الأحد
كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...
جَمْعُ مُقَدِّمَةٍ، وَالْمُقَدِّمَةُ: أَوَّلُ كُلِّ شَيْءٍ وَبِدَايَتُهُ، مِنْ ذَلِكَ مُقَدِّمَةُ الجَيْشِ وَهُوَ أَوَّلُهُ الذِي يَسِيرُ أَمَامَهُ، ومِثْلُ: مُقَدِّمَاتُ الجِمَاعِ مِنْ كَلَامٍ وقُبْلَةٍ ومُدَاعَبَةٍ ومُبَاشَرَةٍ، ونَحْوِ ذَلِكَ، وَضِدُّ المُقَدِّمَةِ: المُؤَخِّرَةُ، وَتُطْلَقُ المُقَدِّمَةُ عَلَى أَسَاسِ الشَّيْءِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، وَأَصْلُ المُقَدِّمَةِ مِنَ التَّقَدُّمِ وَهُوَ السَّبْقُ، يُقَالُ: تَقَدَّمَ يَتَقَدَّمُ تَقَدُّمًا أَيْ سَبَقَ غَيْرَهُ، وَشَيْءٌ قَدِيمٌ أَيْ سَابِقٌ، وَالتَّقْدِيمُ: جَعْلُ الشَّيْءِ سَابِقًا لِغَيْرِهِ.
يَذْكُرُ الفُقَهَاءُ مُصْطَلَحَ (المُقَدِّمَاتِ) فِي مَوَاطِنَ عَدِيدَةٍ مِنْهَا: كِتَابُ الطَّهارةِ، بابُ نواقضِ الوضوءِ، وكتابُ الحجِّ، بابُ محظوراتِ الإحرامِ، وكتابُ الصِّيَامِ فِي بَابِ مُفْسِداتِ الصَّوْمِ، وكتابُ الجهادِ، في أحكامِ القتالِ، وَكِتَابُ النِّكاحِ فِي بَابِ أَحْكَامِ الرَّجْعَةِ، وَغَيْرُهَا. وَيُسْتَعْمَلُ لَفْظُ (المُقَدِّمَاتِ) وَيُرادُ بِهِ: (مَا يتَوَقَّفُ عَلَيْهَا المَبَاحِثُ الآتِيَةِ المَقْصُودَةِ فِي كُلِّ عِلْمٍ)، وَمُقَدِّمَةُ كُلِّ عِلْمٍ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ذَلِك العِلْمُ.
قَدُمَ
* الصحاح : 2007/5 - المحكم والمحيط الأعظم : 324/6 - تاج العروس : 241/33 - الصحاح : 5 /2007 - التعريفات للجرجاني : ص225 - الكليات : ص870 - معجم مقاليد العلوم في التعريفات والرسوم : 1 /33 -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمُقَدِّمَاتُ لُغَةً: جَمْعُ مُقَدِّمَةٍ، وَالْمُقَدِّمَةُ بِكَسْرِ الدَّال الْمُشَدَّدَةِ مِنْ كُل شَيْءٍ أَوَّلُهُ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُقَدِّمَاتِ:
تَتَعَلَّقُ بِالْمُقَدِّمَاتِ أَحْكَامٌ فِقْهِيَّةٌ وَأُصُولِيَّةٌ، لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ فَصَّلُوا أَحْكَامَ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا، وَعُنِيَ الأُْصُولِيُّونَ بِجَانِبٍ آخَرَ مِنَ الْمُقَدِّمَاتِ.
مُقَدِّمَةُ الْوَاجِبِ الْمُطْلَقِ
2 - مُقَدِّمَةُ الْوَاجِبِ الْمُطْلَقِ أَيِ الْوَاجِبِ الَّذِي وُجُوبُهُ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ وَاجِبٌ مُطْلَقًا أَيْ سَبَبًا كَانَ أَوْ شَرْطًا كَالْوُضُوءِ أَوْ عَقْلاً كَتَرْكِ الضِّدِّ وَعَادَةً كَغَسْل جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ لِغَسْل الْوَجْهِ، وَقِيل الْوُجُوبُ فِي السَّبَبِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمُقَدِّمَاتِ وَقِيل فِي الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ فَقَطْ، وَقِيل لاَ وُجُوبَ لِشَيْءٍ مِنَ الْمُقَدِّمَاتِ مُطْلَقًا (3) .
وَانْظُرْ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
مُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ
3 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الدَّمُ عَلَى مَنْ فَعَل شَيْئًا مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ كَاللَّمْسِ بِشَهْوَةِ وَالتَّقْبِيل وَالْمُبَاشَرَةِ بِغَيْرِ جِمَاعٍ سَوَاءٌ أَنْزَل مَنِيًّا أَوْ لَمْ يُنْزِل وَلاَ يَفْسُدُ حَجُّهُ اتِّفَاقًا.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَنْزَل بِمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ مَنِيًّا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْجِمَاعِ فِي إِفْسَادِ الْحَجِّ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُجَامِعِ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِل فَلْيُهْدِ بَدَنَةً.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَامٌ ف 176) .
مُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ فِي الصِّيَامِ
4 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ مِنْ تَقْبِيلٍ وَلَمْسٍ - وَلَوْ كَانَ بِقَصْدِ اللَّذَّةِ - لاَ يُفَطِّرُ الصَّائِمَ مَا لَمْ تُسَبِّبِ الإِْنْزَال. أَمَّا إِذَا قَبَّل وَأَنْزَل بَطَل صَوْمُهُ اتِّفَاقًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
وَانْظُرْ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صَوْمٌ ف 83، وَتَقْبِيلٌ ف 17) . مُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ فِي الرَّجْعَةِ
5 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ مِنَ اللَّمْسِ وَالتَّقْبِيل بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَبِغَيْرِ نِيَّةِ الرَّجْعَةِ لاَ يُعْتَبَرُ رَجْعَةً.
وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا كَانَ اللَّمْسُ وَالتَّقْبِيل وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةِ.
فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْجِمَاعَ وَمُقَدِّمَاتِهِ تَصِحُّ بِهِمَا الرَّجْعَةُ، فَلَوْ وَطِئَهَا أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةِ، أَوْ نَظَرَ إِلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةِ، أَوْ قَبَّلَهَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ، وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ النِّيَّةَ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ بِوَطْءِ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ، وَسَوَاءٌ نَوَى الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِهَا.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ بِمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ، وَقَالُوا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِالْوَطْءِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ نَوَى الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِهَا وَانْظُرْ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (رَجْعَةٌ ف 13 وَمَا بَعْدَهَا، وَمُصْطَلَحِ تَقْبِيلٌ ف 20، وَلَمْسٌ ف 12) .
مُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ فِي الظِّهَارِ
6 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَأَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ وَأَحْمَدُ فِيإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ إِلَى حُرْمَةِ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ وَدَوَاعِيهِ مِنْ تَقْبِيلٍ أَوْ لَمْسٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ قَبْل التَّكْفِيرِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَأَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى إِبَاحَةِ الدَّوَاعِي فِي الْوَطْءِ، لأَِنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسِّ فِي الآْيَةِ: {مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} (4) الْجِمَاعُ، فَلاَ يَحْرُمُ مَا عَدَاهُ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ مِنَ التَّقْبِيل وَالْمَسِّ بِشَهْوَةٍ وَالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ.
وَانْظُرْ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (ظِهَارٌ ف 22، لَمْسٌ ف 13) .
مُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ
7 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ مِنَ الْمَسِّ وَالتَّقْبِيل إِذَا لَمْ يَكُنْ بِشَهْوَةٍ لاَ يُؤَثِّرُ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ.
أَمَّا إِذَا كَانَتْ مُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ مِنَ الْمَسِّ وَالتَّقْبِيل بِشَهْوَةٍ فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ وَالتَّقْبِيل وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لاَ يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ مِنَ اللَّمْسِ وَالتَّقْبِيل بِشَهْوَةٍ يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ. وَانْظُرْ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (تَقْبِيلٌ ف 23 وَمُصَاهَرَةٌ) .
حُكْمُ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ
8 - يُسَنُّ لِلزَّوْجِ إِذَا أَرَادَ جِمَاعَ زَوْجَتِهِ أَنْ يُلاَعِبَهَا قَبْل الْجِمَاعِ لِتَنْهَضَ شَهْوَتُهَا فَتَنَال مِنْ لَذَّةِ الْجِمَاعِ مِثْل مَا يَنَالُهُ (1) ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: لاَ يُوَاقِعْهَا إِلاَّ وَقَدْ أَتَاهَا مِنَ الشَّهْوَةِ مِثْل مَا أَتَى لَهُ لاَ لِيَسْبِقَهَا بِالْفَرَاغِ (2) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (وَطْءٌ)
__________
(1) المعجم الوسيط.
(2) قواعد الفقه للبركتي.
(3) فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت 1 / 95.
(4) سورة المجادلة / 3.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 355/ 38