الحي
كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...
العربية
المؤلف | الحسين أشقرا |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | صلاة العيدين - الصيام |
للجميع نقول: صوموا بعد يوم العيد عن شهوات الهوى؛ لتدركوا حقيقة عيد الفطر يوم اللقاء، ولا يطولنَّ عليكم الأمل باستبطاء الأجل، فإن معظم نهار الصيام قد ذهب، ووعيد اللقاء قد اقترب....
الخطبة الأولى:
الله أكبر، ولا إله إلا الله والله أكبر.
الحمد لله المتّصف بالعظمة والجلال، وخصّ نفسه بمطلق الجمال والكمال، جوَّاد وهَّاب للنعم بلا ندّ ولا مثال، يدبّر أمور عباده في مختلف الأحوال، ويدرأ عن الصالحين منهم المصائب والأهوال.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه والتابعين، وعلى من سار على هداهم إلى يوم الدين.
ثم أما بعد أيهما المسلمون والمسلمات: هذا يوم فرحتكم، وهذا يوم عيدكم السعيد. وإن الفرح يوم العيد سنة من سنن المُرسلين، وقد سمى الله -تعالى- يوم العيد: "يوم الزينة"، وأكَّد رسول الختم -صلى الله عليه وسلم- على فرحة الصائم بقوله: "للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه"..
وكان -صلى الله عليه وسلم- يُظْهِرُ الفرح والسرور في الأعياد ليقتدي به العباد، ويحث على مظاهر اللهو المباح في الأفراح، فعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ وَتَضْرَبَانِ بِالدُّفِّ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ"..
الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
أيها الصالحون والصالحات: هل أدركتم اليوم معنى الصيام؟ هل شعرتم بفوائده؟ نقف وقفة تذكير لمن كان له قلب وألقى السمع وهو شهيد، والذكرى تنفع المؤمنين. لما أقبل علينا شهرُ رمضان، وجد في مجتمعنا وأمتنا تُعساء، فاستقبلوه على أنه شهر الظمأ والجوع بالنهار، وتخمة بالليل وسمر حتى الفجر. فأضاعوا فرصة الانتفاع والاستفادة، وفيهم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَر"، والمغبون من غفل عن أمر ربه وطاعته.
وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: "آمِينَ. آمِينَ. آمِينَ". فَلَمَّا نَزَلَ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ، قُلْتَ: آمِينَ. آمِينَ. آمِينَ. قَالَ: "إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَانِي، فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَمَاتَ، فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ. فَقُلْتُ: آمِينَ. قَالَ: وَمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ، أَوْ أَحَدَهُمَا، فَلَمْ يَبَرَّهُمَا، فَمَاتَ، فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ. فَقُلْتُ: آمِينَ. قَالَ: وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَمَاتَ، فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ. قُلْ: آمِينَ. فَقُلْتُ: آمِينَ".
وبالمُقابل فإن في مجتمعنا وأمتنا سُعداء، علمُوا بحقيقة شهر رمضان وفضائله فعملوا وصاموا وقاموا إيمانًا واحتسابًا فاستفادوا، علموا أنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وشفاء للأمراض النفسية ورحمة لبني الإنسان، وسعدوا لما استرشدوا بقول سيد العابدين والصائمين -صلى الله عليه وسلم- الذي قال: "صوموا تصحوا"، وجاء العلم الحديث ليقرِّر أن الصيام جزء مهم من وسائل العلاج لأمراض مستعصية، فازداد المُسلم السامع المُطيع لربه يقينًا بما جاء في الآية الكريمة: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)[البقرة:184].
الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
عباد الله: إن الصوم ليس مجرد عبادة يغفر الله -تعالى- بها لمن صام إيمانًا واحتسابًا لما تقدم من الذنب وما تأخر، بل هو علاج ودواء لكثير من الأمراض؛ إذ بالصوم تتجدد خلايا الجسد، وبه تتجدد أنشطة مختلف أجهزة المناعة لدى الإنسان. ففي عالم اليوم تمتص أجسامنا كمية من السموم عبر الماء والغذاء والهواء نتيجة التلوث والتسمم البيئي، مما يؤدِّي إلى الإصابة بأمراض خطيرة -نسأل العافية- فامتلأت المستشفيات والمصحات بشكل فاق طاقة الأطباء، والذين أكدوا بأن الصوم هو الوسيلة الناجعة لتمكين الجسم من التخلص من المواد السامة، لكن القلة من الناس من يستشعر حلاوة الصوم الموصل للتقوى، و(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[البقرة:185].
كما أكَّد المختصون أن الصيام ينشِّط مركز الذاكرة، ولذلك نجد الكثير من العلماء يقرون بأن أفضل وقت لبدء حفظ القرآن هو شهر رمضان. هذا الشهر الذي ساهم في التخلص من كثير من الموبقات، ومنها آفة التدخين وأخواتها، فأدرك الصائمون بحق أسرار شعورهم بالفرحة يوم العيد، يوم توزيع نتائج التربية في مدرسة رمضان التي نجح فيه و(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)[الأعلى:14-15]، وسر قوله -تعالى-: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)[البقرة:184].
الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
ومن باب النصح والتناصح الواجب بين المسلمين والوارد في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الدين النصيحة" ثلاثًا، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"، على الجميع أن يحقق خيرية الأمة التي أراد الله -تعالى- منها أن تكون شاهدة على باقي الأمم، بشرط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله، وحتى لا تكون كالناقة في البيداء يقتلها الظمأ، والماء على ظهرها محمول.
ولكي يحتل العلماء مكانهم من الإرث الرسالي، ومكانتهم الرائدة بين الناس كي يقتدوا بهم؛ لا بد أن يتجردوا لما أراده الله -تعالى- منهم بعد العلم والخشية لأداء ما عليهم من حق ذلك العلم الذي ورثوه بفضل الله عليهم، فيخدموا اجتماع المسلمين على ثوابت أمتهم، ووحدة صفها، واجتماع كلمتها، ودرء الفتن عنها وسد منافد التحريش والتحريض على الكراهية والتمزيق بين مكوناتها، والعمل على غرس قيم التراحم والتعاون بما يستطاع، والتنفيس عن هموم المهمومين.
ولوسائل الإعلام ولرجالها دور خطير وأهمية في القوة المعنوية؛ حيث هناك من اعتبر الإعلام سلطة رابعة؛ فإما أن يكون أداة للكلمة الطيبة التي تؤتي أكلها كل حين، ويساهم في بناء الإنسان الصالح المصلح المعتز بدينه وأمته... وإما أن يكون أداة لنشر الأراجيف والأكاذيب والإشاعات المدمرة للنفوس والعقول...وعليه فإن من صام رمضان حقًّا وأدركته غايته، فإنه سيقول خيرًا أو ليصمت لكي يشارك إخوانه وأهله فرحة يوم العيد، ويشهد فرحة أكبر يوم لقاء الله.
هكذا نكون قد أدركنا سر الفرحة بالفطر يوم العيد، وأدركنا معه أسرار الصوم الذي فرض علينا في شهر رمضان كم فرض على الذين من قبلنا لغاية عظيمة وهي: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[البقرة:183].
نفعني الله وإياكم بالوحيين، وغفر الله لي ولكم ولمن قال آمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين.
عباد الله: هذا يوم العيد، اغتسلتم وتعطرتم ولبستم الجديد، وَأفطرتم بالحلال من الطعام الطيب اللذيذ، بَعدَ أَنْ صُمتُم وَقُمتُم وَزكَّيتُم وَصلتم من قطعكم، وأعطيتم من حرمكم وعفوتم عمن ظلمكم، وأَفرَدتُمُ اللهَ وَوَحَّدتُمُوهُ وَدَعَوتُمُوهُ أن يتقبل منكم الصلاة والصيام والقيام، وأن يحشركم في زمرة خير الأنام، وَأَنتُم في هَذَا البَلَدِ بِالأمن والأمان تَنعَمُونَ، هَل شَهِدتُم مَا حَفَلَ بِهِ عَامُكُم مِن أَحدَاثٍ فِيمَا حَولَكُم؟! هَل وَعَيتُم مَا تَمَخَّضَ عَنهُ مِن عِبَرٍ وَدُرُوسٍ وَعِظَاتٍ؟! الكراسي الَّتي اهتزت وَسَقَطَت، والحُكَّامُ الَّذِينَ أَفَلَت نُجُومُهُم وَانكَدَرَت، الدُّوَلُ الَّتي اهتَزَّ اقتِصَادُهَا وتَأَرجَحَ، وَهِيَ الآنَ تَستَعِدُّ لِلسُّقُوطِ والانتهاء لِتُصبِحَ نَسيًا مَنسِيًّا، يدفعنا هذا لشُكر المنعم علينا، وأن ندعوه أن يجنبنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
عباد الله: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ الخمس وداوموا عليها وتقربوا إلى ربكم بالنوافل عند الإمكان، وَاجتنبوا الشَّهَوَاتِ والشبهات ومواطنها، وَأَدُّوا الزَّكَوات وَلا تتهاونوا في إخراجها، وصُومُوا من أيام الشَّهورَ ما تيسر لكم، وأدوا مَا أَوجَبَ رَبُّكُم عَلَيكُم مِن حَجٍّ وَعُمرَةٍ عند الاستطاعة، ثُمَّ مُرُوا بِالمَعرُوفِ وَانهَوا عَنِ المُنكَرِ وَلا يأخذنكم في اللهِ لَومَةُ لائِمٍ، وَانصَحُوا للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ وَلأَئِمَّةِ المُسلِمِينَ وَعَامَّتِهِم، كُونُوا إِخوَةً مُتَحَابِّينَ، عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى مُتَعَاوِنِينَ، وَإِيَّاكُم وَقبائح الأفعال والأقوال وَالافتخار بِالأَحسَابِ وَالتكاثر بالأَنسَابِ، أو السخرية من الغير والتنابز بالألقاب، فَإِنَّمَا هُوَ مُؤمِنٌ تَقِيٌّ أَو فَاجِرٌ شَقِيٌّ، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِن تُرَابٍ. إِنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ فَخُذُوهُ، وَالحَرَامَ بَيِّنٌ فَاجتَنِبُوهُ، وَالشُّبُهَاتُ في هَذَا الزَّمَانِ كَثِيرَةٌ ومُنتَشِرَةٌ، فَاتَّقُوهَا وَاحذَرُوهَا، وَلا تَنخَدِعُوا بِلمَعَانِهَا وبَرِيقِهَا، فَوَاللهِ مَا أَذهَبَ دِينَ الكَثِيرِينَ اليَومَ وَأَحَلَّ أَعرَاضَهُم وَأَفسَدَ قُلُوبَهُم، وَذَهَبَ بِبَرَكَةِ أَموَالِهِم وَمَنَعَ إِجَابَةَ دُعَائِهِم، إِلاَّ وُلُوغُهُم في الشُّبُهَاتِ، وَتَسَاهُلُهُم بصغائر السيئات، وَوُقُوعُهُم في حِمَى المُحَرَّمَاتِ. إِنَّ لَكُم دِينًا عَظِيمًا، مَا تَرَكَ خَيرًا إِلاَّ دَلَّ عَلَيهِ، وَلا شَرًّا إِلاَّ حَذَّرَ مِنهُ.
أيها المسلمون والمسلمات: لقد اعتنى الإسلامُ بشريحة الشَّباب عناية خاصة، وحث على العناية بهم ورعايتهم، وتوجيههم التوجيهَ السَّليم؛ لأنَّهم أسرع استجابة للحقِّ، وأكثر انقيادًا ومحبَّة له، وإنَّ الإنسان في مراحل العمر أقوى ما يكون نشاطًا وقوة وحيوية في حال الفتوَّة والشباب؛ (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)[الروم:54].
ولقد حرص رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- على الاهتمام بالشَّباب والعناية بهم، واكتشاف مواهبهم وتوجيهِها في خِدمة الإسلام والمسلمين، وليس أدل على ذلك من الأحاديث النبويَّة الشريفة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "سبعةٌ يُظلُّهم اللهُ في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: إمامٌ عادل، وشابٌّ نشأ في عبادة الله عزَّ وجل..."؛ فذكر مِن بينهم: "شاب نَشأ" وترعرَع "في طاعة الله"، وتمسَّك بالفضائل والآداب الإسلاميَّة، وفطم نفسَه عن شهوات الدُّنيا وملذَّاتها، وامتنع عن اتِّباع أهواء النَّفس الأمَّارة بالسوء.
ومن أجل ذلك كان رسول الله -عليه أفضل الصَّلاة وأتمُّ التسليم- يحثُّ الشبابَ على توجيه طاقاتِهم في استثمار الوقت، واستغلال الفرَص فيما يَنفع ويفيد الأمَّة، وأن يكون طاقةً مفيدة، وشُعلةً نيِّرة، فعن ابن عباس -وهو من الفتيان الذين آتاهم الله العلمَ والفِقه في الدِّين- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لِرجل وهو يعظه: "اغتنِم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحَّتك قبل سقمِك، وغِناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلِك، وحياتك قبل موتك".
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
عباد الله: يقول الله -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[النحل:97].
وقد أولى الإسلام عناية لم يشهد التاريخ دينًا ولا شريعة تعتني بالمرأة مثل الإسلام، فإن الله -تعالى- حفظ لها منزلتها ومكانتها، وأعزها وكرّمها، ومع هذا فقد كلّفها الله -عز وجل- مثلما كلّف الرجل سواء بسواء، إلا ما كان خاصًّا بها، ويتناسب مع فطرتها، فإن الله -تبارك وتعالى- راعى ذلك الجانب، ومن الصفات التي ينبغي على المرأة التحلي بها: كتمان أسرار بيتها؛ فلا تخبر فلانة ولا فلاناً بأخبار بيتها، ولا فيما يدور بينها وبين زوجها وأبنائها وبناتها، ولا تُخرج ما يحصل من الخلاف والمشكلات؛ فكلُّ بيتٍ لا يخلو من ذلك، والمرأة العاقلة تكتم وتعالج ذلك بالحكمة والرفق؛ فإنَّ بعضاً من الناس إذا علموا عمَّا يدور في البيت أخذوا يُخبِّبون النساء على أزواجهن؛ فيزيدون المشاكل إضراماً، ويتسببون في خراب البيوت وتفريق شمل الأسرة وتشتيت الأبناء والبنات، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا".
وعلى المرأة المسلمة إن أرادت سعادة الدارين: كثرة ذكر الله؛ اغتناماً للأوقات بتحصيل الأجور والحسنات، وكذلك فإنَّ الذاكرة لله كثيراً لا تنشغل بقيل وقال، قالت فلانة وفعلت، فلانة يحبها زوجها وفلانة يبغضها، وغير ذلك من الكلام الذي تأثم به، فإذا أشغلت نفسها بذكر الله، وحفظت لسانها عمَّا حرَّم الله من الكلام فالبشرى لها بصلاح الحال والمآل.
وللجميع نقول: صوموا بعد يوم العيد عن شهوات الهوى؛ لتدركوا حقيقة عيد الفطر يوم اللقاء، ولا يطولنَّ عليكم الأمل باستبطاء الأجل، فإن معظم نهار الصيام قد ذهب، ووعيد اللقاء قد اقترب....
وعيدكم مبارك سعيد