الرحيم
كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: «لا تَبْدَؤوا اليهود والنصارى بالسَّلام، وإذا لَقِيتُمُوهُمْ في طريق، فاضْطَّرُّوهُمْ إلى أَضْيَقِهِ».
[صحيح.] - [رواه مسلم.]
نهى النبي ﷺ عن بدء أهل الكتاب بالسلام؛ وذلك لأن تسليمنا عليهم فيه نوع من الإكرام لهم؛ -والكافر ليس أهلاً للإكرام، ولا بأس أن يقول للكافر ابتداءً كيف حالك، كيف أصبحت، كيف أمسيت؟ ونحو ذلك إذا دعت الحاجة إلى ذلك؛ لأن النهي عن السلام، وكذلك أمرنا أن لا نوسع لهم الطريق، فإذا قابل المسلم الكتابي في الطريق، فإن المسلم يُلجئه إلى أضيق الطريق، ويكون وسط الطريق وسعته للمسلم، وهذا عند ضيق الطريق، وحيث لا يتسبب في إلحاق الضرر بالكتابي، وجملة القول في ذلك: أن ما كان من باب البر والمعروف ومقابلة الإحسان بالإحسان قمنا به نحوهم لتأليف قلوبهم، ولتكن يد المسلمين هي العليا، وما كان من باب إشعار النفس بالعزة والكرامة ورفعة الشأن فلا نعاملهم به؛ كبدئهم بالسلام تحية لهم، وتمكينهم من صدر الطريق تكريمًا لهم.
فاضطروهم إلى أضيقه | أي: ألجئوهم أن يسيروا على حافة الطريق، وهذا عند الزحام. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".