الحليم
كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...
المرأة التي بلغت من كمال الخِلقة، بحيث يرغب فيها الرجالُ . وهي غالباً بنتُ تسع سنين، فصاعداً . ومن شواهده قول ابن نجيم : "واختلفوا في حدّ المشتهاة، وصحح الشارح، وغيره أنه لا اعتبار بالسن من السبع على ما قيل، أو التسع على ما قيل، وإنما المعتبر أن تصلح للجماع ."
المُشْتَهاةُ: مُؤَنَّثُ مُشْتَهَى، وهو: الشَّيْءُ المَرْغُوبُ، يقال: شَهِيَ الشَّيْءَ، وشَهاهُ، يَشْهاهُ، واشْتَهاهُ وتَشَهّاه، شَهْوَةً، أيْ: أَحَبَّه ورَغِبَ فيهِ. والشَّهْوَةُ: الرَّغْبَةُ الشَّدِيدَةُ، والشَّهْوانُ: الشَّدِيدُ الرَّغْبَةِ في الشَّيْءِ، وامْرْأَةٌ مُشْتَهَاةٌ، أيْ: يَرْغَبُ بِها الرِّجالُ ويَمِيلُون إلَيْها، وشَيْءٌ شَهِيٌّ: لَذِيذٌ مَحْبوبٌ. وتأْتي الشَّهْوَةُ أيضاً بِمعنى اشْتِياقِ النَّفْسِ، وطَلَبِ الشَّيْءِ مَرَّةً بعد أُخْرَى. والجَمْعُ: شَهَواتٌ.
يَرِدُ مُصطلَح (مُشْتَهاة) في الفقه في كتاب الطَّهارَةِ، باب: الغُسْلِ، وكتاب النِّكاحِ، باب: المُحْرَّماتِ في النِّكاحِ، عند الكلام على أثَرِ مُباشَرَةِ المُشْتَهاةِ في انتِشارِ الحُرْمَةِ بِالمُصاهَرَةِ مِن جِهَتِها. وفي باب: الحَضانَة، عند الكلام على حُكمِ حَضانَة البِنت إذا بَلَغَت حدّاً تُشتَهى فيه. وفي كتاب الحُدودِ، باب: حدّ الزِّنا.
شهو
الأُنْثَى التي تَتَعَلَّقُ بِها نُفُوسِ الرِّجالِ وتَرْغَبُ فِي جِماعِها ونحوِ ذلك بِقَطْعِ النَّظَرِ عن عُمُرِها.
المُشْتَهاةُ: هي الفَتاةُ التي بَلَغَتْ سِنّاً يُلْتَذُّ بِها الْتِذاذاً مُعْتاداً، وتَمِيلُ إليها نُفُوسُ غالِبِ الرِّجالِ، فتَأْخُذُ حُكْمَ الكَبِيرَةِ في تَحرِيمِ النَّظَرِ إليها، وتَحرِيمِ مَسِّها وغَيْرِ ذلك مِن الأحْكامِ، وليس له سِنٌّ مُحدَّدٌ؛ إذ يَخْتَلِف ذلك بين النِّساءِ بِحَسَبِ المَكانِ والبِيئَةِ، فمِن البَناتِ مَنْ تَنْمُو نُمُوّاً سَرِيعاً وتكون جَيِّدَةَ الشَّبابِ، وتَتَعَلَّقُ بِها النُّفُوسُ بِسرْعَةٍ، ولو كانت أَقَلَّ مِن عَشْر سِنِينَ، ومِنْهُنَّ عَكْسُ ذلك.
المُشْتَهاةُ: مُؤَنَّثُ مُشْتَهَى، وهو: الشَّيْءُ المَرْغُوبُ، يقال: شَهِيَ الشَّيْءَ، واشْتَهاهُ، شَهْوَةً: إذا أَحَبَّه ورَغِبَ فيهِ. وامْرْأَةٌ مُشْتَهَاةٌ، أيْ: يَرْغَبُ بِها الرِّجالُ ويَمِيلُون إلَيْها.
المرأة التي بلغت من كمال الخِلقة، بحيث يرغب فيها الرجالُ. وهي غالباً بنتُ تسع سنين، فصاعداً.
* العين : (4/68)
* تهذيب اللغة : (6/188)
* مقاييس اللغة : (3/220)
* مختار الصحاح : (ص 170)
* لسان العرب : (14/445)
* تاج العروس : (38/402)
* حاشية ابن عابدين : (2/281)
* جواهر الإكليل : (1/20)
* الـمجموع شرح الـمهذب : (2/28)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (1/129)
* كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم : (2/1547)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 430)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (37/312) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمُشْتَهَاةُ فِي اللُّغَةِ: اسْمُ مَفْعُولٍ: يُقَال اشْتَهَى الشَّيْءَ: اشْتَدَّتْ رَغْبَتُهُ فِيهِ (1) .
وَاصْطِلاَحًا قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الْمُشْتَهَاةُ مِنَ النِّسَاءِ هِيَ مَنْ وَصَلَتْ تِسْعَ سِنِينَ أَوْ أَكْثَرَ، وَنُقِل عَنِ الْمِعْرَاجِ: أَنَّ بِنْتَ خَمْسٍ لاَ تَكُونُ مُشْتَهَاةً اتِّفَاقًا وَبِنْتَ تِسْعٍ فَصَاعِدًا مُشْتَهَاةٌ اتِّفَاقًا، وَفِيمَا بَيْنَ الْخَمْسِ وَالتِّسْعِ اخْتِلاَفُ الرِّوَايَةِ وَالْمَشَايِخِ، وَالأَْصَحُّ أَنَّهَا لاَ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ - أَيْ لَيْسَتْ مُشْتَهَاةً - (2) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْمُشْتَهَاةَ هِيَ الَّتِي يُلْتَذُّ بِهَا الْتِذَاذًا مُعْتَادًا لِغَالِبِ النَّاسِ (3) .
وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ تَحْدِيدَ الْمُشْتَهَاةِ وَضَبْطَهَا يَرْجِعُ إِلَى الْعُرْفِ (4) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الصَّغِيرَةُ الَّتِي تُشْتَهَى هِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ (5) . مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُشْتَهَاةِ مِنْ أَحْكَامٍ:
يَتَعَلَّقُ بِالْمُشْتَهَاةِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
أَثَرُ لَمْسِ الْمُشْتَهَاةِ عَلَى الْوُضُوءِ
2 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ لَمْسَ الْمَرْأَةِ الْمُشْتَهَاةِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فِي الْجُمْلَةِ.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (حَدَثٌ ف 12، 13، وَلَمْسٌ ف 4) .
الْغُسْل مِنْ جِمَاعِ غَيْرِ الْمُشْتَهَاةِ
3 - قَال الْحَصْكَفِيُّ: جِمَاعُ الصَّغِيرَةِ غَيْرِ الْمُشْتَهَاةِ لاَ يُوجِبُ الْغُسْل وَلاَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَإِنْ غَابَتْ فِيهَا الْحَشَفَةُ وَذَلِكَ بِأَنْ تَصِيرَ مُفْضَاةً بِالْوَطْءِ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إِنْزَالٌ، لِقُصُورِ الشَّهْوَةِ فَلاَ يَلْزَمُ مِنْهُ إِلاَّ غَسْل الذَّكَرِ.
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: فِي الْمَسْأَلَةِ خِلاَفٌ فَقِيل: يَجِبُ الْغُسْل مُطْلَقًا، وَقِيل: لاَ يَجِبُ مُطْلَقًا، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ الإِْيلاَجُ فِي مَحَل الْجِمَاعِ مِنَ الصَّغِيرَةِ وَلَمْ يَفُضَّهَا - أَيْ لَمْ يَجْعَلْهَا مُخْتَلِطَةَ السَّبِيلَيْنِ - فَهِيَ مِمَّنْ تُجَامَعُ فَيَجِبُ الْغُسْل، وَالْوُجُوبُ مَشْرُوطٌ بِمَا إِذَا زَالَتِ الْبَكَارَةُ لأَِنَّهُ مَشْرُوطٌ فِي الْكَبِيرَةِ فَفِي الصَّغِيرَةِ بِالأَْوْلَى (6) .
وَفِي تَحْدِيدِ الْفَرْجِ الَّذِي يَجِبُ الْغُسْل بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِيهِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (غُسْلٌ ف 10) .
أَثَرُ مُبَاشَرَةِ الْمُشْتَهَاةِ فِي انْتِشَارِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ
4 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ تَنْتَشِرُ بِوَطْءِ الْمُشْتَهَاةِ أَوْ مَسِّهَا بِشَهْوَةٍ، وَقَالُوا بِنْتُ سِنِّهَا دُونَ تِسْعٍ لَيْسَتْ بِمُشْتَهَاةٍ وَبِهِ يُفْتَى وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ سَمِينَةً أَوْ لاَ، وَلِذَا قَال فِي الْمِعْرَاجِ: بِنْتُ خَمْسٍ لاَ تَكُونُ مُشْتَهَاةً اتِّفَاقًا وَبِنْتُ تِسْعٍ فَصَاعِدًا مُشْتَهَاةٌ اتِّفَاقًا وَفِيمَا بَيْنَ الْخَمْسِ وَالتِّسْعِ اخْتِلاَفُ الرِّوَايَةِ وَالْمَشَايِخِ، وَالأَْصَحُّ أَنَّهَا لاَ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ. وَلاَ فَرْقَ فِي انْتِشَارِ الْحُرْمَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ الْوَطْءِ بِالزِّنَا وَالنِّكَاحِ، فَلَوْ تَزَوَّجَ صَغِيرَةً غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ فَدَخَل بِهَا فَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ جَازَ لِلأَْوَّل التَّزَوُّجُ بِبِنْتِهَا، لِعَدَمِ الاِشْتِهَاءِ، أَمَّا أُمُّهَا فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَكَذَا تُشْتَرَطُ الشَّهْوَةُ فِي الذَّكَرِ فَلَوْ جَامَعَ صَبِيٌّ غَيْرُ مُرَاهِقٍ امْرَأَةَ أَبِيهِ لاَ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ أَيْ لاَ تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ، لأَِنَّ مَنْ لاَ يَشْتَهِي لاَ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِجِمَاعِهِ، أَمَّا الصَّبِيُّ الَّذِي وَصَل إِلَى حَدِّ الْمُرَاهَقَةِ وَهُوَ الَّذِي يُجَامِعُ مِثْلُهُ وَيَشْتَهِي وَتَسْتَحِي النِّسَاءُ مِنْ مِثْلِهِ فَهُوَ كَالْبَالِغِ (7) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: كَمَا تَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ بِالْوَطْءِ الْحَلاَل فَإِنَّهَا تَنْتَشِرُ بِالْوَطْءِ الْحَرَامِ بِشُرُوطٍ هِيَ: 1
- بُلُوغُ الْوَاطِئِ.
2 - أَنْ تَكُونَ الْمَوْطُوءَةُ مِمَّنْ يُتَلَذَّذُ بِهَا.
3 - أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ دَارِئًا لِلْحَدِّ، أَمَّا الْوَطْءُ الْحَرَامُ الَّذِي لاَ يَدْرَأُ الْحَدَّ كَالزِّنَا فَفِيهِ خِلاَفٌ فِي نَشْرِ الْحُرْمَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ نَشْرِ الْحُرْمَةِ. وَمُقَدِّمَاتُ الْوَطْءِ كَالْوَطْءِ فِي نَشْرِ الْحُرْمَةِ (8) .
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الْوَطْءَ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ مُوجِبٌ لِلتَّحْرِيمِ، فَلاَ فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُبَاحًا أَوْ مُحَرَّمًا بِحَائِلٍ غَيْرِ صَفِيقٍ إِنْ أَحَسَّ بِالْحَرَارَةِ أَوْ بِدُونِهِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ، لأَِنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ، وَهُوَ يُسَمَّى نِكَاحًا، فَدَخَل فِي عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (9) .
وَقَالُوا: يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ التَّحْرِيمِ حَيَاةُ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ، فَلَوْ أَوْلَجَ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِ مَيِّتَةٍ أَوْ أَدْخَلَتِ امْرَأَةٌ حَشَفَةَ مَيِّتٍ فِي فَرْجِهَا، لَمْ يُؤَثِّرْ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ مِثْلِهِمَا يَطَأُ وَيُوطَأُ فَلاَ يَتَعَلَّقُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْءِ صَغِيرٍ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ.
وَعَلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ مِثْلِهِمَا يَطَأُ وَيُوطَأُ فَلَوْ عَقَدَ ابْنُ تِسْعٍ عَلَى امْرَأَةٍ وَأَصَابَهَا وَفَارَقَهَا، حَلَّتْ لَهُ: بِنْتُهَا إِذْ لاَ تَأْثِيرَ لِهَذِهِ الإِْصَابَةِ، فَوُجُودُهَا كَعَدِمِهَا وَكَذَا عَكْسُهُ كَمَا لَوْ أَصَابَ ابْنُ عَشْرٍ فَأَكْثَرَ مَنْ دُونَ تِسْعِ سِنِينَ، وَفَارَقَهَا، فَبَلَغَتْ، وَاتَّصَلَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَأَتَتْ مِنْهُ بِبِنْتِ، حَلَّتْ تِلْكَ الْبِنْتُ لِمُصِيبِ أُمِّهَا حَال صِغَرِهَا، لأَِنَّهُ لاَ يَحْرُمُ، وَلاَ يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِذَلِكَ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ لاَ تَحْرِيمَ بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ وَمُبَاشَرَةٍ وَنَظَرٍ إِلَى فَرْجٍ لِشَهْوَةِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ (10) .
حَضَانَةُ الْمُشْتَهَاةِ
5 - ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ ثُبُوتِ حَقِّ الْحَضَانَةِ لِلْحَاضِنِ غَيْرِ الْمَحْرَمِ كَابْنِ الْعَمِّ وَابْنِ الْعَمَّةِ وَابْنِ الْخَال وَابْنِ الْخَالَةِ أَنْ لاَ تَبْلُغَ الْبِنْتُ الْمَحْضُونَةُ حَدًّا يُشْتَهَى بِمِثْلِهَا.
فَإِذَا بَلَغَتْ هَذَا الْحَدَّ، فَلاَ تُسَلَّمُ إِلَى الْحَاضِنِ الْمَذْكُورِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ لَهَا فَيَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الْحَضَانَةِ، وَكَذَا إِنْ كَانَ الْمَحْضُونُ ذَكَرًا وَالْحَاضِنُ أُنْثَى غَيْرَ مَحْرَمٍ كَبِنْتِ الْخَالَةِ وَبِنْتِ الْخَال وَبِنْتِ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْعَمِّ وَنَحْوِهِنَّ فَتَسْتَمِرُّ حَضَانَتُهُ مَعَهَا حَتَّى يَبْلُغَ حَدًّا يَشْتَهِي مِثْلُهُ فَإِذَا بَلَغَ هَذَا الْحَدَّ سَقَطَ حَقُّهَا فِي حَضَانَتِهِ لِعَدَمِ الْمَحْرَمِيَّةِ (11) .
وَانْظُرِ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (حَضَانَةٌ ف 9 - 14) . اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْفَرْجِ الْمَزْنِيِّ بِهِ مُشْتَهًى لِوُجُوبِ حَدِّ الزِّنَا
6 - ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ حَدِّ الزِّنَا أَنْ يَكُونَ الْفَرْجُ الْمَزْنِيُّ بِهِ مُشْتَهًى طَبْعًا أَيْ يَشْتَهِيهِ ذَوُو الطَّبَائِعِ السَّلِيمَةِ مِنَ النَّاسِ بِأَنْ كَانَ فَرْجَ آدَمِيٍّ حَيٍّ، وَذَلِكَ احْتِرَازًا عَنْ وَطْءِ الْمَيِّتَةِ فَلاَ يَجِبُ فِيهِ الْحَدُّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهُ مِمَّا يَنْفِرُ عَنْهُ الطَّبْعُ السَّلِيمُ، وَتَعَافُهُ النَّفْسُ، فَلَمْ يُحْتَجْ إِلَى الزَّجْرِ عَنْهُ بِحَدِّ الزِّنَا (12) .
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْحَدَّ يَجِبُ عَلَى مَنْ وَطِئَ مَيِّتَةً، لأَِنَّهُ وَطْءٌ فِي فَرْجِ آدَمِيَّةٍ فَأَشْبَهَ وَطْءَ الْحَيَّةِ، وَلأَِنَّهُ أَعْظَمُ ذَنْبًا وَأَكْثَرُ إِثْمًا، لأَِنَّهُ انْضَمَّ إِلَى الْفَاحِشَةِ هَتْكُ حُرْمَةِ الْمَيِّتَةِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الأَْوْزَاعِيُّ (13) .
وَاحْتِرَازًا كَذَلِكَ عَنْ وَطْءِ صَغِيرَةٍ غَيْرِ مُشْتَهَاةٍ فَلاَ يَجِبُ فِيهِ الْحَدُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ (14) لاَ عَلَى الرَّجُل الْفَاعِل وَلاَ عَلَى الصَّغِيرَةِ غَيْرِ الْمُشْتَهَاةِ وَلاَ تُحَدُّ الْمَرْأَةُ إِذَا كَانَ الْوَاطِئُ غَيْرَ بَالِغٍ، قَال الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ: لاَ حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ صَغِيرَةً لَمْ تَبْلُغْ تِسْعًا، لأَِنَّهَا لاَ يُشْتَهَى مِثْلُهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَدْخَل أُصْبُعَهُ فِي فَرْجِهَا، وَكَذَلِكَ لَوِ اسْتَدْخَلَتِ امْرَأَةٌ ذَكَرَ صَبِيٍّ لَمْ يَبْلُغْ عَشْرًا لاَ حَدَّ عَلَيْهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ وَطْؤُهَا وَمَكَّنَتِ الْمَرْأَةُ مَنْ أَمْكَنَهُ الْوَطْءُ فَوَطِئَهَا أَنَّ الْحَدَّ يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ مِنْهُمَا فَلاَ يَجُوزُ تَحْدِيدُ ذَلِكَ بِتِسْعِ، وَلاَ عَشْرٍ، لأَِنَّ التَّحْدِيدَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالتَّوْقِيفِ وَلاَ تَوْقِيفَ فِي هَذَا وَكَوْنُ التِّسْعِ وَقْتًا لإِِمْكَانِ الاِسْتِمْتَاعِ غَالِبًا لاَ يَمْنَعُ وُجُودَهُ قَبْل، كَمَا أَنَّ الْبُلُوغَ يُوجَدُ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا غَالِبًا وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ وُجُودِهِ قَبْلَهُ (15) .
__________
(1) المعجم الوسيط.
(2) حاشية ابن عابدين 2 / 281، 283.
(3) جواهر الإكليل 1 / 20.
(4) المجموع 2 / 28.
(5) كشاف القناع 1 / 129.
(6) رد المحتار على الدر المختار 1 / 112، 99.
(7) رد المحتار على الدر المختار 2 / 281، 282، والفتاوى الهندية 1 / 274 - 275.
(8) حاشية الدسوقي 2 / 240، 251.
(9) سورة النساء / 22.
(10) مطالب أولي النهى 5 / 94 - 95.
(11) كفاية الأخيار 2 / 152، 154، وكشاف القناع 5 / 497، والفتاوى الهندية 1 / 542.
(12) رد المحتار على الدر المختار 3 / 141 - 142، وجواهر الإكليل 2 / 283، ومغني المحتاج 4 / 144 - 146، وكفاية الأخيار 2 / 182، والمغني لابن قدامة 8 / 181.
(13) مغني المحتاج 4 / 145، والمغني لابن قدامة 8 / 181.
(14) رد المحتار على الدر المختار 3 / 141، والقوانين الفقهية ص347، والمغني لابن قدامة 8 / 181 - 182، ومغني المحتاج 4 / 146.
(15) المغني لابن قدامة 8 / 181 - 182.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 312/ 37
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".