الأول
(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله ﷺ: «يا عبد الله بن قيس، ألا أَدُلُّكَ على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله». زاد النسائي: «ولا مَلْجَأَ من الله إلا إليه».
[صحيح والزيادة التي عند النسائي: منكرة. والمنكر هو: الحديث الذي خالف فيه الراوي الضعيف سائر الرواة الثقات.] - [متفق عليه، والزيادة للنسائي.]
أرشد النبي ﷺ أبا موسى إلى كنز عظيم من كنوز الجنة يجمع ويدخر له إلى وقت يكون العبد أحوج ما يكون لمثل هذه الكنوز والأموال، فقال له (لاحول ولا قوة إلا بالله) هذه الكلمة مثل الكنز الذي يكون من أنفس أموال العباد، فهي لها ثواب عظيم وكثير، وهذا الثواب الكبير مدخرٌ يوم القيامة عند الله لعباده، والسر في هذا الأجر الكبير لهذه الكلمة لأنها تتضمن استسلام وتفويض العبد أمره إلى الله، وأن العبد لا يملك شيئا من الأمر، فهو يتبرأ من كل حول ومن كل قوة، ومن أي استطاعة له، إلا أن يكون المعين هو الله جل وعلا، وإذا أرادك الله بشيء فلا أحد ينقذك من الله جل وعلا، لأنه لا ملجأ ولا مهرب منه سبحانه وتعالى إلا إليه، فالتحصن إنما يكون برضاه سبحانه وتعالى.
كنز | الكنز: هو ما يدفن من الأموال والأمتعة، والمقصود به في الحديث هو المال المدَّخَر، وجمعُهُ كُنوز . |
ملجأ | الملجأ هو مكان اللجوء والاعتصام، ولجأ: أي لاذ وهرب. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".