الحكم
كلمة (الحَكَم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعَل) كـ (بَطَل) وهي من...
العربية
المؤلف | صالح بن محمد آل طالب |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الزكاة - الصيام |
شهرُكم الكريمُ الذي امتنَّ الله عليكُم بأيامِه وليالِيه قد فرطَت أيامُه وتقضَّت ساعاتُه، ولم يبقَ منها إلا أيامُ الوداعُ، ثلاثٌ ليالٍ أو أربع، كقطَرات ماءٍ يتصابُّها صاحبُها .. ثلاثُ ليالٍ أو أربع ثم هو مُودِّعٌ ومُودَّع، وبما قدَّم فيه من عملٍ مُستودَع، إلا أن ما بقِيَ من الشهر هو خيرُه وأرجاه، وأعظمُه وأبهَاه. ففيه أرجَى الليالِي لليلةِ القدر، وفيه ليالِي العِتقِ من النار، ولآخر ليالِي رمضان هيبةٌ لا تُضارَع، فالاعتِمادُ كلُّ الاعتِماد إنما هو على رحمةِ الله وحدِه. فاجعَلوا ما بقِيَ من ساعات الشهر وليالِيه مطايا إلى رِضوان الله، واستحِثُّوها في المسرَى لتبلُغ موعودَ الله...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، يُتابِعُ المواسِمَ على عبادِه ليزكُوا، ويشرعُ لهم من العبادات ما تزيدُ به أجورُهم وتربُو، ويدعُوهم إلى التوبةِ في كل حينٍ لتطهُر نفوسُهم وتصفُو، أشهدُ أن لا إله إلا الله كم في أقداره وشرائِعِه من ألطاف، وكم جعلَ الخِيرَة لنا فيما كنا نحذرُ ونخاف، له المُلكُ والملكُوت، والعزَّةُ والجبَروت، أقدارُه في الخلائِقِ نافِذة، وخزائِنُه ملأى وليست نافِدة، يفرحُ بسُؤالات خلقِه له وهو الكريم، وباستِمطارهِم لرحماته وهو الرحيم.
وأشهدُ أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه كان لأمَّته قُدوة، وفي خوفِه من ربِّه ورجائِه له مثالاً وأُسوة، عَمَرَ حياتَه كلَّها عبادةً وطاعة، إلا أن ذروَة تألُّهه كانت في هذه العَشر، وغايةَ جُهده في هذه الليالي الزُّهر، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابِه وأتباعِه بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد .. أيها المُسلمون:
فلم تزَل الوصيةُ بالتقوَى هي خيرُ الوصايا، وهي العُدَّةُ في الرَّزايا، (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء: 131].
من لم يتفطَّن إلى أن مُرورَ الأيام إلى ربِّه يُدنِيه، وتصرُّم الليالي تُبعِدُه عن الدنيا وتُجافِيه، وأن كل يومٍ يفوتُ من عُمرِه هو صُندوقٌ يُغلَق، وكل ساعةٍ تمُرُّ به هي شُعبةٌ من شُعبِ رُوحِه تزهَق. من لم يُدرِك ذلك فقد أطالَ الأمل، واستبعَدَ الأجَل.
فيا لله! كم سيتقلَّبُ على جَمر الحسرَات أسفًا على الفوات؟! أتدرِي كيف يُسرَقُ عُمرُ الإنسان؟ يُذهلُ عن يومِه في ارتِقابِ غدِه، ولا يزالُ كذلك حتى ينقضِيَ أجلُه ويدُه صِفرٌ من أي خيرٍ.
أيها المسلمون:
شهرُكم الكريمُ الذي امتنَّ الله عليكُم بأيامِه وليالِيه قد فرطَت أيامُه وتقضَّت ساعاتُه، ولم يبقَ منها إلا أيامُ الوداعُ، ثلاثٌ ليالٍ أو أربع، كقطَرات ماءٍ يتصابُّها صاحبُها .. ثلاثُ ليالٍ أو أربع ثم هو مُودِّعٌ ومُودَّع، وبما قدَّم فيه من عملٍ مُستودَع، إلا أن ما بقِيَ من الشهر هو خيرُه وأرجاه، وأعظمُه وأبهَاه.
ففيه أرجَى الليالِي لليلةِ القدر، وفيه ليالِي العِتقِ من النار، ولآخر ليالِي رمضان هيبةٌ لا تُضارَع، فالاعتِمادُ كلُّ الاعتِماد إنما هو على رحمةِ الله وحدِه.
ولأنه شهرٌ مُباركةٌ ساعاته وأيامه، ولأن بركةَ الله لا مُنتهَى لها ولا حدّ، فامتاحُوا من بركة الشهر ما بقِي، وتزوَّدوا من ساعاته ما لم تزَل؛ فإنكم لا تعلَمون أيَّ ساعةٍ تحِلُّ عليكم فيها سعادةُ الأبَد، ولا اللحظةُ التي تطوِيكُم فيها رحَمَاتُ الله، ويتفضَّلُ عليكم بالقَبول.
فاجعَلوا ما بقِيَ من ساعات الشهر وليالِيه مطايا إلى رِضوان الله، واستحِثُّوها في المسرَى لتبلُغ موعودَ الله؛ فالمعونةُ من الله تنزِلُ على العباد على قَدر هِمَمهم وثباتهم، ورغبتهم ورهبَتهم، والخِذلانُ ينزِلُ إليهم على حسبِ ذلك.
فاشترِ نفسَك اليوم ما دامَت السوقُ قائِمة، والبضائِعُ رخيصَة، وسيأتي يومٌ لا تصِلُ فيه إلى قليلٍ ولا كثير، ذلك يوم التغابُن.
أيها المسلمون:
لقد كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهِدُ في رمضان ما لا يجتهِدُ في غيره، ويجتهِدُ في العشر الأواخِر منه ما لا يجتهِدُ في غيرِها، فيعتكِفُ فيها، ويشُدُّ مئزَرَه، ويُحيِي ليلَه، ويُوقِظُ أهلَه، كما روى ذلك البخاري ومسلم.
وما ذاك إلا لفضلِ هذه الليالي، ورغبةً في مُوافقةِ ليلةِ القدر التي شرَّفَها الله تعالى وباركَ فيها؛ فهي الليلةُ التي يُفرقُ فيها كلُّ أمرٍ حكيم؛ أي: يُفصلُ من اللوح المحفُوظ إلى الكتَبَة ما هو كائِنٌ من أمر الله - سبحانه - في تلك السنة من الأقدار والأرزاق والآجال، والخير والشر، وغير ذلك من كل أمرٍ حكيم.
بسم الله الرحمن الرحيم: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر: 1- 5].
فهي الليلةُ التي نزلَ فيها القرآنُ العظيم، ويكثُرُ نزولُ الملائكة فيها، لكثرةِ بركتِها، ونزول الرحمة فيها، وهي سلامٌ للمُؤمنين من كل مخُوفٍ، لكثرةِ العُتَقاء فيها من النار، والسالِمين من العذابِ، وعبادةُ المُسلم لله في هذه الليلة خيرٌ من عبادةِ ألفِ شهرٍ فيما سِواها من الليالي.
فهنيئًا لمن وُفِّق لقيامِها وقبِلَ الله منه؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «من قامَ ليلةَ القدر إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه» (رواه البخاري ومسلم).
إنها ليلةُ العِتق والمُباهاة .. ليلةُ القُرب والمُناجاة .. ليلةُ الرحمة والغُفران .. ليلةٌ هي أم الليالي، كثيرةُ البركات .. عزيزةُ الساعات .. القليلُ من العمل فيها كثير، والكثيرُ منه مُضاعَف.
ومن رحمةِ الله بعبادِه أن أخفَى عليهم علمَ ليلةِ القدر ليكثُر عملُهم في طلبِها في ليالِي العشر بالصلاة والذكر والدعاء، فيزدادُوا قُربةً من الله وثوابًا، وأخفاها اختِبارًا لهم، ليتبيَّن بذلك من كان جادًّا في طلبِها حريصًا عليها، ممن كان كسلانَ مُتهاوِنًا؛ فإن من حرِصَ على شيءٍ جدَّ في طلبِه، وهانَ عليه التعبُ في سبيلِ الوُصولِ إليه وثَرِبِه. فعليكم بالعمل.
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُجاوِرُ في العشر الأواخِر من رمضان، ويقول: «تحرَّوا ليلةَ القدر في العشرِ الأواخِرِ من رمضان» (رواه البخاري ومسلم).
فكل ليلةٍ حرِيَّةٌ بليلةِ القدر، وأرجاها ليالِي الوِتر، وأرجاهنَّ ليلة سبعٍ وعشرين، وفي كل ليلةٍ لله عُتقاءُ من النار.
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قلتُ: يا رسولَ الله! أرأيتَ إن علمتُ أيَّ ليلةٍ ليلةُ القدر، ما أقولُ فيها؟ قال: «قُولِي: اللهم إنك عفُوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عني» حديثٌ صحيح؛ (أخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه).
قال ابن رجبٍ - رحمه الله -: "ولم يكُن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بقِيَ من رمضان عشرة أيام يدَعُ أحدًا من أهله يُطيقُ القيامَ إلا أقامَه".
أيها المسلمون:
القيامُ مع المُؤمنين نعمةٌ عظيمةٌ في هذه الليالِي، تُحيِي العزيمة، وتُذكِي الهمَّة، قُرآنٌ يُتلَى، ورُكوعٌ وسُجودٌ ودُعاء، وربٌّ كريم.
طُولُ القيام يحتاجُ لمُجاهَدةٍ وصبرٍ، ومن تأمَّل عددَ الساعات التي فرطَت منه طُول العام لم يرَ قيامَه هذه السُّويعَات قليلاً. تذكَّر بطُول قيامِك طُولَ القيامِ بين يدَي الله يوم العرضِ، فخفِّف ذاك بإطالةِ هذا.
أما طولُ السُّجود، فأخرِج لله حاجاتِك ورغبَاتِك ورهبَاتِك، فإنه قريبٌ مُجيب.
وللعبدِ بين يدَي الله موقِفان: موقِفٌ بين يدَيه في الصلاة، وموقِفٌ بين يدَيه يوم لقائِه. فمن قامَ بحقِّ الموقِف الأول هُوِّن عليه الموقِفُ الآخر.
فأحسِنُوا الخِتامَ، ختمَ الله لنا ولكم بالحُسنى، وألِحُّوا على الله بالدعاء فإنه يُحبُّ المُلِحِّين. تضرَّعُوا لله وارجُوه، وتملَّقُوا بين يدَيه - سبحانه - واستغفِرُوه، اطلُبُوا خيرَي الدنيا والآخرة لأنفُسِكم ولأهلِيكم وقرابَتِكم، ولبلادِكم ولمن ولاَّه الله أمرَكم، ولمن يُدافِعون عنكم على ثُغور بلادِكم، وللمُسلمين.
واجعَلوا حظًّا من دُعائِكم لإخوانِكم المنكُوبِين، خُصُّوا إخوانَكم في سُوريا وفلسطين وكل جُرحٍ للمُسلمين ينزِف، (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف: 55، 56].
بارَك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعَنا بما فيهما من الآياتِ والحكمة، أقولُ قولي هذا، وأستغفِرُ الله تعالى لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله المُؤمَّل الكريم، الرحمن الرحيم، أشهَدُ أن لا إله إلا هو الملكُ العليم، وأشهَدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبِه أجمعين.
أيها المسلمون:
إن الله تعالى قد شرعَ لكم في خِتام شهرِكم: زكاةَ الفِطر، وهي واجِبةٌ بالإجماع على القادر عن نفسِه وعمن يعُول، كما أنها وجهٌ مُشرِقٌ في محاسِنِ هذا الدينِ العظيمِ؛ حيث العيدُ للغنيِّ والفقير، والواجِدِ والمُعدَم، وحتى يكون عيدًا فلا بُدَّ أن يفرَحَ الجميع.
ويُسنُّ إخراجُها عن الحمل ولا يجبُ. ووقتُها من قبل العيدِ بيومٍ أو يومين إلى ما قبل صلاةِ العيد.
فاحرِصُوا على أدائِها - رحِمكم الله - لمُستحقِّيها، ومِقدارُها: صاعٌ من تمرٍ، أو صاعٌ من شعيرٍ، أو طعامٌ من غالبِ قُوتِ البلد؛ كالبُرِّ والأرز، وتُخرَجُ في بلد الصائِمِ ويجوزُ نقلُها لبلدٍ أهلُه أكثرُ حاجةً.
قال عبدُ الله بن عُمر - رضي الله عنهما -: "فرضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زكاةَ الفِطر من رمضان صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من شعيرٍ، على العبدِ والحُرِّ، والذَّكَر والأُنثى، والصغير والكبير من المُسلمين، وأمرَ بها أن تُؤدَّى قبل خُروج الناسِ إلى الصلاةِ" (أخرجه البخاري).
وقال ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -: "فرضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زكاةَ الفِطر طُهرةً للصائِمِ من اللَّغوِ والرَّفَث، وطُعمةً للمساكِين، من أدَّاها قبل الصلاةِ فهي زكاةٌ مقبُولة، ومن أدَّاها بعد الصلاةِ فهي صدقةٌ من الصدقاتِ" (رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما، وهو صحيحُ الإسناد).
ثم أدُّوا صلاةَ العيد مع المُسلمين، واصحَبُوا إليها أولادَكم ونساءَكم؛ فهي شعيرةٌ ظاهرةٌ من شعائِرِ المُسلمين.
ويُسنُّ التكبيرُ ليلةَ العيد وصَبيحَةَ العيد حتى يدخُل الخطيب، ويُجهَرُ بالتكبيرِ في الأسواقِ والطُرُقات، قال الله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].
فأعيادُ المُسلمين تميَّزت عن أعياد الجاهليَّة بأنها قُربةٌ وطاعةٌ لله، وفيها تعظيمُ الله وذِكرُه بالتكبير في العيدَين وحُضور الصلاة في جماعة، وتوزيع زكاة الفِطر، وإظهار الفرَح والسُّرور على نعمةِ الدينِ ونعمةِ تمامِ الصيام.
فابتهِجُوا بعيدِكم، واشكُرُوا اللهَ على التمامِ، واسأَلوه القبولَ وحُسنَ الخِتام؛ فالعيدُ هبةُ الله لعبادِه، ليفرَحوا وليُوسِّعوا على أنفُسِهم وأهلِيهم.
وينبغي على من أكرمَه الله بالإمامةِ لصلاةِ العيدِ والقيامِ بخُطبتَيه: أن تكون مضامِينُ خُطبتِه حولَ مضامين الفرح، والتوسِعةِ على الأهل، وعلى الصِّلةِ، ومُواصَلةِ العمل الصالِح؛ فإن من قِلَّة الفقهِ استِجلاب الحُزن واستِذكار البُؤس في يوم العيد، مهما كانت بُؤس الأحوال حولَنا؛ فإن هذا اليوم هو يومٌ مخصُوصٌ أرادَ الله للمُسلمين أن يكونوا فيه على حالةٍ مخصُوصة، وهي حالةُ السُّرور والفرَح، كما قال - عليه الصلاة والسلام -: «للمُؤمنِ فرحَتان: فرحةٌ عند فِطره، وفرحةٌ عند لقاءِ ربِّه» (متفق عليه).
والمقصُودُ بفرحةِ الفِطر: هي فرحةُ عيدِ الفِطر.
لأجل هذا شُرِع لُبسُ الجديد، وفعلُ ما يُبهِجُ في غير معصيةِ الله. فإذا استحضرَ الخطيبُ الأحزانَ، واستدرَّ الدموعَ في خُطبتِه فقد فقأَ عينَ العيد وأطفأَ بهجتَه، وهذا ما لم يُرِده الله لنا في هذا اليوم بالذاتِ.
اللهم اجعَل خيرَ أعمالِنا خواتِمَها، وخيرَ أعمارِنا أواخِرَها، وخيرَ أيامِنا يومَ نلقَاك.
اللهم اغفِر لنا ما مضَى، وأصلِح لنا ما بقِي، اللهم إنا نسألُك فعلَ الخيرات، وتركَ المُنكرات، وحُبَّ المساكين، وأن تغفِر لنا وترحمَنا، وإذا أردتَ فتنةً قومٍ فتوفَّنا غيرَ مفتُونين.
نسألُك حبَّك، وحبَّ من يُحبُّك، وحبَّ عملٍ يُقرِّبُنا إلى حبِّك.
ثم اعلَموا - رحِمكم الله - أن الله أمرَكم بأمرٍ بدأَ فيه بنفسِه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وارضَ اللهم عن صحابةِ رسولِك أجمعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الطُّغاةَ والملاحِدَة والمُفسِدين، اللهم انصُر دينَك وكتابَك وسُنَّة نبيِّك وعبادَك المؤمنين.
اللهم أبرِم لهذه الأمة أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ طاعتِك، ويُهدَى فيه أهلُ معصيتِك، ويُؤمرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى عن المُنكَر يا رب العالمين.
اللهم من أرادَ الإسلامَ والمُسلمين بسُوءٍ فأشغِله بنفسِه، ورُدَّ كيدَه في نحرِه، واجعَل دائرةَ السَّوء عليه يا رب العالمين.
اللهم انصُر المُجاهدين في سبيلِك في فلسطين، وفي كل مكانٍ يا رب العالمين، اللهم فُكَّ حِصارَهم، وأصلِح أحوالَهم، واكبِت عدوَّهم.
اللهم إنا نسألُك باسمِك الأعظَم أن تلطُف بإخوانِنا المُسلمين في كل مكان، اللهم كُن لهم في فلسطين، وسُوريا، والعراق، واليمن، وفي كل مكان، اللهم الطُف بهم، وارفَع عنهم البلاءَ، وعجِّل لهم بالفرَج، اللهم أصلِح أحوالَهم، واجمَعهم على الهُدى، واكفِهم شِرارَهم، واكبِت عدوَّهم.
اللهم عليك بالطُّغاة الظالِمين ومن عاونَهم، اللهم عليك بالطُّغاة الظالِمين ومن عاونَهم.
اللهم حرِّر المسجد الأقصَى من ظُلم الظالمين وعُدوان المُحتلِّين.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفَين لما تحبُّ وترضَى، وخُذ به للبرِّ والتقوى، اللهم وفِّقه ونائبَيه وأعوانَهم لما فيه صلاحُ العباد والبلاد، وجازِهم بالخيرات على ما يبذُلُونَه لخدمةِ الحرمين الشريفَين وقاصِدِيهما.
اللهم وفِّق رِجالَ أمننا، والعاملين لخدمةِ المُعتمِرين وقاصِدي الحرمين، وأجزِل لهم الأجرَ والثواب.
اللهم وفِّق واحفَظ المُرابِطين على ثُغورِنا وحُدودِنا، والمُجاهِدين لحفظِ أمنِ بلادِنا وأهلِنا وديارِنا المُقدَّسة، اللهم كُن لهم مُعينًا ونصيرًا وحافِظًا.
اللهم وفِّق ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، واتِّباع سُنَّة نبيِّك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، واجعَلهم رحمةً على عبادِك المؤمنين.
اللهم انشُر الأمنَ والرخاءَ في بلادِنا وبلادِ المسلمين، واكفِنا شرَّ الأشرار، وكيدَ الفُجَّار.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201]، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [آل عمران: 147].
اللهم اغفِر ذنوبَنا، واستُر عيوبَنا، ويسِّر أمورَنا، وبلِّغنا فيما يُرضِيك آمالَنا.
اللهم ما قسمتَ في هذه الليالِي من خيرٍ وسعادةٍ وعافيةٍ وسَعة رِزقٍ، فاجعَل لنا منه أوفرَ الحظِّ والنصيبِ، وما أنزلتَ فيها من بلاءٍ وشرٍّ وفتنةٍ فاصرِفه عنا وعن المُسلمين يا رب العالمين.
ربنا اغفر لنا ولوالدِينا ووالدِيهم، وأزواجِنا وذريَّاتِنا، إنك سميع الدعاء.
اللهم إنا نسألُك رِضاكَ والجنة، ونعوذُ بك من سخَطِك والنار.
اللهم ما سألنَاكَ في هذا الشهر من مسألةٍ صالحةٍ فاجعَل أوفرَ الحظِّ والنصيبِ فيها لنا ولأحبابِنا ولمن أوصانا بالدُّعاء ولمن له حقٌّ علينا. اللهم اجعَلنا من المُوفَّقين لقيامِ ليلةِ القدر، واجعَلنا من المقبُولين، واجعَلنا من عُتقائِك من النار.
اللهم تقبَّل صيامَنا وقيامَنا، ودُعاءَنا، وصالحَ أعمالِنا، إنك أنت السميعُ العليم، وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
سبحان ربِّك ربِّ العزة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله رب العالمين.