الحي
كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...
الهدْر بحيث لا يترتب عليه قصاص، ولا غُرْم . ومنه لو انفلتت دابة من صاحبها، فأتلفت، فلا ضمان عليه إن لم يقصر في حفظها؛ لحديث : " العجْماء جرحُها جُبار . " مسلم : 1710.
الجُبارُ: الباطِلُ، يُقالُ: فِعْلُهُ جُبارٌ، أيْ: باطِلٌ، وذَهَبَ دَمُهُ جُباراً، أيْ: باطِلاً، ويُقال: حَرْبٌ جُبارٌ: لا دِيَةَ فِيها ولا قِصاصَ. ويَأْتي بِمَعنى السّاقِطِ، والمُباحِ.
يَرِد مُصْطلَح (جُبار) في الفقهِ في كِتابِ الحَجِّ، باب: جَزاء الصَّيْدِ، وفي كِتابِ البُيوعِ، باب: حُكْم البَيْعِ، وفي كِتابِ الصَّيْدِ والذَّبائِحِ، باب: إِرْسال آلَةِ الصَّيْدِ، وفي كِتابِ الجِناياتِ، باب: جِنايَة البَهائِمِ، وفي باب: التَّسَبُّب في القَتْلِ، وغير ذلك مِن الأبواب.
جبر
ما لا ضَمانَ فِيهِ على أَحَدٍ بِقِصاصِ ولا دِيَةٍ ولا قِيمَةٍ.
إِنَّ جِنايَةَ البَهائِمِ إذا فَعَلَتْها بِنَفْسِها، ولم يُفَرِّطْ مالِكُها في حِفْظِها، فإنّها تكون غَيْرَ مَضْمونَةٍ، أيْ: أنّ كُلَّ ما أَصابَتْهُ وأَتْلَفَتْهُ، وما جَرَحَتْهُ بِيَدِها ورِجْلِها ونحْوِ ذلك لا ضَمانَ فيهِ، وذلك؛ لأنَّهُ لا يُمْكِنُ إِحالَةُ الضَّمانِ على البَهائِمِ، ولا على صاحِبِها؛ لأنَّهُ لم يَحْصُلْ منه تَعَدٍّ ولا تَفْريطٌ، فَكُلُّ جِنايَتِها باطِلَةٌ إلّا إذا كان هُناكَ تَعَدٍّ أو تَفْريطٌ، وكذلكَ التَّلف بسببِ النُّزولِ في بئرٍ أو منجمِ استخراجِ المعادنِ هَدَرٌ، ولا ضمانَ فيه.
الجُبارُ: الباطِلُ، يُقالُ: فِعْلُهُ جُبارٌ، أيْ: باطِلٌ، وذَهَبَ دَمُهُ جُباراً، أيْ: باطِلاً.
العالي على خلقه المصلح أمورهم، ومصرفهم فيما فيه صلاحهم وجَبْرُ كَسِيرهم، وإغناء فقيرهم. وهو من أسماء الله الحُسْنى، ومن صفاته العلى.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْجُبَارُ: بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ.
مِنْ مَعَانِيهِ الْهَدَرُ وَالْبَرِيءُ مِنَ الشَّيْءِ، وَمِنْهُ: أَنَا مِنْهُ خَلاَوَةٌ وَجُبَارٌ وَكُل مَا أُفْسِدَ وَأُهْلِكَ كَالسَّيْل يُقَال: ذَهَبَ دَمُهُ جُبَارًا أَيْ هَدَرًا.
وَمِنْهُ: حَرْبٌ جُبَارٌ: أَيْ لاَ قَوَدَ فِيهَا وَلاَ دِيَةَ (1) .
وَلَمْ يَسْتَعْمِل الْفُقَهَاءُ كَلِمَةَ جُبَارٍ إِلاَّ بِمَعْنَى الْهَدَرِ. فَإِذَا وَصَفُوا فِعْل آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ جُبَارٌ فَالْمُرَادُ أَنَّ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْفِعْل يَكُونُ هَدَرًا، لاَ ضَمَانَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ بِقِصَاصٍ، وَلاَ دِيَةٍ، وَلاَ قِيمَةٍ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الضَّمَانُ:
2 - الضَّمَانُ يَأْتِي لَمَعَانٍ مِنْهَا: الاِلْتِزَامُ بِالْغُرْمِ، وَمِنْهَا الْكَفَالَةُ (3) .
قَال الْكَفَوِيُّ: " هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ رَدِّ مِثْل الْهَالِكِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، أَوْ قِيمَتِهِ إِنْ كَانَ قِيَمِيًّا (4) ".
فَالْحُكْمُ الَّذِي يُفِيدُهُ لَفْظُ الضَّمَانِ بِهَذَا الْمَعْنَى يَكُونُ ضِدًّا لِلْحُكْمِ الَّذِي يُفِيدُهُ لَفْظُ " الْجُبَارُ ".
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
3 - يَتَعَرَّضُ الْفُقَهَاءُ لِهَذَا الْحُكْمِ فِي الْجِنَايَاتِ وَالضَّمَانِ، وَمِنَ الصُّوَرِ الَّتِي اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اعْتِبَارِهَا جُبَارًا:
أ - مَا أَتْلَفَتْهُ الدَّابَّةُ الْمُنْفَلِتَةُ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْ صَاحِبِهَا أَوْ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ (5) .
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال: الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ (6) وَالْمُرَادُ بِالْعَجْمَاءِ: الْبَهِيمَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَِنَّهَا لاَ تَتَكَلَّمُ (7) . وَلَيْسَ ذِكْرُ الْجَرْحِ فِي الْحَدِيثِ قَيْدًا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ إِتْلاَفُهَا بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِجَرْحٍ أَمْ بِغَيْرِهِ (8) .
ب - وَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ، أَوْ فِي مَوَاتٍ فَسَقَطَ فِيهِ إِنْسَانٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ، فَمَاتَ أَوْ جُرِحَ، أَوْ عَطِبَ، فَلاَ ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَسَبُّبٌ فِي ذَلِكَ أَوْ تَغْرِيرٌ (9) .
وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ - فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ - وَالْبِئْرُ جُبَارٌ.
وَكَذَا الأَْمْرُ لَوْ حَفَرَ مَعْدِنًا (أَيْ مَنْجَمًا) فِي مِلْكِهِ، أَوْ فِي مَوَاتٍ مِنْ الأَْرْضِ، فَوَقَعَ فِيهِ إِنْسَانٌ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ، لِقَوْلِهِ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ (10) .
وَمِنْ صُوَرِ الإِْتْلاَفَاتِ الَّتِي حَصَل فِيهَا خِلاَفٌ هَل تَكُونُ هَدَرًا أَوْ يَلْزَمُ فِيهَا الضَّمَانُ.
أ - إِتْلاَفُ الْبَهَائِمِ لِلزَّرْعِ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا.
ب - مَا تُتْلِفُهُ الدَّابَّةُ الْمَرْكُوبَةُ بِرِجْلِهَا أَوْ يَدِهَا.
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (إِتْلاَفٌ، وَضَمَانٌ) .
__________
(1) تاج العروس، ومختار الصحاح مادة: (جبر) .
(2) كفاية الطالب الرباني بحاشية العدوي 2 / 284 ط الحلبي، والمغني لابن قدامة 8 / 337. مكتبة الرياض الحديثة.
(3) القاموس الفقهي لغة واصطلاحا، وشرح الخرشي على مختصر خليل 4 / 237، المطبعة العامرة الشرقية. مصر. ط الأولى 1316 هـ.
(4) الكليات 3 / 142 نشر وزارة الثقافة والإرشاد القومي - دمشق سنة 1981 م.
(5) الدر المختار بحاشية ابن عابدين 6 / 608 ط الحلبي، الطبعة الثانية 1386 - 1966 م، وكفاية الطالب الرباني بحاشية العدوي 2 / 284، وروضة الطالبين 10 / 197 المكتب الإسلامي، ومطالب أولي النهى شرح غاية المنتهى 4 / 89 المكتب الإسلامي.
(6) حديث: " العجماء جرحها جبار. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 12 / 254 ط السلفية) ومسلم (3 / 1334 ط عيسى الحلبي) .
(7) مختار الصحاح مادة: (عجم) .
(8) فتح الباري 12 / 257.
(9) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 10 / 4709، 4717، مطبعة الإمام. القاهرة، والمدونة 6 / 445، 454، دار صادر - بيروت، وروضة الطالبين 9 / 316، والمغني لابن قدامة 7 / 823.
(10) فتح الباري 12 / 256.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 88/ 15
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".