المليك
كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...
العربية
المؤلف | سعد بن تركي الخثلان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
إن هذه المشكلة تترك آثارا سيئة على المرأة وعلى أسرتها، بل وعلى المجتمع؛ تنظر تلك المرأة إلى أقرانها ومن في سنها وقد تزوجت كل واحدة منهن، فتتألم وتتحسر، وتصاب بالألم النفسي المبرح، وربما أثر ذلك على تصرفاتها، وعلى تعاملاتها مع الآخرين. بل يذكر بعض أهل الاختصاص أنه ربما تطور الأمر فأصيبت...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي جعل (مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا) [الفرقان: 54] أحمده تعالى وأشكره حمدا وشكرا كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره حمدا وشكرا كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله الله -تعالى- بين يدي الساعة، فبلغ رسالة ربه، وأكمل الله به الدين، وأتم به النعمة، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، واتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله -أيها المسلمون- اتقوا الله حق التقوى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ) [النساء: 131]، (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق: 2 - 3]، (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) [الطلاق: 4]، (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) [الطلاق: 5].
عباد الله: الحديث في هذه الخطبة عن مشكلة اجتماعية هي من أخطر المشاكل الاجتماعية، وأكبرها أثرا على الفرد وعلى الأسرة، بل وعلى المجتمع كله.
وهذه المشكلة في تزايد، وهي ما يسمى في مجتمعنا: "بالعنوسة" أو تعد الفتاة لسن الزواج دون أن تتزوج، فتخالف بذلك الطريق الفطري للفتاة، وهو أن تتزوج وتبني أسرة، ويكون لها أولاد تشبع عن طريقهم عاطفة الأمومة في نفسها وهم صغار، وتعتمد عليهم بعد الله -عز وجل- وهم كبار.
إن هذه المشكلة تترك آثارا سيئة على المرأة وعلى أسرتها، بل وعلى المجتمع؛ تنظر تلك المرأة إلى أقرانها ومن في سنها وقد تزوجت كل واحدة منهن، فتتألم وتتحسر، وتصاب بالألم النفسي المبرح، وربما أثر ذلك على تصرفاتها، وعلى تعاملاتها مع الآخرين.
بل يذكر بعض أهل الاختصاص أنه ربما تطور الأمر فأصيبت تلك الفتاة بآلام عضوية نتيجة للحزن، وكثرة التفكير في حالها، وربما دفعت تلك الحال هذه المرأة إلى الوقوع في الفساد الأخلاقي خاصة مع ضعف الوازع، وكثرة الفتن، ودواعي الفساد.
عباد الله: هذه المشكلة وإن كانت موجودة من قديم الزمان إلا أنها قد كثرت في زماننا هذا لأسباب كثيرة، ومن هنا فإن على المجتمع مسئولية كبيرة في علاجها، وتتأكد هذه المسئولية على العلماء وطلبة العلم، والدعاة والقضاة، والمربين والمعنيين بحل المشاكل الاجتماعية، وأصحاب النفوذ والتأثير في المجتمع.
عباد الله: ولبحث هذه المشكلة يبرز لنا محوران أساسيان:
الأول: أسبابها.
والثاني: العلاج.
أما أسباب هذه المشكلة فهي كثيرة، ولكنها تنحصر في الرجوع إما إلى الولي، وإما إلى الفتاة.
أما الولي فعضله تلك المرأة عن الزواج، ورد الخاطب الكفؤ من غير سبب، فيردد عن هذه الفتاة حتى يكبر بها السن، ويفوتها القطار، فقد ذكر فقهاؤنا -رحمهم الله- أن العضل من الولي إذا كان الخاطب كفؤا أن عضل الولي لموليته أنه موجب لفسقه، أي أن الولي إذا منع تلك المرأة عن الزواج من مرضي الدين والخلق، فإنه يكون فاسقا، يقول ربنا -عز وجل-: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 232].
جاء في صحيح البخاري عن معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: "زوجت أختا لي من رجل فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء ليخطبها، فقلت: زوجتك وأخرجتك وأكرمتك فطلقتها، ثم جئت تخطبها، والله لا تعود إليك أبدا؟ كان رجلا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله -عز وجل- هذه الآية: (فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة: 232] قال: فقلت الآن أفعل يا رسول الله، فزوجها إياه".
فإذا كان الله -عز وجل- قد نهى عن عضل امرأة قد طلقها زوجها وانقضت عدتها في أن ترجع إليه، فكيف بعضل الفتاة التي لم تتزوج؟
عباد الله: وإذا نظرنا إلى الأسباب التي تدفع الولي إلى عضل المرأة من بنت أو أخت أو غيرها، نجد أنها ترجع إما أسباب مادية؛ كأن يطمع في راتبها إذا كانت موظفة مثلا، وإما أن يكون ذلك الولي سيء التدبير ينظر للمنظور نظرة غير واقعية، فلا يريد لابنته إلا رجلا على مواصفات معينة قد وضعها في ذهنه، ربما تكون هذه المواصفات خيالية، فإذا لم يتقدم لابنته رجل على تلك المواصفات رده، وربما يكون ذلك الولي غير سوي من الناحية النفسية، فإن بعض الناس وإن كان عاقلا إلا أنه مضطرب نفسيا فيكون عنده مثلا شك زائد، وسوء ظن بالآخرين، أو الخوف الزائد من عواقب اتخاذ القرار، فتجده عندما يتقدم أحد لابنته يقدم رجل، ويؤخر أخرى، خوفا من اتخاذ قرار الموافقة الذي ربما تكون عواقبه وخيمة في نظره.
وربما يكون السبب أن ذلك الولي ضعيف الشخصية، مغلوب على أمره، ويكون في الأسرة شخص آخر قوي الشخصية يعيب كل من يتقدم لخطبة لتلك الفتاة.
وربما يكون سبب المشكلة راجعا إلى المرأة نفسها لأسباب كثيرة؛ منها: الرغبة في إكمال الدراسة، أو تحصيل الوظيفة، فترد الخطاب محتجة بذلك، حتى إذا أنهت دراستها، ربما لا تجد لها الخاطب الكفؤ.
وربما يكون السبب هو ما ذكرناه فيما يتعلق بالولي، وهو أن تلك الفتاة قد وضعت في ذهنها أوصافا غير واقعية، وربما تكون خيالية في الزوج المنتظر، فإذا أتى شخص على غير تلك المواصفات لم تقبل به.
وربما يكون السبب هو المقارنة بالآخرين، فتريد أن يكون زوجها مثل أزواج زميلاتها أو أخواتها، ونحو ذلك.
عباد الله: هذه هي أبرز أسباب هذه المشكلة الاجتماعية، وربما يكون هناك أسباب آخر.
ونأتي الآن للعلاج بعدما تعرفنا على الأسباب، نأتي للعلاج أما يتعلق بالولي فعليه أن يتقي الله -عز وجل-، وأن يعلم بأن عضله لموليته جناية عظيمة عليها، وظلم كبير لها، وأي جناية في حق المرأة أعظم من عضلها عن الزواج الذي هو منتهى طموحها في هذه الحياة.
وإذا أصر الولي على العضل فتسقط ولايته، وتنتقل لمن بعده من الأولياء إن وجد من الأولياء بعده من يرضى بتزويجها، فإن لم يوجد مجاملة له، أو خوفا منه، فتنتقل الولاية للقاضي، فيعقد القاضي لها بدلا عن هذا الولي الذي هو غير كفؤ.
وعلى الأولياء أن يتقوا الله -عز وجل-، وأن يستحضر الولي بأن ترديده عن ابنته مع قبولها بالزواج أنه من الظلم العظيم لها، وأنها ربما لا تسامحه، سمعت من أحد مشايخنا الكبار قصة مؤلمة في هذا، وهي: أن فتاة يتقدم لها الخطاب وأبوها يرد عنها، حتى إذا تقدم بها السن، وفاتها القطار، أصيبت بمرض، ثم تزايد هذا المرض إلا أن حضرتها الوفاة، وكان أبوها حاضرا وقت احتضارها، فقالت لوالدها قبل أن تموت: يا أبت قل: آمين، فقال: آمين، قالت: أسال الله أن يحرمك الجنة كما حرمتني من الزواج!
فندم هذا الأب ندما عظيما، ولكن لم ينفعه الندم، توفيت تلك الفتاة وهي لم تتزوج.
وهذا الأمر ربما يكون الدافع له هو أنه يريد الخير لها، لكنه يردد عنها بحجة البحث عن خاطب ذا مواصفات خيالية، وغير واقعية، فكانت النتيجة كما ترون.
وأما فيما يتعلق بالفتاة، فعلى وليها إذا تقدم لها الخاطب الكفؤ أن يكون ناصحا، وأن يوجهها لما فيه مصلحتها.
إن من النساء من عندها قصور كبير في التفكير، وفي النظرة الصحيحة للحياة.
وهنا يبرز دور الأب أو الولي في تصحيح نظرة ابنته للحياة، وفي إقناعها بأن تقبل بالخاطب الكفؤ، جاء في صحيح البخاري: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "لما مات زوج ابنته حفصة ذهب إلى عثمان بن عفان فعرض عليه ابنته بأن يتزوجها، قال عثمان: سأنظر في أمري، ثم لقيه، فقال عثمان: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا، ثم ذهب عمر إلى أبي بكر الصديق وعرض عليه ابنته، فصمت أبو بكر، فمكث ليال، فأتاه خاطب لم يخطر له على البال، خطبها النبي -صلى الله عليه وسلم- فأنكحها إياه، فهي أم المؤمنين حفصة بنت عمر -رضي الله تعالى عنها وأرضاها-، ثم إن أبي بكر لقي عمر، فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة، فلم أرجع إليك شيئا، إنه لم يمنعني من ذلك إلا أني كنت قد علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولو تركها لقبلتها؟"
وبوب البخاري في صحيحه على هذه القصة بقوله: "باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير".
فانظروا -أيها الإخوة- إلى هذا الحرص الشديد من عمر على تزويج ابنته التي مات زوجها، وكيف أنه يعرضها على الأكفاء لكي تتزوج، وهذا ليس عيبا فعله الصحابة -رضي الله عنهم-، وفعله عمر مع أبي بكر ومع عثمان، وعلم الله -تعالى- من عمر هذا الاهتمام بتزويج ابنته، فقيض الله -تعالى- لها زوجا لم يخطر بالبال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وهكذا ينبغي للأب وللولي أن يكون حريصا على تزويج من ولاه الله عليها، يحرص على ذلك غاية الحرص، وأن يهتم بهذا، وأن يرى بأنها أمانة يحرص على أن يؤديها، بل هناك من أهل الخير والصلاح من يدعو الله -عز وجل- أن يرزق بناته أزواجا صالحين.
رجل صالح يدعو الله -تعالى- كل يوم بأن يرزق الله -تعالى- بناته أزواجا صالحين، وقد حدثني بأن جميع بناته رزقهن الله -تعالى- بأزواج فوق ما يتوقع، فقرت عينه بأنه رأى بناته قد تزوجن بأزواج صالحين.
فهذا هو الحرص الذي ينبغي أن يكون من الأب، حرص على التزويج، بذل للأسباب حرص في الإقناع، إقناع الفتاة دعاء وسؤال لله -عز وجل- بأن يقيض لبناته أزواجا صالحين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
عباد الله: وثم مشكلة اجتماعية أخرى تتعلق بالنساء المطلقات اللاتي معهن أولاد من مطلقين، وقد أهمل آباء أولئك الأولاد أولادهم، فلا ينفقون عليهم، ولا يتعاهدونهم برعاية، وتبقى هذه المطلقة المسكينة تصارع وتكابد أعباء الحياة، لترعى شؤون هؤلاء الأولاد.
ألا فليعلم أولئك الآباء بأنهم محاسبون أمام الله -عز وجل- عن أولئك الأولاد، وأنهم آثمون بتقصيرهم في النفقة الواجبة عليهم لأولادهم، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته".
وربما تسبب هذا التقصير من أولئك الآباء في أبواب من الشرور والمصائب والأمراض عليهم من حيث يشعرون، أو من حيث لا يشعرون.
نعم، إن هذه المرأة المطلقة الضعيفة إذا لم تستطع أن تجبر هذا الأب على النفقة على أولاده ورعايتهم بسبب ضعفها، وعدم وجود المعين لها على الترافع إلى المحاكم، فإن ربك بالمرصاد.
وأعجب من هذا حال تلك المرأة المطلقة المعلقة التي علقها زوجها، فهي في الحقيقة ليست بمطلقة، لكنها معلقة، فليست بالمطلقة التي ربما خطبة وتزوجت، وليست بالزوجة التي أمسكها زوجها بالمعروف وعاشرها المعاشرة الحسنة.
وربما بقيت هذه المرأة على هذا الوضع سنين طويلة، وربما لم تجد من أقاربها رجلا رشيدا يعينها على الترافع للمحاكم لتخليصها من هذا الزوج، فتبقى هذه المرأة معلقة مدة طويلة ليست بالزوجة وليست بالمطلقة.
ألا فليتق الله هذا الزوج، وليعلم بأن هذا التعليق لهذه المرأة أنه ظلم عظيم لها، وأن الظلم عاقبته وخيمة، وحقوق العباد أمرها عظيم جدا عند الله -عز وجل-.
عباد الله: ينبغي أن يتواصى المجتمع على إزالة هذه المظالم، وحل هذه المشكلات، فإن لكل من الزوجين أقارب، فينبغي أن يسعى هؤلاء الأقارب بنصرة المظلوم، ونصر الظالم، وذلك بأن يمنع من الظلم، فإن منع الظالم عن الظلم نصر له، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" قالوا: يا رسول الله انصره إذا كان مظلوما فكيف ننصره إذا كان ظالما؟ قال: "تمنعه من الظلم فذلك نصر له" [أخرجه البخاري في صحيحه].
وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن خذلان المسلم، فقال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله".
وترك المظلوم من غير نصرة له خذلان له، وحبس الظالم عن الظلم هو في الحقيقة نصر له، ومنع له من هذا الظلم.
وإن المجتمع لا يزال بخير ما دام ناصرا للمظلوم، ومانعا للظالم.
أما حين تغلب الأثرة والأنانية، ويصبح كل واحد همه نفسه ومصالحه من غير مبالاة بالآخرين، يرى الإنسان ابنته أو يرى أخته وهي مظلومة من هذا الرجل الظالم الذي لم يتق الله -تعالى- فيها إما لكونه علقها، أو لكونه ترك الأولاد عندها من غير نفقة، أو غير ذلك من الأسباب، فيرى قريبته مظلومة، ولا يسعى في نصرتها، لا شك أن هذا من أعظم الخذلان، بل إن هذا يدخل في قطيعة الرحم.
الواجب على أقارب هذه المرأة أن يسعوا لنصرتها، ولدفع الظلم عنها، ولحبس هذا الظالم عن ظلمه، حتى لا يوجد مثل هذا الظلم في المجتمع، وربما أن بعض النساء تكون ضعيفة ولا تتحدث ولا تشتكي لأحد، ويستمر معها هذا الظلم مدة طويلة، وتكابد وتصارع أعباء الحياة، ومشاقها مع هذا الظلم الواقع عليها بسبب تعنت من زوج، وبسبب ظلم من زوج، وعدم نصرة من أهلها وأقاربهاز
ألا فليتق الله –تعالى- الجميع، والله -عز وجل- في سورة الطلاق مع أنها سورة قصيرة إلا أن الله –تعالى- أمر بالتقوى فيها في عدة مرات لو حسبت الأمر بتقوى الله -عز وجل- في هذه السورة على قصرها لوجدته أنه تكرر كثيرا، وما ذاك إلا تذكير للجميع بأن يتقوا الله -عز وجل-، للزوج بأن يتقي الله –تعالى- عند حصول الطلاق، وأيضا المرأة وأهلها بأن يتقوا الله -عز وجل- في الزوج، فالتقوى مطلوبة من الجميع.
فعلى الجميع الحذر من الظلم، وعلى العدل قامة السموات والأرض.
ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير، فقد أمركم الله بذلك، فقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارض عن صحابة نبيك أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الكفر والكافرين، اللهم من أرادنا أو أراد الإسلام والمسلمين بسوء اللهم فأشغله في نفسه، اللهم اجعل كيده في نحره، اللهم اجعل تدبيره تدميرا عليه يا قوي يا عزيز.
اللهم إنا لنا إخوة مسلمين مستهم البأساء والضراء اللهم فارحم ضعفهم، اللهم انصرهم بنصرك يا قوي يا عزيز، اللهم وارحمهم برحمتك يا أرحم الراحمين يا نصير المستضعفين ويا مجير المستجيرين ويا رب العالمين.
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، والعمل بكتابك وسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، واجعلهم رحمة لرعاياهم، اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه إذا ذكر، وتذكره إذا نسي، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك.
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر: 10].