البحث

عبارات مقترحة:

المصور

كلمة (المصور) في اللغة اسم فاعل من الفعل صوَّر ومضارعه يُصَوِّر،...

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

الواسع

كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...

قيام العشر الأخير من رمضان (ليلة القدر)

العربية

المؤلف محمد بن إبراهيم النعيم
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات القرآن الكريم وعلومه - الصيام
عناصر الخطبة
  1. سرعة مرور الأيام ودخول العشر الأواخر .
  2. أهمية العشر الأخيرة من رمضان .
  3. ماذا يحدث في ليلة القدر؟ .
  4. متى تكون ليلة القدر؟ .
  5. فضائل ليلة القدر وخصائصها .
  6. ذم إهمال الاجتهاد في العشر الأخير من رمضان .

اقتباس

ليلة هذه بعض فضائلها وخصائصها وهباتها، ينبغي علينا أن نجتهد فيها ونكثر من الدعاء والاستغفار والأعمال الصالحة، فإنها فرصة العمر، والفرص لا تدوم، وقد لا تعوض، فاحرصوا -رحمكم الله- على طلب هذه الليلة، وعدم تفويت أي دقيقة فيها، واعمروا هذه الليلة بالصلاة، بالقيام، لا تعمروها بشيء آخر؛ لأنها لا تقدر بثمن.. إننا ترى العديد من الناس في هذا الوقت الفاضل الذي يكتب فيه مستقبلهم لعام كامل، يعيشون في غفلة ولهو؛ إما في الأسواق بحثًا عن ثياب العيد، أو في مجالس سمر، أو أمام قنوات فضائية لمتابعة أفلام ومسلسلات تصدُّ عن ذكر الله،...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الإخوة في الله: تمر أيام الطاعات سراعًا، والسعيد من اغتنمها، واستزاد منها لآخرته. فها نحن في العشر الأخير من رمضان، ثم نودعه -إن شاء الله-، ولا ندري أنستقبله في العام المقبل أم لا، ولقد كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من هديه أنه يزيد من طاعته وتقربه إلى الله -عز وجل- في هذا الثلث ما لا يفعله في سائر الشهر؛ تحريًا لليلة عظيمة القدر هي أفضل أيام الدهر، هي ليلة القدر التي جعل الله العبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر فيما سواها، وأنزل في فضلها سورة كاملة، جعلها من قصار السور؛ ليحفظها الصغير والكبير، ويتربى عليها المسلم منذ صغره، ليزداد أجره وتكثر حسناته، فالسعيد من اغتنمها، وعرف قدرها، وقام بحقها، والمحروم من حرم نفسه اغتنامها وانشغل عنها بتوافه الأمور.

فقد كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يبشِّر بها من أول الشهر، حيث روى أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: دَخَلَ رَمَضَانُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلاَّ مَحْرُومٌ" (رواه ابن ماجه).

وروى أبو هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" (متفق عليه).

لذلك كانت العشر الأخيرة من رمضان أفضل ليالي العام؛ لاحتوائها على ليلة حاسمة ومصيرية للإنسان هي ليلة القدر.

إن ليلة القدر هي الليلة التي نزل فيها دستور هذه الأمة القرآن الكريم حيث قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر: 1]، أما الكتب السماوية السابقة فقد نزلت في أول رمضان ووسطه، حيث روى واثلة بن الأسقع –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "أُنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضت من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان، وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان، وأُنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان"، ويقصد به ليلة خمس وعشرين. (رواه الطبراني وحسنه الألباني).

فالقرآن نزل يوم أربع وعشرين أي: ليلة خمس وعشرين. ونزول الإنجيل والزبور كانا في وسط هذا الشهر الكريم، كما كان نزول صحف إبراهيم -عليه السلام- والتوراة في أول الشهر، أما نزول القرآن العظيم فكان في العشر الأخير من رمضان، وتحديدًا في ليلة القدر.

ماذا يحدث في ليلة القدر؟

في ليلة القدر تُكتب آجال العباد وأعمالهم وأرزاقهم لعام كامل حيث قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان: 3- 4]، وليس ما يعتقده بعض الناس أن الآجال تُنسَخ في ليلة النصف من شعبان، وإنما الصواب أن ذلك يكون في ليلة القدر؛ لذلك شرع لنا قيام هذه الليلة، لكي نطلب من الله تعالى العفو والعافية لعله يلطف بنا فيما جرت به المقادير.

وقد روت عائشة -رضي الله عنها- قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: "قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ، تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي" (رواه الترمذي).

فحري بنا أن نكثر من هذا الدعاء في سجودنا، فإنه خير دعاء، وقد أوصى به النبي –صلى الله عليه وسلم- أفضل زوجاته -رضي الله عنهن-.

ولحرص النبي –صلى الله عليه وسلم- على إدراك ليلة القدر كان –صلى الله عليه وسلم- يقوم العشر الأخير من رمضان كلها، بل كان يعتكف فيها؛ ليتفرغ للدعاء والصلاة، وكان يشد المئزر، ويوقظ أهله، ويحيي ليله؛ طمعًا في هذه الليلة العظيمة.

متى تكون ليلة القدر؟

تكون في ليالي الوتر من العشر الأخير من رمضان، وهي تتغير من عام لآخر، وقد أبهم الله -عز وجل- هذه الليلة على الأمة؛ ليجتهدوا بالعبادة في كل ليالي العشر الأخير من رمضان ليزدادوا قربًا من الله -عز وجل-.

فقد روى عُبَادَةُ بن الصَّامِتِ –رضي الله عنه- قَالَ خَرَجَ النَّبِيُّ –صلى الله عليه وسلم- لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ- أي تخاصما – فَقَالَ: "خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ" (متفق عليه).

وروى أَبو سَلَمَةَ –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا أَوْ نُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي الْوَتْرِ" (رواه البخاري).

ومن علاماتها أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام، ويدل لذلك ما جاء عن أُبيِّ بن كعب –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "صُبْحَةَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ تَطْلُعُ الشَّمْسُ لا شُعَاعَ لَهَا، كَأَنَّهَا طَسْتٌ حَتَّى تَرْتَفِعَ" (رواه أحمد).

ومن علاماتها أيضًا أنها ليلة معتدلة، ويدل لذلك ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "ليلة القدر ليلة سمحة طلقة، لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء" (رواه الطيالسي).

وما رواه واثلة بن الأسقع –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "ليلة القدر ليلة بلجة –أي مشرقة- لا حارة ولا باردة، ولا يُرمى فيها بنجم، من علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها" (رواه الطبراني).

وفي هذه الليلة العظيمة ينزل ما لا يحصي عددهم إلا الله من الملائكة وعلى رأسهم جبريل -عليه السلام- لقوله تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا) [القدر: 4]، والروحُ هو جبريل -عليه السلام-.

وروى أبو هريرة –رضي الله عنه- أن رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- قَالَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: "إِنَّهَا لَيْلَةُ سَابِعَةٍ أَوْ تَاسِعَةٍ وَعِشْرِينَ، إِنَّ الْمَلائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي الأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى" (رواه أحمد)، فحري بنا أن نجتهد في طلبها.

وقيام الليل في حد ذاته له فضائل عديدة، والتي منها: أنه في المرتبة الثانية بعد الفريضة، لقوله –صلى الله عليه وسلم-: "أفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل"، كما أنه ينهى صاحبه عن الوقوع في الآثام؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم".

ومن حافظ على قيام الليل منحه الله -تعالى- قصورًا خاصة في أعلى الجنان يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم-: "إن في الجنة غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا من بَاطِنِهَا، وباطنها من ظاهرها، أَعَدَّهَا الله لمن أَطْعَمَ الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام".

وكلما تأخر قيام الليل إلى الثلث الأخير من الليل كان أفضل؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم-: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ"، فاغتنموا نفحات ربكم، ولا تفوتوا على أنفسكم فضل ربكم.

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، أحمده سبحانه وأشكره على عطائه الكثير، وأستغفره وأتوب إليه من الخطأ والتقصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المطلع على مكنون الضمير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الهادي البشير اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه، أهل الجد والتشمير.

أما بعد: فاتقوا الله -تعالى- حق التقوى، ولا يفوتنكم قيام ليلة القدر، فهي تتميز بفضائل عظيمة ومزايا كبيرة: فمن فضائلها:

- أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن، لقوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر: 1].

- كما أنها ليلة مباركة، لقوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) [الدخان: 3].

- ويكتب الله -تعالى- فيها الآجال والأرزاق خلال العام، لقوله تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان: 4].

- وأن قيامها أفضل من قيام ألف شهر؛ لقوله تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر: 3].

- وتنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة، وفي مقدمتهم جبريل -عليه السلام-، أمين وحي السماء، قال تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ) [القدر: 4].

- وأنها ليلة خالية من الشر والأذى، وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر، وتكثر فيها السلامة من العذاب، فهي سلام كلها، قال تعالى: (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر: 5].

- أن فيها غفرانًا للذنوب لمن قامها إيمانًا واحتسابًا، قال –صلى الله عليه وسلم-: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" (متفق عليه).

       

ليلة هذه بعض فضائلها وخصائصها وهباتها، ينبغي علينا أن نجتهد فيها ونكثر من الدعاء والاستغفار والأعمال الصالحة، فإنها فرصة العمر، والفرص لا تدوم، وقد لا تعوض، فاحرصوا -رحمكم الله- على طلب هذه الليلة، وعدم تفويت أي دقيقة فيها، واعمروا هذه الليلة بالصلاة، بالقيام، لا تعمروها بشيء آخر؛ لأنها لا تقدر بثمن.

حتى المرأة الحائض فلا تتعذر بأنها لا يمكنها قيام ليلة القدر، فبإمكانها أن تكثر من سؤال الله -تعالى- بقولها: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".

إننا ترى العديد من الناس في هذا الوقت الفاضل الذي يكتب فيه مستقبلهم لعام كامل، يعيشون في غفلة ولهو؛ إما في الأسواق بحثًا عن ثياب العيد، أو في مجالس سمر، أو أمام قنوات فضائية لمتابعة أفلام ومسلسلات تصدُّ عن ذكر الله، وإذا رغّبتهم في قيام العشر الأخير قالوا: إننا صلينا التراويح مع الإمام، وهذا يكفينا عن قيام الليل. فالذي يضيع هذه الليلة فقد ضيع عليه عمرًا جديدًا مليئًا بالطاعات كان بالإمكان أن يسجل له.

تخيل أن يسجل لك ثواب ألف شهر كله قيام لله -عز وجل-، ألا يثقل هذا ميزان حسناتك؟

لقد كان السلف يحيون الليل كله طلبًا لليلة القدر، ونحن نطالب بإحياء جزء من الليل، فكيف نهمل هذا الثواب العظيم؟

إن إهمال الاجتهاد في العشر الأخير من رمضان جناية يجنيها المسلم على نفسه، لأنه سيخسر أعظم ليلة في العام، ولعله لا يدركها في عام قادم.

اللهم وفقنا لقيام ليلة القدر، اللهم لا تحرمنا فضلها، وأعنا على قيامها، واجعلنا ممن يقومها إيمانا واحتسابا.

 اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

 اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.

اللهم أحينا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا، وأمتنا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا، اللهم ارزقنا الثبات حتى الممات.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.

اللهم احفظ علينا أمننا واستقرارنا، وأصلح ولاة أمرنا، وارزقهم بطانة صالحة ناصحة يا رب العالمين.