البحث

عبارات مقترحة:

الودود

كلمة (الودود) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ وهو...

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

اللطيف

كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...

تَعْيِينٌ


من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف اللغوي

التَّعْيِينُ: مَصْدَرُ عَيَّنَ، ومعناه: التَّخْصِيصُ لِلشَّيْءِ مِن بَيْنِ أمثالِهِ، يُقال: عَيَّنْتُ الشَّيْءَ تَعْيِيناً: إذا خَصَّصْتَهُ مِن بين أمثالِهِ، ويُقال: أَتَيْتُ فلاناً فما عَيَّنَ لي بِشَيْءٍ وما عَيَّنَنِي بِشَيءٍ، أي: ما أَعْطانِي شَيْئاً. وتَعَيَّنَ عليه الشَّيْءُ: إذا لَزِمَهُ بِعَيْنِهِ، وعَيْنُ الشَّيْءِ: نفْسُه وذاتُهُ.

إطلاقات المصطلح

يَرِد مُصطَلح (تَعْيِين) في الفقه في عدَّة مواطِن، منها: كتاب الصِّيام، باب: شروط الصِّيام، ويُراد به: تخصِيص النِّيَّةِ في كُلِّ صَوْمٍ واجِبٍ مِن رَمَضانَ أو قَضاءٍ أو كَفَّارَةٍ أو نَذْرٍ. ويَرِد في كتاب البيوع، باب: الخيار في البيع، عند الكلام على خِيار التَّعْيِين، ويُراد به: أن يَشْتَرِيَ أحَدَ الشَّيْئَيْنِ على أن يَتِمَّ تَعْيِينُ المَعقُودِ عليه مِنهُما فيما بَعْد. ويَرد في باب: السَّلم أيضاً، ويُراد به: تَعْيِينِ الأَجَلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسَلَّمِ فِيهِ في بَيْعِ السَّلَمِ إذا كان مُؤَجَّلاً، وتَعْيِين مَكانِ التَّسلِيمِ. ويَرِد أيضاً في باب: شروط البيع عند الكلام على تَعْيِين المَبِيعِ والثَّمَنِ. وفي باب: الوَكالَةِ، كأن يقول البائع لِمَن وكَّلَه: بِعْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، فعليه أن يَتَقَيَّدَ بهذا التَّعْيِينِ. وفي باب: الإجارة عند الكلام على حُكمِ تَعْيِينِ نَوْعِ المَنْفَعَةِ فِي الإجارَةِ وتَعْيِينِ المُدَّةِ فِيها. كما يَرِد في كتاب الطّلاق، باب: أحكام الطّلاق، كأن يقول رَجُلٌ لِزَوْجَتَيْهِ: إِحْداكُما طالِقٌ، ونَوَى واحِدَةً بِعَيْنِها طَلُقَتْ، ويَلْزَمُهُ التَّعْيِينُ. وفي كتاب القضاء، باب: الدَّعاوى والبيِّنات، عند الكلام على شروط الدَّعوى، ومنها: أن يكون المُدَّعَى بِه مَعْلُوماً مُعَيَّناً؛ لِيَتَمَكَّنَ الحاكِمُ مِن الإِلْزامِ بِه إذا ثَبَتَ. ويُطلَق عند الأصوليين، باب: الأحكام الشَّرعِيَّة في مُقابَلَة التَّخْيِيرِ.

جذر الكلمة

عين

المراجع

* تهذيب اللغة : (3/130)
* مقاييس اللغة : (4/199)
* مختار الصحاح : (ص 323)
* لسان العرب : (13/309)
* تاج العروس : (35/463)
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (1/127)
* جواهر الإكليل : (1/46)
* مغني الـمحتاج فـي شرح الـمنهاج : (1/148)
* الـمغني لابن قدامة : (1/464)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 102)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 137)
* المستصفى : (1/27)
* التعريفات للجرجاني : (ص 102)
* دستور العلماء : (2/67)
* القاموس الفقهي : (ص 125)
* التعريفات الفقهية : (ص 90)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (13/40) -

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - التَّعْيِينُ: مَصْدَرُ عَيَّنَ. تَقُول: عَيَّنْتُ الشَّيْءَ تَعْيِينًا: إِذَا خَصَّصْتُهُ مِنْ بَيْنِ أَمْثَالِهِ. وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ: إِذَا لَزِمَهُ بِعَيْنِهِ قَال الْجَوْهَرِيُّ: تَعْيِينُ الشَّيْءِ تَخْصِيصُهُ مِنَ الْجُمْلَةِ. وَعَيَّنْتُ النِّيَّةَ فِي الصَّوْمِ إِذَا نَوَيْتُ صَوْمًا مُعَيَّنًا (1) . وَالتَّعْيِينُ فِي الاِصْطِلاَحِ: جَعْل الشَّيْءِ مُتَمَيِّزًا عَنْ غَيْرِهِ، بِحَيْثُ لاَ يُشَارِكُهُ سِوَاهُ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الإِْبْهَامُ:
2 - الإِْبْهَامُ مَصْدَرُ أَبْهَمَ الْخَبَرَ إِذَا لَمْ يَتَبَيَّنْهُ. وَطَرِيقٌ مُبْهَمٌ إِذَا كَانَ خَفِيًّا لاَ يَسْتَبِينُ وَكَلاَمٌ مُبْهَمٌ لاَ يُعْرَفُ لَهُ وَجْهٌ يُؤْتَى مِنْهُ. وَبَابٌ مُبْهَمٌ مُغْلَقٌ لاَ يُهْتَدَى لِفَتْحِهِ، فَهُوَ ضِدُّ التَّعْيِينِ (2) . ب - التَّخْيِيرُ:
3 - التَّخْيِيرُ: مَصْدَرُ خَيَّرْتُهُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ أَيْ فَوَّضْتُ إِلَيْهِ الاِخْتِيَارَ. وَالتَّخَيُّرُ الاِصْطِفَاءُ، وَهُوَ طَلَبُ خَيْرِ الأَْمْرَيْنِ (3) وَفِي الْحَدِيثِ: تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ (4) .

ج - التَّخْصِيصُ:
4 - التَّخْصِيصُ قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ.

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
أَوَّلاً: التَّعْيِينُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:
5 - تَرِدُ كَلِمَةُ التَّعْيِينِ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ فِي مُقَابَلَةِ التَّخْيِيرِ، وَذَلِكَ فِي بَابِ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ. قَالُوا: الْوَاجِبُ يَنْقَسِمُ إِلَى مُعَيَّنٍ كَصَلاَةِ الظُّهْرِ مَثَلاً، وَإِلَى مُبْهَمٍ بَيْنَ أَقْسَامٍ مَحْصُورَةٍ كَخِصَال كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، فَإِنَّ الْحَالِفَ يُخَيَّرُ عِنْدَ حِنْثِهِ بَيْنَ ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ، إِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، أَوْ كِسْوَتِهِمْ، أَوْ تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ. وَأَنْكَرَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرَ، وَقَالُوا: لاَ مَعْنَى لِلإِْيجَابِ مَعَ التَّخْيِيرِ (5) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل الْقَوْل فِي ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ. وَفِي بَحْثِ (تَخْيِيرٌ) .

ثَانِيًا: التَّعْيِينُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:
6 - تَعَرَّضَ الْفُقَهَاءُ لِحُكْمِ التَّعْيِينِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا:

أ - فِي الصَّلاَةِ:
7 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي أَنْ يُعَيِّنَ فِي نِيَّتِهِ الصَّلاَةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا، لِتَمْتَازَ عَنْ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ. وَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الصَّلاَةُ فَرْضًا اتِّفَاقًا، فَيَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الصَّلاَةِ بِعَيْنِهَا ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا أَوْ مَغْرِبًا أَوْ غَيْرَهَا.
أَمَّا السُّنَنُ ذَوَاتُ الْوَقْتِ أَوِ السَّبَبِ، فَفِي وُجُوبِ تَعْيِينِهَا فِي النِّيَّةِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (نِيَّةٌ، صَلاَةٌ) (6)
8 - وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ الاِقْتِدَاءَ بِالإِْمَامِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَيِّنَ الإِْمَامَ. وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا عَيَّنَهُ وَأَخْطَأَ فِي تَعْيِينِهِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ.
وَلَيْسَ عَلَى الإِْمَامِ أَنْ يُعَيِّنَ الْمَأْمُومَ، فَإِذَا عَيَّنَهُ وَأَخْطَأَ فِي تَعْيِينِهِ فَلاَ تَبْطُل صَلاَتُهُ (7) . ب - فِي الصَّوْمِ:
9 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى وُجُوبِ تَعْيِينِ النِّيَّةِ فِي كُل صَوْمٍ وَاجِبٍ، مِنْ رَمَضَانَ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ. وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْوِيَ أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا عَنْ رَمَضَانَ مَثَلاً؛ لأَِنَّهُ عِبَادَةٌ مُضَافَةٌ إِلَى وَقْتٍ، فَوَجَبَ التَّعْيِينُ فِي نِيَّتِهَا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّهُ يَكْفِي مُطْلَقُ النِّيَّةِ فِي رَمَضَانَ كَالنَّفْل؛ لأَِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى التَّعْيِينِ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ، وَلاَ مُزَاحَمَةَ؛ لأَِنَّ الْوَقْتَ لاَ يَحْتَمِل إِلاَّ صَوْمًا وَاحِدًا، فَلاَ حَاجَةَ إِلَى التَّمَيُّزِ بِتَعْيِينِ النِّيَّةِ.
أَمَّا صِيَامُ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ فَقَوْل الْحَنَفِيَّةِ فِي تَعْيِينِ النِّيَّةِ فِيهِ كَقَوْل الْجُمْهُورِ فِي وُجُوبِ التَّعْيِينِ (8) .

ج - فِي الْبَيْعِ:
10 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ - وَفِي الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ أَوْ نَقْدَانِ فَأَكْثَرُ، وَلَكِنَّ أَحَدَهَا غَالِبٌ - تَعَيَّنَ الْوَاحِدُ أَوِ الْغَالِبُ. وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ فَأَكْثَرُ، وَلَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهَا، اشْتُرِطَ التَّعْيِينُ لَفْظًا، لاِخْتِلاَفِ الْوَاجِبِ بِاخْتِلاَفِ النُّقُودِ، وَلاَ يَكْفِي التَّعَلُّمُ بِالنِّيَّةِ. أَمَّا إِذَا اتَّفَقَتِ النُّقُودُ بِأَنْ لاَ تَتَفَاوَتَ فِي الْقِيمَةِ وَلاَ غَلَبَةَ، فَإِنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، وَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي أَيَّهَا شَاءَ (9) .
وَذَهَبُوا أَيْضًا إِلَى وُجُوبِ تَعْيِينِ الأَْجَل بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي بَيْعِ السَّلَمِ إِذَا كَانَ مُؤَجَّلاً، لِقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ (10) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ نَعْلَمُ فِي اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ فِي الْجُمْلَةِ اخْتِلاَفًا (11) .
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى وُجُوبِ تَعْيِينِ مَكَانِ الإِْيفَاءِ أَيْضًا، إِنْ كَانَ الْعَقْدُ بِمَوْضِعٍ لاَ يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ، سَوَاءٌ أَكَانَ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلاً أَوْ يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ، وَلَكِنْ لِحَمْلِهِ مَئُونَةٌ، وَهَذَا فِي الْمُؤَجَّل دُونَ الْحَال.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَكَانُ صَالِحًا لِلإِْيفَاءِ، وَلَيْسَ فِي حَمْلِهِ مَئُونَةٌ، فَلاَ يَجِبُ تَعَلُّمُ مَكَانٍ لِلإِْيفَاءِ، بَل يَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ عُرْفًا بِلاَ خِلاَفٍ.
وَذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو يُوسُفَ، وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى: عَدَمِ وُجُوبِ تَعْيِينِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي حَمْلِهِ مَئُونَةٌ أَمْ لاَ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مُؤَجَّلاً أَمْ حَالًّا؛ لأَِنَّ مَكَانَ الْعَقْدِ هُوَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الْمُتَعَاقِدَانِ مَكَانًا لِلتَّسْلِيمِ غَيْرَ مَكَانِ الْعَقْدِ تَعَيَّنَ (12) .

د - تَعْيِينُ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ:
11 - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ مَعْلُومِيَّةُ الْمَبِيعِ. وَمَعْلُومِيَّةُ الثَّمَنِ بِمَا يَرْفَعُ الْمُنَازَعَةَ، فَلاَ يَصِحُّ - فِي جَانِبِ الْمَبِيعِ - بَيْعُ شَاةٍ مِنْ هَذَا الْقَطِيعِ، وَلاَ يَصِحُّ - فِي جَانِبِ الثَّمَنِ - بَيْعُ الشَّيْءِ بِقِيمَتِهِ، أَوْ بِحُكْمِ فُلاَنٍ، أَوْ بِرَأْسِ مَالِهِ، أَوْ بِمَا يَبِيعُ بِهِ النَّاسُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا لاَ يَتَفَاوَتُ، لِئَلاَّ يُفْضِيَ ذَلِكَ إِلَى النِّزَاعِ. إِلاَّ أَنَّ بَعْضَ عُلَمَاءِ الْحَنَابِلَةِ يَرَوْنَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْل.
وَيَعُدُّ الْحَنَفِيَّةُ هَذَا الْبَيْعَ مِنَ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ الَّتِي يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا فِي الْمَجْلِسِ، بِخِلاَفِ الْجَهَالَةِ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ، فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بُطْلاَنُ الْعَقْدِ (13) .
هَذَا، وَهَل الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ أَمْ لاَ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، لأَِنَّهُ عِوَضٌ فِي عَقْدٍ، فَيَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، كَسَائِرِ الأَْعْوَاضِ. وَلأَِنَّهُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فَيَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالآْخَرِ. وَلأَِنَّ لِلْبَائِعِ غَرَضًا فِي هَذَا التَّعْيِينِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا لاَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ لأَِنَّهُ يَجُوزُ إِطْلاَقُهَا فِي الْعَقْدِ، فَلاَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِيهِ كَالْمِكْيَال. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ ﵀ (14) .

هـ - خِيَارُ التَّعْيِينِ:
12 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى صِحَّةِ خِيَارِ التَّعْيِينِ فِي الْبَيْعِ.
وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُول الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: اشْتَرَيْتُ مِنْكَ أَحَدَ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ أَوْ أَحَدَ هَذِهِ الأَْثْوَابِ الثَّلاَثَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، عَلَى أَنْ يَخْتَارَ أَيَّهَا شَاءَ. وَذَكَرُوا لَهُ عِدَّةَ شُرُوطٍ مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ فِيهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ لاَ بِعَيْنِهِ، فَلاَ يَزِيدُ عَنْ ثَلاَثَةٍ، فَلاَ يَجُوزُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ، فَإِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ غَيْرُ جَائِزَةٍ عِنْدَهُمْ، لاِنْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِالثَّلاَثَةِ، لِوُجُودِ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ وَوَسَطٍ. وَمِنْهَا: أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَقُول بَعْدَ قَوْلِهِ: بِعْتُكَ أَحَدَ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ مَثَلاً: عَلَى أَنَّكَ بِالْخِيَارِ فِي أَيِّهِمَا شِئْتَ أَوْ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ أَيَّهُمَا شِئْتَ، لِيَكُونَ نَصًّا فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ، وَلأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ. وَاخْتَلَفُوا هَل يُشْتَرَطُ مَعَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ أَمْ لاَ؟ وَالأَْصَحُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ مَعَهُ، وَقَال بَعْضُهُمْ: يُشْتَرَطُ ذَلِكَ.
وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ هَذِهِ الصُّورَةَ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا خِيَارَ التَّعْيِينِ بِالاِسْمِ إِلاَّ أَنَّهُمْ أَجَازُوهَا.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْبَيْعَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بَاطِلٌ، لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ جَهَالَةً تُفْضِي إِلَى التَّنَازُعِ (15) .

و التَّعْيِينُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ:
13 - لاَ يَجُوزُ تَعْيِينُ الْمُسْلَمِ فِيهِ، بَل يَجِبُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَ فِي عَيْنٍ كَدَارٍ، أَوْ قَال: أَسْلَمْتُ إِلَيْكَ هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذِهِ الشَّاةِ لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ، لأَِنَّهُ رُبَّمَا تَلِفَ الْمُعَيَّنُ قَبْل أَوَانِ تَسْلِيمِهِ، وَلأَِنَّ الْمُعَيَّنَ يُمْكِنُ بَيْعُهُ فِي الْحَال، فَلاَ حَاجَةَ إِلَى السَّلَمِ فِيهِ، حَيْثُ إِنَّ السَّلَمَ بَيْعُ الْمَفَالِيسِ.
وَلِذَلِكَ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِي ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ، وَلاَ ثَمَرَةِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ بِعَيْنِهَا؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ بِجَائِحَةٍ وَنَحْوِهَا فَلاَ يَحْصُل مِنْهُ شَيْءٌ، وَذَلِكَ غَرَرٌ لاَ حَاجَةَ إِلَيْهِ، وَلأَِنَّهُ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ ﵁ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: إِنَّ بَنِي فُلاَنٍ أَسْلَمُوا لِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ وَإِنَّهُمْ قَدْ جَاعُوا. فَأَخَافُ أَنْ يَرْتَدُّوا. فَقَال النَّبِيُّ ﷺ مَنْ عِنْدَهُ؟ فَقَال رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ: عِنْدِي كَذَا وَكَذَا لِشَيْءٍ قَدْ سَمَّاهُ أَرَاهُ قَال: ثَلاَثُمِائَةِ دِينَارٍ بِسِعْرِ كَذَا وَكَذَا مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلاَنٍ. فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: بِسِعْرِ كَذَا وَكَذَا إِلَى أَجَل كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَ مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلاَنٍ (16) .
قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: إِبْطَال السَّلَمِ إِذَا أُسْلِمَ فِي ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ كَالإِْجْمَاعِ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ. وَقَال الْجُوزَجَانِيُّ: أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى كَرَاهَةِ هَذَا الْبَيْعِ (17) .

ز - فِي الْوَكَالَةِ:
14 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا قَال الْمُوَكِّل لِلْوَكِيل: بِعْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ لِغَيْرِهِ، بَل عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِهَذَا التَّعْيِينِ؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَمْلِيكِهِ إِيَّاهُ دُونَ غَيْرِهِ.
وَكَذَلِكَ إِذَا قَال: بِعْ هَذَا الشَّيْءَ فِي الزَّمَنِ الْفُلاَنِيِّ أَوْ فِي الْمَكَانِ الْفُلاَنِيِّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِهَذَا التَّعْيِينِ، إِلاَّ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لاَ غَرَضَ لِلْمُوَكِّل فِي هَذَا التَّعْيِينِ، فَلاَ يَجِبُ التَّقَيُّدُ بِهِ (18) .

ح - فِي الإِْجَارَةِ:
15 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى وُجُوبِ تَعْيِينِ نَوْعِ الْمَنْفَعَةِ فِي الإِْجَارَةِ وَتَعْيِينِ الْمُدَّةِ فِيهَا. وَذَلِكَ إِمَّا بِغَايَتِهَا كَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ مَثَلاً، وَإِمَّا بِضَرْبِ الأَْجَل إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا غَايَةٌ كَكِرَاءِ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ، وَإِمَّا بِالْمَكَانِ الْمُرَادِ الْوُصُول إِلَيْهِ كَكِرَاءِ الرَّوَاحِل إِلَى الْمَكَانِ الْفُلاَنِيِّ.
وَيَرَى بَعْضُ فُقَهَاءِ السَّلَفِ جَوَازَ إِجَارَةِ الْمَجْهُولاَتِ، مِثْل أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُل حِمَارَهُ لِمَنْ يَحْتَطِبُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَا يَعُودُ عَلَيْهِ (19) . وَالتَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (إِجَارَةٌ) .

ط - فِي الطَّلاَقِ:
16 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ قَال رَجُلٌ لِزَوْجَتَيْهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ، وَنَوَى وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا طَلُقَتْ، وَيَلْزَمُهُ التَّعْيِينُ (20) . وَالتَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (طَلاَقٌ) . ي - فِي الدَّعْوَى:
17 - مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مَعْلُومًا مُعَيَّنًا، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا كَحَيَوَانٍ اشْتُرِطَ تَعْيِينُ الذُّكُورَةِ وَالأُْنُوثَةِ وَالسِّنِّ وَاللَّوْنِ وَالنَّوْعِ، وَإِنْ كَانَ نَقْدًا اشْتُرِطَ تَعْيِينُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ وَالْوَصْفِ؛ لِيَتَمَكَّنَ الْحَاكِمُ مِنَ الإِْلْزَامِ بِهِ إِذَا ثَبَتَ (21) .
وَالتَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ (دَعْوَى)
__________
(1) لسان العرب والمصباح المنير مادة: " عين ".
(2) لسان العرب والمصباح المنير مادة: " بهم ".
(3) لسان العرب والمصباح المنير مادة: " خير ".
(4) حديث: " تخيروا لنطفكم. . . " أخرجه ابن ماجه (1 / 633 ط الحلبي) من حديث عائشة ﵂، وحسنه ابن حجر لطرقه، (التلخيص الحبير 3 / 146 ط شركة الطباعة الفنية) .
(5) المستصفى 1 / 27.
(6) البدائع 1 / 127، وجواهر الإكليل 1 / 46، 47، والقوانين الفقهية ص 62، ومغني المحتاج 1 / 148، المغني لابن قدامة 1 / 464، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 14.
(7) البدائع 1 / 128، 129، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 337، ومغني المحتاج 1 / 252.
(8) البدائع 2 / 84، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 520، والقوانين الفقهية ص 122. ومغني المحتاج 1 / 424 ـ 425، والمغني لابن قدامة 3 / 94.
(9) حاشية ابن عابدين 4 / 26، ومواهب الجليل 4 / 278، مغني المحتاج 2 / 17، وكشف المخدرات ص 215.
(10) حديث: " من أسلف في شيء فليسلف في كيل. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 429 ط السلفية) ومسلم (3 / 12227 ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عباس ﵄ واللفظ للبخاري.
(11) البدائع 5 / 212، وتحفة المحتاج 5 / 10، جواهر الإكليل 2 / 69، والمغني 4 / 322.
(12) البدائع 5 / 213، وجواهر الإكليل2 / 69، والقوانين الفقهية 275، ومغني المحتاج 2 / 104.
(13) البدائع 5 / 156، وابن عابدين 4 / 6، ومواهب الجليل 4 / 276، والقوانين الفقهية ص 261، ومغني المحتاج 2 / 16، والفروع 4 / 30، وكشاف القناع 3 / 172.
(14) الفتاوى الهندية 3 / 12، وشرح فتح القدير 5 / 468، والدسوقي 3 / 155، وروضة الطالبين 3 / 363، والفروع 4 / 30، والمغني لابن قدامة 4 / 50.
(15) حاشية ابن عابدين 4 / 58، وجواهر الإكليل 2 / 39، ونهاية المحتاج 4 / 251، والمغني لابن قدامة 3 / 586.
(16) حديث عبد الله بن سلام ﵁: جاء رجل إلى النبي ﷺ. . . . " أخرجه ابن ماجه (2 / 766 ط الحلبي) وقال البوصيري في الزوائد: في إسناده الوليد بن مسلم، وهو مدلس.
(17) البدائع 5 / 211، والقوانين الفقهية ص 274، ومغني المحتاج 2 / 104، والمغني لابن قدامة 4 / 325.
(18) مغني المحتاج 2 / 227، والمغني لابن قدامة 5 / 131، والبدائع 6 / 27.
(19) مغني المحتاج 2 / 339، والمغني لابن قدامة 5 / 435، والقوانين الفقهية 279، وبداية المجتهد 2 / 247.
(20) مغني المحتاج 3 / 305، والمغني لابن قدامة 7 / 252، وجواهر الإكليل 1 / 355، وحاشية ابن عابدين 2 / 458.
(21) حاشية ابن عابدين 4 / 420، وجواهر الإكليل 2 / 226، مغني المحتاج 4 / 464، وكشف المخدرات 510.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 40/ 13