداءه، فجاء سارق فأخذ رداءه، فأخذ صفوان السارق، فجاء به إلى رسول الله ، فأمر به رسول الله أن تقطع يده. فقال صفوان: إني لم أرد هذا يا رسول الله، هو عليه صدقة. فقال رسول الله : ((فهلا قبل أن تأتيني به)). وهذا يدل على جواز عفوه عنه، بل وأفضلية ذلك بشرط عدم وصولها للإمام، قال ابن عبد البر رحمه الله: (لا أعلم خلافًا أن الشفاعة في ذوي الذنوب، حسنة جميلة، ما لم تبلغ السلطان، وأن على السلطان إذا بلغته أن يقيمها). إن المرونة في دعوة الناس لحملهم على الالتزام بمبادئ الإسلام، وترغيبهم في ذلك بشتى الوسائل، شيء مرغوب فيه، أما إذا تعلق الأمر بالمساومة على مبادئ الدعوة، وتغيير حقائقها، فينبغي حينئذ للداعية أن يقف وقفة صارمة صحيحة، وإفهام المدعوين أن الله غني عن العالمين، وأن دخولهم في الدعوة تكريم لهم، وتشريف لمقامهم، وليس تشريفا للدعوة، وقد قال تعالى: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [7]، [8]والنبي لم يتنازل أمام المبادئ الثابتة، لكنه يبين الرخصة إذا كان في الأمر متسع لها.