السَّبَب
من معجم المصطلحات الشرعية
من موسوعة المصطلحات الإسلامية
التعريف اللغوي
السَّبَبُ: الحَبْلُ، ويُطْلَقُ على كُلِّ وَسِيلَةٍ يُتَوَصَّل بِها إلى شَيْءٍ، ومنه: البابُ والطَّرِيقُ، يُقال: مالِي إليك سَبَبٌ، أيْ: طَرِيقٌ، وأَسْبابُ السَّمَواتِ: أَبْوابُها. والجَمْعُ: أسبابٌ.
إطلاقات المصطلح
مُصطلَح (سَبَب) يرد في أصولِ الفقهِ في الحكمِ الشَّرعيِّ. ويُطلَق أيضاً في علوم القرآن ومصطلح الحديث عند الكلام على أسباب النُّزول على الأسئِلَة والوَقائِع التي ارتَبَطَ بِها نُزُولُ آيةٍ، أو وُرُودُ حَدِيثٍ.
جذر الكلمة
سبب
التعريف
ما يلزم من وجوده وجود المسبب، ومن عدمه عدم المسبب. سواء أكانت بينهما مناسبة أم لا.
المراجع
* مقاييس اللغة : (3/64)
* تهذيب اللغة : (12/220)
* المحكم والمحيط الأعظم : (8/424)
* مختار الصحاح : (ص 140)
* لسان العرب : (1/458)
* جمع الجوامع في أصول الفقه : (1/94)
* البحر المحيط في أصول الفقه : (1/307)
* الإحكام : (1/127)
* المستصفى : (1/94)
* الموافقات : (1/410)
* شرح الكوكب المنير : (1/359)
* أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله : (ص 55)
* شرح التلويح على التوضيح : (2/137)
* كشف الأسرار شرح أصول البزدوي : (4/171)
* شرح تنقيح الفصول : (ص 81)
* الحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة : (ص 72)
* شرح التلويح على التوضيح : (3/102)
* الإحكام : (1/181)
* أصول السرخسي : (2/301)
* الوجيز في أصول الفقه : (1/391)
* الموافقات : (1/179)
* الحدود في الأصول (مطبوع مع: الإشارة في أصول الفقه) : (ص 72) -
من الموسوعة الكويتية
التَّعْرِيفُ:
1 - السَّبَبُ لُغَةً: الْحَبْل. (1)
ثُمَّ اسْتُعْمِل لِكُل شَيْءٍ يُتَوَصَّل بِهِ إِلَى غَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ أَسْبَابٌ.
وَالسَّبَبُ فِي الاِصْطِلاَحِ: أَحَدُ أَقْسَامِ الْحُكْمِ الْوَضْعِيِّ.
وَعَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ: بِأَنَّهُ مَا يَكُونُ طَرِيقًا إِلَى الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ تَأْثِيرٍ، أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ وُجُوبٌ وَلاَ وُجُودٌ، وَلاَ يُعْقَل فِيهِ مَعَانِي الْعِلَل، لَكِنْ يَتَخَلَّل بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ عِلَّةٌ لاَ تُضَافُ إِلَى السَّبَبِ.
وَاحْتَرَزَ بِقَيْدِ (كَوْنِهِ طَرِيقًا) عَنِ الْعَلاَمَةِ.
وَاحْتَرَزَ بِقَيْدِ (الْوُجُوبِ) عَنِ الْعِلَّةِ، إِذِ الْعِلَّةُ مَا يُضَافُ إِلَيْهَا ثُبُوتُ الْحُكْمِ، وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِقَوْلِهِمْ (وُجُوبٌ) . وَاحْتَرَزَ بِقَيْدِ (وُجُودٍ) عَنِ الْعِلَّةِ وَالشَّرْطِ؛ لأَِنَّ الْحُكْمَ يُضَافُ إِلَى الْعِلَّةِ وُجُودًا بِهَا، وَيُضَافُ إِلَى الشَّرْطِ وُجُودًا عِنْدَهُ.
وَاحْتَرَزَ بِقَيْدِ (وَلاَ يُعْقَل فِيهِ مَعَانِي الْعِلَل) عَنِ السَّبَبِ الَّذِي لَهُ شُبْهَةُ الْعِلَّةِ، وَهُوَ مَا أَثَّرَ فِي الْحُكْمِ بِوَاسِطَةٍ.
فَلاَ يُوجَدُ لِلسَّبَبِ الْحَقِيقِيِّ تَأْثِيرٌ فِي الْحُكْمِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ. (2)
وَعَرَّفَ الشَّافِعِيَّةُ السَّبَبَ بِأَنَّهُ: كُل وَصْفٍ ظَاهِرٍ مُنْضَبِطٍ دَل الدَّلِيل السَّمْعِيُّ عَلَى كَوْنِهِ مُعَرِّفًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ.
وَاحْتَرَزَ بِالظَّاهِرِ عَنِ الْوَصْفِ الْخَفِيِّ كَعُلُوقِ النُّطْفَةِ بِالرَّحِمِ فَإِنَّهُ سَبَبٌ خَفِيٌّ لاَ يُعَلَّقُ عَلَيْهِ وُجُوبُ الْعِدَّةِ، وَإِنَّمَا يُعَلَّقُ عَلَى وَصْفٍ ظَاهِرٍ وَهُوَ الطَّلاَقُ مَثَلاً.
وَاحْتَرَزَ بِالْمُنْضَبِطِ عَنِ السَّبَبِ الْمُتَخَلِّفِ الَّذِي لاَ يُوجَدُ دَائِمًا كَالْمَشَقَّةِ فَإِنَّهَا تَتَخَلَّفُ، وَلِذَا عَلَّقَ سَبَبَ الْقَصْرِ عَلَى السَّفَرِ دُونَ الْمَشَقَّةِ. (3)
وَمِثَال السَّبَبِ: زَوَال الشَّمْسِ أَمَارَةُ مَعْرِفَةٍ لِوُجُوبِ الصَّلاَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (4) وَكَجَعْل طُلُوعِ الْهِلاَل أَمَارَةً عَلَى وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (5)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الشَّرْطُ:
2 - الشَّرْطُ وَصْفٌ يَلْزَمُ مِنَ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْحُكْمِ وَلاَ يَسْتَلْزِمُهُ.
وَمِثَالُهُ: الْحَوْل شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَعَدَمُهُ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ وُجُوبِهَا، وَوُجُودُهُ دُونَ وُجُودِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ النِّصَابُ لاَ يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ فَعَدَمُهَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ صِحَّتِهِ. (6)
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالسَّبَبِ أَنَّ الأَْوَّل يَتَعَلَّقُ بِوُجُودِهِ وُجُودُ الْحُكْمِ.
ب - الْعِلَّةُ:
3 - الْعِلَّةُ هِيَ مَا يُضَافُ إِلَيْهِ وُجُوبُ الْحُكْمِ - أَيْ ثُبُوتُهُ - ابْتِدَاءً.
فَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّبَبِ أَنَّ الْحُكْمَ يَثْبُتُ بِالْعِلَّةِ بِلاَ وَاسِطَةٍ، فِي حِينِ لاَ يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِالسَّبَبِ إِلاَّ بِوَاسِطَةٍ.
وَلِذَا احْتَرَزَ عَنْهُ فِي التَّعْرِيفِ بِكَلِمَةِ (ابْتِدَاءً) . كَمَا يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ السَّبَبَ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ حُكْمُهُ وَقَدْ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ، وَلاَ يُتَصَوَّرُ التَّأَخُّرُ وَالتَّخَلُّفُ فِي الْعِلَّةِ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَى الْعِلَّةِ بِدُونِ وَاسِطَةٍ وَلاَ شَرْطٍ، وَتَرَتُّبُهُ عَلَى السَّبَبِ بِوَاسِطَةِ قَوْل الْقَائِل: أَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الطَّلاَقَ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى شَرْطٍ، أَمَّا لَوْ قَال: إِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ سُمِّيَ سَبَبًا لِتَوَقُّفِ الْحُكْمِ عَلَى وَاسِطَةٍ وَهِيَ دُخُول الدَّارِ (7) .
أَقْسَامُ السَّبَبِ:
4 - قَسَّمَ الأُْصُولِيُّونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ السَّبَبَ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:
أ - السَّبَبُ الْحَقِيقِيُّ: وَهُوَ سَبَبٌ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْعِلَّةِ. وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ غَيْرَ مُضَافَةٍ إِلَى السَّبَبِ بِأَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ فِعْلاً اخْتِيَارِيًّا فَلاَ يُضَافُ الْحُكْمُ إِلَيْهِ. مِثَالُهُ: أَنَّ الدَّال عَلَى مَال السَّرِقَةِ لاَ يَضْمَنُ، وَلاَ يَشْتَرِكُ فِي الْغَنِيمَةِ الدَّال عَلَى حِصْنٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ لأَِنَّهُ تَوَسَّطَ بَيْنَ السَّبَبِ وَالْحُكْمِ عِلَّةٌ هِيَ فِعْل فَاعِلٍ مُخْتَارٍ وَهُوَ السَّارِقُ وَالْغَازِي، فَتَقْطَعُ هَذِهِ الْعِلَّةُ نِسْبَةَ الْحُكْمِ إِلَى السَّبَبِ.
ب - سَبَبٌ فِيهِ مَعْنَى الْعِلَّةِ: وَهُوَ مَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ عِلَّةٌ وَكَانَتِ الْعِلَّةُ مُضَافَةً إِلَى السَّبَبِ كَوَطْءِ الدَّابَّةِ شَيْئًا، فَإِنَّهُ عِلَّةٌ لِهَلاَكِهِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مُضَافَةٌ إِلَى سَوْقِهَا وَهُوَ السَّبَبُ فَيُضَافُ الْحُكْمُ إِلَى السَّبَبِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ بِسَوْقِ الدَّابَّةِ.
ج - سَبَبٌ مَجَازِيٌّ: كَالصِّيَغِ الدَّالَّةِ عَلَى تَعْلِيقِ الطَّلاَقِ أَوِ النَّذْرِ فَإِنَّهَا قَبْل وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَسْبَابٌ مَجَازِيَّةٌ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنَ الْجَزَاءِ وَهُوَ وُقُوعُ الطَّلاَقِ أَوْ لُزُومُ النَّذْرِ. وَلَمْ تُعْتَبَرْ أَسْبَابًا حَقِيقِيَّةً إِذْ رُبَّمَا لاَ تُفْضِي إِلَى الْجَزَاءِ بِأَنْ لاَ يَقَعَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ. وَيُطْلَقُ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنَ السَّبَبِ (سَبَبٌ لَهُ شُبْهَةُ الْعِلَّةِ (1)) .
مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّبَبِ:
5 - يُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ السَّبَبَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
أ - فِي مُقَابَلَةِ الْمُبَاشَرَةِ: فَيُقَال: إِنَّ حَافِرَ الْبِئْرِ مَعَ الْمُرَدَّى فِيهِ صَاحِبُ سَبَبٍ وَالْمُرَدَّى صَاحِبُ عِلَّةٍ فَإِنَّ الْهَلاَكَ حَصَل بِالتَّرْدِيَةِ لَكِنْ عِنْدَ وُجُودِ السَّبَبِ.
ب - عِلَّةُ الْعِلَّةِ: كَمَا فِي الرَّمْيِ سَبَبٌ لِلْقَتْل مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ سَبَبٌ لِلْعِلَّةِ فَالْمَوْتُ لَمْ يَحْصُل بِمُجَرَّدِ الرَّمْيِ بَل بِالْوَاسِطَةِ فَأَشْبَهَ مَا لاَ يَحْصُل الْحُكْمُ إِلاَّ بِهِ.
ج - ذَاتُ الْعِلَّةِ بِدُونِ شَرْطِهَا: كَقَوْلِهِمْ: الْكَفَّارَةُ تَجِبُ بِالْيَمِينِ دُونَ الْحِنْثِ، فَالْيَمِينُ هُوَ السَّبَبُ سَوَاءٌ وُجِدَ الْحِنْثُ أَمْ لَمْ يُوجَدْ.
وَكَقَوْلِهِمُ: الزَّكَاةُ تَجِبُ بِالْحَوْل فَإِنَّ مِلْكَ النِّصَابِ هُوَ السَّبَبُ سَوَاءٌ وُجِدَ الْحَوْل الَّذِي هُوَ شَرْطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ أَمْ لَمْ يُوجَدْ.
وَيُرِيدُونَ بِهَذَا السَّبَبِ مَا تَحْسُنُ إِضَافَةُ الْحُكْمِ إِلَيْهِ وَيُقَابِلُونَهُ بِالْمَحَل وَالشَّرْطِ فَيَقُولُونَ: مِلْكُ النِّصَابِ سَبَبٌ وَالْحَوْل شَرْطٌ.
د - الْمُوجِبُ: وَالسَّبَبُ بِهَذَا الإِْطْلاَقِ يَكُونُ بِمَعْنَى الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ. وَالْعِلَل الشَّرْعِيَّةُ فِيهَا مَعْنَى الْعَلاَمَاتِ الْمُظْهِرَةِ فَشَابَهَتِ الأَْسْبَابَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. (8)
قَال الزَّرْكَشِيُّ: الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ هِيَ الْمَجْمُوعُ الْمُرَكَّبُ مِنَ الْمُقْتَضِي وَالشَّرْطِ وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَوُجُودِ الأَْهْل وَالْمَحَل (9) .
__________
(1) المصباح المنير وكذا لسان العرب، مادة: (سبب) .
(2) فتح الغفار شرح المنار 3 / 64، والتلويح على التوضيح 2 / 137.
(3) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 1 / 127، حاشية البناني على جمع الجوامع 1 / 96.
(4) سورة الإسراء / 78.
(5) سورة البقرة / 185.
(6) كشف الأسرار 4 / 173، وإرشاد الفحول ص 7.
(7) كشف الأسرار 4 / 171، تخريج الفروع على الأصول (الزنجاني) ص 351.
(8) المستصفى 1 / 94.
(9) البحر المحيط للزركشي 1 / 307 طبع وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 145/ 24