القيوم
كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...
ملكة اجتناب المعاصي مع التمكن منها، وقيل هي المنع من المعصية بلطف الله تعالى . ومن استعماله ما يقال في عصمة الأنبياء عند الكلام عن اجتهاد الرسول
العِصْمَةُ: المَنْعُ والإِمْساكُ، يُقال: عَصَمَهُ الطَّعامُ، أيْ: مَنَعَهُ مِن الجوعِ، وعَصَمَ دَمَهُ، أيْ: مَنَعَهُ وأَمْسَكَهُ. والاعْتِصامُ: الإِمْساكُ بالشَّيءِ، والعاصِمُ: المانِعُ. وتأْتي العِصْمَةُ بِمعنى الحِفْظِ والوِقايَةِ، يُقال: عَصَمَهُ اللهُ، أيْ: حَفِظَهُ ووَقاهُ. والعِصْمَةُ أيضاً: الرَّبْطُ، وكُلُّ شَيْءٍ تَـمَسَّكْتَ بِهِ فهو عِصْمَةٌ. ومِنْ مَعانِيها: السَّبَبُ، والمُلازَمَةُ.
يَرد مُصْطلَح (عِصْمَة) في كتاب إِحْياءِ المواتِ، باب: شُروط إحْياء المَواتِ، وفي كتاب الجِهادِ، باب: الأمان، وباب: أَهْل الذِّمَّةِ، وباب: الغَنائِم، وفي كتاب الحُدودِ، باب: حَدّ المُرْتَدّ، وباب: قتال البُغاةِ. ويُطْلَق في كتاب النِّكاحِ، باب: عَقْد النِّكاحِ، وباب: الطَّلاق، ويُراد بِه: عَقْدُ النِّكاحِ ورابِطَةُ الزَّوْجِيَّةِ. ويُطْلَق في عِلمِ أُصولِ الفِقْهِ، باب: الإِجْماع، ويُراد بِه: حِفْظُ الإِجْماعِ مِن الخَطَأِ. ويُطْلَق في عِلمِ العَقِيدَةِ، باب: الإيمان بِالرُّسُلِ، ويُراد بِه: حِفْظُ اللهِ تعالى رُسَلَهُ مِن الوُقوعِ في كَبائِرِ الذُّنوبِ. ويُطْلَق أيضاً في باب: الإيمان بالمَلائِكَةِ، ويُراد بِه: حِفْظُ اللهِ المَلائِكَة مِن الذُّنوبِ صَغِيرها وكَبيرها.
عصم
حِمايَةُ الإِنْسانِ في دَمِهِ ومالِهِ وعِرْضِهِ.
العِصْمَةُ: حِمايَةٌ شَرْعِيَّةٌ تَثْبُتُ لِلْإِنْسانِ فَيَحْرُمُ بِها دَمُهُ ومالُهُ وعِرْضُهُ إلّا بِحَقٍّ، كالقِصاصِ ونحْوِهِ، وهي قِسْمانِ: 1- عِصْمَةُ المُسْلِمِ، وسَبَبُها النُّطْقُ بِالشَّهادَتَيْنِ. 2- عِصْمَةُ الكافِرِ الذِمِّيّ، وتَثْبُتُ له بِالأَمانِ والعَهْدِ مِن المُسْلِمينَ، وعلى الإِمامِ حِمايَتَهُم مِن كُلِّ مَن يُرِيدُ بِهم سُوءًا في دِمائِهِمْ أو أَمْوالِهِمْ أو أَعْراضِهِمْ. ويُقَسِّمُ بعض الفُقَهاءِ هذه العِصْمَةِ إلى نَوْعَيْنِ: 1- عِصْمَةٌ مُقَوِّمَةٌ: وهي التي يَثْبُتُ بِها لِلإِنْسانِ ومالِهِ وعِرْضِهِ قِيمَةٌ، بِحيث يَجِبُ القِصاصُ أو الدِّيَّةُ أو الضَّمانُ على مَن هَتَكَها، كقَتْلِ المُسْلِمِ. 2- عِصْمَةٌ مُؤَثِّمَةٌ: وهي التي يأْثَمُ مَنْ هَتَكَها، ولا يجِبُ عليه قِصاصٌ ولا دِيَّةٌ ولا ضَمانٌ، كَقَتْل مَنْ مُنِعْنَا مِنْ قَتْلِهِ مِنْ أَطْفَال الْحَرْبِيِّينَ وَنِسَائِهِمْ.
العِصْمَةُ: المَنْعُ والإِمْساكُ، يُقال: عَصَمَ دَمَهُ، أيْ: مَنَعَهُ وأَمْسَكَهُ. والاعْتِصامُ: الإِمْساكُ بالشَّيءِ. وتأْتي بِمعنى الحِفْظِ والوِقايَةِ، وكُلُّ شَيْءٍ تَـمَسَّكْتَ بِهِ فهو عِصْمَةٌ.
ملكة اجتناب المعاصي مع التمكن منها، وقيل هي المنع من المعصية بلطف الله تعالى.
* العين : (1/313)
* تهذيب اللغة : (2/34)
* المحكم والمحيط الأعظم : (1/457)
* مقاييس اللغة : (4/331)
* لسان العرب : (12/403)
* تاج العروس : (33/98)
* أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء : (ص 58)
* معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم : (ص 74)
* التعريفات للجرجاني : (ص 150)
* التعريفات للجرجاني : (ص 150)
* المنتقى من منهاج الاعتدال : (ص 155)
* حاشية ابن عابدين : (3/233)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (30/138)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 314) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْعِصْمَةُ فِي اللُّغَةِ: مُطْلَقُ الْمَنْعِ وَالْحِفْظِ، وَعِصْمَةُ اللَّهِ عَبْدَهُ: أَنْ يَمْنَعَهُ وَيَحْفَظَهُ مِمَّا يُوبِقُهُ (1) .
وَتُطْلَقُ الْعِصْمَةُ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ، قَال تَعَالَى: {وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} (2) أَيْ: بِعَقْدِ نِكَاحِهِنَّ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ: عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعِصْمَةِ:
2 - تَخْتَلِفُ الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعِصْمَةِ بِاخْتِلاَفِ إِطْلاَقِهَا:
أ - الْعِصْمَةُ: بِمَعْنَى حِفْظِ اللَّهِ لِلْمُكَلَّفِ مِنَ الذُّنُوبِ مَعَ اسْتِحَالَةِ وُقُوعِهَا مِنْهُ.
ب - الْعِصْمَةُ الْمُقَوِّمَةُ وَهِيَ: الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا لِلإِْنْسَانِ وَمَالِهِ قِيمَةٌ، بِحَيْثُ يَجِبُ الْقِصَاصُ، أَوِ الدِّيَةُ، أَوِ الضَّمَانُ عَلَى مَنْ هَتَكَهَا.
ج - وَالْعِصْمَةُ الْمُؤَثِّمَةِ: وَهِيَ: الَّتِي يَأْثَمُ هَاتِكُهَا (3) .
3 - فَالْعِصْمَةُ بِالْمَعْنَى الأَْوَّل لاَ تَثْبُتُ إِلاَّ لِلأَْنْبِيَاءِ، وَالْمَلاَئِكَةِ، وَهِيَ: مَلَكَةٌ يُودِعُهَا اللَّهُ فِيهِمْ تَعْصِمُهُمْ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ، وَخِلاَفِ الأَْوْلَى، قَال تَعَالَى فِي حَقِّ الْمَلاَئِكَةِ: {لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} . (4)
وَالأَْنْبِيَاءُ مَحْفُوظُونَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ مِنَ الذُّنُوبِ الظَّاهِرَةِ كَالْكَذِبِ وَنَحْوِهِ، وَالذُّنُوبِ الْبَاطِنَةِ، كَالْحَسَدِ وَالْكِبْرِ وَالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الرَّسُول هُوَ الْمَثَل الأَْعْلَى الَّذِي يَجِبُ الاِقْتِدَاءُ بِهِ فِي اعْتِقَادَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَخْلاَقِهِ، إِذْ هُوَ الأُْسْوَةُ الْحَسَنَةُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ لَهُ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ خَصَائِصِهِ بِالنَّصِّ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ كُل اعْتِقَادَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ وَأَخْلاَقِهِ الاِخْتِيَارِيَّةِ بَعْدَ الرِّسَالَةِ مُوَافِقَةً لِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَوَجَبَ أَنْ لاَ يَدْخُل فِي شَيْءٍ مِنَ اعْتِقَادَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ وَأَخْلاَقِهِ مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّ اللَّهَ جَل شَأْنُهُ: أَمَرَ الأُْمَمَ بِالاِقْتِدَاءِ بِرُسُلِهِمْ فَقَال تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآْخِرَ} (5) وَقَال فِي حَقِّ نَبِيِّنَا ﷺ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآْخِرَ} (6) فَإِذَا جَازَ أَنْ يَفْعَل الرُّسُل بَعْدَ الرِّسَالَةِ وَالأَْمْرِ بِالاِقْتِدَاءِ بِهِمُ الْمُحَرَّمَاتِ أَوِ الْمَكْرُوهَاتِ أَوْ خِلاَفَ الأَْوْلَى: لَكُنَّا مَأْمُورِينَ بِهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لاَ يَأْمُرُ بِمُحَرَّمٍ وَلاَ مَكْرُوهٍ وَلاَ خِلاَفِ الأَْوْلَى (7) ، قَال تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} (8) ، وَبِذَلِكَ يَثْبُتُ أَنَّ الرُّسُل عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْدَ نُبُوَّتِهِمْ وَبَعْدَ الأَْمْرِ بِالاِقْتِدَاءِ بِهِمْ مَعْصُومُونَ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْمَعَاصِي وَهَذَا مَا يُسَمَّى: " عِصْمَةُ الرُّسُل (9) ".
أَمَّا عِصْمَتُهُمْ قَبْل النُّبُوَّةِ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا، فَمَنَعَهَا قَوْمٌ، وَجَوَّزَهَا آخَرُونَ، وَالصَّحِيحُ تَنْزِيهُهُمْ مِنْ كُل عَيْبٍ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ قَبْل اصْطِفَائِهِ بِالنُّبُوَّةِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
فَهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يُكَلَّفْ بَعْدُ مُطْلَقًا بِشَرْعٍ مَا، فَالْعِصْمَةُ فِي حَقِّهِ غَيْرُ وَارِدَةٍ؛ لأَِنَّ الْمَعَاصِيَ وَالْمُخَالَفَاتِ إِنَّمَا تُتَصَوَّرُ بَعْدَ وُرُودِ الشَّرْعِ وَالتَّكْلِيفِ بِهِ، وَالْمَفْرُوضُ أَنَّهُ لَمْ يُكَلَّفْ، فَلاَ مَجَال لِبَحْثِ الْمَعْصِيَةِ أَوْ عَدَمِهَا؛ لأَِنَّ الذِّمَّةَ خَالِيَةٌ مِنَ التَّكْلِيفِ، لَكِنَّ عُلُوَّ فِطْرَةِ الرَّسُول وَصَفَاءَ نَفْسِهِ وَسُمُوَّ رُوحِهِ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ أُنْمُوذَجًا رَفِيعًا بَيْنَ قَوْمِهِ، فِي أَخْلاَقِهِ وَمُعَامَلاَتِهِ وَأَمَانَتِهِ، وَفِي بُعْدِهِ عَنِ ارْتِكَابِ الْقَبَائِحِ الَّتِي تَنْفِرُ عَنْهَا الْعُقُول السَّلِيمَةُ، وَالطَّبَائِعُ الْمُسْتَقِيمَةُ.
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْل اصْطِفَائِهِ قَدْ كُلِّفَ بِشَرْعِ رَسُولٍ سَابِقٍ، كَلُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ كَانَ تَابِعًا قَبْل نُبُوَّتِهِ لإِِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَأَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيل مِنْ بَعْدِ مُوسَى قَبْل أَنْ يُوحَى إِلَيْهِمْ بِالنُّبُوَّةِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَثْبُتْ فِي عِصْمَتِهِمْ فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ دَلِيلٌ قَاطِعٌ، وَلَكِنَّ سِيرَةَ الأَْنْبِيَاءِ الَّتِي أُثِرَتْ عَنْهُمْ قَبْل نُبُوَّتِهِمْ تَشْهَدُ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنِ الْمَعَاصِي: كَبَائِرِهَا وَصَغَائِرِهَا (10) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (نَبِيّ) .
4 - وَالْعِصْمَةُ بِالْمَعْنَى الثَّانِي: وَهِيَ الَّتِي يَثْبُتُ لِلإِْنْسَانِ وَمَالِهِ بِهَا قِيمَةٌ، بِحَيْثُ يَجِبُ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ هَتَكَهَا، فَهَذِهِ تَثْبُتُ لِلإِْنْسَانِ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَمَنْ نَطَقَ بِهِمَا عُصِمَ دَمُهُ وَمَالُهُ (11) لِقَوْلِهِ ﷺ: فَإِذَا قَالُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ (12) ، وَقَوْلِهِ: كُل الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ (13) فَمَنْ قَتَل مُسْلِمًا مَعْصُومَ الدَّمِ يَضْمَنُ بِالْقَوَدِ أَوِ الدِّيَةِ. ر: مُصْطَلَحَ: (قِصَاصٌ) (وَدِيَاتٌ ف 11 وَمَا بَعْدَهَا) .
وَمَنْ أَخَذَ مَالَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَ، قَال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل} (14) .
ر: مُصْطَلَحَ: (ضَمَانٌ ف 7 وَمَا بَعْدَهَا وَمُصْطَلَحَ: غَصْبٌ) .
وَتَثْبُتُ هَذِهِ الْعِصْمَةُ أَيْضًا بِأَمَانٍ يَحْقِنُ دَمَهُ بِعَقْدِ ذِمَّةٍ، أَوْ عَهْدٍ أَوْ مُجَرَّدِ أَمَانٍ، وَلَوْ فِي آحَادِ الْمُسْلِمِينَ، جَاءَ فِي الأَْثَرِ: أَلاَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا أَوِ انْتَقَضَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (15) . فَلأَِهْل الْعَهْدِ أَنْ يُؤَمَّنُوا عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ، وَعَلَى الإِْمَامِ حِمَايَتُهُمْ مِنْ كُل مَنْ أَرَادَ بِهِمْ سُوءًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَغَيْرِهِمْ، فَلاَ يُظْلَمُونَ فِي عَهْدِهِمْ وَلاَ يُؤْذَوْنَ (16) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (أَهْل الذِّمَّةِ ف 19 وَمَا بَعْدَهَا) مُصْطَلَحِ: (عَهْد)
5 - وَالْعِصْمَةُ بِالْمَعْنَى الثَّالِثِ: وَهِيَ الْعِصْمَةُ الْمُؤَثِّمَةُ: وَهِيَ الَّتِي يَأْثَمُ مَنْ هَتَكَهَا وَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ وَلاَ دِيَةٌ وَلاَ ضَمَانٌ، كَقَتْل مَنْ مُنِعْنَا مِنْ قَتْلِهِ مِنْ أَطْفَال الْحَرْبِيِّينَ وَنِسَائِهِمْ، وَقَتْل الْقَرِيبِ الْمُشْرِكِ، فَيَأْثَمُ قَاتِلُهُ، وَلَكِنْ لاَ قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلاَ دِيَةَ، بَل عَلَيْهِ التَّوْبَةُ، وَالاِسْتِغْفَارُ (17) .
الْعِصْمَةُ فِي النِّكَاحِ:
6 - الْعِصْمَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الأَْصْل بِمَعْنَى الْمَنْعِ وَالْحِفْظِ؛ إِلاَّ أَنَّهَا تُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى النِّكَاحِ، قَال تَعَالَى: {وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} (18) قَال الْمُفَسِّرُونَ: الْمُرَادُ بِالْعِصْمَةِ هُنَا النِّكَاحُ، وَقَالُوا: وَالْمَعْنَى لاَ تَتَمَسَّكُوا بِزَوْجَاتِكُمُ الْكَافِرَاتِ فَلَيْسَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُنَّ عِصْمَةٌ وَلاَ عَلاَقَةٌ زَوْجِيَّةٌ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، قَال: مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ كَافِرَةٌ بِمَكَّةَ فَلاَ تُعَدُّ مِنْ نِسَائِهِ؛ لأَِنَّ اخْتِلاَفَ الدَّارَيْنِ قَطَعَ عِصْمَتَهَا مِنْهُ فَلاَ يُمْنَعُ نِكَاحَ خَامِسَةٍ، وَلاَ نِكَاحَ أُخْتِهَا (19) .
انْحِلاَل عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَحَلِّهِ:
7 - تَنْحَل عِصْمَةُ النِّكَاحِ بِفَسْخٍ أَوْ طَلاَقٍ، أَمَّا الْفَسْخُ فَيَكُونُ لأَِسْبَابٍ، كَالرِّدَّةِ، وَالْعَيْبِ وَنَحْوِهِمَا.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (رِدَّة ف 44، وَعَيْب وَفَسْخ) .
وَأَمَّا الطَّلاَقُ فَالأَْصْل أَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ حَل عُقْدَةِ النِّكَاحِ؛ لأَِنَّ الرَّجُل هُوَ الَّذِي أُسْنِدَ إِلَيْهِ إِيقَاعُ الطَّلاَقِ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (20) وَلِحَدِيثِ: إِنَّمَا الطَّلاَقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ (21) .
لَكِنَّ الزَّوْجَةَ - اسْتِثْنَاءٌ مِنْ هَذَا الأَْصْل - قَدْ تَمْلِكُ حَل عُقْدَةِ النِّكَاحِ وَذَلِكَ فِي:
أ - تَفْوِيضِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ فِي التَّطْلِيقِ:
8 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُفَوِّضَ الرَّجُل امْرَأَتَهُ فِي تَطْلِيقِ نَفْسِهَا مِنْهُ، فَيَكُونُ لَهَا حَقُّ التَّطْلِيقِ، أَيْ حَل عُقْدَةِ النِّكَاحِ وَإِنْهَاءُ الْعِصْمَةِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (تَفْوِيض ف 9 - 13) .
ب - اشْتِرَاطُ الزَّوْجَةِ أَنْ تَكُونَ الْعِصْمَةُ بِيَدِهَا:
9 - نَصَّ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ الرَّجُل إِذَا نَكَحَ الْمَرْأَةَ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا صَحَّ إِذَا ابْتَدَأَتِ الْمَرْأَةُ فَقَالَتْ: زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْكَ عَلَى أَنَّ أَمْرِي بِيَدِي أُطَلِّقُ نَفْسِي كُلَّمَا شِئْتُ، فَقَال الزَّوْجُ: قَبِلْتُ. جَازَ النِّكَاحُ وَيَكُونُ أَمْرُهَا بِيَدِهَا، أَمَّا لَوْ بَدَأَ الزَّوْجُ فَقَال: تَزَوَّجْتُكِ عَلَى أَنَّ أَمْرَكِ بِيَدِكِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَلاَ يَكُونُ أَمْرُهَا بِيَدِهَا؛ لأَِنَّ التَّفْوِيضَ وَقَعَ قَبْل الزَّوَاجِ وَلَمْ يُعَلَّقْ عَلَيْهِ تَوَقُّعُ التَّفْوِيضِ قَبْل أَنْ يَمْلِكَ الطَّلاَقَ (22) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ شَرَطَتِ الْمَرْأَةُ عِنْدَ النِّكَاحِ أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا مَتَى أَحَبَّتْ فُسِخَ النِّكَاحُ قَبْل الدُّخُول وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْل وَأُلْغِيَ الشَّرْطُ فَلاَ يُعْمَل بِهِ؛ لأَِنَّهُ شَرْطٌ مُخِلٌّ (23)
__________
(1) لسان العرب، فتح الباري جـ 1 / في شرح حديث: " عصموا دماءرهم ".
(2) سورة الممتحنة / 10.
(3) التعريفات للجرجاني.
(4) سورة التحريم / 6.
(5) سورة الممتحنة / 6.
(6) سورة الأحزاب / 21.
(7) شرح جوهرة التوحيد للبيجوري ص120 - 132، التعريفات للجرجاني، الشفاء للقاضي عياض 2 / 746 وما قبله وما بعده.
(8) سورة الأعراف / 28.
(9) المصادر السابقة.
(10) شرح جوهرة التوحيد للبيجوري، والشفاء للقاضي عياض 2 / 793 وما بعدها.
(11) ابن عابدين 3 / 233، والقليوبي 4 / 220 - 221.
(12) حديث: " فإذا قالوا: لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم ". أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 250) من حديث عمر، وأخرجه مسلم (1 / 53) من حديث جابر.
(13) حديث: " كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه ". أخرجه مسلم (4 / 1986) من حديث أبي هريرة.
(14) سورة النساء / 29.
(15) حديث: " ألا من ظلم معاهدًا أو انتقصه ". أخرجه أبو داود (3 / 437) وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (ص 392) " سنده لا بأس به ".
(16) نهاية المحتاج 7 / 266، حاشية ابن عابدين 3 / 222 - 223.
(17) ابن عابدين 3 / 224 - 225، المحلى والقليوبي 4 / 218، نهاية المحتاج 8 / 64.
(18) سورة الممتحنة / 10.
(19) تفسير القرطبي 18 / 65، 66، وابن كثير 3 / 351.
(20) سورة الطلاق / 1.
(21) حديث: " إنما الطلاق لمن أمسك بالساق ". أخرجه ابن ماجه (1 / 672) من حديث ابن عباس، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 358) .
(22) ابن عابدين 2 / 485، والفتاوى الهندية 1 / 273.
(23) الشرح الصغير 2 / 386.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 137/ 30