الشهيد
كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...
العربية
المؤلف | عدنان مصطفى خطاطبة |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الصلاة |
كيف أتعبد الله بحضوري يوم الجمعة لخطبة الجمعة؟! كيف يتحول حضوري لخطبة الجمعة من عادة إلى عبادة؟! كيف أجدد حالي ومقامي عند ذهابي لحضور خطبة الجمعة؟! كيف أجعل من حضوري لخطبة الجمعة قربة ترضي عني ربي -سبحانه وتعالى-؟! وأنال فيها بشراه لنا حينما قال سبحانه: (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ َيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) [الزمر: 17-18].
الخطبة الأولى:
إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان، وأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله.
وبعد:
عباد الله، أيها المؤمنون والمؤمنات: كيف أتعبد الله بحضوري يوم الجمعة لخطبة الجمعة؟! كيف يتحول حضوري لخطبة الجمعة من عادة إلى عبادة؟! كيف أجدد حالي ومقامي عند ذهابي لحضور خطبة الجمعة؟! كيف أجعل من حضوري لخطبة الجمعة قربة ترضي عني ربي -سبحانه وتعالى-؟! وأنال فيها بشراه لنا حينما قال سبحانه: (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ َيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) [الزمر: 17-18].
عباد الله: هي ثلاث خطوات لا بد أن تقوم بها -أيها المسلم- وتستصحبها معك حتى تجعل من حضورك لخطبة الجمعة قربة وعبادة، فدعونا نتذاكر معًا هذه الخطوات الثلاث.
أيها المؤمنون والمؤمنات: الخطوة الأولى: أتعبد الله بحضوري يوم الجمعة لخطبة الجمعة بتصحيح تصوري ليوم الجمعة ابتداءً، بأن أنظر ليوم الجمعة بأنه قِيمة وشعيرة لا مجرد عطلة وفسحة.
يوم الجمعة وصلاة الجمعة وخطبة الجمعة هي من خصائص هذه الأمة المحمدية، هي من عطاء الله لهذه الأمة، تكرمةً لنبيها محمد -صلى الله عليه وسلم-، فكما في صحيح مسلم عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَضَلَّ اللَّهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الأَحَدِ، فَجَاءَ اللَّهُ بِنَا فَهَدَانَا اللَّهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالأَحَدَ".
يوم الجمعة مَعْلَم من معالم الإسلام، وشعيرة من شعائر الله، ونبض حياة المجتمع المسلم، فوالله لولا يوم الجمعة وما فيه من خطبةٍ وصلاةٍ واجتماعٍ للمسلمين لاندثرت كثير من معالم هذا الدين، ولجهل الناس أبسط أحكامه وشعائره.
يوم الجمعة هو اختيار الله الحكيم، فربك سبحانه يخلق ما يشاء ويختار مما يخلق ما يشاء، وهو سبحانه اختار يوم الجمعة من أيام الأسبوع، كما اختار يوم عرفة ويوم النحر من أيام السنة، وشهر رمضان من شهورها.
إنّ تصحيح مفهومنا ونظرتنا وتصورنا ليوم الجمعة هو الخطوة الأولى نحو تغيير موقفنا من خطبة الجمعة وتحويلها من سلوك رتيب معتاد إلى عبادة جادة متجددة.
فيوم الجمعة وما فيه من أعمال هو من شعائر الله، هو قيمة من قيم الإسلام، هو معلم من معالم هذا الدين، هو المنارة التي أبقت على سماء المجتمعات المسلمة مضيئة منيرة.
ولا أدل على ذلك من تخليد الله لهذا اليوم في كتابه الخالد فقال الحق سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) [الجمعة:9]، ولا أصدق شهادة على ذلك من وصف نبينا لهذا اليوم بقوله: "إن يوم الجمعة سيد الأيام، وأعظمها عند الله".
من هنا البداية الصحيحة لطريق التعبد لله بحضورنا لخطبة الجمعة، من هنا حيث يسكن القلب التوقير ليوم الجمعة والهيبة والجلال واستشعار مقامه وقيمته وشعائريته ومدى اهتمام ربنا سبحانه ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- به، بذلك أنت منذ الصباح تستنفر نفسَك للقيام بأعمال هذا اليوم وتتأهب، والخشوع والجلال يملأ جنباتك، فتستشعر أنك في ظلال هذا اليوم المبارك من أيام الله، وستشهد فيه خطبة خاصة به لا تصح في يوم غيره.
أيها المؤمنون والمؤمنات: أما الخطوة الثانية: أتعبد الله بحضوري يوم الجمعة لخطبة الجمعة بالتبكير.
أيها الإخوة: أتعرفون حال الصحابة يوم الجمعة مع صلاة الجمعة وخطبتها؟! لقد كان الصحابة يُبَكّرون في ذهابهم إلى المسجد يوم الجمعة لشهود الخطبة وأداء الصلاة، نعم، كانوا يُبَكّرون، فإذا وَصَلوا المسجد اشتغلوا بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن حتى يحضر الإمام للخطبة وللصلاة.
إن التبكير إلى المسجد يوم الجمعة يجعلك من السابقين، ويعظم الله لك بفعلك هذا الأجر، ويرقّ قلبك، وتخشع نفسك، وينشرح صدرك للاستماع والإنصات لما سيقال على المنبر، وينفعك الله بالموعظة، فتكون حاضر القلب خاشعًا مطمئنًا منسجمًا مع كلام الخطيب.
نعم، إن التبكير يوم الجمعة خير معين لنا حتى نجعل من حضورنا يوم الجمعة للخطبة عبادة لا عادة، وقربة لا قضاءً للوقت، ولذلك رغب نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- بالتبكير يوم الجمعة أيما ترغيب، وفَصّل في ذلك، وكرر، ووضع الآداب اللائقة والراقية، فمن ذلك ما رواه أبو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "منِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ".
وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- البشرى كل البشرى لمن يبكر فيستفيد من تبكيره هذا في تعظيم مقام الخطبة والاستماع إليها فقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا".
ولذلك إني أنصح كل مسلم، أنصح الآباء وأنصح الشباب أن يحيوا هذه السنة، سنة التبكير إلى المساجد يوم الجمعة والاشتغال بالذكر والجلوس قريبًا من المنبر والإصغاء بقلوب خاشعة وآذان شاهدة، نعم اذهب مبكرًا إلى المسجد، فماذا ينفعك الجلوس في البيت والتأخر عن المقام الكريم، إن بعض المسلمين يمضي وقته صباحًا في مقارعة الأولاد والأهل ومشاهدة التلفاز أو النوم، فيأتي متأخرًا ومثقلاً يجر خطاه جرًّا، قد أصابه النعاس، واشتد به الكسل، والمصيبة أن بعض المسلمين يحضر يوم الجمعة في منتصف الخطبة أو في آخرها وقد فاته ما فاته من الخير والذكر والموعظة، بل هذا الذي أتى متأخرًا قد حرم من أن يسجل اسمه في سجل الملائكة، كما أخبر بذلك نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي قال، كما في صحيح مسلم: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلاَئِكَةٌ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ، وَجَاؤُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ"، فيا أيها المسلم، يا من ترغب في أن تجعل حضورك يوم الجمعة عبادة: كن من المبكرين، ومن المتطهرين، ومن الذين يدنون من المنبر، واشهد الخطبة من أولها، استمع إليها بقصد الانتفاع والتعلم والذكرى، بذلك تسلك طريق القربة إلى الله بحضورك لخطبة الجمعة.
أيها المؤمنون والمؤمنات: أما الخطوة الثالثة: أتعبد الله بحضوري يوم الجمعة لخطبة الجمعة بحسن الاستماع وقصد الانتفاع.
أيها الإخوة: إن المسلمين الذين يحضرون خطبة الجمعة في المسجد، هم على أصناف أربعة، فلينظر كل واحد منا من أي هذه الأصناف هو!!
نعم، إنهم أصناف أربعة: الأول: صنف غافل، وهذا الصنف من الحضور لا يدري ما يقال على المنبر، حاضر الجسد غائب القلب، ينظر بعينيه ولكنه مشتت الذهن، ومفرق البال، كما قال ربك في أمثال هؤلاء: (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ)، هذا الصنف تجده ساهيًا وسارحًا، ظاهره هنا وباطنه يطير ويهيم في وديان الدنيا وحسراتها وهمومها، هذا الصنف لم يحقق الشرط الذي اشترطه الله حينما قال سبحانه: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق:37].
أيها الإخوة المؤمنون: وأما الصنف الثاني: فهم صنف مسيء: وهذا الصنف من المسلمين المصلين الحاضرين لخطبة الجمعة يتكلم أثناء الخطبة، بل وربما يضحك مع من بجانبه، ويعبث، هذا الصنف مسيء حقًّا؛ لأن الإمام يخطب بكلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو يعارضه بكلامه السخيف ويشوش عليه وعلى الحضور ويشغل بال الخطيب، وقد حذّر النبي هذا الصنف من الحضور فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ؛ فَقَدْ لَغَوْتَ".
وإني أعجب من حال هؤلاء ومن عقيدتهم ومن إيمانهم، فهم طوال الأسبوع منشغلون عن ذكر الله، هم طوال الأسبوع يتكلمون لا يفترون، ثم إذا حضروا خطبة الجمعة، وفي بيت الله، وفي الأسبوع مرة واحدة، ولمدة لا تزيد عن نصف ساعة، أفسدوها بالكلام وأساؤوا فيها، فأيّ حرمان هذا، وأي خذلان ذاك الذي قد أصابهم، سبحان الله لا حرمة المسجد عظموها، ولا حرمة الخطبة صانوها، ولا مقام الخطيب حفظوه، ولا حق المصلين اعتبروه، فأنّى لهؤلاء الانتفاع ببركة الجمعة وخطبة الجمعة؟!
أيها الإخوة المؤمنون: وأما الصنف الثالث: فهم صنف مؤذٍ، وهذا الصنف نجده ظاهرًا في بعض المسلمين الحاضرين لخطبة الجمعة، هذا الصنف يذهب إلى المسجد لينال الأجر فيعود إلى بيته وقد نال الوزر وجمع الشر، هذا الصنف يجلس في المسجد ويحضر الخطبة، ثم إذا خرج من المسجد بدأ بنقد الخطيب والتعليق عليه، وأخذ في الوقوع بعرضه واغتيابه بل ربما والاستهزاء به، هذا الصنف لا يعرف من حضوره يوم الجمعة إلا التعليق على الخطيب بأنه أطال في الخطبة أو صوته كذا، ولباسه كذا، بل بعضهم يخرج متفاخرًا ويقول: والله ما عرفت عن أي شيء خطب ولكنه أطال، وقد وجدت من حال هؤلاء من يعلق على خطبة الخطيب بوقت وبكلام أكثر من وقت الخطبة نفسها وأكثر مما قيل فيها، وهو لا يفعل هذا إلا هوى لا ديانة ولا نصيحة، وما درى هذا الصنف أنه قد وقع في عرض الخطيب وقد اغتابه وبهته وسبه وذمه وشوه صورته عند الناس، فهذا الصنف يعود إلى بيته مأزوراً محملاً بأثقال الغيبة النميمة والسخرية، عاد ولم يفقه شيئًا من الخطبة ولم يدر ما قيل على المنبر، فحال هذا الصنف كمن قال ربنا سبحانه فيهم: (حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ).
أيها الإخوة المؤمنون: وأما الصنف الرابع: فهو الصنف المنتفِع: هذا الصنف من المسلمين المصلين، يستمع للخطبة وهو حاضر الذهن، ويريد التعلم والانتفاع، هذا الصنف قد بشّره الله بالبشرى العظيمة في كتابه العظيم، فقال تعالى: (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر:17، 18].
هذا الصنف هو من أولي الألباب من أصحاب العقول الواعية والقلوب الصافية، قد أدرك أنه قد قصد بيتًا من بيوت الله لأداء شعيرة من شعائر الله، دعا إليها القرآن الكريم وأمرت بها السنة النبوية، أدرك أنه من تعظيمه لشعائر الله أن يستمع إلى الخطبة التي لا يقال فيها إلا كلام الوحي وما يتصل به، فلا يقال فيها خطب الزور والبهتان وخطب التملق ونصرة الذات وتزويق الباطل والمنكر، بل لا يقول فيها الخطيب كلامًا لنصرة ذاته أو تمجيد عشيرته ومدح مسؤوله ورئيسه، بل يقول فيها ما فيه نصرة الإسلام وسلامة المسلمين.
نعم، هذا الصنف المستمع هو صنف عابد لله تعالى باستماعه هذا، ومأجور ومنتفع بالموعظة بإذن الله، هذا الصنف يدرك أنه يمضي أسبوعه في أعمال الدنيا ومشاغل الحياة ويقضي أغلب وقته يستمع إلى أحاديث الناس المختلط، أفلا يجلس مقبلاً ومصغيًا في هذا الوقت اليسير ليستمع إلى كلام الإيمان والحق.
أقول قولي هذا وأستغفر الله...
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
اعلموا -أيها الإخوة- أن شرط الله تعالى لينتفع الخلق بكلامه هو في قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق:37]، وإن من عقوبة الله لخلقه المستكبرين والغافلين أن يحرمهم من بركات مجالس العلم والدين، وخطب الجمعة ومواعظها، قال الله تعالى: (حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ).
ألا فليكن هدي أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- هو طريقنا الذي نسلكه باطنًا وظاهرًا، فنأتي إلى المسجد يوم الجمعة مبكرين، وقد اغتسلنا في بيوتنا، ونُشغل وقتنا بالصلاة والذكر والقرآن لحين حضور الخطيب، فإذا صعد المنبر فلنقبل عليه بقلوب صادقة خاشعة وبآذان مصغية؛ رجاء أن ينفعنا العليم الحكيم بعلم كتابه وهدي نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وبذلك نكون قد عظمنا شعائر الله، وكل ذلك من تقوى القلوب.
اللهم اجعل أعمالنا صالحة، واجعلها لوجهك خالصة، ولا تجعل لأحد فيها شيئًا يا رب العالمين...