البحث

عبارات مقترحة:

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

القريب

كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...

وحدة الصف واجتماع الكلمة

العربية

المؤلف عمر بن عبد الله بن مشاري المشاري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - أهل السنة والجماعة
عناصر الخطبة
  1. أهمية اجتماع الكلمة ووحدة الصف .
  2. ضرورة عدم التفرُّق والاختلاف .
  3. وجوب الحذر من الشائعات .
  4. الحث على التآلف والاجتماع .
  5. ليس كمثله شيء. .

اقتباس

يجب الحذر من الشائعات التي تعمل على تفريق المسلمين وتباغضهم والتحريش بينهم، وإحداث البلبلة والغوغائية وإثارة الثورات والنفخ بشرر المظاهرات التي تفسد ولا تصلح، وتُخرِّب ولا تعمر، وتهدم ولا تبني، وتفرِّق ولا تجمع...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي منَّ علينا بنعمٍ عظيمة، وأعظمها نعمة الإسلام، عقيدة صافية صحيحة، ووحدة صفٍّ واجتماع كلمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أنَّ نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أمَّا بعد: فاتقوا الله أيَّها المؤمنون، وأكثروا من ذِكْره وشكره، واشكروا الله على اجتماع الكلمة ووحدة الصف، وعدم التفرُّق والاختلاف، قال -تعالى-: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)[آل عمران: 103]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا؛ فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ"(رواه مسلم).

وقال النووي -رحمه الله- عند قوله: "وَلَا تَفَرَّقُوا": "هُوَ أَمْرٌ بِلُزُومِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَتَأَلُّفِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، وَهَذِهِ إِحْدَى قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الثلاثة المرضية: إحداها: أن يعبدوه. الثانية: أن لا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله وَلَا يَتَفَرَّقُوا"(شرح النووي على مسلم: 12/11).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عَلَيْكَ السَّمْع وَالطاعَة فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ"(رواه مسلم)، قال النووي -رحمه الله-: "قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ تَجِبُ طَاعَةُ وُلَاةِ الْأُمُورِ فِيمَا يَشُقُّ وَتَكْرَهُهُ النُّفُوسُ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ"(شرح النووي على مسلم:12/224).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ"(رواه ابن أبي شيبة وصححه الألباني)، وقال عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-: "يا أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنَّها حبل الله الذي أمرَ به، وإنّ ما تكرهون في الجماعة والطاعة، هو خيرٌ مما تستحبون في الفُرْقَة"(تفسير الطبري: 7/ 75).

وقال السعدي -رحمه الله-: "في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم، وبالاجتماع يتمكنون من كل أمر من الأمور، ويحصل لهم من المصالح التي تتوقف على الائتلاف ما لا يمكن عدّها، من التعاون على البر والتقوى، كما أنَّ بالافتراق والتعادي يختلّ نظامهم وتنقطع روابطهم، ويصير كل واحد يعمل ويسعى في شهوة نفسه، ولو أدَّى إلى الضرر العام"(تفسير السعدي: ص142).

عباد الله: إنَّه يجب الحذر من الشائعات التي تعمل على تفريق المسلمين وتباغضهم والتحريش بينهم، وإحداث البلبلة والغوغائية وإثارة الثورات والنفخ بشرر المظاهرات التي تفسد ولا تصلح، وتُخرِّب ولا تعمر، وتهدم ولا تبني، وتفرِّق ولا تجمع، قال -تعالى-: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ)[آل عمران: 105].

وقال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)[الأنعام: 159]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً"(رواه مسلم).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، أَوْ يُرِيدُ أن يُفَرِّقُ أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- كَائِنًا مَنْ كَانَ فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّ يَدَ اللهِ مع الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ يَرْكُضُ"(رواه النسائي وصححه الألباني).

"يد الله مع الجماعة" في هذه الجملة من الحديث: إثبات صفة اليد لله -تعالى- حقيقة على ما يليق بجلاله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل؛ قال الله -تعالى-: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)[الشورى: 11]، قال السعدي -رحمه الله-: "أي: ليس يشبهه -تعالى- ولا يماثله شيء من مخلوقاته، لا في ذاته، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، لأنَّ أسماءه كلها حسنى، وصفاته صفة كمال وعظمة، وأفعاله -تعالى- أوجد بها المخلوقات العظيمة من غير مشارك، فليس كمثله شيء، لانفراده وتوحده بالكمال من كل وجه"(تفسير السعدي: ص754).

وفي هذا الحديث أيضاً: "الحثّ على التآلف والاجتماع والوعد الصادق برعاية الله لهم وتأييدهم ونصرهم على غيرهم إذا اجتمعوا على الحق"(ينظر فتاوى اللجنة الدائمة-2: 2/362-361). وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ"(رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني).

عباد الله: احمدوا الله واشكروه على اجتماع الكلمة ووحدة الصف والألفة والمحبَّة ورغد العيش، فالحمد لله حمداً طيباً مباركا فيه كما يحبُّ ربنا ويرضى.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.