البحث

عبارات مقترحة:

الولي

كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

أهمية حلقات تحفيظ القرآن

العربية

المؤلف عمر بن عبد الله بن مشاري المشاري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. الاهتداء بالقرآن الكريم لا يكون إلا بتعلمه وتعليمه .
  2. المسلم يحرص على تعلم القرآن الكريم في صغره وكبره .
  3. من عمارة المساجد عمارتها بحلقات تحفيظ القرآن الكريم .

اقتباس

إنَّ خير ما صُرِفَ فيه الوقتُ، حفظُ القرآنِ، فاستثمِروا شبابَكم في العيش مع القرآن تلاوةً وحفظًا وتدبرًا، فإنَّ حافظ القرآن يتلوه ولو كان كفيف البصر، أو مريضًا على فِراشِه، أو مسافرًا لا يجد مُصحَفًا يقرأ فيه، يتلوه في كل وقت؛ لأنَّه حمل القرآن في صدره، فهو يقرأ منه أنَّى شاء...

الخطبة الأولى:

الحمد لله يرفع بالقرآن أقوامًا ويضع به آخرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنزل القرآن وجعل الخيرية في تعلُّمه وتعليمه، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، وخِيرَتُه مِن خَلْقِه، أنزل اللهُ عليه القرآنَ هُدًى للناس وبيناتٍ من الهُدَى والفرقان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا.

أما بعد: فاتقوا الله -أيها المؤمنون-، واعلموا أنَّ منَّة الله علينا عظيمة بأن جعلنا مسلمين، وأنزل على نبينا القرآن المبين، فهدانا به للتي هي أقوم، قال تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا)[الإسراء: 9]، قال الإمام السعدي -رحمه الله-: "من اهتدى بما يدعو إليه القرآن كان أكمل الناس وأقومهم وأهداهم في جميع أموره". (تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 454)). وقال تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[الأنعام: 155].

معاشر المسلمين: إنَّ الاهتداء بالقرآن الكريم لا يكون إلا بتعلُّمه وتعليمه، والعمل بما جاء فيه من أحكام وهدايات وإرشادات وتوجيهات والتخلُّق بالأخلاق الكريمة التي يدعو إليها، ومن صفات الخيرية في المسلم أن يكون متعلِّمًا للقرآن الكريم أو معلِّمًا له، وقد تعلَّم الصحابة -رضي الله عنهم- القرآن الكريم مِنْ فِي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتعلَّم التابعون -رحمهم الله- القرآنَ من الصحابة، وعلَّمه التابعون تابعيهم بإحسان، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ"(أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه برقم (5027)).

قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله-: "تعليم حروفه ومعانيه جميعا؛ بل تعلُّم معانيه هو المقصود الأول بتعليم حروفه؛ وذلك هو الذي يزيد الإيمانَ"(مجموع الفتاوى (13/ 403)). وقال الإمام ابن باز -رحمه الله-: "خيارُ الناسِ أهلُ القرآنِ الذين يتعلمونه ويعلمونه الناسَ ويعملون به"(مجموع فتاوى ابن باز (6/ 41)).

أيها المؤمنون: إنَّ حفظ القرآن الكريم سهل يسير قال تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)[القمر: 17]، وقد تكررت هذه الآية في سورة القمر أربعَ مراتٍ.

قال الإمام السعدي -رحمه الله-: "أيْ: ولقد يسَّرْنا وسهَّلْنا هذا القرآنَ الكريمَ، ألفاظه للحفظ والأداء، ومعانيه للفهم والعلم، لأنه أحسن الكلام لفظا، وأصدقه معنًى، وأبينه تفسيرا، فكلُّ مَن أقبل عليه يسَّر الله عليه مطلوبه غايةَ التيسير، وسهَّله عليه، والذكر شامل لكل ما يتذكر به العاملون من الحلال والحرام، وأحكام الأمر والنهي، وأحكام الجزاء والمواعظ والعِبَر، والعقائد النافعة والأخبار الصادقة، ولهذا كان علم القرآن حفظا وتفسيرا، أسهل العلوم، وأجَلَّها على الإطلاق، وهو العلم النافع الذي إذا طلبه العبدُ أُعِينَ عليه"(تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 825)).

عباد الله: المسلم يحرص على تعلُّم القرآن وتعليمه والعمل به مِن صِغَرِه وحتى في كبره، ومهما تقدمت به السنُّ، فإنَّه يعيش مع القرآن تلاوةً وتفقُّهًا وتدبُّرًا لمعانيه، ومِن فَضْلِ اللهِ علينا في بلادنا -حرسها الله- وجود جمعيات خيرية لتحفيظ القرآن الكريم تدعم وتُشرف على حلقات القرآن، حلقات للكبار وحلقات للتلقين وأخرى للنشء والشباب من فتيان وفتيات، ومن التحق فيها كبيرًا كان أو صغيرا ذَكَرًا أو أنثى متعلِّمًا أو معلِّمًا، فهو على خير عظيم، ومن ثمرات هذه الجمعيات الخيرية أن خرَّجت كثيرًا من الحفظة، الذين نفع الله بهم البلاد والعباد.

معاشر الشباب: إنَّ خير ما صُرِفَ فيه الوقتُ، حفظُ القرآنِ، فاستثمِروا شبابَكم في العيش مع القرآن تلاوةً وحفظًا وتدبرًا، فإنَّ حافظ القرآن يتلوه ولو كان كفيف البصر، أو مريضًا على فِراشِه، أو مسافرًا لا يجد مُصحَفًا يقرأ فيه، يتلوه في كل وقت؛ لأنَّه حمل القرآن في صدره، فهو يقرأ منه أنَّى شاء.

معاشر الآباء: إنَّ كل واحد منكم يتمنَّى أن يرى ابنته أو ابنه حافظًا للقرآن، فحُثُّوهم على الالتحاق بحلقات التحفيظ وشَجِّعوهم وأعِينُوهم على ذلك؛ ليتحقق لكم ما ترجونه من أبنائكم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ، يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ أَنَا الَّذِي كُنْتُ أُسْهِرُ لَيْلَكَ، وَأُظْمِئُ هَوَاجِرَكَ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ، وَأَنَا لَكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تَاجِرٍ، فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ، وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَانِ، لَا يَقُومُ لَهُمَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، فَيَقُولَانِ: يَا رَبُّ، أَنَّى لَنَا هَذَا؟ فَيُقَالُ لَهُمَا: بِتَعْلِيمِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ، وَإِنَّ صَاحِبَ الْقُرْآنِ يُقَالُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: اقْرَأْ، وَارْقَ فِي الدَّرَجَاتِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ مَعَكَ"(أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط الحديث رقم (5764) (6/ 51) وحسنه الألباني في الصحيحة برقم (2829). وقال الفضيل -رحمه الله-: "حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي له أن يلغوَ مع من يلغو، ولا أن يلهوَ مع من يلهو، ولا يسهوَ مع من يسهو"(حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (8/ 92)).

وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ، فَخُذُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ شَيْئًا أَصْفَرَ مِنْ خَيْرٍ، مِنْ بَيْتٍ لَيْسَ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ. وَإِنَّ الْقَلْبَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ، خَرِبٌ كَخَرَابِ الْبَيْتِ الَّذِي لَا سَاكِنَ لَهُ"(أخرجه الدارمي في سُنَنه في باب فضل من قرأ القرآن برقم (3350)).

معاشر المسلمين: حرِّكُوا بالقرآن ألسنتَكم، واعتَبِرُوا بما فيه من القصص والعبر والعظات، واعملوا بما فيه من أحكام، وامتَثِلُوا ما فيه من توجيه وإرشاد، واجتهدوا في حفظه وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار.

اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدا يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين وخالِق خلقه من طين، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا.

أما بعد: فاتقوا الله -أيها المؤمنون- وإنَّ من الأمور التي تُعمر بها المساجد عمارتها بحلقات التحفيظ فيها، وما يكون فيها من مسابقات في حفظ القرآن، فكونوا خيرَ داعم للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بما تستطيعون، عبرَ الطُّرُقِ الرسميةِ والأنظمةِ المرعيةِ، فإنَّ هذا عائدٌ عليكم وعلى أبنائكم بالنفع، فخيرُ ما بُذِلَ فيه المالُ في تعليم القرآن وتعلُّمه.

أيها المسلمون: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"، اللهم صلِّ وسلم على رسولك محمد صاحب الحوض والشفاعة والمقام المحمود وآله وصحبه، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وجميع بلدان المسلمين، اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين في كل مكان، وولِّ عليهم خيارهم واكفهم شرارهم، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك.

اللهم أصلح وليَّ عهده وأرهما الحق حقا وارزقهما اتباعه، وأرهما الباطل باطلًا وارزقهما اجتنابه، اللهم احفظ بلادنا وولاة أمرها واحفظ علماءها وأهلها واصرف عنها الفتن والحروب، وزدها قوة وأمنًا ورخاء وزدها تمسُّكًا بالدين، اللهم انصر بها دينك وأعلِ بها كلمتك، وارزق أهلها شكرَ نعمك.

اللهم أصلح أحوال المسلمين وول عليهم خيارهم واحقن دماءهم، اللهم صُبَّ غضبك وأليم عقابك على الكفار المعتدين الذين يفسدون في بلاد المسلمين، اللهم فرق جمعهم وخالف بين قلوبهم ودمرهم بسلاحهم، الله عليك بالحوثيين ومن يعاونهم، اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم. اللهم انصر جنود التحالف العربي وأهلنا في اليمن، اللهم صوِّب آراءهم وثبِّت أقدامهم وسدِّد رميهم وأيِّدهم وانصرهم على الحوثيين وأعوانهم، اللهم صبَّ عليهم العذاب صبَّا، اللهم طهِّر أرض اليمن منهم، اللهم أقم علم الجهاد واقمع أهل الشرك والزيغ والفساد وانشر رحمتك على العباد، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والرياء والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلدان المسلمين عامة يا أرحم الراحمين. اللهم أصلح نساءنا وذرياتنا وأصلح شبابنا واكفهم شر كل ذي شر (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201].

عباد الله: (إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل: 90]، فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.