أهمية السنة ومكانتها
قال الإمام أحمد -رحمه الله-: «عجبت لقومٍ عرَفُوا الإسناد وصِحَّتَه، يَذْهَبُون إلى رَأْيِ سُفْيَان؛ والله تعالى يقول: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة}. أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رَدَّ بعض قوله أن يَقَعَ في قلبه شيءٌ مِن الزَّيْغِ فيَهْلِكَ».

شرح الحديث :


يُنْكِر الإمام أحمد على مَن يَعْرِفُ الحديث الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم بعد ذلك يُقَلِّدُ سُفْيَانَ أو غيرَه فيما يُخالف الحديث، ويَعْتَذِرُ بالأعذار الباطلة؛ ليُبَرِّرَ فعله، مع أن الفَرْضَ والحَتْمَ على المؤمن إذا بلَغه كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وعَلِم معنى ذلك: أن يَعْمَل به ولو خالفه من خالفه، فبذلك أمَرَنا ربُّنا -تبارك وتعالى-، وأمرنا نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم-، ثم يَتَخَوَّف الإمام أحمد على مَن صحَّت عنده سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم خالف شيئًا منها أن يَزِيغَ قَلْبُه فيَهْلِكَ في الدنيا والآخرة، ويستشهد بالآية المذكورة، ومثلها في القرآن كثير كقوله تعالى: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم}. هذا مع الاعتذار للعالم الذي يخالف؛ لأن العلماء الربانيين لا يتعمدون مخالفة الكتاب والسنة ولكن قد يخفى عليهم شيء منها أو يعتقدون نسخه أو ضعفه.

معاني الكلمات :


عجبت العجب هنا بمعنى الإنكار.
عرفوا الإسناد وصحته عرفوا صحة الحديث بمعرفة رجاله.
يذهبون إلى رأي سفيان يأخذون برَأْيِ سفيان الثوري، ويتركون الحديث، وقد صحَّ عندهم سنده.
يخالفون عن أمره يُعْرِضُون عن أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
تُصيبهم فتنة أي: يَنْزِل بهم عذابٌ في الدنيا، بقَتْلٍ أو غيره. والفتنة هنا فسَّرها الإمام أحمد بالشرك، والشرك: هو إشراك غير الله معه في أي نوع من أنواع العبادة.
أو يصيبهم عذاب أليم يَدَّخِرُ الله لهم عذابًا شديدا في الآخرة.
إذا ردَّ بعضَ قوله إذا ردَّ بعض قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
من الزيغ العدول عن الحق، وفساد القلب.

فوائد من الحديث :


  1. تحريم التقليد على من يَعْرِف الدليل ومعناه .
  2. جواز التقليد لمن لا يَعْرِف الدليل؛ بأن يُقَلِّد من يثق بعلمه ودينه من أهل العلم .
  3. تحريم ترك سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقول أحد من الناس .
  4. الإعراض عن شرع الله سبب للهلاك في الدنيا والآخرة .

المراجع :


  • -الإبانة الكبرى لابن بطة العُكْبَري- المحقق: رضا معطي، وعثمان الأثيوبي، ويوسف الوابل، والوليد بن سيف النصر، وحمد التويجري- دار الراية للنشر والتوزيع، الرياض الطبعة: الثانية، 1415 هـ - 1994 م -الجديد في شرح كتاب التوحيد- محمد بن عبد العزيز السليمان القرعاوي- دارسة وتحقيق: محمد بن أحمد سيد أحمد- مكتبة السوادي، جدة، المملكة العربية السعودية- الطبعة: الخامسة، 1424هـ/2003م.
  • -الملخص في شرح كتاب التوحيد- صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان- دار العاصمة الرياض- الطبعة: الأولى 1422هـ- 2001م.
  • -القول المفيد على كتاب التوحيد- محمد بن صالح بن محمد العثيمين- دار ابن الجوزي، المملكة العربية السعودية- الطبعة: الثانية, محرم 1424هـ.

ترجمة نص هذا الحديث متوفرة باللغات التالية