الرزاق
كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...
عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: «إِنَّها سَتَكُون بَعدِي أَثَرَة وأُمُور تُنكِرُونَها!» قالوا: يا رسول الله، فَمَا تَأمُرُنَا؟ قال: «تُؤَدُّون الحَقَّ الذي عَلَيكم، وتَسأَلُون الله الذِي لَكُم».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
في الحديث التنبيه على أمر عظيم متعلق بمعاملة الحكام، وهي ظلم الحكام وانفرادهم بالمال العام دون الرعية، حيث أخبر النبي ﷺ أنه سيستولي على المسلمين ولاة يستأثرون بأموال المسلمين يصرفونها كما شاؤوا ويمنعون المسلمين حقهم فيها. وهذه أثرة وظلم من هؤلاء الولاة، أن يستأثروا بالأموال التي للمسلمين فيها الحق، وينفردوا بها لأنفسهم عن المسلمين، ولكن الصحابة المرضيون طلبوا التوجيه النبوي في عملهم لا فيما يتعلق بالظلمة، فقالوا: ما تأمرنا؟ وهذا من عقلهم، فقال ﷺ: "تودون الحق الذي عليكم"، يعني: لا يمنعكم انفرادهم بالمال عليكم أن تمنعوا ما يجب عليكم نحوهم من السمع والطاعة وعدم الإثارة والوقوع في الفتن، بل اصبروا واسمعوا وأطيعوا ولا تنازعوا الأمر الذي أعطاهم الله، "وتسألون الله الذي لكم" أي: اسألوا الحق الذي لكم من الله، أي: اسألوا الله أن يهديهم حتى يؤدُّوكم الحق الذي عليهم لكم، وهذا من حكمة النبي ﷺ؛ فإنه ﷺ علِم أنَّ النفوس لا تصبر عن حقوقها، وأنها لن ترضى بمن يستأثرعليهم بحقوقهم، ولكنه ﷺ أرشد إلى أمر يكون فيه الخير والمصلحة، وتندفع من ورائه الشرور والفتن، وذلك بأن نؤدي ما علينا نحوهم من السمع والطاعة وعدم منازعة الأمر ونحو ذلك، ونسأل الله الذي لنا.
الأَثَرَة | الانفراد بالشيء عمن له فيه حق. |
تُؤَدُّون | تعطون. |
الحق الذي عليكم | من الانقياد لهم وعدم الخروج عليهم. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".