الرحيم
كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...
التَّتابُعُ: التَّوالِي والاِسْتِمْرارُ، يُقالُ: تَتابَعَ المَطَرُ، يَتَتابَعُ، تَتابُعاً، أيْ: تَوالَى واسْتَمَرَّ. ويأْتي بِمعنى: التَّلاحُق والتَّدارُك، يُقال: تَتابَعَ النّاسُ، أيْ: لَحِقَ وأَدْرَكَ بَعْضُهُم بَعْضاً. وأَصْلُه مِن الاِتِّباعِ، وهو: الاقْتِداءُ واقْتِفاءُ أَثَرِ الماشِي، يُقالُ: اتَّبَعَهُ، يَتَّبِعُهُ، اتِّباعاً، أيْ: اقْتَفَى أَثَرَهُ. والتّابِعُ: التّالِي والماشِي خَلْفَ غَيْرِهِ.
يَرِد مُصْطلَح (تَتابُع) في مواضِعَ من الفِقْهِ، منها: كِتاب الطَّهارَةِ، باب: صِفَة الوضوءِ، وباب: المَسْح على الخُفَّيْنِ وشَرائِط ذلك، وكتاب الصَّلاةِ، باب: قَضاء التَّكبيرِ في صلاةِ الجَنازَةِ، وكتاب الصِّيامِ، باب: قَضاء رَمَضان، وفي كتاب الاعْتِكافِ، باب: مُفْسِدات الاِعْتِكافِ، وفي كتاب الحَجِّ، باب: هَدْي التَّمَتُّع. ويُطْلَقُ في باب الكَفّاراتِ عُموماً، ككفّارةِ القَتْلِ، والظِّهارِ، واليَمِينِ، والنَّذْرِ، ونحْوِ ذلك.
تبع
مَجِيءُ الشَّيءِ بعد الشَّيْءِ بِدونِ فَصْلٍ ولا انْقِطاعٍ.
التَّتابُعُ: التَّوالِي والاِسْتِمْرارُ، ويأْتي بِمعنى: التَّلاحُق والتَّدارُك، وأَصْلُه مِن الاِتِّباعِ، وهو: الاقْتِداءُ واقْتِفاءُ الأَثَرِ.
* المحكم والمحيط الأعظم : (2/57)
* المحيط في اللغة : (1/81)
* الفروق اللغوية : (ص 116)
* البناية شرح الهداية : (5/550)
* شرح مختصر خليل للخرشي : (1/127)
* الـمغني لابن قدامة : (3/91)
* الكليات : (ص 308)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 121)
* لسان العرب : (8/29)
* تاج العروس : (20/382) -
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي التَّتَابُعِ فِي اللُّغَةِ: الْمُوَالاَةُ. يُقَال: تَابَعَ فُلاَنٌ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ: إِذَا وَالَى بَيْنَهُمَا، فَفَعَل هَذَا عَلَى أَثَرِ هَذَا بِلاَ مُهْلَةٍ بَيْنَهُمَا. وَتَتَابَعَتِ الأَْشْيَاءُ: تَبِعَ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَتَابَعَ بَيْنَ الأُْمُورِ مُتَابَعَةً وَتِبَاعًا: وَاتَرَ وَوَالَى. (1) وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلاَحِيُّ عَنْ ذَلِكَ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - التَّتَابُعُ يَكُونُ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَاتِ، وَيَكُونُ فِي الاِعْتِكَافِ، وَيَكُونُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْل، وَيُسَمَّى غَالِبًا (الْمُوَالاَةَ) وَتُنْظَرُ أَحْكَامُهُ فِي (الْوُضُوءُ وَالْغُسْل) .
التَّتَابُعُ فِي الصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ:
3 - إِذَا لَمْ يَجِدِ الْحَانِثُ فِي يَمِينِهِ مَا يُكَفِّرُ بِهِ عَنْهَا، مِنْ إِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، أَوْ كِسْوَتِهِمْ، أَوْ تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ، أَوْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ، كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْتَقِل إِلَى الصَّوْمِ، فَيَصُومَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْل اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَْيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} . (2)
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي التَّتَابُعِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ: إِلَى وُجُوبِ التَّتَابُعِ، لِلْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ لاِبْنِ مَسْعُودٍ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ (3)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ - وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ - إِلَى جَوَازِ صَوْمِهَا مُتَتَابِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً. (4) ر: (كَفَّارَةُ الْيَمِينِ) .
التَّتَابُعُ فِي الصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ:
4 - يَأْتِي الصَّوْمُ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْعِتْقِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . (5)
فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمُظَاهِرُ مَا يُعْتِقُ كَمَا فِي الآْيَةِ الأُْولَى انْتَقَل إِلَى الصِّيَامِ، فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ كَمَا فِي صَدْرِ الآْيَةِ الثَّانِيَةِ، لَيْسَ فِيهِمَا رَمَضَانُ، وَيَوْمَا الْعِيدِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَذَلِكَ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا. فَإِنْ جَامَعَهَا فِي الشَّهْرَيْنِ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ اسْتَقْبَل، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} .
وَبِهَذَا أَخَذَ الْحَنَفِيَّةُ (6) ، وَالْمَالِكِيَّةُ (7) ، وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (8) فِي وُجُوبِ التَّتَابُعِ، إِلاَّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَالُوا: إِذَا جَامَعَهَا لَيْلاً قَبْل أَنْ يُكَفِّرَ يَأْثَمُ وَلاَ يَبْطُل التَّتَابُعُ. (9)
ر: (كَفَّارَةُ الظِّهَارِ) .
التَّتَابُعُ فِي الصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْفِطْرِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ:
5 - تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ بِاتِّفَاقٍ.
وَتَجِبُ بِالأَْكْل أَوِ الشُّرْبِ عَمْدًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْكَفَّارَةُ تَكُونُ بِالْعِتْقِ أَوِ الصَّوْمِ أَوِ الإِْطْعَامِ. وَتَأْتِي مَرْتَبَةُ الصَّوْمِ بَعْدَ الْعِتْقِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَجُمْهُورِ الْحَنَابِلَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ وَالإِْطْعَامِ وَبِأَيِّهَا كَفَّرَ أَجْزَأَهُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ، فَأَمَرَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا. (10)
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ كَفَّارَتُهُ عَلَى التَّخْيِيرِ أَيْضًا، وَلَكِنَّهُمْ فَضَّلُوا الإِْطْعَامَ عَلَى الْعِتْقِ فَجَعَلُوهُ أَوَّلاً، لأَِنَّهُ أَكْثَرُ نَفْعًا لِتَعَدِّيهِ لأَِفْرَادٍ كَثِيرَةٍ، وَفَضَّلُوا الْعِتْقَ عَلَى الصَّوْمِ؛ لأَِنَّ نَفْعَهُ مُتَعَدٍّ لِلْغَيْرِ دُونَ الصَّوْمِ، فَالصَّوْمُ عِنْدَهُمْ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ.
وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا أَوْ ذَاكَ، فَإِنَّ صَوْمَ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ شَهْرَانِ مُتَتَابِعَانِ عِنْدَ الأَْئِمَّةِ الأَْرْبَعَةِ.؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ: هَلَكْتُ، قَال: مَا لَكَ؟ قَال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: هَل تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَال: لاَ.، قَال: فَهَل تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَال: لاَ، قَال: فَهَل تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَال: لاَ، قَال: فَمَكَثَ النَّبِيُّ ﷺ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِعِرْقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالْعِرْقُ: الْمِكْتَل - قَال: أَيْنَ السَّائِل؟ فَقَال: أَنَا.، قَال: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ.، فَقَال الرَّجُل: عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُول اللَّهِ؟ فَوَاَللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْل بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْل بَيْتِي. فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَال: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ. (11)
الصَّوْمُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْل:
6 - يَأْتِي فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْعِتْقِ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا} إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (12) فَالتَّتَابُعُ فِي صِيَامِ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا. (13)
ر: (كَفَّارَةُ الْقَتْل) . التَّتَابُعُ فِي صَوْمِ النَّذْرِ:
7 - إِنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَيَّامًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً، وَلَمْ يُعَيِّنْ، وَشَرَطَ التَّتَابُعَ لَزِمَهُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ شَهْرًا مُعَيَّنًا كَرَجَبٍ، أَوْ سَنَةً مُعَيَّنَةً، لَزِمَهُ التَّتَابُعُ فِي صِيَامِهَا كَذَلِكَ.
أَمَّا لَوْ نَذَرَ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ، وَلَمْ يَشْتَرِطِ التَّتَابُعَ، فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى: أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ كَذَلِكَ فِيمَنْ قَال: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ: يَصُومُهَا مُتَتَابِعَةً. (14)
وَانْظُرْ لِلتَّفْصِيل مُصْطَلَحَ: (نَذْرٌ) .
التَّتَابُعُ فِي الاِعْتِكَافِ:
8 - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ، بِأَنْ قَال: عَشَرَةَ أَيَّامٍ مَثَلاً، لَزِمَهُ اعْتِكَافُهَا بِلَيَالِيِهَا مُتَتَابِعَةً، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطِ التَّتَابُعَ؛ لأَِنَّ مَبْنَى الاِعْتِكَافِ عَلَى التَّتَابُعِ.
وَكَذَا لَوْ قَال: شَهْرًا، وَلَمْ يَنْوِهِ بِعَيْنِهِ، لَزِمَهُ مُتَتَابِعًا لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، يَفْتَتِحُهُ مَتَى شَاءَ بِالْعَدَدِ، لاَ هِلاَلِيًّا، وَإِنْ عَيَّنَ شَهْرًا يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ بِالْهِلاَل، وَإِنْ فَرَّقَ الاِعْتِكَافَ اسْتَأْنَفَهُ مُتَتَابِعًا. وَقَال زُفَرُ فِي نَذْرِ اعْتِكَافِ شَهْرٍ: إِنْ شَاءَ فَرَّقَ الاِعْتِكَافَ وَإِنْ شَاءَ تَابَعَهُ. وَإِنْ نَوَى الأَْيَّامَ خَاصَّةً أَيْ دُونَ اللَّيْل صَحَّتْ نِيَّتُهُ؛ لأَِنَّ حَقِيقَةَ الْيَوْمِ بَيَاضُ النَّهَارِ. (15)
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ كَذَلِكَ، يَلْزَمُ تَتَابُعُ الاِعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ فِيمَا إِذَا كَانَ مُطْلَقًا، أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِتَتَابُعٍ وَلاَ عَدَمِهِ. وَأَنَّ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ أَوْ ثَلاَثِينَ يَوْمًا فَلاَ يُفَرِّقُ ذَلِكَ. وَهَذَا بِخِلاَفِ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ شَهْرًا أَوْ أَيَّامًا، فَإِنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ فِي ذَلِكَ.
وَالْفَرْقُ: أَنَّ الصَّوْمَ إِنَّمَا يُؤَدَّى فِي النَّهَارِ دُونَ اللَّيْل فَكَيْفَمَا فَعَل أَصَابَ، مُتَتَابِعًا أَوْ مُفَرَّقًا. وَالاِعْتِكَافُ يَسْتَغْرِقُ الزَّمَانَيْنِ اللَّيْل وَالنَّهَارَ، فَكَانَ حُكْمُهُ يَقْتَضِي التَّتَابُعَ.
وَالْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ: الَّذِي لَمْ يَشْتَرِطْ فِي التَّتَابُعِ لَفْظًا، وَلَمْ يَحْصُل فِيهِ نِيَّةُ التَّتَابُعِ، وَلاَ نِيَّةُ عَدَمِهِ. فَإِنْ حَصَل فِيهِ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا عُمِل بِهَا. وَيَلْزَمُ الْمُعْتَكِفَ مَا نَوَاهُ مِنْ تَتَابُعٍ أَوْ تَفْرِيقٍ وَقْتَ الشُّرُوعِ، وَهُوَ حِينَ دُخُولِهِ فِيهِ، وَلاَ يَلْزَمُهُ بِنِيَّتِهِ فَقَطْ؛ لأَِنَّ النِّيَّةَ بِمُجَرَّدِهَا لاَ تُوجِبُ شَيْئًا. (16)
وَالشَّافِعِيَّةُ قَالُوا: إِنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا فَإِنْ عَيَّنَ شَهْرًا لَزِمَهُ اعْتِكَافُهُ مُتَتَابِعًا لَيْلاً وَنَهَارًا، سَوَاءٌ كَانَ الشَّهْرُ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا؛ لأَِنَّ الشَّهْرَ عِبَارَةٌ عَمَّا بَيْنَ الْهِلاَلَيْنِ، تَمَّ أَوْ نَقَصَ.
وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ نَهَارِ الشَّهْرِ لَزِمَهُ النَّهَارُ دُونَ اللَّيْل، لأَِنَّهُ خَصَّ النَّهَارَ فَلَمْ يَلْزَمْهُ الاِعْتِكَافُ بِاللَّيْل، فَإِنْ فَاتَهُ الشَّهْرُ وَلَمْ يَعْتَكِفْ فِيهِ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَهُ مُتَتَابِعًا وَمُتَفَرِّقًا؛ لأَِنَّ التَّتَابُعَ فِي أَدَائِهِ بِحُكْمِ الْوَقْتِ، فَإِذَا فَاتَ سَقَطَ التَّتَابُعُ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ. وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُتَتَابِعًا لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ مُتَتَابِعًا؛ لأَِنَّ التَّتَابُعَ هُنَا بِحُكْمِ النَّذْرِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِفَوَاتِ الْوَقْتِ.
وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَاعْتَكَفَ شَهْرًا بِالأَْهِلَّةِ أَجْزَأَهُ، تَمَّ الشَّهْرُ أَوْ نَقَصَ؛ لأَِنَّ اسْمَ الشَّهْرِ يَقَعُ عَلَيْهِ، وَإِنِ اعْتَكَفَ شَهْرًا بِالْعَدَدِ لَزِمَهُ ثَلاَثُونَ يَوْمًا؛ لأَِنَّ الشَّهْرَ بِالْعَدَدِ ثَلاَثُونَ يَوْمًا. فَإِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ لَزِمَهُ مُتَتَابِعًا، لِقَوْلِهِ ﷺ مَنْ نَذَرَ وَسَمَّى فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا سَمَّى (17) وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ مُتَفَرِّقًا جَازَ أَنْ يَكُونَ مُتَفَرِّقًا وَمُتَتَابِعًا؛ لأَِنَّ الْمُتَتَابِعَ أَفْضَل مِنَ الْمُتَفَرِّقِ، وَإِنْ أَطْلَقَ النَّذْرَ جَازَ مُتَفَرِّقًا وَمُتَتَابِعًا، كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ. (18)
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ يَصُومُهَا فَأَفْطَرَ يَوْمًا أَفْسَدَ تَتَابُعَهُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الاِسْتِئْنَافُ، لإِِخْلاَلِهِ بِالإِْتْيَانِ بِمَا نَذَرَهُ عَلَى صِفَتِهِ. (19)
وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ لَزِمَهُ شَهْرٌ بِالأَْهِلَّةِ أَوْ ثَلاَثُونَ يَوْمًا، وَالتَّتَابُعُ فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا لاَ يَلْزَمُهُ،
وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ، وَقَال الْقَاضِي: يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ قَوْلاً وَاحِدًا، لأَِنَّهُ مَعْنًى يَحْصُل فِي اللَّيْل وَالنَّهَارِ، فَإِذَا أَطْلَقَهُ اقْتَضَى التَّتَابُعَ. (20) ر: (اعْتِكَافٌ) .
مَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي صِيَامِ الْكَفَّارَاتِ:
يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ بِأُمُورٍ ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ وَهِيَ:
أ - الْفِطْرُ بِإِكْرَاهٍ أَوْ نِسْيَانٍ وَنَحْوِهِمَا:
9 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الإِْفْطَارَ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، بِاسْتِثْنَاءِ عُذْرِ الْمَرْأَةِ فِي الْحَيْضِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي ذَلِكَ بَيْنَ عُذْرِ الْمَرَضِ أَوْ غَيْرِهِ، وَهُوَ يَتَنَاوَل الإِْكْرَاهَ. وَأَمَّا لَوْ أَكَل نَاسِيًا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: أَنَّهُ لاَ يَضُرُّ. (21) وَلاَ يُجْزِئُ عَنِ الْكَفَّارَةِ صِيَامُ تِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ يَوْمًا بِغَيْرِ اعْتِبَارِ الأَْهِلَّةِ، أَمَّا إِذَا صَامَ شَهْرَيْنِ بِاعْتِبَارِ الأَْهِلَّةِ، فَإِنَّ صَوْمَهُ يَصِحُّ حَتَّى وَلَوْ كَانَ ثَمَانِيَةً وَخَمْسِينَ يَوْمًا. (22)
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْفِطْرَ بِالإِْكْرَاهِ بِمُؤْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ لاَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَلاَ يَقْطَعُهُ أَيْضًا فِطْرُ مَنْ ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْل، أَوْ غُرُوبَ الشَّمْسِ بِخِلاَفِ الشَّكِّ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُهُ، وَكَذَا لاَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ عِنْدَهُمْ فِطْرُ مَنْ صَامَ تِسْعَةً وَخَمْسِينَ يَوْمًا، ثُمَّ أَصْبَحَ مُفْطِرًا ظَانًّا الْكَمَال. (23)
وَلاَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ عِنْدَهُمُ الأَْكْل وَالشُّرْبُ نَاسِيًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلاَ يَقْطَعُهُ جِمَاعُ غَيْرِ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا نَهَارًا نِسْيَانًا، أَوْ لَيْلاً وَلَوْ عَمْدًا. (24)
وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ: أَنَّ الإِْكْرَاهَ عَلَى الأَْكْل يُبْطِل التَّتَابُعَ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الإِْكْرَاهَ عَلَيْهِ يُبْطِل الصَّوْمَ عَلَى الْقَوْل بِهِ، لأَِنَّهُ سَبَبٌ نَادِرٌ. هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ فِي الصُّورَتَيْنِ، كَمَا جَاءَ فِي الرَّوْضَةِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَجَعَلَهُمَا ابْنُ كَجٍّ كَالْمَرَضِ، وَكَذَا إِذَا اسْتَنْشَقَ فَوَصَل الْمَاءُ إِلَى دِمَاغِهِ، فَفِي انْقِطَاعِ التَّتَابُعِ الْخِلاَفُ، بِنَاءً عَلَى الْقَوْل بِأَنَّهُ يُفْطِرُ، وَقَال النَّوَوِيُّ: لَوْ أُوجِرَ الطَّعَامَ مُكْرَهًا لَمْ يُفْطِرْ وَلَمْ يَنْقَطِعْ تَتَابُعُهُ، قَطَعَ بِهِ الأَْصْحَابُ فِي كُل الطُّرُقِ. (25)
وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّ التَّتَابُعَ لاَ يُقْطَعُ بِالْفِطْرِ بِسَبَبِ الإِْكْرَاهِ أَوِ الْخَطَأِ أَوِ النِّسْيَانِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، لِحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (26) لاَ إِنْ أَفْطَرَ لِجَهْلٍ فَإِنَّهُ لاَ يُعْذَرُ بِهِ، وَأَمَّا الَّذِي أَفْطَرَ خَطَأً كَمَنْ ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْل أَوِ الْغُرُوبَ فَبَانَ خِلاَفُهُ فَلاَ يَنْقَطِعُ تَتَابُعُ صِيَامِهِ، وَأَمَّا الَّذِي أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ تَمَامِ الشَّهْرَيْنِ فَبَانَ خِلاَفُهُ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ تَتَابُعُ صِيَامِهِ، أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْوَاجِبَ شَهْرٌ وَاحِدٌ فَأَفْطَرَ، أَوْ أَفْطَرَ نَاسِيًا لِوُجُوبِ التَّتَابُعِ، أَوْ أَفْطَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ انْقَطَعَ تَتَابُعُ صِيَامِهِ لِقَطْعِهِ إِيَّاهُ، وَلاَ يُعْذَرُ بِالْجَهْل. (27)
ب - الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ:
10 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ لاَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي الْكَفَّارَةِ الَّتِي تُوجِبُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ عَلَى الْمَرْأَةِ، كَكَفَّارَةِ الْقَتْل، لأَِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْهُ فِيهِمَا، وَلأَِنَّهَا لاَ يَدَ لَهَا فِيهِ، وَلأَِنَّهُ يُنَافِي الصَّوْمَ، وَفِي تَأْخِيرِ التَّكْفِيرِ إِلَى سِنِّ الْيَأْسِ خَطَرٌ، إِلاَّ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ قَال: إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ فِي الطُّهْرِ تَسَعُ صَوْمَ الْكَفَّارَةِ فَصَامَتْ فِي غَيْرِهَا، أَيْ فِي وَقْتٍ يَحْدُثُ فِيهِ الْحَيْضُ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ. (28)
وَأَمَّا تَتَابُعُ صَوْمِ أَيَّامِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، فَإِنَّ الْحَيْضَ يَقْطَعُهُ، بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ التَّتَابُعِ فِيهَا كَمَا ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ تَتَابُعِهَا، لِقِلَّةِ أَيَّامِهَا، بِخِلاَفِ الشَّهْرَيْنِ. (29)
هَذَا، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ: أَنَّنَا إِذَا أَوْجَبْنَا التَّتَابُعَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَحَاضَتْ فِي أَثْنَائِهَا، فَفِي انْقِطَاعِ تَتَابُعِهَا الْقَوْلاَنِ فِي الْفِطْرِ بِالْمَرَضِ فِي الشَّهْرَيْنِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ طَرِيقٌ جَازِمٌ بِانْقِطَاعِ التَّتَابُعِ. (30)
11 - أَمَّا النِّفَاسُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلَى مُقَابِل الصَّحِيحِ الَّذِي حَكَاهُ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ لِنُدْرَتِهِ، وَلإِِمْكَانِهَا اخْتِيَارَ شَهْرَيْنِ خَالِيَيْنِ مِنْهُ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى: أَنَّ النِّفَاسَ لاَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، قِيَاسًا عَلَى الْحَيْضِ، وَلأَِنَّهَا لاَ يَدَ لَهَا فِيهِ. (31)
ج - دُخُول رَمَضَانَ وَالْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ:
12 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ دُخُول شَهْرِ رَمَضَانَ وَعِيدِ الْفِطْرِ أَوْ عِيدِ الأَْضْحَى وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَقْطَعُ صَوْمَ الْكَفَّارَةِ لِوُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَحُرْمَةِ صَوْمِ الْبَاقِي، وَلأَِنَّ فِي اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يَجِدَ شَهْرَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا مَا ذُكِرَ، وَهَذَا أَيْضًا هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ فِي صَوْمِ غَيْرِ الأَْسِيرِ. وَأَمَّا الأَْسِيرُ إِذَا صَامَ بِاجْتِهَادِهِ، فَدَخَل عَلَيْهِ رَمَضَانُ أَوِ الْعِيدُ قَبْل تَمَامِ الشَّهْرَيْنِ، فَفِي انْقِطَاعِ تَتَابُعِهِ الْخِلاَفُ فِي انْقِطَاعِهِ بِإِفْطَارِ الْمَرِيضِ. (32)
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَذَكَرُوا: أَنَّ تَعَمُّدَ فِطْرِ يَوْمِ الْعِيدِ يَقْطَعُ تَتَابُعَ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ، كَمَا إِذَا تَعَمَّدَ صَوْمَ ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِدُخُول الْعِيدِ فِي أَثْنَائِهِ. بِخِلاَفِ مَا إِذَا جَهِلَهُ فَإِنَّهُ لاَ يَقْطَعُ، كَمَا إِذَا ظَنَّ أَنَّ شَهْرَ ذِي الْحِجَّةِ هُوَ الْمُحَرَّمُ، فَصَامَهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ ظَانًّا أَنَّهُ صَفَرٌ، فَبَانَ خِلاَفُهُ.
وَجَهْل دُخُول رَمَضَانَ عِنْدَهُمْ كَجَهْل الْعِيدِ عَلَى الأَْرْجَحِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، وَالْمُرَادُ بِجَهْل الْعِيدِ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ: جَهْلُهُ فِي كَوْنِهِ يَأْتِي فِي الْكَفَّارَةِ، لاَ جَهْل حُكْمِهِ، خِلاَفًا لأَِبِي الْحَسَنِ، حَيْثُ ذُكِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَهْل جَهْل الْحُكْمِ وَهُوَ أَظْهَرُ. وَمِثْل الْعِيدِ عِنْدَهُمُ الْيَوْمَانِ بَعْدَهُ. وَأَمَّا ثَالِثُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنَّ صَوْمَهُ يُجْزِئُ، وَفِطْرُهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ اتِّفَاقًا، كَمَا جَاءَ فِي الْخَرَشِيِّ (33) .
وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ صَوْمَ الْكَفَّارَةِ لاَ يَقْطَعُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا، لِوُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ بِإِيجَابِ الشَّرْعِ، وَلأَِنَّ فِطْرَ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَاجِبٌ أَيْضًا بِإِيجَابِ الشَّرْعِ، أَيْ أَنَّ ذَلِكَ الزَّمَنَ مَنَعَهُ الشَّرْعُ مِنْ صَوْمِهِ كَاللَّيْل (34) .
د - السَّفَرُ:
13 - السَّفَرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَقْطَعُ التَّتَابُعَ إِنْ أَفْطَرَ فِيهِ؛ لأَِنَّ الإِْفْطَارَ عِنْدَهُمْ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ يَقْطَعُهُ. (35)
وَالْقَوْل الآْخَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ كَالْمَرَضِ. (36) وَالسَّفَرُ الَّذِي يُبَاحُ فِيهِ الْفِطْرُ لاَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. (37)
هـ - فِطْرُ الْحَامِل وَالْمُرْضِعِ:
14 - فِطْرُ الْحَامِل وَالْمُرْضِعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، كَمَا جَاءَ فِي الرَّوْضَةِ خَوْفًا عَلَى الْوَلَدِ. قِيل: هُوَ كَالْمَرَضِ، وَقِيل: يَقْطَعُ قَطْعًا، لأَِنَّهُ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ.
وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيَرَوْنَ أَنَّ فِطْرَ الْحَامِل وَالْمُرْضِعِ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدَيْهِمَا لاَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، لأَِنَّهُ فِطْرٌ أُبِيحَ لِعُذْرٍ عَنْ غَيْرِ جِهَتِهِمَا، فَأَشْبَهَ الْمَرَضَ. (38)
وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ - مِنْ أَنَّ الْفِطْرَ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ - وَالْمَالِكِيَّةُ - مِنَ الْقَوْل بِقَطْعِهِ بِكُل فِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ، كَالسَّفَرِ مَثَلاً - مُقْتَضَاهُ قَطْعُ التَّتَابُعِ بِفِطْرِهِمَا خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدَيْهِمَا. (39) و - الْمَرَضُ:
15 - الْمَرَضُ يَقْطَعُ تَتَابُعَ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ، وَهُوَ الْجَدِيدُ، لأَِنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْفِطْرِ بِعُذْرِ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي قَطْعِ التَّتَابُعِ، بِاسْتِثْنَاءِ الْمَرْأَةِ فِي الْحَيْضِ، وَلأَِنَّ الْمَرَضَ كَمَا ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ لاَ يُنَافِي الصَّوْمَ، وَإِنَّمَا قَطَعَهُ بِاخْتِيَارِهِ. (40)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَدِيمِ إِلَى أَنَّ الْمَرَضَ لاَ يَقْطَعُ تَتَابُعَ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ، لأَِنَّهُ لاَ يَزِيدُ عَلَى أَصْل وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ، وَهُوَ يَسْقُطُ بِالْمَرَضِ. وَهَذَا أَيْضًا هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمَرَضُ غَيْرَ مَخُوفٍ، لأَِنَّهُ لاَ يَدَ لَهُ فِيهِ كَالْحَيْضِ، وَمِثْلُهُ الْجُنُونُ وَالإِْغْمَاءُ. (41)
ز - نِسْيَانُ النِّيَّةِ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي:
16 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ نِسْيَانَ النِّيَّةِ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَتَرْكِهَا عَمْدًا، وَلاَ يُجْعَل النِّسْيَانُ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ اشْتِرَاطِهَا فِي كُل لَيْلَةٍ، عَلَى مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ. أَمَّا لَوْ صَامَ أَيَّامًا مِنَ الشَّهْرَيْنِ، ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ، هَل نَوَى فِيهِ أَمْ لاَ؟ لَمْ يَلْزَمْهُ الاِسْتِئْنَافُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا قَال النَّوَوِيُّ، وَلاَ أَثَرَ لِلشَّكِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْيَوْمِ، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ فِي مَسَائِل الْمُتَحَيِّرَةِ. (42)
ح - الْوَطْءُ:
17 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُظَاهِرَ إِذَا وَطِئَ مَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا فِي النَّهَارِ عَامِدًا، فَإِنَّ فِعْلَهُ هَذَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَأَمَّا إِذَا وَطِئَهَا فِي اللَّيْل عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا، أَوْ وَطِئَهَا فِي النَّهَارِ نَاسِيًا، فَفِيهِ الْخِلاَفُ.
فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ الْمُظَاهِرَ إِذَا جَامَعَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا بِاللَّيْل عَامِدًا أَوْ بِالنَّهَارِ نَاسِيًا، فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ؛ لأَِنَّ الشَّرْطَ فِي الصَّوْمِ أَنْ يَكُونَ خَالِيًا مِنَ الْمَسِيسِ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ: إِنَّ التَّتَابُعَ لاَ يَقْطَعُ بِذَلِكَ إِذْ لاَ يَفْسُدُ بِهِ الصَّوْمُ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمَسِيسِ شَرْطًا، فَإِنَّ فِيمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ تَقْدِيمَ الْبَعْضِ، وَفِيمَا قُلْتُمْ تَأْخِيرُ الْكُل عَنْهُ. (43)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ وَطْءَ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَ بِاللَّيْل أَمْ بِالنَّهَارِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا أَوْ نَاسِيًا أَمْ جَاهِلاً أَمْ غَالِطًا، أَوْ بِعُذْرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ كَسَفَرٍ، (44) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} . (45)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ وَطْأَهُ بِاللَّيْل لاَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَيُعْتَبَرُ عَاصِيًا. (46)
هَذَا، وَوَطْءُ غَيْرِ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا فِي النَّهَارِ عَامِدًا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ وَطِئَهَا بِاللَّيْل عَامِدًا، أَوْ نَاسِيًا، أَوْ بِالنَّهَارِ نَاسِيًا فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ.
وَمِثْل ذَلِكَ مَا لَوْ وَطِئَهَا بِسَبَبِ عُذْرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَابِلَةُ. (47)
ط - قَضَاءُ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ بِهِ التَّتَابُعُ:
18 - قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ تَتَابُعَ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ يَقْطَعُهُ تَأْخِيرُ قَضَاءِ الأَْيَّامِ الَّتِي أَفْطَرَهَا فِي صِيَامِهِ، وَاَلَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَهَا مُتَّصِلَةً بِصِيَامِهِ، فَإِنْ أَخَّرَ قَضَاءَهَا انْقَطَعَ تَتَابُعُ الصَّوْمِ. وَشَبَّهُوا ذَلِكَ بِمَنْ نَسِيَ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْل، ثُمَّ تَذَكَّرَهُ أَثْنَاءَهُ فَلَمْ يَغْسِلْهُ، أَيْ لَمْ يَأْتِ بِهِ حِينَ تَذَكُّرِهِ فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ الطَّهَارَةَ، نَسِيَ ذَلِكَ أَمْ تَعَمَّدَهُ. بِخِلاَفِ نِسْيَانِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ تَذَكُّرِهَا قَبْل الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ لاَ يُؤَثِّرُ لِخِفَّتِهَا. (48) وَلَمْ نَجِدْ لِغَيْرِ الْمَالِكِيَّةِ تَصْرِيحًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير مادة: " تبع ".
(2) سورة المائدة / 89.
(3) ابن عابدين 3 / 60 - 62، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 2 / 142، والمغني لابن قدامة 8 / 734، 752.
(4) الشرح الكبير 2 / 132 - 133، والمدونة الكبرى للإمام مالك 2 / 122.
(5) سورة المجادلة / 3، 4.
(6) الاختيار شرح المختار 2 / 223 - 225 ط مصطفى الحلبي 1936 م.
(7) الشرح الكبير 2 / 447، 450 - 451.
(8) المغني لابن قدامة 7 / 359 - 365، 367، م الرياض الحديثة.
(9) المهذب في فقه الإمام الشافعي 2 / 116 - 118.
(10) حديث: " أن رجلا أفطر في رمضان. . " أخرجه مسلم (2 / 783 - ط الحلبي) .
(11) ابن عابدين 2 / 109، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 191، والمغني لابن قدامة 3 / 127 - 128، والشرح الكبير 1 / 530 وحديث أبي هريرة: " بينما نحن جلوس. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 163 ط السلفية) ، ومسلم (2 / 781 - 782 ط الحلبي) واللفظ للبخاري.
(12) سورة النساء / 92.
(13) ابن عابدين 5 / 368، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 2 / 218، وجواهر الإكليل 2 / 272، والمغني لابن قدامة 8 / 97.
(14) ابن عابدين 3 / 71، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 252، وجواهر الإكليل 1 / 148، والتاج والإكليل بهامش الحطاب 2 / 451، ومطالب أولي النهى 6 / 431، والمغني لابن قدامة 9 / 27 ط الرياض.
(15) فتح القدير 2 / 114 - 115 ط صادر.
(16) الخرشي على مختصر خليل 2 / 271 - 272.
(17) حديث: " من نذر وسمى فعليه الوفاء بما سمى " أورده الزيلعي في نصب الراية (3 / 300 - ط دار المأمون بمصر) . وقال: غريب.
(18) المهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 198.
(19) كشاف القناع عن متن الإقناع 2 / 349 م النصر الحديثة.
(20) المغني لابن قدامة 3 / 212.
(21) فتح القدير مع العناية 3 / 240 ط. الأميرية، والفتاوى الهندية 1 / 512 ط المكتبة الإسلامية.
(22) العناية بهامش فتح القدير 3 / 239 ط. الأميرية.
(23) جواهر الإكليل 1 / 377 ط. دار المعرفة، والخرشي 4 / 118 ط دار صادر.
(24) جواهر الإكليل 1 / 377 ط. دار المعرفة، والدسوقي 2 / 451.
(25) روضة الطالبين 8 / 353 ط. المكتب الإسلامي.
(26) حديث: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " أخرجه الحاكم (2 / 198 - ط دائرة المعارف العثمانية) وحسنه النووي كما في المقاصد الحسنة للسخاوي (ص 230 - نشر دار الكتب العلمية) .
(27) كشاف القناع 5 / 384 ط. النصر، والإنصاف 9 / 226 ط التراث.
(28) تبيين الحقائق 3 / 10 ط. دار المعرفة، وجواهر الإكليل 1 / 377 ط. دار المعرفة، وروضة الطالبين 8 / 302 ط المكتب الإسلامي، وحاشية قليوبي 4 / 26 ط. الحلبي، وكشاف القناع 5 / 384 ط النصر.
(29) تبيين الحقائق 3 / 10 ط. دار المعرفة، والمهذب 2 / 142 - 143 ط. دار المعرفة.
(30) روضة الطالبين 8 / 304 ط. المكتب الإسلامي.
(31) تبيين الحقائق 3 / 10 ط دار المعرفة، والزرقاني 4 / 81 ط. الفكر، وروضة الطالبين 8 / 302 ط. المكتب الإسلامي، وكشاف القناع 5 / 384 ط. النصر.
(32) تبيين الحقائق 3 / 10 ط. دار المعرفة، وفتح القدير 3 / 239 ط الأميرية، وروضة الطالبين 8 / 303 المكتب الإسلامي.
(33) الخرشي 4 / 118 ط. دار صادر، وجواهر الإكليل 1 / 377 - 378 ط. دار المعرفة.
(34) كشاف القناع 5 / 384 ط. النصر، والإنصاف 9 / 224 ط. التراث.
(35) فتح القدير مع العناية 3 / 240 ط. الأميرية، والفتاوى الهندية 1 / 512 ط. المكتبة الإسلامية، والخرشي 4 / 118 ط. دار صادر. وجواهر الإكليل 1 / 377 ط. دار المعرفة.
(36) روضة الطالبين 8 / 302 ط المكتب الإسلامي.
(37) كشاف القناع 5 / 384 ط النصر.
(38) روضة الطالبين 8 / 302. المكتب الإسلامي، ومغني المحتاج 3 / 365 ط. الحلبي. وكشاف القناع 5 / 384 ط النصر.
(39) فتح القدير مع العناية 7 / 240 ط. الأميرية، والخرشي 4 / 118 ط. دار صادر، وجواهر الإكليل 1 / 377 ط. دار المعرفة.
(40) فتح القدير مع العناية 2 / 240 ط الأميرية، وروضة الطالبين 8 / 302 ط. المكتب الإسلامي.
(41) نهاية المحتاج 7 / 95 ط. المكتبة الإسلامية، وكشاف القناع 5 / 374 ط. النصر.
(42) روضة الطالب 8 / 302 - 303 ط المكتب الإسلامي، ومغني المحتاج 3 / 365 ط. الحلبي.
(43) تبيين الحقائق 3 / 10 ط دار المعرفة، وفتح القدير 3 / 239 - 240 ط. الأميرية، وحاشية ابن عابدين 2 / 582 ط المصرية.
(44) الخرشي 4 / 117 - 118 ط. دار صادر " وكشاف القناع 5 / 384 ط النصر.
(45) سورة المجادلة / 3.
(46) روضة الطالبين 8 / 302 ط. المكتب الإسلامي، ومغني المحتاج 3 / 366 ط. الحلبي.
(47) العناية 3 / 239 ط الأميرية، والخرشي 4 / 117 - 118 ط دار صادر، وكشاف القناع 5 / 384 ط النصر.
(48) الخرشي 4 / 119 ط. دار صادر، وجواهر الإكليل 1 / 378 ط. دار المعرفة.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 127/ 10